-19-الفترة التى عمل فيها سمير فى مطعم رزق اتاحت له الفرصة كى يرى سالى كل يوم فهى تمر من هذا الطريق يوميا اثناء عودتها من الجامعة وكثيرا ما تذهب إلى المطعم لتسلم على سمير ويتحدثان معا،لم يعد هناك داع للصمت والإنتظار فهو يدرك تماما انه يحبها،اضاع وقتا طويلا فى التردد والتفكير هل ما يشعر به نحوها صداقة ام تعود بحكم انهما عاشا طفولتهما معا،لكنه صار متاكدا الآن انه يحبها ولديه إحساس انها ايضا تحبه نظراتها إليه تقول ذلك لكنها تنتظره ان يبوح بما فى قلبه.
لقد قرر اليوم ان يخبرها عن حبه لاداعى للإنتظار..فهى تعرف ظروفه جيدا ويدرك انها سوف تتقبلها.
قبل ذهابه إلى المطعم عرج على متجر الأزهار إشترى زهرتين فقط من الازهار الحمراء كى يقدمهما هدية لسالى عل الازهار تنطق بما عجز هو عن قوله،ذهب إليها وهو فى إنتظارها كانت عيناه زائغتان على الطريق قد تاتى فى اى وقت إقترب منه رزق ليساله بفضوله المعتاد عن سبب حمله للازهار اجابه ببرائة:
-ساقدمهما هدية لسالى صديقتى
-ولماذا إخطرت الازهار الحمراء اليست صديقتك اهدها ازهارا صفراء
-لان الازهار الحمراء تعبر عن الحب وانا قررت اليوم ان اعترف لها عن مشاعرى.
صمت للحظة وكان هناك فكرة طرأت له فعاد وساله ليتاكد.
-هل قلت ان الازهار الحمراء تعبر عن الحب.
-نعم.
-إذن سآخذ منك واحده.
اخذ منه زهرة وتركه وذهب،وصل إلى متجر كامليا واخذ ينظر إليها فى سعادة وهو يقدم لها الزهرة هدية منه وعلى غير عادتها فهى لم توبخه ولم تغضب بل كانت لطيفة جدا معه ولاول مرة يرى فيها رقة ونعومة الانثى فشعر بالإطمئنان بعد ان كان خائفا ان تصفعة مثل المرة السابقة.
تحدثت إليه فى رقة وصوت ناعم وهى تشكره وتطلب منه ان يضع الزهرة فى شعرها إستدارت واخذ الزهرة ويده ترتجف والسعادة تملا قلبه،اخيرا شعرت به ولكن سرعان ما إستيقظ من هذا الحلم الذى لم يكتمل حيث ادارت له وجهها الذى كان يمتعض غضبا وهى ترفع عليه حذائها الذى تمسكه بيدها وتهدده إن لم يختفى من امامها الآن فسوف تمزقه فوق راسه فخاف ومضى بسرعة لكى يتفادى عصبيتها وبكل غضب نزعت الزهرة من بين خصلات شعرها والقت بها ارضا وهى تصيح.
-إياك ان ارى وجهك مرة اخرى ايها السخيف .
اما سمير فمازال ينتظر مجيئ سالى..واخيرا لمحها من بعيد إتسعت إبتسامته وخفق قلبه كان يود ان يسبقها هو ويذهب إليها ولكنه لم يستطع ترك المطعم فظل ينتظر حتى إقتربت حينها شرع فى الذهاب لكنه توقف حين اتت سيارة كبيرة وقطعت عليه الطريق وتوقفت ليترجل منها شاب وسيم متانق للغاية حاملا بيده باقة كبيرة من الازهار من مظهره يبدو عليه الثراء.ظل سمير واقفا ينظر إلى هذا الشاب وهو يقترب من سالى ويعطيها باقة الازهار اخذتها منه وهى سعيدة ودخلا الإثنان المطعم وسمير ينظر إليهما فى حيرة عرفت الشاب بسمير حيث قالت:
-سمير صديقى منذ طفولتى.
ثم نظرت إلى سمير وقالت.
-اعرفك بكمال خطيبى.. فاجئتك اليس كذلك.
كانت تتحدث بلهجتها الطفولية المرحة وهو صامت يشعر بالصدمة تعتصر قلبه.. مد كمال يده يصافح سمير ويقول له فى إستعلاء.
-هل انت صاحب المطعم.
اجابه بحزن وإنكسار.
-لا..انا انا اعمل فيه.
وجه كمال حديثه لسالى وقال انه سينتظرها فى السيارة..
ظل سمير ينظر إليها وينظر إلى الزهرة التى فى يده حيث تركها تسقط من بين اصابعه وبدى على وجهه حزن عميق.
-لم تخبرينى من قبل.
-تخيل لقد تحدثنا فى اشياء كثيرة ونسيت ان اخبرك ولكن هذا الامر حدث بسرعة كم كنت ارغب فى وجودك بجانبى فانت دائما اخ وصديقى المقرب لكن الخطبة تمت اثناء الإجازة.
-تحبينه.
-سمير.. اي فتاة تتمنى شخصا يحبها ويهتم بها وكمال اعلن لى حبه ولم يكن بيننا سابق معرفة ولكن الفترة التى عرفته فيها اظهر لى حبه واهتمامه اشعرنى انى كل شيئ فى حياته.
-اهنئك من كل قلبى واتمنى لكى السعادة.
-وانا ايضا اتمنى ان تجد الفتاة التى تحبها ما رايك ان تاتى معنا الى السينما ساكون سعيدة لو اتيت معى.
-انا آسف لدى عمل ولن استطيع ان اترك المطعم وحده.
ظل واقفا ينظر إليها وهى ذاهبه إلى السيارة حيث فتح لها الباب فدلفت إلى الداخل .
*عاد سمير إلى الجامعة بعد إنتهاء عمله حزينا لم يكن مستعدا لسماع احد اوالاجابة على اسئلة اصدقائه التى تلاحقه،آوى إلى سريره ورفع الغطاء عليه بالكامل حتى لا يرى احد منهم دموعه التى كان يحاول ان يؤجلها حتى يعود.
فى اليوم التالى وبعد إنتهاء المحاضرات ذهب إلى الساحة فى المكان الذى يتدربون فيه على الموسيقى وظل واقفا وحده ولكن اصدقائه ابو ان يتركوه لابدان يعرفوا ماذا به ذهبو إليه وحاولو معه ولم يتركوه حتى اخبرهم بما حدث كانت مفاجئة لهم جميعا لم يتوقع احد منهم ان سالى تحب شخصا آخر،قال كريم فى غضب.
-لماذا دائما يوجد مشاكل فى كل قصة حب الا يوجد حب بدون تعقيدات.
-"هانى"قلى سمير ماذا ستفعل الآن؟
قال بياس ومرارة:
-لن اراها بعد اليوم..سابتعد عن طريقها حتى وان اضطررت لترك عملى فى المطعم.
لم يلاحظوا ان ايمن كان قريبا منهم وسمع حديثهم تقدم نحوهم وهو يقول فى حنق:
-رائع..ممتاز..انت الآن على الطريق الصحيح..اليست هذه الفتاة التى عبرت البوابة من اجلها.
-اجل سيدى.
-الآن تريد ان تنسى امرها لانها احبت شخصا آخر..هذا رائع للغايه.
"هانى"هناك كثيرا من الاشخاص الذين يحبون ولا يوفقون فى حبهم.
"ايمن"هذا لم يكن حب من البداية..اذا احببت فتاة ليس شرطا ان تبادلك الحب..فلا شروط فالحب.
وجه حديثه إلى سمير.
-انت احببتها منذ الطفوله فهل يمكنك ان تبتعد عنها الآن
-وماذا افعل سيدى وقد اختارت غيرى.
-لا..هى لم تختار ربما كانت تنتظرك ان تتكلم ربما كانت تحبك هى ايضا ولكنك تعرف ان الفتاة فى بلادنا لا تستطيع البوح بمشاعرها وانت لم تقل شيئا لقد سبقك واعلن لها حبه..كل ماعليك الآن ان تصارحها بحبك واترك لها الإختيار لا تستسلم بسهوله ما زالت امامك فرصه فلا تضيعها.
"كريم "الحب لا يكون سهلا ابدا دائما تواجهه المشاكل فلسنا محظوظين مثلك سيد ايمن لانك تستطيع ان تتغلب على اي مشكلة تواجهك فى حبك.
تنهد يعمق وبدى عليه الحزن الذى غلب على نبرة صوته:
-تعرفون..انا ادعو الله كل يوم الا يكون حظكم مثل حظى..لقد احببت مثلكم ومع اول مشكلة وقفت عاجزا عن حلها والنتيجه انى الآن اعيش على الذكريات على الاقل سمير يمكنه ان يرى حبيبته يسمع صوتها وكذلك كريم اما انا..فلا
"هانى"لماذا سيد ايمن؟
-لانها لم تعد موجوده..رحلت بعيدا ولن تعود.. لقد ماتت.
كان يتحدث معهم وصوته ممزوجا بالالم والحزن وعيناه تدمع فشعر هانى بهذا فاعتذر له لانه ذكره بها..حاول ايمن ان يغالب حزنه وقال وهو يحاول ان يخرج من تلك الحالة.
-لا داعى للاسف ليس مهما ان تكون معى او بعيده فانا احبها اليوم اكثر من السابق وكل يوم يمضى احبها فيه اكثر ليس لانى لم اجد غيرهابل لان حبها يسعدنى ويملا علي حياتى اشعر دائما انها معى قريبة منى وكلما إشتقت إليها اغلق عيناى واحلم بها.يارفاق الحب ليس سهلا دائما ولا يجلب السعادة احيانا.. ولكن لا تجعلو قلوبكم تتوقف عن الحب.
* اتفق الاصدقاء على الذهاب إلى الحفل الترفيهى الراقص الذى سيقام فى النادى ومن حسن حظهم انه سيكون يوم العطلة الاسبوعية،فذهبوا إلى ايمن ليبلغوه برغبتهم تلك فقبل ذلك على ان يراعوا عدم التاخير لكنهم الحوا عليه بضرورة الحضور معهم سيكونون سعداء لو انه حضر،وبرغم ان هذا اليوم يقضيه فى كتابةرسالته التى اوشك على الإنتهاء منها إلا انه قبل الذهاب معهم حتى لا يكونوا وحدهم.
ذهب الاصدقاء برفقة ايمن إلى النادى حيث كان هناك الدكتور عزيز واسرته إقترب منه وسلم عليه بينما كان هانى مشغولا بالنظر إلى مايا..ذهب الاصدقاء وبقى ايمن حيث دعاه عزيز بالجلوس معهم وبدات فقرات الحفل وكانت مايا جالسة مع ابويها فطلب منها ايمن ان تنضم إلى الطلبة حيث تمضى وقتا مرحا فوافق والدها خاصة ان هناك زميلات مايا فى الجامعة يمكنها ان تنضم إليهم،ذهبت إلى زميلاتها وهانى يتابعها بنظراته وكانت المفجآه ان مونيكا كانت هناك مما بعث السعادة فى نفس كريم لولا انها كانت واقفة تتحدث مع شريكها الذى يتدرب معها فظل واقفا يتابعها لم يتبقى سوى سمير الذى كان يتمنى ان تكون سالى معه ويبدو ان الصدفة لعبت دورها معه حيث راى سالى تسير وهى تضع يدها فى يد كمال تبدو عليها السعادة ولكن ليست هذه طبيعة سالى ولا هذه طريقتها فى إختيار ملابسها،رآهها ترتدى ثوب سهرة قصير مكشوف الصدر وتضع حول كتفيها وشاحا وشعرها مصفف بطريقة لا تشبهها شعر بانها تغيرت كثيرا عما كانت عليه،كان يشعر بالغيرة وهو يراها تضحك مع كمال.
