الفصل الرابع عشر (عديمة الفائدة)

383 20 0
                                    


انسحاب الأنفاس، الخوف من القادم، الصدمة من سيء لم تكن تتوقعه، الأنتظار، البكاء وانت تعرف انك مظلوم؛ كل هذه المشاعر مشاعر تؤلم وكانت مجتمعة بكل من "ليلى" المرتعبة على زوجها، و "نور" التي تخشى فقدان شقيقها فمنذ ان سمعوا الضابط يطلبه بالقسم هوى قلبهم وهم يتبعوه و ايضاً عندما اتوا فهو بالداخل ولم يخرج حتى الآن
، ولكن فُتح الباب فجأة ليطل هو من خلفه، لتسرع "ليلى" تحتضنه ومازالت بقايا الدموع عالقة على وجهها، ليربت عليها بحنان و هو يمد يده الأخرة ليستقبل "نور" داخل احضانه التي تبكي ايضاً، ظلت "ليلى" معلقة به الى ان خرجوا وتوجهوا نحو السيارة

ولم يسلم من سيل الأسئلة التي تلقاها منهم ك "ماذا حدث"،" من قدم البلاغ، و كيف خرجت"
وبالطبع ملقيها الوحيد كانت "ليلى" فهو اقنع "نور" ان تذهب مع زوجها وانه بحال جيد، وهو الآن معها متوجهين نحو منزلهم، ولكنها لم تكف عن السؤال، ليجيبها بضجر
"انتِ مبتفصليش"
نظرت له بحنق من رده الجامد وهي تقرر الصمت وعدم الحديث حتى الوصول.... وبعده ايضاً

وبالفعل استعجب من صمتها فهي بقت اكثر من نصف ساعة بلا اي كلمة، لا ينكر ان هذا اضجره اكثر فهو يحب سماع صوتها كثيراً حتى وان كان هذا سيسبب له الصداع، وما زاد حنقه انها حتى لم ترمش بعينها نحوه

وبقوا على هذا الحال الى ان وصلوا وما ان توقفت السيارة حتى ترجلت منها مسرعة وهي تتجه نحو المنزل وهي تنتظره ليفتحه.... وبالفعل ذهب وفتحه لها وما ان دخلت حتى خلعت حذائها و هي تصعد الى الطابق العلوي بهدوء ويكاد يجزم انه هدوء ما قبل العاصفة وانها ستنفجر به بأي وقت

صعد اليها ليجدها قد بدلت ملابسها، ليأخذ هو ايضاً ملابس اخرى ليلج الى المرحاض ويخرج بعد عشرة دقائق وهي مازالت كما هي جالسة بهدوء تعبث بهاتفها، وعلى حين غرة اخذ هاتفها منها وهو يستند برأسه على قدميها
"عاملة ايه"
كان يقولها وهو يطالعها ببراءة
"انت مختل"
ضحك عالياً على كلماتها وهو يكمل
"الله يسامحك.. بس على فكرة جو القمص وكدا مش لايق عليكِ ابداً"
لم ترد عليه لتجده يتنهد بعمق وهو يردف
"انا مش عايز اكمل مع انچي"
كانت متوقعة انه سيأتي ف المنتصف ويرهقه العلاج
لتأتيه نبرتها هجومية
"ليه يا كريم انت بتتقدم وانا ملاحظة دا.... ليه تسيب المشوار من اوله... ولا انت كنت بتغفلني وتقتعني انك بتتعالج عشلن اتجوزك ولما اتجوزتك..... "
لم تكمل بسبب يده التي اعترضت باقي كلماتها وهو يكمم فمها
"لو صبر القاتل على المقتول... انت بالعة كلب"

لتنظر له بحنق وهي تبعد يده بقوة
"لو سبتيني اكمل الجملة كنت هقول هتابع مع حد تاني"
نظرت له بفهم الآن، ولكنه تابع
"انا بدأت العلاج دا وسبب كبير منه كان انتِ عشان زي ما قلتلك قبل كدا انا عايز ابقى ف افضل حالاتي وانا معاكِ و مش عايزك تشوفيني وانا متعصب.. مش عايز افكر اني ممكن ائذيكِ... انتِ احلى حاجة حصلتلي كتير اوي.. اوعي تفكري اني كنت بنيمك ولا باخدك على قد عقلك"
كانت عيناها تلمع بالدموع وهي تستمع لكلامته ولكن قررت اغاظته
"جدع"
صدحت صوت ضحكاته بالغرفة وهو يقول من بينها
"مش اول مرة تسرقي كلامي.. خلي بالك"
ضحكت هي الأخرة لتجده يخبرها بضجر شديد
"انا جعت"
جاوبته بحماس شديد
"يلا نعمل بيتزا"

"بتعرفي تعمليها"

"دا انا لو مولودة ف ايطاليا مش هعملها حلوة كدا "

