١٤

27 7 0
                                    

ألقت نظرة أخيرة على الراقد في الفراش بجسد واهن وعينين مغلقتين، انقضت فصول عمره وها هو ذا في شتائه الذي لا يرحم، ذلك الذي سلبه طاقته، صحته، أبنائه وربما ملكه أيضاً.

وزّعت نظراتها على النوافذ المغلقة تعيد التأكد منها للمرة العاشرة، قبل أن تسحب الباب خلفها بوهن، بالكاد تمنع نفسها من الإنهيار. فهي آخر ماتبقى من العائلة بالعاصمة إيمرلد.

أعادت ديانا خصلة مجعدة صهباء خلف أذنها بينما تسير رفقة الطبيب الملكيّ خلال الرواق الطويل.

مسحت كفيها المتعرقتين على جانبي ثوبها وتعمّدت الشدّ عليه لتوقف ارتعاشهما. تبادلت نظرة حزينة مع الطبيب قائلة " لقد تقيّأ طعامه مجدداً، لاشيء يستقر في معدته. إنّ حاله يسوء".

رفع الرجل الأصلع رأسه عالياَ قبل أن يعيد نظره إلى الأرض أمامه، وكأنما هو أيضاً متوتر مما سيقوله ولكن لاطائل من إخفاء الأمر. لذلك تنهد في النهاية وفضّل التصريح قائلاً " انسداد الأمعاء يتفاقم، لن أكذب على سموّك واعطيكِ أملاً كاذباً. إنّ جسد جلالته بدأ يتسمم فعلاً لكنني سأجتمع بمجلس أطباء المملكة ولنتمنى أن نجد حلّاً للمشكلة".

اومأت ديانا بخفوت ،وانحنى الطبيب باحترام ليكمل طريقه خارجاً، بينما سارت هي في رواقٍ متقاطع، تتذكّر كلمات الطبيب..
جسده بدأ يتسمم...
لنتمنى أن نجد حلّاً....

لو كان أدريان مكانها ماذا كان ليفعل؟ هه بالتأكيد كان ليعلّق الرجل المسكين من صلعته عند بوابة العاصمة. حالها يدعو للسخرية..

بدأت في تطبيق دروس الإقتصاد وإدارة الموارد التي لطالما كرهتها، فكل شيء أضحى بين يديها، خطأ واحد وسيهلكون.

" ليت أخوتي كانوا هنا ليخبروني بما أفعل"
همست بألم تمسح وجهها المرهق بكفيها قبل أن تدفع باب غرفتها وتدلف مغلقة خلفها الباب.

انزلق جسدها على طول الباب الخشبيّ الأحمر واستقرّت على الأرض، تضم ركبتيها إلى صدرها وتخفي وجهها كأنما تخفيه عن كلّ هذه المشاكل.

والد مريض بمرض عضال...
مدينة غير مؤمّنة وعدوّ متربص...
حال الرعايا المعيشية متدنية وحتى إيماريس ليس قربها ليؤنسها بغزله المبتذل...

الجميع يعلم، ديانا ليست بتلك القوة، لا أحد قارنها بأدريان أو أليانزا، إنها زهرة القطن الناعمة، نسمة الربيع اللطيفة ومحبوبة الفرسان الأولى. لم تعتد يوماً على حمل هكذا مسؤولية فكيف عساها تنجح؟

لملمت شتات نفسها ورفعت جسدها عن الأرض، وقفت أمام مرآتها تنظر إلى الإنعكاس الملكيّ الجميل، النسخة اللامعة من الأميرة ديانا وليس تلك الشابة اليافعة المدللة، هل هكذا يراها الجميع؟ لامعة وبراقة؟ قويّة؟....

القرن المظلم : عواصف الشتاء.( مستمرة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن