متأبطاً خوذته المعدنيّة ذات القرنين، سار بين صفوف الجنود يطالعهم بعينين كالصقر كأنما يبثّ فيهم بعض الطمأنينة، فبعد كل شيء هذه الحرب هي الأولى مذ تولى حكم المملكة قسراً، وليكون أمراً محرجاً أن يكللّ جيشه بالهزيمة.
انشغل كلّ من الرجال بعمله، فهناك من يشحذون السيوف والحراب، وآخرون يتفقدون سلاسل الكرات الشائكة والهراوات. تحت شمس باهتة قررت الشهادة على تلك المعركة.
أمال أرميوس نظراته إلى الثلج الكثيف، والذي قد يتسبب بمشكلة في ميزان المعركة، فخوض قتال على أرضٍ غير ثابتة يعدّ تحدياً. وحين تأكد من أنّ كلّ شيء في موقعه الصحيح ولاّهم ظهره وتوجّه نحو خيمته.
كان الجيشُ قد خيّم في منطقة مفتوحة قرب حدود مع سوليتروس، ورغم الظروف السيئة فقد كان الرجال سعيدين بالخطّة الشيطانيّة التي وضعها الملك. والتي لن تخطر على بال أدريان ثانيس مهما فعل.
كان ارميوس جالساً على الأرض أمام خيمته مغمض العينين حين ألتقطت أذناه صوت ضجةّ آتياً من البعيد. ارتفع صوت الجَلَبة بالتزامن مع اقتراب ذلك الفارس على صوة جواده بينما تغوص أقدام الحصان في الثلج ويعلو صوت الرجل صارخاَ " لقد لاحت المجانيق، لقد لاحت المجانيق".
خلال ثوانٍ كان الرجال قد حملوا أسلحتهم وعتادهم، وارتفعت صرخات الحماس تشقّ هدوء الشتاء وتفوق عواء الرياح.
هبّ أرميوس واقفاً وقد إلتقط منجله وعلّقه إلى حزام خصره، وتحرّك نحو جواده ليقفز على ظهره بسرعة ويركض به نحو تجمّع الفرسان.
كان تنظيم الجيش غريباَ، ففي المقدّمة أكتفى بوضع صفين فقط من الرماة، خلفهم بضعة صفوف من المشاة حاملي الحراب وبالنهاية كانت صفوف الخيّالة. وكل ذلك لم يتجاوز الألف رجل.
وقف أرميوس بالمقدّمة وقربه قادة جيشه الذي بدا مثيراً للشفقة أمام الجيش الزاحف من الجنوب، يسحب خلفه ثلاثة مجانيق تزحف كالأفاعي.
ارتفعت هضاب ارمادا العالية حول ميدان القتال بشموخ كأنما تخبّئ ما سيحدث عن أنظار العالم. واتسعت ابتسامة أرميوس ما إن استطاف رؤية المنجنيق بأكمله أمام عينيه.
ابتسم أدم كيليس قائد الكتيبة العاشرة بينما ينظر إلى أرميوس قائلاً " لابدّ ان ثانيس سيسقط عن صهوة جواده من شدّة الضحك على جيش عدوّه المثير للشفقة".
ضحك ارميوس بينما يدرس بعينيه المسافة بين الجيشين. قبل ان يسخر قائلاً " فلتنزل عليه الرحمات إذاً زن بقي حياً ليستوعب ما حدث معه".
في سره لم يكن واثقاً من نجاح الخطة، بل أكثر من ذلك لم يكن واثقاً من عدم وجود خونة وسط جيشه، فلطالما كان الجواسيس والمرتزقة بكل مكان، ولكنه أراد تثبيت عزيمة جنوده وإيهامهم بأن النصر مؤكد، حتى وإن كان كذباً.
أنت تقرأ
القرن المظلم : عواصف الشتاء.( مستمرة)
Historical Fiction📌 ركعت عند قدميه تتوسّل الرحمة، تطلب العفو والرضى فقط ليبقي على حياة أشخاص أبرياء. لم تشفع لها عنده جميع العَبَرات والتوسلات، كان جبروته أكبر من حبه لها ولم يتجشّم عناء إخفاء تلك الحقيقة. تراقصت أشباح النار على سور القلعة الحجري، علت صيح...