14-بدء الطلبة يستعدون لإمتحانات نصف العام حيث توقفت جميع الانشطة ليستعدوا للمذاكرة وكان ايمن ومراد مشغولان بقراءة الابحاث التى قدمها الطلبة لاختيار ثلاث فائزين للحصول على المركز الاول وقد وقعوا فى حيرة لان الابحاث التى قدمت كانت ممتازة ويصعب إختيار من هم الافضل. قام ايمن ومراد بعمل مذاكرة جماعية للطلبة فى مكتبة الجامعة وكانا يتابعان الطلبة ويقدمان لهما الدعم والمساعدة فى اى شيئ يحتاجونه من شرح ما يعجزون عن فهمه والإجابة على اى سؤال يقف امامهم ليس فيما يخصهم فقط ولكن فى باقى المواد الاخرى. فى ذات يوم كان الطلبة فى المكتبه ومراد يشرح لهم بعض النقاط وكان ايمن جالسا معهم لفت إنتباهه جلوس سمير فى حالة من الحزن فاقدا تركيزه تماما إقترب منه واخذه جانبا ليتحدث معه منفردا، وساله عن سبب ما هو فيه اجابه بصوت حزين انه إتصل بوالدته واتى صوتها على غير العاده فاصابه القلق وحين الح عليها ليعرف مابها اخبرته انها مريضة منذ فتره ولم تشأ ان تخبره حتى لا ينزعج برغم انها طمأنته انها اصبحت بخير لكنه قلقا ربما تقول هذا فقط لكى لا تشغله يريد ان يسافر ليطمئن عليها بنفسه قد تكون بحاجه لوجوده بجانبها شعر ايمن بتعاطف كبير معه لكنه يعلم ان القانون هنا يمنع سفر الطالب خاصة فى هذه الفترة لكنه قرر ان يذهب للمدير لكى يسمح لسمير بالسفر ولو ليوم واحد يرى والدته تركه وذهب متجها إلى مكتب المدير طالبا الإذن بالدخول وحين سمح بمقابلته شرح له ظروف سمير وطلب السماح له بالسفر اجابه بالرفض لان قوانين الجامعة لا تسمح بذلك ولا يمكن لاحد إختراقها. لاول مرة يخرج ايمن عن شعوره ويفقد هدوئه ويتحدث مع المدير بعصبيه قائلا: -هذه ليست قوانين إلاهيه ولكنها قوانينك انت ويمكنك تغيرها كى تراعى فيها الإنسانية والرحمه اعرف انك تريد ان ينجح الطلبة بتفوق كى يشعرك هذا بالفخر ويقولون الناس ان جامعة المستقبل هى الافضل ولكن ليس على حساب الطلبة يجب ان تراعى ظروفهم كيف لسمير ان يذاكر ويتفوق وهو يواجه مشكلة يوم واحد لن يؤثر بل سيجعله مطمئنا على والدته. كلمات ايمن وانفعاله اصابت المدير بحاله من الغضب وزادته إصرارا وعنادا على عدم سفره مما جعل ايمن ينظر إليه باسى ويقول: -كنت اعرف انك رجل قاسى القلب لكنى لم اكن اعرف انك قاس إلى هذا الحد انت رجل خلقت بلا قلب. ترك مكتبه وهو فى حاله من الانفعال لحق به مراد وهو يحاول تهدئته..هدأ قليلا وذهب الى سمير الذى كان ينتظر ان يخبره بموافقة المدير على سفره ولكن كان الامر صعبا على ايمن ان يخبره بفشله هذه المرة فى إقناعه طلب من سمير ان يطمئن لكن سمير كان منهارا وقلقا فهو ابنها الوحيد من يهتم بها غيره وهو ليس له احد غيرها سوف يسافر مهمى كانت النتيجه حتى إن وصل الامر لتركه الجامعه امه عنده اغلى من اى شيئ نظرإليه فى إشفاق وقال: -سمير اعرف ما انت فيه و اشعر بك هل تثق بى! -مؤكد -السنا اصدقاء.. الا تعتبرنى اخاك الكبير! -بالتاكيد انت اخ وصديق لنا جميعا. -إذن دعنى اتصرف ولا تفعل اى شيئ حتى اعود اتعدنى بذلك. تردد سمير كثيرا قبل ان يعده انه لن يقم باى شيئ حتى ياتى تركه ايمن وطلب من هانى وكريم ان يكونوا بجانبه ولا يتركوه حتى ياتى. *غادر ايمن الجامعة وذهب إلى المستشفى ليقابل الدكتور عزيز،رحب به كثيرا لكن