~ الفصل الخامس والعشرون ~
{ يا إلهي ..
عندما يضربنا الحب على غير انتظار ،،
ما الذي يذهب منا ،،
ما الذي يولد فينا ،،
كيف نغدو كالتلاميذ الصغار ،،
أبرياء ساذجينا ،،
و لماذا عندما تضحك محبوبتنا ،،
تمطر الدنيا علينا ياسمينا ،،
و لماذا عندما تبكي على ركبتنا ،،
يصبح العالم عصفوراً حزينا .. }{ قولى لمن سيجىء بعدى ..
هكذا كان القضاء ..
قدر أراد لنا اللقاء ..
ثم انتهى ما بيننا ..
و بقيت وحدى للشقاء .. }" راحت الغالية .. راحت يا سالم .. "
تخرج كلماتها متمازجة مع دموعها .. ما إن تتكاثف وتعيق الرؤية لديها حتّى تمسحها بطرف شالها .. يجلس بجاورها زوجها مصدوم، صامت .. لم يتكلّم منذ أن أوصل لهما الطبيب الخبر .. أيعقل أن تصاب اِبنته بمصاب والدته قصور في الكلى فيعيد الزمن نفسه بفقدان أمرّ .. أيعقل أن تُصاب دون أن يعلم فلا يؤازرها بتبرّع قد يعيد الحياة إليها .. يغمض عينيه ويتأوّه بصوت عالٍ ..
" أه يا سما .. "
لا يقدر على أن يمسك دموعه فتسقط أنهارا .. زادت من عجزه ..
بجانبهما غير بعيد تقبع أكثر نشيجا .. تبكي بكلّ ما في جوفها من دموع ..
أخسروا سما ..؟ هكذا بسهولة ..! البارحة فقط زارتها وبسمة خفيفة تزيّن ثغرها لم تنبئ بمستقبلٍ قاسٍ قد يحرمهم منها ..
كيف يرفض الفقد أن يتركهم فيأتي متتاليا يحمل فاجعة تلو أخرى .. تلتفت إلى أخيها الواقف بجمود لا يصدر صوتا قد يوحي بأنّه حيّ، أو واعٍ بمن حوله .. منذ كلمات الطبيب وهو مغيّب تماما ..
يعيد أخر ما لفظته شفاه الطبيب .." لن ينفع أن نتبرّع لها الآن .. أغلب أجهزتها توقّفت عن العمل .. للأسف تأخّر الوقت .. لا حلّ أمامنا غير معجزة إلاهيّة .. "
ياه أيّتها الهبة من الله يا من ظننت أنّني إخترتها بعناية ولم تكن سوى قدر محسوب بدقّة ..
حينما لمحتكِ البارحة في ثوبكِ الأبيض المعقّم، شعرت أنّكِ المخلوقة الوحيدة التي تخصّنّي أنا فقط .. بدت إلتفاتتكِ إليّ إشراقة القدر الذي إنتظرته طويلا .. أقسم أنّكِ كنتِ تودّعينني وتتمنّين أن نلتقيا من جديد في جنّة لا أعلم هل ستجعلني ذنوبي أخطوها .. أحسست بالحنين والرهبة .. كان شعورا لم أشعر به سابقا .. وما أن أخرجوني صباحا حتّى داهمني شعور الوحشة والوحدة ..
ياه كنتِ تمضين في مآساتكِ وحيدة يا سما .. كنتِ تمضين إلى مخاطرة كبرى وكنت شريكا في صنع مآساتكِ .. ألست والد ذاكَ الجنين .. ماحاجتي به إن لم تكوني معه .. ما حاجتي .." أستغفر الله .. "
تمتمة لم تخرج من شفتيه ظلّت حبيسة داخله .. يتماسك مانعا نفسه من الإنهيار بكاءا ..
لكم تألّمت وكبتت رغبتكِ بالصراخ ..
البارحة ظننتكِ عدت لي .. وياخسارة عدتِ نائمة بسلام .. شاحبة كطفلة صغيرة .. الرجاء قريب والخوف مثله وأكثر ..
ياه يا دهرا عصيبا أكان عليّ تذوّق الألم ..
إلاّ سما خذني أنا ..
إلاّ سما ..!!