الفصل الحادى والعشرون والاخير

274 13 1
                                    

الفصل الحادى والعشرون

رفض الظلم ومقاومة الظالمين يحتاج الكثير من العزيمة والصبر بالاضافة للشجاعة والصلابه وهذا ما تحلى به محمد ... جميع السجناء كانو ينظرون له على انه بطل يستحق وساما للشجاعه والتضحيه ومن مثله يجب ان يكرم لا ان يدخل للسجن ويحاسب!
لقد اخذ ثأر الاف المظلومين والمعذبين قد تكون طريقته خطأ لكنه بالنهاية شعر ببعض السكينه والارتياح شعر بأنه استرد ولوالقليل من كرامته المهدورة التي اهدروها اولئك المدعين ....نفذ العدالة في بلدة تفتقر للعدالة !!
في الايام التي قضاها في السجن فكر بكل ما مر به !!! اهو نادم ؟!! كلا لم يندم على ما فعله برشدان ... لكنه ندم على ما فعله بفارس !!! للان يتذكر كيف اتصل به قبل عدة ايام ..حين اتاه الشرطي قائلا له
- انهض مكالمة هاتفيه لك
وقتها اعتقد ان خاله من تصل به لكنه تفاجأ عندما سمع صوته وهويقول
- السلام عليكم ... كيف حالك محمد
شعر محمد بالغضب يتصاعد داخله وهو يجيبه بوقاحة
- انت ثانية ؟!! الازلت على قيد الحياة ؟!! وتملك الشجاعة لتكلمني مرة اخرى !!!
توقع محمد في حينها ان ينهال عليه فارس بالسباب الا انه اجابه بهدء
- انا اتصلت بك فقط لاقول لك للمرة الاخيرة اني احب افياء بصدق واني على استعداد لاقدم حياتي فداء لاجلها .. واني اسف لاني تزوجتها عرفيا لكني لست اسف لاني احببتها...
سحب نفسا عميقا ليكمل بأصرار
- ارجو ان توافق على زواجنا لاني لن استسلم او اييئس سأعاود خطبتها مرة اخرى اخرى واخرى الى ان احضى بها .
كان محمد يستمع له وغضبه بدأ بالتلاشي شيئا فشيئا ليختم فارس قوله بهدوء و رزانه
- اشكرك لانك طعنتني تلك الطعنه التي بسببها افقت من غيبوبتي التي اخترتها بنفسي ... الى اللقاء محمد اراك بخير دائما !!
اجل فارس اثبت انه رجل فعلا ويستحق شقيقته ... كما انه لم يبلغ احد بما فعله معه بدليل عدم تطرق اي شخص لتلك الحادثة !!
سيصلح كل شيء ويريح ضميره المتعب ! عل تلك الاصوات التي ترن برأسه تهدء وتختفي الى الابد !!!!!!
......................
تمضي الايام بوتيرة واحده افياء تلازم والدتها وابتهال تزورهم بأستمرار ... لا يطرء اي تحسن على صحة والدتهم ..
كان خالهم حامد يزور محمد بين فترة واخرى ولعدة دقائق فقط ... وكلما يسأله محمد عن والدته وشقيقتيه يخبره انهم بخير .. في اخر زيارة له سلمه محمد رسالة قائلا بهدوء وسكينة وعيناه السوداء تعكس صفاءا عجيبا !
- خذه هذه الرسالة يا خالي وسلمها لافياء ... ارجوك خالي لا تحاول قراءة ما بداخلها انها امانه تذكر ذلك !
اومأ حامد بتعجب وهو يلتقط الرسالة ويدسها بجيب سترته قائلا بعتب
- ومنذ متى وانا اتدخل بشيء لا يعنيني محمد !!!
همس محمد بخجل وابتسامة بشوشة تزين وجهه الصبوح
- معذره خالي فقط ارد..... ان ... ان .... أأكد .... عليك اهمية تسليمها لاختي !!
ليكمل برجاء جعل قلب خاله ينبض بالالم لاجله
- بالله عليك يا خالي كيف هي امي ؟!! هل ...هل ... هي بخير ام ...
اجابه خاله بموده وهويجاهد ليجعل نبرت صوته طبيعية
- انها بخير يا ولدي لا تقلق اهتم انت بنفسك الان واترك كل شيء لي ولسعد
قال محمد وهو يخفض عينيه
- افياء وابتهال ...
قاطعه خاله بحزم
- قلت لك كلهم بخير يا محمد فقط لا تفكر ولا تحمل هماً
اومأ محمد وهو يقول بامتنان
- اشكرك خالي واعدك ما ان اخرج سارد لك كل قرش انفقته علينا
اجابه خاله بصدق
- انا لم ادفع شيئا سعد تكفل بكل المصاريف سعد رجل شهم وخلوق لم يترك والدتك ابدا
غمغم محمد
- فليجازيه الله كل خير
.......................
كل يوم يتجول بسيارته المضلله في الشارع الذي يقع به منزلهم ... منذ ان عرف بقضية محمد وهو يسيطرعلى اعصابه لكي لا يتهور ويذهب الى منزلهم ليقف جانبها ويكون السند لها ... يتمنى فقط لو يراها لعدة ثوان لكن لا فائدة حتى هاتفها مغلق ... ولولا زيارة وسناء وريم لها لما عرف بقضية شقيقها ابداً ...
تنهد بعمق وهو ينظر لباب منزلهم المغلق وكأنه مهجور لا احد يدخل او يخرج منه ... تبا الى متى سيحتمل هذا العذب
............................
دلفت الى غرفتها وهي تحمل خطاب اخيها الذي يحمل رائحته الحنونه .. فتحتها بيدين مرتجفين وعينان تملائها الدموع
" شقيقتي وابنتي افياء المدللة ... اعلم اني قسوت عليك في الفترة الاخير لكن فلتعلمي اني فعلت ذلك لاجلك يا ابنتي انا ليس لي في هذه الدنيا الا انتم وعندما علمت بخبر زواجك جن جنوني ... لم اكن اعرف كيف اتصرف وانا اتخيل وافكر بالاف الخيالات البشعة التي مرت امام عيني ...
لكن الان وانا في السجن فكرت وشعرت بخطئي خاصة بعد موقف فارس الاخير ... ان عاد لخطبتك وافقي على الزواج منه فانا اثق بانه سيحافظ عليك ويصونك .. اعتني بنفسك يا ابنتي واعتني بوالدتنا وابتهال ... واغفري لي وسامحيني اختي
في حفظ الله ورعايته
والدك واخيك محمد "
انهت القراء وهي تسحب شهيقا مرتجفا بينما دموعها تجري على وجنتيها وهي تقبل الخطاب ثم همست بخفوت
اخي الحبيب لماذا تفرقنا مالذي حدث لنا ...
نظرت للخطاب مرة اخرى ثم قطبت بتسائل عن اي موقف يتكلم ؟! مالذي فعله فارس ليجعل اخيها يغير رائيه هكذا !!!
اغمضت عيناها بقوة وهي تهمس فلتعد الينا سالما اخي
........
.........................
كان يقف امام الألة الخاصة بقطع الاخشاب ففي السجن كان كل السجناء يعملون بشيء مختلف وهو وقع عليه الاختيار لقطع الاخشاب ... همس زميله قرب اذنه
- زيارة لك في غرفة المأمور اذهب بسرعة !
قطب محمد بتوجس فزيارة خاله لم تحن موعدها بعد لكنه رغم لك شكره وهو ينفض يده من نشارة الخشب قائلا
- شكرا لك اخي !
خرج من الورشة غير ان ثلاث رجال اعترضو طريقة لقول احدهم وهويدفعه لمكان منعزل
- تعال نريدك بموضوع مهم جدا لا يحتمل التأجيل
دفعه محمد برفق ثم ابتلع ريقه قائلا
- انا مشغول الان ربما بوقت اخر !!
استدار ليعود غير انه وجد رجلين يحاوطانه من الجانبين نقل بصره بينهما قائلا بحده بينما قلبه انقبض بسرعه
- ارجو المعذره اريد المرور
ابتسم احدهم ببرود كان ينظر له بغرابه احس محمد بوجود حركات غير طبيعيه وعيون تترصده منذ عدة ايام لكنه لم يعر الامر انتباها .... قامو بدفعه ليحثوه على السير قال محمد بحده
- لا داعي لذلك استطيع السير بمفردي
وصلا لمكان بعيد عن الاعين .. قال محمد وهو ينقل بصره بينهم باضطراب
- والان ماذا هناك ؟!!!