كان يشك بكلماتها ولكن قرر المثول لها

________________

ان رأيت حالهم الآن اقسم لك انك لن تتوقف عن الضحك؛ فكان كلٌ منهم يرتدي مريول المطبخ و كان "كريم" مغطى بالدقيق و "ليلى" متسطحة على الأرضية وهي مغلفة بالدقيق و اثار الزيت الواقع على الأرض وكانت تردف بحنق
"انت السبب... حد يعمل كدا ف الزيت"
نظر لها بتهكم وهو يردف
"انا السبب انا مش الهانم اللي ولا كأنها مولودة ف ايطاليا وعمالة تدي تعليمات وف الأخر وقعتي الدقيق كله علينا و اديكي واقعة على الأرض اهو"

"قومني"
قالتها بصراخ وهو يمد يده نحوها لتعتدل في وقفتها وهي تعقب بثقة زائفة
"انا هطلع استحمى وهاجي نعمل واحدة تانية بسرعة"
كانت تهم بالركض من امامه ولكنه انسكها من مؤخرة عنقها كالسارق وهو يعيدها بجانبه
"ماسمعش حسك ولا تعتبي المطبخ تاني..."
نظرت له بغضب بعدما افلتها وهي تعدل من ملابسها و تمشي بحذر نحو الدرج حتى لا تتعرقل

غابت بالأعلى ربع ساعة تقريباً وعادت اليه لتجده يستلم العجين الجاهز و مكونات البيتزا الأخرى
ليضيق نظره وهو ينظر نحوها ويشير لها بأن تتبعه

ووصلوا الى المطبخ وبدأوا بأعدادها ولكن ما اثار ريبتها انه كان صامت يعد الأشياء بصمت تام.. لتقطعه هي وهي تتحدث معه
"انا بحبها بيبروني على فكرة"

"عارف"

"لا مهتم"
كانت تقولها بضحك لتجده ينظر لها بنظرة غريبة لا تعلم اهي حزن ام غضب لا تستطيع توضحيها لتجده يجيبها بنبرة بها عتاب
"انا مهتم فعلاً بس انتِ لا... انا اعرف كل حاجة عنك وانتِ لا... ليه انتِ بتاخدي ومتديش يا ليلى انا مهتم بكل تفصيلة فيكِ وبعمل اي حاجة عشان ابقى مستحقاك وانتِ ولا كأنك شايفاني"
لا تصدق انه اعطى الأمر اكبر من حجمه لهذه الدرجة فهو منذ قليل كان يغرقها بكلام الحب ويوصف لها كم هو يحبها ولكن الآن، الآن يتهمها بالتقصير بعلاقتهم و اهماله
مهلاً هم متزوجان منذ ثلاثة ايام فقط ما هذا الهراء
"كريم انت سامع انت بتقول ايه طب عارف احنا متجوزين بقالنا قد ايه، تلت ايام.... دا انا لو جزمة هاخد وقت اكتر عشان اريح معاك"
تخلى عن نظراته الغريبة لتحل مكانها ضحكات عالية
لتدرك مسرعة ما تفوهت به وتشبيه نفسها بالحذاء لتحاول تصليح ما فعلته
"مقصدش... يعني لو كلبة"
ضحكاته تعالت اكثر فهي شبهت نفسها بالحذاء اولاً والآن بالكلبة
كانت تنظر نحوه بغيظ شديد وما قاطع ضحكاته صوت الباب ذهبوا ليروا من قد يأتي لهم
وكما توقعوا انهم "نور" و "آدم" ولكن "آدم" كان ممسك ب "نور" مثلما كان "كريم" ممسك ب "ليلى" منذ قليل، وهو مازال ممسك بها اخذها و ولجوا لهم ليردف بحنق
"اشهدكم يا خلق... روح الشيف ظهرت جواها وقررت تعمل مكرونة لا ومش اي مكرونة مكرونة ب الوايت صوص و اذكى اخواتها ربنا يحميها وهي بتعمل المكرونة لقيتها صايصة ف استذكت وحطتها ف الفرن تنشف شوية... لحد ما بقت شيبسي"
كانت "ليلى" لا تتوقف عن الضحك وايضاً "كريم" الذي حرك رأسه بعلامة لا فائدة
"خشوا خشوا كلوا معانا"
تركها "آدم" واخيراً وهو ينظر نحوها بغيظ

____________________

وما ان انتهوا وقد بدأوا برص الأطباق كانت "ليلى" تتحدث بفخر
"صنع ايديا"
كانوا يضحكان فهم يعلمان انها تكذب ولكن جاءتها نبرته الهجومية
"ما تتهدي بقى و اسكتي شوية، دا على اساس انك فالحة ف حاجة اصلاً؛ انتِ ملكيش لازمة"

____________________

بعد النهاية (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن