اقتربت الساعة إلي الواحدة صباحاً حين وقف تحت البدر يناظر النجوم المتراصّة في كبد السماء، الليلة داكنة والقمر مكتمل والنجوم تغمز بمئة عين." تتمنى الطيران أليس كذلك، لو كان لدينا أجنحة لما بقينا في هذا المكان الكئيب، لربما كنا حلّقنا إلي الأفق بحثاً عن حياة أفضل" همست المرأة السمراء في اذنه حين عانقت ظهره وأرخت جبينها عليه. كانت طويلة القامة ذات شعر أسود طويل.
ابتسم الآخر بخمول يسحب معصمها ببطء لتقف أمامه عند النافذة الصغيرة، حدّثها قائلاً." حياة أفضل من حياة طاهية في المطبخ الملكيّ وحياة ساقي الملك؟ "
لم تطمح موراويرا ان تصير طاهية يوماً، لكنها أيضاً لم تمانع أي وظيفة تضمن لها البقاء داخل القصر الملكي، حين تركت جزيرتها " درّة الحيد" وركبت البحر كان هدفها العرش، ولكنها وجدت الملك أغبى بكثير من أن يغامر بوضع امرأة أخرى إلي جانب زوجته المتسلطة.
في النهاية اقتنعت بساقي الملك لفترة مؤقتة ربما!!
" أنظر إلي نفسك أرميوس، كيف لرجل مثلك أن يكون مجرد حامل خمور للملك يسقيه حتى الثمالة؟ " رفعت يده وأشارت إلي عضلات ذراعيه مردفة. " هاتان الذراعان خلقتا لحمل السيوف لا زجاجات النبيذ".
" حمل السيوف ضد ّ من؟ ليس للمملكة أعداء حتى، إننا أرخص شأناً من أن تتجشّم الممالك عناء محاربتنا، قطعة صغيرة من الأرض بالكاد تصلح لتكون مقاطعة، أخبريني ضدّ مَن سأحمل السيف الذي تقولين؟".
لم يخفي أرميوس يوماً سخطه تجاه مملكته الضعيفة أو ملكه الأضعف بل كان يتعمد العبوس أمامه ولم يملك الآخر الجرأة لسؤاله عن سبب عبوسه المتواصل.
أمسكت ويرا غلالتها الرقيقة وأحكمت لفها حول جسدها حين زادت الرياح بالخارج، لم تجبه ولم تنظر إليه وهمت بالخروج من الغرفة الصغيرة، ولكن قبل أن تمسك بالمقبض الخشبي وتدفع الباب إلتفتت إليه قائلة " حين تجد خصماً تحمل ضده السيف تعرف أين تجدني، وحتى ذلك اليوم إياك أن تقترب مني".
رحلت ويرا غاضبة متشنجة الأطراف وتركته يعاود النظر إلي السماء مراراً وتكراراً لعلّها تخبره بالخصم الذي تقصده عروس البحر السمراء.
**********************
عند النافورة الكبيرة جلست، تحرّك كفيها الرقيقتين في الماء البارد ذهاباً وإياباً، عيناها ناعستان كالعادة وخداها محمرّان بسبب حرارة الصيف الشديدة.
كانت وصيفتان تقفان على جانبيها وتحركان مراوح من أشجار النخيل لتبريد الجو قليلاً، بينما البجعة الرخامية التي تتوسط النافورة تحجب عنها أشعة الشمس المباشرة.
" أخبريني مرة أخرى ناني، ماذا حدث للأمير ثانيس حين حاول اقتحام أسوار القلعة؟"
سألت المرأة العجوز الجالسة في الظل والتي تحيك قطعاً من الصوف.
أنت تقرأ
القرن المظلم : عواصف الشتاء.( مستمرة)
Historical Fiction📌 ركعت عند قدميه تتوسّل الرحمة، تطلب العفو والرضى فقط ليبقي على حياة أشخاص أبرياء. لم تشفع لها عنده جميع العَبَرات والتوسلات، كان جبروته أكبر من حبه لها ولم يتجشّم عناء إخفاء تلك الحقيقة. تراقصت أشباح النار على سور القلعة الحجري، علت صيح...