وَ عَذَّبَها حَتَّى أَذَابَ فُؤَادَهَا
وَذَوَّقَها طَعْمَ الهَوَى والتَّذَلُّلِ_علي بن عبد الله الجعفري
_______________
قبل ساعتين
كانت "انچي" تجلس امام "ليلى" بمكتبها لتقرر مصارحتها
"ليلى انا عايزة اقولك حاجة مهمة من ملاحظتي انك و كريم في بينكوا حاجة ف لازم تعرفي كل الحقيقة"
كانت تبتسم ولكنها توقفت عن الأبتسام عندما استمعت لكلمات "انچي" فجعلتها تشعر وكأن ما ستسمعه سيجعلها تعيد حسبانها في اشياء كثيرة
"هو في حاجة"
ابتسمت "انچي" بهدوء وهي تقص لها كل شيئ دفعة واحدة
"انا كنت صاحبة هدى مامت كريم ونور عشان كنا جيران وهي صغيرة بس هي اتجوزت وعاشت ف اسكندرية ف كنا بنتقابل قليل بس من اول جوازها وانا بحس بحاجة غريبة فيها كانت كل ما تشتغل شغلانة متكملش فيها سنة و تستقيل او تعمل حاجات تخليها تترفد كانت شايفة دايماً انها ملهاش لازمة وكانت دايماً بحالات مرة هادية ومسالمة ومرة انفعالية وبتتعصب على اقل حاجة، شوية تلاقيها فرحانة وشوية بتعيط منغير سبب دا غير ان علاقتها ب احمد جوزها كانت دايماً ف اضطراب و دايماً حتى من قبل الجواز كانت بتبعده عنها بأنها تقوله انها مش عايزة تكمل او مش بتحبه بس اللي كنت بستغربة انه كان بيكمل و مستحملها، هما كانو بيحبوا بعض اوي و النتيحة انهم جابو كريم ونور بس هدى مكانتش بتهتم بيهم ابداً كان كل همها انها متبعدش احمد عنها و كانت بتخاف لما يسافر لشغل ولا يغيب كتير كانت بتفتكر انه هيسيبها لوحدها و مش هيرجع ودا اللي خلا نور ام ل كريم قبل ما تكون اخته مع ان الفرق بينهم اربع سنين بس؛ بس اللي محدش. كان متوقعه ان هدى يوصل بيها الحال انها تأذي نفسها "
كانت تذرف القليل من دموعها وهي تقص ما حدث لصديقة عمرها و صمتت ترى ملامح "ليلى" فوجدتها متأثرة وهي تسألها
"طب دا ايه علاقتوا ب كريم... و هي اذت نفسها ازاي و كانت بتعمل كل دا ليه"
تنهدت "انچي" ف ما قالته كان مجرد مقدمة بسيطة لما تريد قوله، لتتابع بنبرة هادئة
"كريم كان عنده عشر سنين ساعتها ونور 14 وكنت انا عندهم و كريم دخل ينده هدى بس شافها سايحة ف دمها ف الأرض.... انتحرت كريم ساعتها اتدمر مكانش بيخرج من اوضته و حتى احمد بعد ما عرف مات بعدها ب تلت شهور ف مكانش ليهم حد غيري و انا كنت عايشة معاهم هنا بعد ما اتخرجت و كان كل همي اعرف ايه اللي يوصل هدى لكده اكيد مش احمد بدليل انه من زعله عليها مات و ايه اللي يوصلها تسيب ولادها كدا "
لاحظت بكاء "ليلى" فهي كانت تشفق عليهم كثيراً ولكن تابعت "انچي"
"عدت سنين وكريم و نور اتخطوا كتير من اللي حصلهم عشان زي ما قلت هدى اصلاً مكانتش بتهتم بيهم اوي بس انا اخويا مات و هو عنده بنت و انا اللي كان لازم ابقى معاها و مقدرش اجيبها هي هنا واقطع دراستها و لا اقدر اخدهم معايا لأن كان كريم ساعتها 19 سنة ولسه اول سنة جامعة و نور 23 مكنتش اقدر اسيبهم اسكندرية واخدهم ف سيبتهم بعد الحاح منهم... بس اللي عرفتوا من نور ان مريم كان بيتصرف بشكل مش طبيعي بيتعصب بسرعة اوي ف حاجة كأنها نوبة بتقعد يا دقايق يا ساعات و دايماً عنده تقلبات مزاجية غريبة و دايماً انفعالي بشكل كبير ودا خوفها و أكدلي كل حاجة كنت شاكة فيها "
توقفت "ليلى" عن البكاء تسمع بأنتباه فهذا حقاً ما تراه ب "كريم" انه متقلب المزاج دائماً تارة يحبها ويكون لطيف معها وتارة يتواقح بالحديث معها، عصبيته وانفعاله الزائد و ما فعله ب الملاكم الذي هزمه ف "آدم" قد قص لها كل ما حدث ولكنها لم تخبره انها تعلم لترى "انچي" تتابع و هذا ما صدم "ليلى"