لاحظ عليه اثار التوتر والإنفعال كان واضحا عليه ساله ماذا به لم يجبه بشيئ لكنه طلب منه ان يعيره سيارته إذا امكنه ذلك يريد السفر بسرعة اصاب عزيز القلق ظن ان هناك امر ما حدث لايمن اضطره للسفر فساله ليطمئن اخبره ان والدة احد الطلبه مريضه والمدير لم يوافق على سفره سوف يسافر هوكى يطمئن سمير على والدته كان تصرفا غريبا لكن ليس غريبا على ايمن ان يفعل ذلك ولكن ما تعجب له حالة التوتر والقلق كأن والدة سمير إحدى قريباته..كان عزيز خائفا على ايمن من القيادة وهو متوترهكذا فعرض عليه ان يسافر معه كاد ايمن ان يرفض فكيف يترك المستشفى والمرضى ويسافرفقال له: -وانت ستترك الجامعة والطلبة وتسافر لتطمئن على إمراة انت لا تعرفها اتريد ان تقوم بعمل إنسانى وحدك سوف اشاركك فيه واسافر معك بصفتى طبيب سوف افحصها واطمإن على صحتها..اخذه الدكتور عزيز وركبا السيارة لكى يسافرا معا. عندما وصلا سألا عن العنوان وذهبا إلى البيت إستقبلتهم إمرأة عرفوا انها جارتها اتت لتطمئن عليها عرفها بنفسه وبالدكتور عزيز فدخلت لتخبرها بان هناك زائرين وبعد دقائق دعتهم للدخول وذهبت لتقدم لهم واجب الضيافة..جلس ايمن بجوارها واخبرها عن سمير وكم هو قلق عليها ولكن لم يستطيع المجيئ بسبب قوانين الجامعة التى تمنع سفره فى هذا الوقت فوجئ بالسيدة تقول ان سمير يحبه كثيرا ولطاما حدثها فى الهاتف عنه يقول انه ليس استاذه فقط هو مثل اخيه الكبير اسعدته هذه الكلمات وترك المجال للدكتور عزيز ان يكشف عليها وبعد الفحص قال انها تعانى من إرتفاع فى سكر الدم والضغط عالى يبدو انها لا تواظب على اخذ الدواء..بعد الإطمئنان عليها اراد المغادرة ولكنها حاولت ان تبقيهم ليتناولا الغداء فرفضوا بسبب انهما يجب عليهم العوده لمتابعة اعمالهم ..ودعتهم السيدة وشكرت مجيئهم اليها وحملت ايمن سلامها إلى سمير..غادرا بيت السيدة واتجها الى السيارة،فتح عزيز الباب لكنه لاحظ ايمن واقفا مستندا على جانب السيارة وقد شرد بعيدا أغلق الباب ووقف بجانبه وقال: -اما زلت متاثرا بهذا الموقف لقد إطمانيت عليها فلما هذا الحزن؟! -قال فى تأثر واضح. -لقد تذكرت نفسى وانا امر بهذا الموقف..كنت فى اميركا استعد للإمتحانات إتصلت بى "ماتى"صديقة امى اخبرتنى انها مريضة ولكنى لم استطع ان اقطع إمتحاناتى واسافر إنتظرت حتى انتهت الإمتحانات وسافرت على الفور وحين وصلت إلى البيت لم اجدها بحثت عنها فى ارجاء البيت لا اثر لها اقنعت نفسى انها ذهبت إلى ماتى ذهبت إلى هناك حيث إسقبلتنى بوجهه حزين لم افهم حينها او لم اكن اريد ان افهم ان امى رحلت ولم تنتظرنى لم اصدقها جريت ابحث عنها فى الداخل وماتى تلحق بى"امك ليست هنا لقد ماتت"ماتت وكانت تتمنى ان ترانى كم شعرت بالذنب،كم كرهت نفسي لانى كنت انانيا وكان بامكانى ان اترك كل شيئ خلفى وآتى اليها ولكنى لم افكر لم احسب حساب ان الموت لا ينتظر احدا كنت اعاتب نفسي ربما كانت تريد ان تقول لى شيئا، ربما وجودى بجانبها يكون سببا فى إنقاذ حياتها لكنى تخليت عنها حين احتاجت الي كانت تقول لى انت سندى فى الحياه انت من سيحملنى لمثواي الاخير ولكنى لم افعل لم اقم بدفنها بنفسى ولم اتقبل عزائها ماتت ولم تعطنى الفرصة لكى اودعها واطلب منها ان تسامحنى إذا قصرت معها او اغضبتها يوما تساحمنى