(1)توقف القطار فى المحطة فنزل كريم وهو يتامل الطبيعة الساحرة من حوله حيث الخضرة تنتشر على جانبي الطريق إبتسم فى سعادة فاردا زراعيه آخذا نفسا عميقا يملا رأتيه بالهواء النقى الخالى من الملوثات ويقول فى نفسه :
-الآن صرت حرا..وداعا للقيود لقد صرت جامعيا الآن ويمكننى العيش وحدى متحررا من رقابة الاهل فلتحيا الحريه.
وقف على قارعة الطريق يوقف سيارة لم يكن الامر شاقا ولا يحتاج إلى إستغراق الكثير من الوقت فالبلده هنا هادئة غير مزدحمة بسهولة إستطاع ان يوقف سيارة صعد إليها واخبر السائق باسم المكان"جامعة المستقبل"
توقف السائق امام قصر عتيق اخذ كريم ينظر إلى القصر ثم قال للسائق بطريقته الساخرة:
-يبدو انك لم تسمعنى انا لست سائحا انا طالب جامعى فلماذا جئت بى هنا انالا اريد زيارة الآثار.
ضحك السائق وقال له:
-لكن هذه هى الجامعه وليست اثرا سياحيا.
لم يكن كريم يصدق ان هذا البناءالضخم هو الجامعه انه يشبه القصورالعتيقه ،شعرالسائق بدهشته وعدم إقتناعه فقال موضحا:
-إنه قصر قديم هجره اصحابه منذ زمن طويل وبعد سنوات جاء الورثه وعرضوه للبيع ولكن لم يفكر احد فى شرائه.
-ربما ثمنه باهظا.
-لا بالعكس كانوا على إستعداد لبيعه باى ثمن ولكن لا احد إلتفت إليه.
-وما السبب ؟
-هناك اقاويل كثيرة قيلت عن هذا القصر كلها تؤكد انه مسكون والجميع صدق ذلك وبتعدوا عنه حتى ان لا احد يسكن فى هذه المنطقه.
-وهل هذا صحيح.. انه مسكون؟!
إبتسم السائق قائلا:
- ما الذى تقوله انت شاب متعلم هل تصدق فى هذه الخرافات إنها مجرد شائعات اطلقها الناس ولا احد يعرف اساسالها..المهم ان هناك غريب جاء ليعيش فى هذه البلده لا احد يعرف عنه شيئا رجل غريب الاطوار منذ مجيئه وهو بعيد عن الناس لا يصادق احدا ولا احد يعرف من اين اتى، ما يعرفونه عنه انه كان ضابطا فى الجيش منذ ان جاء إلى هنا وهو يعيش بمفرده يسكن فى هذه المنطقه قريب من القصر وعلمنا بعد ذلك انه إشتراه من اصحابه وبعد مرور الوقت حوله إلى جامعة خاصه وبعد سنوات اصبحت تلك الجامعه مشهورة جدا وتردد عليها الكثير من الطلبة من كل المحافظات واصبحت من افضل الجامعات.
*ترجل كريم من السيارة حاملا حقيبته خلف ظهره متجها ناحية القصر-عذرا..الجامعة- رفع راسه لاعلى ليقرأ الافته حيث كتب عليها بالخط العريض(جامعة المستقبل ترحب بكم)
إقترب من البوابه حيث قابله الحارس اخرج كريم بطاقة الجامعة،نظر الحارس فيها ثم فتح له عندما دخل اخذ يجول ببصره فى هذا البناء الضخم قديم الطراز.
كان واقفا فى الساحة الكبيره المقسمه إلى قسمين ،احدهما حديقه بها مجموعه من الاشجار المزهره والنباتات الخضراء وبعض النباتات النادره والناحيه الاخرى توجد ساحه كبيره فى احد اركانها يوجد بناء دائرى ذو سقف على هيئه قبه مرفوعه على عده اعمده وحوله صور خشبى قصير فى منتصفه فتحه للدخول (يبدو انها كانت نافورة ثم تحولت الى مكان يمكن الجلوس فيه للراحه والاسترخاء والاستمتاع بمشاهدة الحديقه)
وقف كريم لينظر بإنبهار إلى هذا البناء الضخم المكون من ثلاث طوابق تشمل على قاعات المحاضرات وقاعة الإجتماعات.
والطابق الآخر يشمل مكاتب الاساتذه ومكتبه ضخمه بها الكثير من الكتب القيمه لكبار الكتاب والادباء من العصر القديم والحديث.
والطابق الاخير به مكتب المدير هو ذاته مؤسس الجامعه ومكاتب الإداره.
ويوجد خلف هذا المبنى مبنى آخر ملحقا به يشمل السكن الجامعى للطلبه الوافدين وسكنا للاساتذه وقاعه الطعام.
ظل كريم فى هذه الحالة من الدهشه والإنبهار حتى سمع صوتا يقول له.
-انت طالب جديد؟
نظر خلفه ليجد امامه رجلا داكن البشره يرتدى جلبابا ابيض ناصع وعمامه كبيره على راسه قال له بلكنته النوبيه.