"كريم عنده borderline personality disorder او اضطراب الشخصية الحدية ال Bdp"
لتصدم من حديثها ولكنها تابعت بشرح اكثر
"الأضطراب دا اضطراب في الصحة العقلية بيأثر على طريقة تفكير الشخص بنفسه و انه يحس بيها بيبقى عنده مشكلة ف التحكم في الأنفعالات والسلوك والمشاعر و دا بيخلي علاقات الشخص دا فيها لغبطة متكررة، وبيبقى دايماً خايف او مرعوب من فكرة الرفض او الهجر وانه مبيستحملش يبقى لوحده، وبسبب عصبيته الزايدة و انفعالاته المتكررة بيخلي الناس بتبعد عنه مع انه بيبقى اكتر حد محتاج انه يبقى ف علاقة حب او انه يحس ان في ناس حواليه واعراضه بتبقى كتيرة اوي"
صمتت لتستجمع ما سمعته كله ليترجمه عقلها لما رأته من "كريم" ف حقاً هو دائماً غاضب.. منفعل ولكنها كانت تشعر انه ورائه سر كبير يخبئه وها هي تعرف السر وعلى عكس ما اعتقدته "انچي" انها ستبتعد عنه الا ان "ليلى" انتبهت لها اكثر وهي تحثها ان تكمل
"ايه الأعراض"
لتكمل "انچي" بسعادة بأنها حتى الآن تتقبل فكرة مرضه
"اعراضه كتير زي انه بيخاف من فكرة الرفض زي ما قلتلك و ممكن يوصله انه يأذي نفسه، لما نور كانت بتبعد عنه فترة او تغيب ف كليتها كان بيبقى مرعوب مع اني معاه بس كنت بحس انه مهزوز وخايف مترجعش زي ما... ما هدى ما سابته، و برضو بيبقى مش مستقر ف العلاقات لأنه زي ما بيخاف من فكرة الهجر ف بيبادر هو بأنه يخلي اللي بيحبه يبعد عنه عشان ميتوجعش لما يمشي وغير كدا ممكن يحسس الشخص اللي بيحبه دا انه اعظم انسان ف الدنيا و تاني يوم يتهمه بأنه مبيحبوش وانه مهمل ف علاقتهم "
مع كل عرض من الأعراض كانت تسترجع "ليلى" مواقفها معه فهو كان يكون لطيف معها و بعدها يوبخها ويجرحها بكلماته، لتكمل "انچي"
"صورته عن نفسه بتتغير وبيبقى حاسس فجأة انه ملوش لازمة، وبيجيله نوبات رهاب بتخليه يتفصل عن الواقع يا ل دقايق او ساعات كمان، دا غير الأنفعال والطيش زي ان كريم بيسوق بسرعة جداً و كان بيسهر كتير اوي و بيصرف فلوسه بطريقة غريبة و قبل ما يفتح الكافيه دا كان بيشتغل ف احسن شركات وكان فجأة يسيب منصبه "
ايضاً تذكرت انه غامر بحياته وهو يلاكم بعنف وهو مصاب و بمكان غير قانوني
"ممكن يفقد اعصابه بشكل مفاجئ و يتكلم بطريقة تجرح اللي قدامه"
كانت تضحك بسخرية في نفسها فهذا اكثر شيي قابلته معه
"وتقلبات مزاجية ممكن توصل انها تستمر يا ساعات يا ايام ممكن يحس بالسعادة وبعدها يتضايق و ممكن يحس بأنه محقق حاجات كتير و شوية لا انه معملش حاجة مفيدة... دا غير بقى اخطر حاجة وهي الأفكار الأنتحارية و انه يأذي نفسه "
صدمت من كلامها ايمكن ان يأذي نفسه، لتسألها مسرعة
"طب وكل دا من ايه"
لتتنهد "انچي" وهي تجاوبها
"اسباب الأضطرابات العقلية مبتبقاش مفهومة اوي ممكن تبقى عشان العوامل البيئية يعني انه كان مُهمَل وهو صغير، و ممكن تبقى جينات وراثية
او بسبب الطفولة الضاغطة يعني انه كان بيتعامل وحش او محدش بيهتم بيه
لتتوصل "ليلى" لما جعل "كريم" هكذا
"يعني كريم كدا بسبب والدته هي كمان كان عندها dpt وهو ورثه وبرضو لأنها كانت مهملاه و انعا سابته و هو صغير وانتحرت"
أنت تقرأ
بعد النهاية (مكتملة)
Roman d'amour«ماذا يأتي في مخيلتك عندما اقول "نهاية" بالطبع ينقسم فكرك الى شقين اما نهاية سعيدة وردية ستجعلك تشعر بفرحة غامرة اما نهاية حزينة سوداوية ستجعلك تزرف دموعك الغالية، ولكن ماذا ان قلت لك ان هنا لا يوجد نهاية ل سمعتك تقول "نعم نعم انها رواية ذات نهاية...