~ الفصل السادس والعشرون ~
{ حدثني الآن، فأنا لا أجيد الحديث المباشر كما تعلم، وسأنصت إليكَ جيّدا، وسأبكي كثيرا.
لماذا لا تختلق أسبابا تافهة مثلي. في كلّ مرة، لأنظر إليك فقط، لأسرّب الشوق الذي يختنق بحبالي الصوتيّة عبر كلمات مبهمة.... وأحدّثكَ.
لماذا لا تأتي الآن، وتقول لي : إشتقت إليكِ.هكذا بلا مقدمات. }
المحتوى الان غير مخفي
{ كيف تستطيع أن تحبّ،
وأن تكره
داخل لحظة واحدة ؟
لا أعرف.
لكن هذا ما أحسّه نحوك.. }" اِنتظري "
كلمة كانت كفيلة بأن تشعل فتيلا من المشاعر المتناقضة داخلها .. رعشة وإشتياق .. خوف ورفض ..
تبتلع ريقها بصعوبة .. تحاول التلويح بيدها علّها تخفّض حرارة خديها المرتفعة .. تبحث عن حبائل صوتها فلا تجدها .. لينتشر الصمت معلنا عن حالة مشابهة لحالتها، يعيشها من على الطرف الآخر ..متّكئ على مقدمة سيّارته ينظر إلى أنوار المدينة المتلألئة .. وقد زادها البدر المنتصف في السماء بهاءا .. على حافة واد عميق بعمق قلبه يقف .. بعيدا عن ضوضاء الشوارع أو نباح كلاب الحراسة .. حيث لا دقات سوى نبضات قلبه .. هنا سيحلو له أن يعيش غوغاءه دون إزعاج .. والأخصّ دون أن ينتبه أحد لضعفه ..
يتنفّس بعمق مبعدا الهاتف عن أذنيه، لا يرغب أن تسمع أنفاسه فتعلم بإضطرابه .. يستنشق بقوّة.. وبقسوة يتمالك نفسه ليأتي صوته باردا كعادته ..
" ألتقيكِ غدا الساعة الواحدة ظهرا في منزلنا .. "
يصمت وقد شعر بفداحة ما قاله بعفوية لا يريدها .. ليتدارك بجمود ..
" في فيلا منطقة المنصور .. لديّ ما أعطيكِ إيّاه .. "
منصتة بكلّ جوارحها .. تتمنّى أن تصرخ فتعاتبه الغدر والغياب .. فرصتها وقد لا يعيدها القدر .. غير أنّ صوتها خانها في أكثر الأوقات إحتياجا له .. وقبلها خانها قلبها الذي إستسلم للحبّ وأعلن العصيان على العتاب ..
" هل أنتِ معي ..؟ "
صمتها أرغمه على السؤال ..
تكتفي بتعم هامسة لا تعلم هل وصلت لمسامعه أم لا .." حسنا .. وداعا .. "
وقد حانت لحظة الوداع .. حينها إنتفضت .. علمت أنّها فرصتها الأخيرة لتخرج ما في قلبها .. لن تتركها تمضي دون إستغلالها .. عليها المجابهة ربّما تجد رفاه التي تبحث عنها ..
" لما يا ثائر ..؟ "
جاءه صوتها مرتجفا، حزينا ومهموما .. شعر بنغصات في قلبه .. كم يتمنّى أن يضمّها يطمئنها .. يحميها من نفسه الأمّارة بكلّ سوء .. ليته يستطيع .. ليته ..
غير قادر على الإجابة .. سؤال هو لا يملك إجابته .. كيف سيعلّل إجحافه في حقّها .. ما ذنبها هي ..؟