اخرج احد ارجلين سيخا حديديا من خلف ظهره ليفاجأة بطعنه في خاصرته لم يستطع محمد تجنبها .. فيما باغته الاخر بضربه اخرى على جهته اليسرى قائلا بفحيح
- هذا جزاء من يتجرء على اسياده يا حثالة
حاول الدفاع عن نفسه لكن كيف والطعنات تنهال عليه دون رحمة .. ليهبط ببطئ الى الارض الصلبه فيما انتشر دمه كانها بركة حمراء اغرقت الارض الترابية .. شريط حياته مر ببطئ شديد امام عينيه التي ملئت بالدموع ... فرحته عندما ذهب لاول مره الى الجامع مع والده ...زغاريد والدته عند نجاحة في الثانوية العامة ضحكات شقيقتة افياء تفهم ابتهال تجمعهم في ليال الشتاء امام الموقد وسط مشاكساته وشقاوته مع والدته وشقيقاته .. رنا ونظراتها الخجولة ... حلمه في بناء اسرة صغيرة معها ... الليلة المشؤومة التي غيرت مجرى حياته ..ضربات التعذيب دموعة الصامته ... نظرات والدته وهي تشيعه صباحا بالدعوات وتستقبله مساءا بابتسامة حنونه ... مات الاحساس داخله لم يعد يشعر بالالم ... ظهرت ابتسامة غريبه على شفتيه بينما دمعة واحدة فقط سقطت على جانب وجهه الايمن .. اخيرا الراحة ...الراحة الابدية اجل اخيرا وجدا روحه السكينه اخيرا اختفت تلك الهمهمات المورقة اختفت الوساوس اختفت تلك الاصوات البشعة ... حل الصمت ... نظره اخيره وجهها الى جانبه قبل ان يغمض عينيه الى الابد ليشاهده يقف قائلا بتشفي
- ارجو ان تعجبك هديتي ايها البطل
........................
انتشر خبر استشهاد محمد ابن الحاج جلال ذلك الرجل التقي الذي عاش ومات شريفا ابيا وكما مات جلال بشرف مات ولده بشرف ايضا ... خاصة بعد افتضاح امر رشدان حيث احس احد السجناء بحركة غير طبيعية ليتجه بسرعه صوب المكان الذي اقتادوه وكان القدر ارسله في الوقت المناسب ليشاهد محمد غارقا بدمائه ..بل شاهد كل احداث الجريمة ليتم اعتقال رشدان ... وكما وجد محمد مقتولا وجد رشدان مقتولا وبنفس المكان لتتم العدالة الالهيه ويطبق القول وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين !!!!!
..............
كانت تجلس بغرفتها تبكي بصمت لا تصدق ان محمد مات !! ذلك الشاب البشوش التقي ذو الوجه النورني يموت !! لن تراه مجددا لن تسمع صوته ابدا ... احلامها تلاشت ووئد حبها وهو لايزال في مهده !! كان لديها امل حتى بعد خطبتها بانه سيكون ربما من نصيبها !!! تعلم انه حلم مستحيل لكنه يبقى حلما واملا يراودها باستمرار
دلفت والدتها الى الغرفه وهي حزينه على حالها كانت تشعر منذ البدايه ان ابنتها تكن لمحمد مشاعر الحب فقد كان واضحا جدا والا فقد تاكدت ... جلست قربها تحتضن كتفها قائله بحنان
- كفى بنيتي البكاء لا يجدي نفعا ترحمي عليه واقري بعض الايات القرائنية
همست ببكاء
- انا لا اصدق انه مات يا امي
اجابتها بحزن
- محمد شهيد ... والشهداء سعداء لانهم في الجنه يا ابنتي
تمتمت قائله
- رحمه الله .. رحمه لله
مسحت دموعها ثم نظرت لوالدتها قائله
- اين ابي
تنهدت بمرار
- خرجت من المنزل قال انه يشعر بالاختناق وسيذهب الى القهوة المجاورة .. فمنذ وفاة محمد وهو حزين ومتجهم لكن ماذا سنفعل انه امر الله يا ابنتي
همست توافقها
- انا لله وانا اليه راجعون
تركتها والدتها وغادرت الغرفه .. همست رنا بحشرجه
- لن انساك ابدا يا محمد .
.........................
..................................
