شخصيّة اليوم.
الحيزبون العرّافة من الأرخبيل
.
داليكا
عصفت رياح جنوبيّة غربية قويّة، ولاحت عند الأفق الداكن عاصفة عظيمة تزحف ببطء، تفرد أذرعها الستين بالبرق وتزمجر بالرّعد، وترسل وعيدها للأسطول على شكل أمواج سريعة تسببت في تأرجح السفينة بشدّة.
مع اقتراب العاصفة الغاضبة كان الهواء يزداد سخونة وهياج البحر بلغ أوجه إذ أصبح يلطم السفينة بأمواج عالية تتكسّر على السطح الخشبيّ إلي ألف شظيّة وشظيّة،وتكسّره إلي أكثر. ومن على متن السفينة تعالت صيحات الرجال، وتعلّق ثلاثة بصواري السفينة يفردون أشرعتها المرقّعة العملاقة ،حين وصلهم صوت ارتطام عميق تلاه رنين البحر المخيف الذي سرى إلى آذان الطاقم.
كانت عينا الربّان معلّقتين بالدفّة بين يديه والعاصفة نصب عينيه، كل ما يهمّ في هذه اللحظة هو نجاة أكبر عدد من السفن، الأسطول في عهدته، وخيانة الأمانة لن تكون من شيَمه، كما أن العقاب الذي سيلقاه يجعله يفكّر ألفَي مرّة قبل إصدار قرار.
حين تجلّى الصوت وعلا، التفت عنق الربّان نحوه بعنف، لتسيل نظراته كالحمم على رجاله الذين اصطفوا على حاجز السفينة الأيسر، يراقبون ما يحدث بقلوب تصرخ فزعاً وما يسعها إلاّ النبض كالطبول.
كانت الأمواج من خلفهم تتعالى شاهقة تقبّل السحاب الأسود،ثم تنحني بخنوع عند أقدامه لتطبق على خمس من السفين أو أكثر.
صراخ وعويل، محاولات للنجاة ولكن لا طائل. بحّارة مذعورون وقبطان عديم الحيلة، وأمواج عاتية قاسية محت الأسطول عن وجه البسيطة في ثوانٍ، ليرقد الركام عند القاع السحيق، وتجد الجثث السلام في مقبرة الأعماق.
وقفت ذات القرون العشر كالواحة في وسط الصحراء، وحيدة شريدة، بأشرعة مرتخيّة وأجساد متهاوية ،بينما سكن البحر ونامت الأمواج، وابتلعت السماء السحاب لتشرق شمس ذات لهيب، وتلقي بأشعتها على ذي رقعة العين، صاحب الوجه المذهول.
فتح راندل عينيه لتعانق نظراته السقف الأسود، تختفي معالمه أسفل الظلال ولكن الربان يعلم بأن الفطريات قد رسمت عليه لوحات ولوحات. سكنته العناكب وطافت الزواحف بين جنباته.
أنت تقرأ
القرن المظلم : عواصف الشتاء.( مستمرة)
Historical Fiction📌 ركعت عند قدميه تتوسّل الرحمة، تطلب العفو والرضى فقط ليبقي على حياة أشخاص أبرياء. لم تشفع لها عنده جميع العَبَرات والتوسلات، كان جبروته أكبر من حبه لها ولم يتجشّم عناء إخفاء تلك الحقيقة. تراقصت أشباح النار على سور القلعة الحجري، علت صيح...