-غرف الطلبه من هذا الاتجاه.
طلب منه ان يتبعه الى سكن الطلبه واثناء سيره معه لفت نظره صور حديدى ذو باب حديدي مغلق فاتجه ناحيته لينظر عبر السياج الحديدى فراى حديقة كبيره إلتفت اليه وساله.
-اخبرنى ايها العم لما هذه البوابة مغلقه.
نظر الرجل وقال:
-اولا إسمى نور ثانيا هذه البوابه لا تفتح ابدا وإياك ان تقترب منها وإلا سوف تتعرض للعقاب انا احذرك من ذلك .
ثم خفض صوته وهو يقول له .
-المدير رجل صارم جدا فحذر ان تفعل شيئا يخالف النظام.
اكمل نور سيره وكريم يتبعه حتى وصلا إلى سكن الطلبه،حيث صعدا إلى الطابق التانى حيث يوجد ممر طويل وعلى جانبيه العديد من الغرف توقف عند احدى الغرف وقال له:
-هذه غرفتك.
ثم تركه وذهب. فتح كريم باب الغرفة واخذ يتاملهاوحين دلف إلى الداخل ظل يتجول فيها،إنها غرفة بها ثلاثة اسره وخازنه ملابس وحمام ملحق بالغرفه ونافذه كبيرة تطل على الحديقة.
كل شيئ فى هذا المكان رائع ومبهر يشعره انه فى احد العصور القديمة،ولكن الشيئ الوحيد السيئ هنا هذا الهدوء القاتل فهو غير معتاد عليه،فهو شاب مرح يحب الصخب والضجيج والاصوات العاليه.
القى بحقيبته على إحدى الاسره والقى بجسده على سرير آخروهو يفكر "كيف سيقضى الوقت فى هذا الملل"وفى اثناء تفكيره فجآه قطع هذا الهدوء والسكون صوت ضجيج آت من خلف باب الغرفه فاعتدل فى جلسته وهو ينصت لهذه الاصوات ثم قام واتجه ناحيه الباب فوضع يده على المقبض وفتحه برفق. وجد امامه شابان فى مثل سنه كل واحد منهم يدعو الآخر للدخول اولا واثناء جدالهما هذا اتى صوت كريم يقول:
-هل ستقضيان الوقت فى هذا الجدال فلتدخلا معا.
ظل الفتايان ينظران إليه ثم دخلا..إبتسم كريم فى سعاده وقال بنبرته المرحه:
-اخيرا وجدت رفاق يقطعون هذا الملل الذى اشعر به فانا لااحب الهدوء ابدا.
مد يده لهم بالمصافحة وهو يعرف بنفسه:
-كريم نور كلية الآداب.
مد احدهم يده ليصافحه ويقول:
-سمير خفاجه..كليه اداب.
(وكان سمير فتا خجول هادئ الطبع على عكس كريم الذى يبدو عليه انه مشاكس خفيف الظل وجريئ).
نظر كريم إلى الفتى الآخر الذى تبدو ملامحه جاده ومد له يده
فسلم عليه وقال:
-هانى صلاح كليه آداب.
"كريم"-يالها من صدفه سعيده ان تكونوا رفقائى فى الغرفه ونفس الكليه.. اشعر اننا سنكون اصدقاء رائعين..
كان سمير ينظر الى كريم وهو معجب بعضلاته فوضع يده على زراعه يتحسس عضلاته ويقول فى إعجاب:
-يالها من عضلات قويه كيف فعلتها.
-انا اواظب على الذهاب إلى صالات "الجم"ولكن اخبرونى عن هواياتكم.
"سمير"-احب الموسيقى كنت اعزف على آله الكمان.
-رائع إنها قريبة من هوايتى.
-هل تعزف الموسيقى؟
-لا..ولكنى متذوق لها.
وجه إلى هانى وساله عن هوايته فأجاب بنبرته الهادئه:
-اكتب الروايات آمل ان اكون يوما ما كاتبا.
-ارجو ان تكون كاتبا للروايات الرومانسيه فانا اعشق الرومانسيه...الم اقل لكم سنكون صحبة رائعه.
"هانى"-اخبرنا انت عن هوايتك..
-هوايتى هى الرقص.
اخذ الإثنان ينظران إليه فى غرابه فسالهم:
-لما تنظران إلى هكذا ..نعم انا احب الرقص الإستعراضى إشتركت فى العديد من المسابقات وحصلت فى جميعها على المركز الاول.
"هانى"-هل ترقص الباليه؟
-لا ولكن الرقصات العالميه مثل الصلصا-تانجو-فلامنجو إنها ايضا تحتاج إلى مرونه جسديه مثل رقص الباليه.