على كل لحظة عاشتها فى قلق وهم بسببى تمنيت لو عاد الزمن من جديد ماكنت تركتها لحظة فقد كانت لى الام والاب من بعدها سرت وحيدا فقررت ان اعاقب نفسى وحكمت عليها بالغربه ولا افكر فى الرجوع ان اعيش عذاب الغربة وعذاب الضمير . إنهار ايمن حين تذكر والدته واخذ يبكى وكان عزيز متاثرا جدا يحاول ان يخفف عنه بان ماحدث كان مقدرا له ان يحدث وماذا كان يفعل وبينه وبينها مئات الاميال حتى لو انه ترك إمتحانته وسافر ربما لم يلحق بها ايضا ..حاول ان يهدئه فهو إعتاد دائما ان يراه مبتسما ينثر السعادة والبهجة فى اى مكان يذهب إليه. * عاد ايمن إلى الجامعة بعد ان شكر عزيز لمجيئه معه واتجه على الفور إلى غرفة الطلبة حيث وجدهم يجلسون مع سمير وهو ما زال قلقا طلب ايمن منهم مغادرة الغرفة قليلا وحين اصبح سمير وحده إقترب منه وقال: -لقد وعدتك الا افعل شيئا حتى تعود وها انا قد وفيت بوعدى - وانا ايضا نفذت وعدى وجئت لاطمئنك على والدتك إنها بخير كان مجرد إرتفاع فى الضغط والسكر لقد جاء معى الدكتور عزيز وكشف عليها وطماننى. لم يكن سمير مصدقا هذا ظنه يقول هذا فقط ليهدئه لكن ايمن ادرك هذا وقال ليثبت له انه ذهب بالفعل -صدقنى اننى كنت هناك بامارة انك كنت تحدثها عنى وقلت لها انك تعتبرنى مثل اخيك وقد حملتنى امانة وطلبت ان اوصلها اليك. عانقه ايمن وقبله من جبينه وقال: هذه القبلة من امك ويمكنك الإتصال بها لتطمئن بنفسك اعطاه هاتفه الخاص ليتصل بها وبعد ان إطمأن نظر إلى ايمن وهو شاعرا بالإمتنان له وقال: -لا ادرى كيف اشكرك انا لم ارى فى حياتى شخص مثلك -انا اعتبر نفسى مسؤل عن كل واحد منكم وانتم هنا امانة تركها لنا اولياء اموركم فهذا واجبى -ليت الجميع يفكر مثلك سيدى وخاصة المدير. حين سمع كلمة المدير تذكر انه يريده فى مكتبه الآن فترك سمير وغادر الغرفة ليجد كريم وهانى واقفين قال لهم : -اسف تركتكم تنتظرون هيا عودا إلى غرفتكم. ترك ايمن الطلبة بعد ان القى عليهم تحية المساء وذهب الى مكتب المدير الذى ارسل فى طلبه حيث وقف امامه منتظرا ان يخبره بماذا يريد..نظر إليه بإستياء وقال: -استاذ ايمن انت تركت الجامعة وغادرت من دون إذنى وهذا إختراق للقانون وانا مضطر ان اوقع عليك الجزاء. إبتسم فى إستهزاء وقال بتهكم -خالفت القانون.. عن اي قانون تتحدث! قانونك الظالم الذى لا يعرف الانسانية،قوانينك الظالمة التى وضعتها لتقنع نفسك انها لصالح الطلبة،هل فكرت فى حالة سمير وهو قلق على والدته المريضة،هل فكرت لوان حدث لها مكروه وهو بعيد عنها كيف سيكون حاله؟هل راعيت مشاعر طلابك بالطبع لا انت لاتراعى مشاعر احد كل ما يهمك سمعة الجامعة والحفاظ على النظام..النظام الذى لا يراعى فيه الإنسانيه والرحمة فليذهب إلى الجحيم . لاول مرة يخرج المدير عن شعوره ويفقد هدوؤه .حيث ضرب المكتب بيده وهو يصيح فى غضب: -لقد تجاوزت حدودك وسوف تحال إلى التحقيق فورا. لم يبالى بقراره ولم يهتم وهنا دخل مراد مكتب المدير بعد سماع صوته العالى وحاول ان يصلح الامر ويشرح له ان ايمن اعصابه متعبه وانه لم يقصد شيئا مما قال وحاول إقناع ايمن ان يعتذر له لانه لا يصح ان يتحدث مع المدير بهذه الطريقة ولكن غادر المكتب وانصرف دون ان يعتذروظل مراد يحدث المدير ان يؤجل اي قرار يتخذه الآن لان هذا يمكن ان يؤثر على الطلبه فهم يحبونه كثيرا وسوف يتضامنون معه فلينتظر حتى تنتهى الإمتحانات..