كانت تجلي الصحون وهي تفكر في التسعه اشهر المنصرمة ...
والدتها الحبيبه توفيت مباشرة فور سماعها لخبر موت شقيقها ... خالها لم يسمح لها بالعيش مع ابتهال على الرغم من اصرارها وزوجها على الاعتناء بها الا ان خالها قال بغضب
- مهما يكن سعد يعتبر غريبا ثم خالك على قيد الحياة عندما اموت افعلو ما تشائون
وهكذا انتقلت للعيش هنا اجلت السنه الدراسيه فقد فاتها الكثير من المحاضرات كما ان الاختبارات كانت على الابواب ولا تملك الوقت ولا النفسيه الكافيه لمتابعه مافاتها ... اما في بيت خالها فقد كانت كل الاعمال المنزلية على عاتقها تمسح الارض وتجلي الصحون وتغسل الملابس وتنشرها بالاضافه لاوامر زوجة خالها التي لا تنتهي ...
تنهدت بتعب وهي تتذكره ترى كيف هو ... اتراه نسيها ام لازال يذكرها ..هي لم تعد تتصل بصديقاتها لتسألهم حتى ريم ووسناء لا تعرف عنهما شيئا اغلقت هاتفها وغلفت نفسها بقوقعه وهميه .. لقد ماتت روحها مع اخيها وامها حتى باتت تشبه الدميه التي لاروح فيها .. تأكل ما يبقيها حيه فقط ... انتفضت على صوت زوجة خالها تامرها بحده
- افياء الممر الخارجي للمنزل متسخ اذهبي لغسله ما ان تنتهي من جلي الصحون
اجابتها بخفوت
- حاضر خالتي
زفرت زوجه خالها بضيق ورمتها بنظره حادة قبل ان تغادر المطبخ ....
................
............................
وقفت في الممر الخارجي تمسك بيدها خرطوم المياه وبيدها الاخرى المكنسه لتبدا بغسل الممر ..رائحة الشتاء كانت تهب مع نسمات الهواء لشهر ديسمبر .. سمعت طرقات على الباب تركت ما بيدها وعدلت حجابها ثم اتجهت لتفتح الباب
تجمد وجهها وهي تنظر اليه لازال وسيما وانيقا كالسابق وربما اكثر
بادلها النظرات المتشوقه بصمت كانت شاحبه اين تلك الوجنتان الحمراويتان اللتان كانتا تأسران عينه كلما نظر لهما !! اين بريق الطفولة في عينيها !! جسدها الصغير فقد القليل من وزنه ! لا ليس القليل بل الكثير !!!
بقيا يتطلعان الى بعضهم البعض وقد تلاشى كل ما حولهما حتى انها نسيت خرطوم الماء ارضا حتى اغرق الممر والحديقة الصغيرة .. تسالت بسرها .. ماذا يفعل هنا وكيف عرف عنوان منزل خالها ؟!! انتفضت على صرخات زوجة خالها تناديها بحده
- افياء ايتها الغبيه البليد.......
لكنها قطعت كلامها عندما نظرت له بتعجب ... تقدمت لتقول بدهشة
- تفضل ايها السيد هل من خدمة ؟!
وقبل ان يجيبها هتفت بحده
- اذهبي واكملي عملك هيا
تمتمت افياء بكلمات مقتضبه ودلفت الى الداخل .. شعر بالغضب من اجلها اهكذا تعاملها هذه السيدة المتحجرة !! تبا يبدو انه تاخر كثيرا لياتي اجلى حنجرته وهو يجاهد ليخرج صوته اعتياديا وهادئا
- لقد جئت لرؤيه السيد حامد
اجابته بهدوء
- هو ليس موجودا الان... خيرا هل هناك مشكله
قال وهو يتصنع الاسف
-لقد جأته بأمر مهم جدا لايحتمل التأجيل ... حسنا ساغادر الان واتي في وقت لاحق ؟!
تنحت جانبا وهي تقول بسعادة فقد ظنت انه قد جاء بعمل ما لزوجها المسكين الذي انهكه الفقر فمما يبدو من ملابسه الباهضة ان هذا الشاب غني جدا !!