الصدفه التى جمعت هؤلاء الثلاثة معا نفس الجامعه نفس الدراسه نفس الغرفه حتى الهوايات كانت متقاربه والتى سرعان ما حولت هؤلاء الثلاثه الذين اتو من محافظات مختلفه إلى اصدقاء وسرعان ما اندمجوا مع بعضهما وكان كلا منهما يكمل الآخر..سمير بهدوئه وخجله ووجهه الطفولى وكريم بجرأته وتحرره وخفه ظله وعشقه للحياه وهانى بطيبة قلبه وإتزانه ورجاحه عقله التى تعطيانه سنا اكبر من سنه إجتمع هؤلاء الثلاثه لعيشا معا حياتهما الجديده داخل الجامعه.
قضيا الوقت فى الاحاديث كل يحكى عن نفسه وعن ظروفه. سمير نشا يتيم الاب توفى وهو صغير امه هى التى تولت مسؤليته وكافحت كثيرا من اجل إكمال دراسته كان حلمه ان يدرس الموسيقى لكنها رفضت هذا بشده ترى ان الموسيقى لا تفيد فى شيئ هذه ثقافتها وربما ثقافة الكثيرين غيرها يرون انها لا تحقق الذات وليس لها مستقبل لقد كافحت من اجل ان يكون له شأن كبير لا ليكون مجرد عازفا لم يستطع ان يحصل على المجموع الذى يدخله الجامعه فقترح عليها احدهم ان تلحقه بتلك الجامعه المعروفه بسمعتها الطيبه وبالتزامها رغم ان مصاريفها سوف ترهقها ماديا لكنها وافقت حتى يحصل على مؤهل عال وخوفا من ان يلتحق بمعهد الموسيقى دون علمها ،كان نفس الوضع مع كريم الذى يعلم ان والده لن يسمح له ابدا بالاشتراك فى مسابقات الرقص إنها خلاعه وقله إحترام من وجهة نظرة مما إضطره ان يفعل هذا من دون علمه وكانت الامور تسير بشكل جيد ثلاث سنوات يشارك فى هذه المسابقات ويحصل على المركز الاول بجداره حتى رآه والده ذات يوم وهو فى المسابقة النهائيه على المركز الاول كان واثقا انه سيفوز واثناء ادائه العرض راى والده والنتيجه انه سقط من على المسرح واصيب بكسر بالإضافه الى ما فعله به والده وقضى الإجازة كلها حبيس البيت حتى جاء إلى تلك الجامعه المعروفه بصرامة مديرها .
اماهانى فتربى فى عائلة مثقفة والده استاذ جامعى يعمل فى إحدى الدول العربية وهانى اكبر ابنائه قال له قبل سفره:
انت هنا مكانى ترعى امك واخوتك الصغار عليك ان تكون قدوه حسنة لهم .
كان عليه ان يتحمل المسؤلية وهو فى سن مبكر..كان والده يشجعه على الكتابة ويقرأ له كل ما يكتب وبرغم سذاجة كتاباته وهو طفل إلا ان والده كان يشعره دائما انه سيكون كاتبا جيدا يوما ما وعليه ان يظل يحاول ويكتب دائما ايا كان ما يكتبه وكان ينصحه بالقراءة والإطلاع لان هذا سيفيده فيما بعد إمتدت بهما الاحاديث حتى سمعا طرقا على الباب كان العم نور يخبرهم بان الساعة التاسعة الآن عليهم ان يذهبا إلى النوم ويستيقظو فى الساعة السادسه صباحا .
نظر كريم إلى رفيقيه وهو يقضب حاجبيه فى إستياء ويقول فى تذمر:
-ما هذا لما نستيقظ فى هذا الوقت المبكر اما زلنا فى المدرسة.
"هانى"-هكذا النظام هنا فى الصباح الباكر سنقوم بعمل تمرينات رياضيه ثم نأخذ حماما ونذهب لتناول الفطور وبعدذلك نذهب إلى المحاضرات.
"سمير"-هل ما تقوله حقا؟
"كريم"-هل صحيح انهم يمنعون حمل الهواتف المحموله وأجهزة الحاسوب.
"هانى"-صحيح .
"كريم-فى تذمر"-آه ياإلهى هل نحن فى معسكر جيش ام فى الجامعة وماذا عن الفتايات .
"هانى فى غرابة"لاتوجد فتايات هنا الجامعة للشباب فقط حتى الاساتذه والعاملين كلهم من الذكورفالمدير رجل عسكرى كان ضابطا فى الجيش يدير الجامعة بنفس نظام الحياه العسكريه.
"كريم فى ضيق"الآن عرفت لما اصر ابى ان التحق بتلك الجامعه رغم حصولى على مجموع كبير.
"سمير"لماذا
-لانه لا يوجد فتايات هنا.
بعد هذا الحديث نصحهم هانى بالخلود إلى النوم قبل ان ياتى المشرف ويجدهم مستيقظين.نظر كريم إليهم وسالهم:
-اخبرانى اولا هل يطلق احدكم شخيرا اثناء نومه من فضلكم اخبرانى حتى اضع القطن فى اذناي فانا فالليل احلم بالفتايات الجميلات ولا اريد احدا ان يزعجنى.