يبدو ان المدير إقتنع بما قاله مراد لانه يعلم ان الطلبه يحبونه واى إجراء ضده سيتسبب فى حاله من الفوضى من جانب الطلبه..وكان عليه ان يتحدث مع ايمن فى انه اخطأ ولم يكن هناك داع لإعلان تحديه له بهذه الطريقة وانه يجب ان يقدم له إعتذارا. *فى الصباح الباكر وكعادة المدير كل يوم ان يحضر إلى الجامعة فى وقت مبكر جدا ويظل يراقب الشمس وهى تشرق ويحدق فيها فوقف ايمن بجانبه وهو مازال ينظر إلى الشمس وبعد ان إنتهى إلتفت ناحية ايمن، نظر ايمن إليه والقى عليه تحية الصباح ثم إعتذر إليه ولكن ليس عن الكلام الذى قاله لان هذا رايه ولكن اسلوبه فى الحديث فقال له بهدوء: -الا يكفيك ان تتحدانى..تتحدى ايضا النظام والقوانين -سيد شاكر انا رجل حر لا اتقيد بالقوانين التى اراها تعسفيه وظالمه ضميرى لا يسمح لى بذلك.وارجو الا تعتبر إعتذارى لك خوفا منك فانا..... -اعرف انك لا تخاف منى و إذا كنت اظهرت لى عدم إحترامك فانا لم اجبرك ولم اجبر احدا على الإعتذارفالجميع هنا يحترمنى. -آسف سيدى ولكن ما تسميه انت احترام فما هو إلا خوف منك وليس إحتراما. بعد ان قال له هذه الكلمات التى كان وقعها قاس جدا على شاكر تركه وانصرف. *كان اليوم هو الاخير فى الإمتحانات حيث بذل الطلبة كل جهدهم ليحققوا النجاح والتفوق كى لا يخذلوا استاذهم الذى احبوه وتاثروا به وبدء الطلبة فى تجهيز اغراضهم إستعدادا للسفر..بقدر سعادتهم للعودة إلى اهليهم بقدر حزنهم لترك اصدقائهم وترك استاذهم الذى زرع فى داخلهم الحب علمهم ان الحب يصنع المستحيل ويهزم الخوف علمهم ان المعنى الحقيقى للحب هو العطاء وبذل الجهد وإسعاد الآخرين..علمهم ان الصداقة هى الكنز الحقيقى فيجب ان يحافظوا عليها وان الصديق يجب ان يقف بجانب صديقه وقت الشده يدعمه ويسانده ..سيعودون إلى ديارهم وبداخلهم قيماومبادئ تعلموها منه..إلتفوا حوله يودعونه صحيح انه سيغيب عنهم اسبوعان فقط مده الإجازة إلا انهم سيشتاقون اليه كثيرا هو ايضا احبهم كثيرا لم يكونوا طلبته فقط بل كانوا اصدقاء واخوة صغار بحاجه الى القدوة إلى الشخص الذى يثقون به ويعطيهم المعلومة الصحيحة فى كل مجالات حياتهم. *ظل واقفا فى شرفة الغرفة يتامل الساحة الخالية وجاء مراد ليقف بجانب وهو يقول له : -آن الآوان إلى العودة إلى الديار حيث زوجتى التى تنتظرنى عند محطة القطار وتستقبلنى بكل إشتياق ونعود معا إلى البيت لارى اولادى وهم يلتفون حولى ويتعلقون بى إنه شعور رائع ان يكون لك احد فانتظارك يشتاق إليك ويعوضك اوقات الغياب ما رايك ان نسافر معا انت من الاسكندرية مثلى فلنستقل قطارا واحدا. تنهد بعمق وقال : -سابقى هنا فلا احد فإنتظارى وليس لى من يشتاق إلي -اعرف ان والداك توفيا وليس لك اخوة ولكن الا توجد لديك حبيبة تريد لقائها. تنهد تنهيده عميقه قبل ان يقول: -لدى حبيبة لكنها تسكن هنا هى التى جئت من اجلها.جئت لكى اعيش ذكرياتى معها،جئت لكى احقق لها امنية طالما كانت تتمنى تحقيقها. -لم تخبرنى بهذا من قبل هى فى إنتظارك اليس كذلك. -كلانا ينتظر ولكن لا احد يدرى متى اللقاء -واين تسكن. -إنها تسكن الروح وقلبها هو الوطن.
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.