بدات الموسيقى بالعزف وقام الحاضرون بالرقص حيث ذهب رفقاء مايا يرقصون ودعوها ان تاتى معهم فرفضت ومونيكا ايضا تركها شريكها وبقيت واقفة وحدها تشاهد الجميع وهم يرقصون..وكان سمير يتابع سالى بنظراته وهى ترقص مع كمال.
إقترب هانى من مايا وطلب منها ان ترقص معه لكنها رفضت فى البدايه ثم قبلت بعد إلحاح منه.
إقترب بعض الشباب من كمال واخذوه معهم فارادت سالى العودة إلى طاولتها حتى يعود خطيبها فوجئت بسمير امامها ومن دون ان يتكلم امسك يدها ورقص معها فاجأتها حركته تلك تعلم ان سمير خجول بعض الشيئ ولا ياتى منه هذا التصرف لكنها لم ترفض ورقصت معه ولم يتكلم احد منهما بكلمة فقط كان ينظر فى عينيها وهى كانت تنظر إليه لاول مره تكون قريبة منه إلى هذا الحد وتنظر فى عينيه بهذا العمق لترى فيهما الحب الذى لم تكن تراه من قبل.
كانت مونيكا تقف وحدها تسلل كريم ووقف بجانبها دون ان تشعر إقترب منها وقال:
-لماذا لا ترقصين..ام انك لم تجدى احدا يرقص معك!
إلتفتت إليه وقالت فى غرور:
-لو اشرت بإصبعى لاى احد لجاء على الفور لكنى لا ارغب فى الرقص مع هؤلاء التافهين.
قال بصوت خافت كانه يحدث نفسه"مغرورة"
ويبدو انها سمعته فسالت
-ماذا قلت ؟!
-لا شيئ.
-لماذا انت لا ترقص.
-لانى لم اجد الفتاة المناسبة التى ارغب فى الرقص معها.
-ومن ترغب فى الرقص مع احمق مثلك انظر إلى نفسك كيف تبدو.
إبتسم وقال فى برود:
-وكيف ابدو؟
-تبدو غبيا.
-وانت هل تظنين نفسك فتاة انظرى إلى الفتايات كيف يبدون
إستفزتها كلماته واشعرتها بالغضب وصرخت فى وجهه ان يبتعد عنها فنظر إليها بنظرة تشفى لانه استطاع كسر غرورها وصار بعيدا عنها ولكنه جاء من خلفها وبحركة مفاجاه حملها بين يديه وصار بها نحو الشباب الذين كانو يرقصون وهى كانت تضربه فى كتفيه كى ينزلها وحين انزلها كان ممسكا بمعصمها بقوة لم تستطع ان تفلت يدها من قبضته وهو مازال على وجهه تلك الإبتسامة وأخذ يرقص معها كان الجميع ينظر اليه البعض كان معجبا باسلوبه وجرأته.
تعالت اصوات الموسيقى حتى صارت اكثر ضجيجا وصخبا وهم يشعرون بالسعادة والمرح..ولكن يبدو ان هذه السعادة لن تدوم طويلا لان السيد شاكر ظهر امامهم فجأه فتوقفوا فى اماكنهم حابسين الانفاس وعلى وجوههم الخوف ودقات قلوبهم اعلى من صوت الموسيقى وهو ينظر اليهم بغضب بالغ وقف ايمن محاولا ان يتكلم معه رفع يده بان يصمت وظل ينظر اليه ثم قال
-عد الى الجامعة اريدك فى مكتبى الآن.