- تستطيع انتظاره في الداخل .. حالا سابعث ولدي الصغير ليناديه هو يجلس في القهوة القريبه من المنزل
قال بانتصار
- اذا لم يزعجكم انتظاري
هتفت بحماس
- ابدا ابدا تفضل
دلف الى داخل منزلهم المتواضع ليجلس في غرفه الضيوف ينتظر خالها فعليه انهاء ما جاء لاجله وفي الحال ....تذكر تلك الشهور التي افترقا بها كان يراقبها من بعيد حاول ان يواسيها عند وفاة شقيقها ووالدتها لكن كيف وبأيه صفه ... لذلك قرر ان ينتظر ريثما تهدا الامور ثم يطلبها خاصة بعد ان اقتنعا والداه بامر زواجه منها عندما لاحظا اصراره وتشبثه بها .. كما ان فاجعه موت شقيقها جعلتهما يشعران بالذنب خاصة بعد ان تم كشف الضابط الذي امر بقتله ...عاد من شروده على صوت خالها يدلف الى الداخل ليرحب به
- اهلا وسهلا اسف لتاخري
وقف فارس احتراما له ثم صافحة قائلا بلطف
- اهلا بك بل انا الذي يجب ان يتاسف فقد جئت بوقت غير مناسب
جلس حامد في الاريكة المقابله له قائلا
- اهلا بك بني لكني لا اعرفك لم يحصل لي الشرف
اجلى حنجرته
- الحقيقة سيدي انا زميل للانسه افياء في الجامعه وقد جئتك بامر غايه في الاهميه
اجابه حامد بحيرة
- اذا كان بشان دراستها فقد ...
قاطعه بسرعه
- كلا كلا عمي ليس للموضوع علاقه بالدراسه
اجابه مقطبا
- ماذا اذن ؟!!
ابتسم قائلا
- جئت اطلب يدها
تهللت اسارير حامد وهو يقول ببشاشه
- اهلا وسهلا بني لكن اعذرني اليس من المفترض ان تاتي عائلتك معك !!
اوما موافقا
- اجل عمي معك حق لكنني فضلت ان اتاكد من موافقتك ثم ناتي لزيارتك مرة اخرى وبشكل رسمي
هتفت حامد بسرعه وكانه لم يصدق اذنيه
- تستطيعون الحضور في اي وقت يعجبكم
قال فارس بلهفه
- اذن انت موافق
اوما مؤكدا
- بالتاكيد بني لكني سأخذ رائيها على اية حال
...................
- اذن ما قولك افياء ؟! هل انت موافقة ؟!
موافقة ؟!!! خالها يسألها الموافقة على من !! على فارس!!!
فارس جاء ليخطبها ؟! اذن هو لم ينسها !! لايزال يريدها ويحبها ومتمسك بها ... غمضت عيناها بألم ثم قالت بهمس
- ماذا قلت خالي
وقبل ان يجيب هتفت زوجة خالها الحقود
- انا من رائي ان ننتظر قليلا هي لاتزال صغيرة و....
قاطعها حامد بصرامة
- اسكت انت لم يطلب احد رائيك
التفت لافياء التي كانت ترتجف من شدة تاثرها وسعادتها
- والان بنيتي تكلمي هل انت موافقة !!!
هزت راسها بالموافقة ثم انطلقت لغرفتها التي تتشاركها مع ابناء خالها تبكي حزناً وسعادةً
حزنا لاجل والدتها واخيها فقد ارادت ان يخطبها من محمد وامها لكن قدر الله وما شاء فعل وسعادة لان ما حلمت به منذ شهور طويلة قد اوشك على التحقيق لا بل هوتحقق بالفعل !!!
...............
