دفعت القابلة العجوز الباب الأبنوسيّ بوهن وخرجت تمسح يديها المعروقتين المرتجفتين بمنشفة زرقاء باهتة تلطخت باللون الزهري ، ضعف بصرها واعتلّت صحتها ولكنها حافظت على مكانها بالقصر الملكيّ، عاشت لسنين طويلة تدرّب النساء الصغيرات على فنون القبالة غير أنه لم يكن استعداداً للرحيل، فحتى بفمها الخالي من الأسنان كانت تردد دائماً " لا زالت أمامي بعض السنوات لأعيشها قبل الرحيل، لم يولد المخلّص بعد".
ذلك المخلّص الذي ظلت تهذي به وباقتراب ميعاد وصوله لعدة عقود.ربما لم يكن فرد في القصر يصدّق نبوءتها، كثيراً ما ضحك الخدم والطهاة والسقاة على حكاياها عن المخلّص، وحتى النبلاء كانوا يسخرون خلف جدران غرفهم وأبوابها أين لا تمنعهم قواعد اللباقة عن تكذيب حديثها المنافي للمنطق.
مخلّص ليخلّصنا من ماذا !!!
ربما اعتادت القابلة العجوز على التكذيب والضحكات الساخرة، ولكن جميع الضحكات سقطت ولم يبقَ غير العيون المتعلقة بها حين اتسعت ابتسامتها الدرداء وهي تقول " لقد صدقت النبوءة، لقد حان القرن المظلم، مئة من السنين لا ترون فيها النور".
لم تلبث العجوز هناك كثيراً وهمت بالمغادرة سريعاً تتبعها بضع فتيات يحملن عدتها وأدواتها.
كان أول من دلف إلي غرفة الملكة هو الملكة الأم، ترفل بكامل عنفوانها في ثوب من الحرير العاجيّ ويقبّل سواد شعرها خيوط من الفضة تحتضن التاج الذهبي.
حين وقفت الملكة سابيلور امام مهد الرضيع وجدت القماط يلفّ طفلة وضّاءة الوجه كالقمر، نائمة بسلام تماماً كوالدتها التي انهكها المخاض فغطّت في نوم عميق تنشد بعض الراحة.
حملت سابيلور حفيدتها الرضيعة ووقفت بها قرب النافذة فانعكس ضوء اليوم الجديد على وجهها وبانت ملامحها البريئة، داعبت أشعة الشمس عينيها فكشّرت قليلاً ثم اطلقت سراح مقلتين كالذهب المصهور.عيناها صفراوان !!!
" فاليري، فاليري استيقظي. انهضي بسرعة يامرأة"
أيقظت الملكة الجدة زوجة أبنها النائمة بعنف تلطمها على خديها، كانت المرأة قد فقدت رباطة جأشها حين رأت اصفر عيني الطفلة.نهضت فاليري ببطء تنمّ تعابير وجهها عن شعور بألم فظيع، رغم ذلك اعتدلت على فراشها تنظر للملكة بذعر قائلة" ما الذي حدث؟ أين طفلي؟ أين أميري؟"
" أيّ أمير أيتها الفاسقة؟ أنظري إلى ما أنجبتيه".
صرخت سابيلور تضع الرضيعة بين يدي فاليري المذعورة، كانت الرضيعة تغلق عينيها وتفتحهما في حركات طفولية لطيفة، ولكن اللون الأصفر كان مخيفاً، غريباً ولا يبعث على الراحة.انهمرت دموع فاليري وهي تحاول الدفاع عن نفسها، ضمت صغيرتها إلي صدرها بقوة تكتم شهقاتها. هي لم تفكّر في خيانة زوجها الملك يوماً، حتى إن ارادت فلن تجرؤ، فهو ابن أمه تماماً، متوحّش ومرعب.
" من أين أتيتِ بهذه الفتاة؟ أنا لا أفهم كيف تكون عيناها هكذا، لقد أنجبتِ مِسخاً"
صاحت الجدة الغاضبة مشيرةً إلى ذات العينين الذهبيتين. وبينما فاليري عاجزة تماماً عن النطق بأي كلمة دلف الملك بنفسه إلي الغرفة.حين رأته الملكة سابيلور صمتت وتحركت نحو الشرفة بهدوء، لعلّ هواء الصباح اللطيف يبرّد ما بجوفها من خوف وغضب،
إن صحّت نبوءات القابلة الخَرِفة حقاً فقد هلكنا..
مال الملك على جبين زوجته يقبّله برفقة ويمسح دموعها دون أية أسئلة، فقط إلتقط رضيعته من حضنها وضمها إلي صدره بحذر شديد كزجاجة يخشى أن يكسرها. وزادت حيرة الملكة سابيلور عندما انسابت كلماته بهدوء " إن اسمها أورليا، أورليا ريغتاريون"
تقدمت الملكة الأم بخطوات واسعة ووقفت إلي جواره تشير إلى عيني الطفلة قائلة " آمل أنك ترى ما رزقت به".
" أخبرتني القابلة بيث بكل ما جرى أثناء ولادتها، أورليا ليست مولوداً طبيعياً، وُلدت بعد ميعادها الطبيعي بشهرين في ليلة محاقية، شعرها ذهبيّ في حين لا أفراد شقراً في آل ريغتاريون أو حتى فارلي، لها عينان ذهبيتان في حين لا يمتلك أحدٌ من البشر هكذا لون، إنها كنزي ووليٌ عهدي ".
انعقد حاجبا سابيلور باستنكار حين سمعت ما قال، منذ متى ووليات عهد الممالك إناث؟. لم تدرِ ما جرى بعقل ابنها ولكنها بالتأكيد رمت اللوم على فاليري قائلة" يبدو أنّ زوجتك قد اقنعتك بما تريد، اقنعتك بأن تسلّم مملكة أجدادِك لمسخٍ لا علمَ لنا من أين أحضرته ".
حينها فقط ابتسم الملك وأعاد أورليا الصغيرة إلي صدر أمها قائلاً دون أن يبعد عينيه عن كنزه الذهبيّ الصغير " للأسف أمّاه، هذا المسخ أولى بالقصر منكِ، ان قررتِ ألاّ تكوني على وفاق مع وريثتي ربما عليكِ الرحيل ".
**********************
مرحبا مرحبا
من الذي تغلب على الأرت بلوك أخيراً بعد أن فقد الأمل
" بالتأكيد بيلا" 😔المهم
تمهيد قصير لقصة طويلة طوييلة حاولوا توقع أحداثها ان استطعتم" هيهيهي "من بطل القصة؟
أورليا؟من المخلّص؟ أيضاً اورليا؟
خمنوا وأضيئوا النجوم لكي لا أعود للآرت بلوك من جديد 😂
أنت تقرأ
القرن المظلم : عواصف الشتاء.( مستمرة)
Tarihi Kurgu📌 ركعت عند قدميه تتوسّل الرحمة، تطلب العفو والرضى فقط ليبقي على حياة أشخاص أبرياء. لم تشفع لها عنده جميع العَبَرات والتوسلات، كان جبروته أكبر من حبه لها ولم يتجشّم عناء إخفاء تلك الحقيقة. تراقصت أشباح النار على سور القلعة الحجري، علت صيح...