تم عقد القران بعد مرور اسبوع واحد وفارس لا يصدق انها اخيرا اصبحت له .. اسمها اصبح ملاصقا لاسمه بهويته الشخصية .. افياء زوجته حلاله امام والديه وعائلتها والناس اجمع ... طلب من خالها ان يخرجا سويا للعشاء فوافق على ان لا يتأخرا ... وصل لمنزلهم وقلبه يخفق بشدة هذه هي المرة الاولى التي سيخرج بها على انفراد معها وبالحلال دون خوف او شعور بالذنب .. خرجت تستقبله بابتسامة ناعمة ووجهها الطفولي عاد له اشراقه واحمراره من جديد ... كانت تلف حول رأسها حجاب ازرق باهت مع فستان يماثله باللون لكن اكثر دكنه مظهر جسدها الذي عاد لاكتنازه من جديد ذلك الاكتناز المثير الذي يجعل امعائه تتقلص بأثارة وترقب لمعرفة ما تخبئه داخله من انوثة متفجرة .. همست برقة
- مساء الخير فارس
اجابها بلهفة وهو يتقدم ليمسك بمرفقها ويحثها على الركوب في السيارة
- مساء الحب والسعادة والامل يا حياة فارس
جلست صامته وقلبها ينتفض بشدة بينما وجهها يتوهج بأحمرار فوق احمراره الطبيعي
قاد السيارة بتمهل وهوينظر لها بين الحين والاخر ويده ممتده لتمسك يدها بقوة وكانه يتأكد من انها حقيقة وليست خيالا
وصلا الى احدى المطاعم الراقية حيث ساعدها فارس على الترجل واحتضن كفها يحثها على السير
كان الطعام لذيذا جدا لكن افياء لم تكن لها القابلية على الاكل من شدة سعادتها قال لها فارس برفق
- كلي افيائي فلدينا كلام كثير لنقوله
اجبته بخجل شديد
- لقد شبعت الحمدلله
تنهد ثم اتكا على المنضده وقبل ان يتكلم وصل النادل ليحمل الاطباق وما ان غادر حتى قال بتمهل وهدوء
- ريد ان اعتذرمنك فياء
نظرت له بتسائل ليكمل بألم وملامحه متشنجة
- لقد كنت وغدا صحيح كنت احبك بصدق لكني ....
قاطعته برقتها المعتادة فهي حقا نسيت كل ما فعله معها ... كم حاولت ان تكرهه او تتناساه الا انها لم تستطع ... حبه كان متسلل ومتشبث داخلها بقوة ... كأنها شجرة امتدت جذورها في الارض عميقا يصعب جدا لا بل من المستحيل اقتلاعها بسهولة
- لا داعي لذكر الماضي فارس كل ما جرى كان مقدرا لنا ... وانا سامحتك منذ وقت طويل !!
ابتسم بعشق وسحب نفسا عميقا ثم اقترب مد جذعه الى الامام واحتضن اناملها وهو يقول بهمس خافت
- هل اخبرتك كم احبك افياء
اطرقت رأسها بخجل ... يا الهي ما يفعله كثير جدا ... لما لا يشعر بخجلها وارتباكها ... خاصة وهم هنا في مكان عام ... الهي كم تحبه ... تحبه كثيرا جدا ... لقد امتلئ واثمل قلبها عشقا وحبا له وحده ... صمتت لعدة ثوان ثم اجابت وهي ترفع راسها قائلة ببراءة تامة
- لقد بعث لي اخي رحمة الله رسالة وقال لي انه موافق على زواجنا وانه كان مخطأ بحقك بعد ما فعلته من اجله !!! مالذي فعلته يا فارس وجعل محمد يغير رايه ؟!!!
تنهد بحرارة ثم اجابها بغموض ... فهو لايريد لاحد ان يعرف ما جرى بينهما ... حفاضا على ذكرى محمد ... كما ان النبش والبحث في الماضي لن يجدي نفعا ... ولن يثير الا غبار الذكريات المؤلمة ...
- لا تقلقي افياء وانسي كل ما مررنا به ولا تشغلي نفسك بامر غير زفافنا المقبل
احتقن وجهها وهي تنظر لساعة يدها
- هيا فارس لقد تاخرت
ابتسم بحب عاذرا خجلها
- امرك سيدتي
طريق العودة كان فارس اكثر جرائة فقد كان يرفع يدها بين حين واخر ليقبلها بعمق .. وعند وصولها للمنزل وقبل ان تترجل سحبها فارس ناحيته ليقبلها بعمق وشغف ولهفة وهي مستسلمة له متلحفة بدفئ صدره وراعيه الى ان اصدرت انينا معترضا .. ليتركها قائلا بلهاث
-الان تستطيعين المغادره زوجتي
ترجلت من السيارة وقلبها يخفق بشدة حمدت ربها ان الشارع مظلم ولن يتمكن احد من رؤية اضطرابها وارتجاف جسدها ... بينما فارس يتابعها وهو يهمس بعشق قريبا جدا ستكونين لي حبيبتي!

انتهى الفصل

احلام موؤدة لكاتبة رقية سعيد القيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن