الفصل الثاني
- حسناً فارس أين سنسهر الليلة
كان هذا صوت هاني يسأله بمرح ليجيبه الأخير بضجر
- لا رغبه لي بالسهر في اي مكان
أجابه هاني بأصرار
- اذن نذهب الى شقتك مارائيك
قالت ريم بهدوء تتميز به .. فهي ذات طبيعة هادئة ومرحة رغم أن والدها من اعيان البلدة إلا أنها كانت متواضعة جداً دائماً تسدي لهم النصح والمشورة ملامحها هادئه وناعمة مثلها تماما .. عينان بنيتان كلون شعرها بشرة خمرية وجسد مائل الى السمنة
- لدينا أمتحان مهم جداً في الغد لما لا تستغل وقتك في الدراسة نحن في السنة الأخيرة وانت ....
قاطعها هاني بحده
- أرجوك ريم لا تتدخلي بأمور لا تعنيكِ
نظرت له ثم قالت بهدوء
-حسنا انا اسفة لأني اتدخل بأمور فعلا لا تعنيني بشيء !
ثم وقفت بسرعة تلملم اغراضها التي وضعتها فوق الطاولة ... شعرت بالأهانه من طريقة كلامه معها لقد صرخ بوجهها وجعل كل الطلاب يلتفتون ناحيتهم ماذا يظن نفسه !! .
كانت سوسن تبتسم بشماته وهي تنظر لها بسخريه ... على الرغم من الصداقة التي تربطهم ألا أن مثاليه ريم وتواضعها وانتقادها لتصرفاتهم واسدائها النصح لهم بأستمرار لم يكن يروق لسوسن المتعجرفة التي تحاول بشتى الوسائل أن تقترب من فارس وتلفت نظره لجمالها وحبها له ففارس كان يعاملها بأخوه وهذا ما كان يثير غضبها وخيبتها ..
قال فارس مقطباً
- أين تذهبين ريم هاني سيعتذر حالا ؟ّ
اجابته ببرود
-لا داعي للأعتذار وعلى اية حال كنت سأغادر فالمحاضره ستبدأ بعد قليل عن أذنكم
اعتدل فارس بجلسته وتقدم للأمام موجهاً كلامه لهاني الذي تجهمت ملامحه برحيلها
- لما تكلمت معها بتلك الطريقة هي لا تقصد سوءاً ثم انت تعرفها جيداً !
قال بأنزعاج
- لأني اعرفها تكلمت معها بحده فأنا لا أريدها أن تتدخل بأمور لا تعنيها يكفي نصائحها التي تصدع روؤسنا بها لقد تمادت كثيراً !
قالت سوسن بنعومة
- معك حق وانا ايضاً لا يعجبني طريقة كلامها معنا كأنها تَمن علينا بصداقتها
ثم نظرت لفارس قائلة بحقد
- لا اعرف لما لا نقطع علاقتنا معها انت من تتمسك بها فارس ولا اجد سبباً مقنعا لذلك !!
اجابهم بضجر فلقد تعب من عدد المرات التي ردد بها عبارته تلك
- ريم كشقيقة صغرى لي قبل ان تكون صديقة وزميلة كما هو الحال معكِ سوسن .. لذلك لا يعجبني ان يتحدث عنها احد بسوء ... وأنتَ هاني حاول أن تعتذر لها !
غمغم هاني بتجهم فهو لا يستطيع أن يعصي له امرا ليس فقط لانهم اصدقاء بل لانه يعتبر فارس شقيقه الروحي
- حسنا سأرى
أجابه فارس بصرامة
- لا بل اذهب الأن !
وقف هاني بتململ
- حسناً فارس لك هذا ... من اجلك فقط ارجو ان تتذكر ذلك !
ما أن غادر هاني حتى هتفت سوسن بحسد وغيرة
- صدقاً لا اعلم لما تهتم بها وبمشاعرها لهذه الدرجة ؟!
اجابها بهدوء وهو يسلط عينيه السوداء على وجهها المغطى بطبقة من مستحضرات التجميل
- لن اعيد كلامي مرتين لا شأن لك بريم
لوت فمها بأمتعاض ثم قالت بضيق
- كما تشاء فارس كما تشاء
........................
....................................
كانت تسير بخطوات حانقة متجه الى قاعة المحاضرات تفكر بغضب مالذي يجبرها لتتخذ أناس مثلهم اصدقاء لها ؟! لولا صلة الصداقة التي تربط والدها مع عائلة فارس ولولا انتقالها الى الجامعة منذ بضعه اشهر لما جلست معهم ابدا .. لقد كانت تدرس في احدى الدول العربية بحكم عمل والدها وما ان عادو حتى انتقلت الى هذه الجامعة ومما خفف عليها شعورها بالغربة هو وجود فارس الذي تعتبره شقيق حقيقي لها ... سمعت صوته يناديها
- ريم ... ريم... توقفي
التفت تنظر له بحده ثم تابعت سيرها لتفاجأ به يقف امامها
- انا ... انا ... اسف صدقيني لم يكن قصدي الصراخ بذلك الشكل !
اجابت ببهوت
- حسنا هاني لم يحصل شيء
قال بنعومة
- اذن لما يبدو على وجهك الانزعاج ؟!
اجابته بتململ
- انا لست منزعجة صدقني
اجابها بسرعة وهو يبتسم ابتسامة واسعة فرغم غروره واعتداده بنفسه لكونه ابن اشهر جراح في البلدة الا إنه كان طيب القلب
- اذا كان كلامك صحيحاً لما رحلت وتركتنا
اجابت بهدوء
- كما قلت سابقا المحاضرة على وشك البدء
نظر لساعته ثم قال
- لايزال هناك بعض الوقت هيا لنعود
هزت رأسها نفياً
- كلا لا أريد ربما فيما بعد عن اذنك
رفع كتفيه بلا مبالاة وهو يراقب ابتعادها قائلا
- كما ترغبين
.............................................
في سوق شعبي يتميز بالقدم والأصالة حيث رصت المحلات الخاصة ببيع الأدوات النحاسية المنقوشة .. بينما صوت المطارق التي تنقش على الأباريق والقدور ترتفع وتنخفض بتناغم اختلط مع اصوات الباعة والمشترين والسائحين شكل عبق خاص لف به المكان ... دلف محمد وهو يلقي تحية الصباح على كل من يصادفه ... فهو معروف بدماثة الخلق والوجه البشوش الذي ما ان تراه مرة حتى يبعث للنفس الهدوء والطمئنينة عيناه كانت بنية قاتمة كأنهما قهوة سائله مع بشرة سمراء حاله كحال اغلب الرجال الشرقيين ... لحية مشذبه احاط بوجنتيه مما اعطاه هالة من النقاء والسماحة .... كانت تربطه علاقة محبه وتعاون متبادلة بين جميع من يحيطون به سواءً في حيهم الشعبي الذي يسكنون به ام في مكان عمله .... لقد ورث محمد كل خصال والده المرحوم جلال الذي كان يعد اشهر النقاشين في السوق والذي اورث مهنته التراثية لولده الوحيد ... وقف محمد امام محل صغير نسبياً اخرج المفاتيح من جيب بنطاله ثم فتح قائلا
- اصبحنا واصبح الملك لله
اتجه الى الداخل وبدا بترتيب الأواني واخراج الصواني النحاسية المزخرفة امام واجهة المحل ... ثم جلس خلف مكتبه ليراجع بعض الحسابات قبل ان يبدأ عمله في نقش الأواني ... لم يمضي دقائق حتى سمع صوت العم فرج صديق والده المقرب تاجر النحاس الذي يملك المحل الملاصق لمحله
- صباح الخير يا محمد
اجابه ببشاشة
- صباح الخير عمي تفضل اجلس
جلس بتعب وهو يسبح بمسبحته قائلا
- كيف حالك يا ولدي البارحة عصراً لم تأتي الى السوق خيراً أن شاءلله
اجابه بهدوء وهو يشبك اصابعه على سطح المكتب
- اجل كنت ادفع بعض الديون للتجار وقد داهمني الوقت فذهبت الى المنزل مباشرة
اومأ بتفهم قائلا
- فليعينك الله يا ولدي وليرحم والدك
آمن بعده قائلا
- اللهم آمين
قال الحاج فرج بطيبة
- اليوم انت مدعو للغداء في منزلي لقد اعدت الحاجة ام رنا المحشي الذي تحبه وقد اقسمت علي ان ادعوك لتتناوله معنا
فهو يعرف بعشق محمد للمحشي ... فقد كانت زوجته تبعث الغداء لزوجها بين الحين والاخر بيد الصانع الذي يعمل عنده ظناً منها ان طعام السوق غير صحي حتى لو كان يشتريه من مصدر نظيف وموثوق به ... اجابه بأعتذار
- اشكرك عمي لكنك تعرف ان والدتي تعودت على .....
قاطعه الحاج فرج بصرامة ابوية اعتاد عليها محمد وكان يستقبلها دائما بطيبة خاطر نظرا لصداقة العميقة التي ربطته بوالده
- يا بني اتصل بها وأخبرها بأني دعوتك للغداء كما ان محشي الحاجة ام رنا لا يعلا عليه خاصة عندما يكون حارا مع السلطة والمخلل !!
اومأ بأستسلام قائلا بلطف
- حسنا عمي لك ماتريد يشرفني دعوتك لي
دلف رجلان الى المتجر والقيا التحية مما بدى له ان محمد كان بأنتظارهما .وقف الحاج فرج قائلا بطيبة
- سأتركك الأن لعملك ثم نذهب عندما يؤذن لصلاة الظهر وفقك الله يا ولدي
وقف محمد يودعه قائلا
- ان شاءلله عمي
..................................................
.................................................. ...............
أرتدت اسدال الصلاة وسارعت لتفتح الباب لوالدها غير إنها أرتبكت وزحف الأحمرار لوجنتيها وهي ترى الواقف خلفه كان محمد كالعادة غاضاً بصره الى الأسفل تعالت ضربات قلبها وهي تحاول السيطرة على لهاثها المتصاعد لتجيب على سلام والدها
- وعليكم السلام أبي اعانك الله
دلف الى الداخل قائلا بلهجة مرحبه
- تفضل يا ولدي انت من أهل المنزل لست غريباً تفضل
دلف محمد وهو لايزال غاضاً بصره ... القى السلام بصوته الرجولي الأجش الذي دغدغ مشاعر تلك الصبية العشرينية ... لتجيبه بهمس خافت وعيناها تنهل من طوله الفارع
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال والدها بحماس
- اذهبي الى والدتك يا ابنتي ابلغيها بوصول ضيفنا
هتفت برقة
- حالاً ابي
جلس محمد في الصالة وهو يستمع لصوتها الرقيق ... أبتسم برجولة يفكر بسره رنا فتاة مهذبة وعلى قدر عالي من الأخلاق الحميدة قد يفكر بالزواج منها ما ان يطمئن على افياء ... هو يعجبه رقتها وخجلها ... اجل الخجل اهم ميزة لديه يريد له زوجة خجولة طيبة ليس كباقي فتيات هذه الأيام اللاتي يساوين رؤوسهن مع الرجال ويجادلن بكل صغيرة وكبيرة ولن يجد افضل من ابنه العم فرج ...
اخرجه من افكاره صوت الحاجة سعدية قائله بترحيب
- اهلا اهلا بولدي محمد ...كيف حالك وكيف حال والدتك وشقيقاتك
اجابها بهدوء ولطف
- بخير خالتي والحمدلله
جلست على الأريكة المجاورة له تبادله الحديث بينما رنا تراقبه من بعيد ... محمد ابن صديق والدها كم تحبه وتحب اخلاقة الراقية فهو يخاف الله في معاملته مع الجميع صحيح هو ليس وسيما كنجوم السينما لكنه جذاب , تتمنى ان يرفع رأسه لمرة واحده وينظر لها لكنه بكل مرة يغض بصره وهذا ما يعجبها به أدبه وتربيته .. اه يا ليتها تحضى به زوجاً ستباريه وتداريه برموش عينيها هو يستحق زوجة محبه وعطوفة ولن يجد من تحبه مثلها فقط لو يلتفت لها مرة واحده.... أبتسمت لوالدتها عندما اقبلت الى المطبخ حاولت اخفاء لهفتها وسعادتها لرؤيته قائلة بلا مبالاة
- امي هل سيتناول محمد الغداء معنا ؟!
اجابتها والدتها ببشاشة
- اجل حبيبتي فلقد طلبت من والدك ان يدعوه ... محمد شاب متدين تعجبني اخلاقة جدا
ثم رفعت يديها تدعو بصدق
- اسأل الله ان يحقق ما افكر به واتمناه
اجابتها رنا وهي تدعي البرائة وكأنها لا تعرف ما تقصده والدتها والذي هو جل ما تتمناه هي ايضاً
- ومالذي تفكرين به أمي ؟!
هزت سعدية رأسها قائلة بصرامة
- ليس وقته الأن يا بنت .. هيا لنعد طاولة الطعام بسرعة لن نترك ضيفنا ينتظر !!
...................................
.................................................. ........
زفر بضيق وهو يهز ساقه بغضب
- هل ارتداء الملابس يأخذ كل هذا الوقت
نظر لساعته وهب واقفا ليذهب اليها ويستعجلها لكنه تفاجأ بنزولها السلم كأنها اميرة خيالية بفستانها الحريري وحجابها الذي لفته بطرية رائعه نهاية بزينتها الرقيقة ابتسمت بحرج وهي تقول
- اسفة لقد تأخرت بالنزول
قطب مجيباً بخشونة متجاهلا ضربات قلبه الهادرة
- بالفعل سنتأخر ان بقيتي واقفه هكذا
استدار يغادر بخطوات واسعه بينما جاهدت ابتهال لطرد الدموع من عينيها وهي تسارع للحاق به .. طوال الطريق كان يتجاهلها يحدق امامه بغضب ووجه عابس .. اما هي فقد رحبت بهذا التجاهل اصبحت تتحاشى الأحتكاك به تجنباً لكلامه اللاذع الذي يلقيه على مسامعها كلما جلسا معا ..منذ ان تزوجته وهي تعيش معه بتعاسه متى سينتهي هذا الألم لاتعرف
عند وصولهم لمنزل عائلته استقبلتهم والدته بحب مرحبه بهم بحرارة .. قبلت ابتهال وهي تهتف بمودة
- اهلا حبيببتي لقد انرت المنزل .. تفضلو الى الداخل
دلفا الى الصالة حيث تجمع كل أفراد العائلة بدأ بأخوية رياض و علاء انتهاءاً بزوجاتهم سمر وزهراء بالأضافه لصخب اولادهم الصغار حيث رزق رياض بولدين تؤمين وهما الان بعمر الثلاث سنوات اما علاء فقد كان له بنتا واحدة بعمر السنتان ... اتجهت ابتهال لتسلم على سمر وزهراء فقد كانتا تكنان لها المودة والأحترام اما سعد فقد القى السلام على أبيه وأخويه بحرارة ووجه بشوش ..من يراه الأن وهو بهذا الأنطلاق لا يتخيل انه من الممكن ان يكون عابساً ومتجهاً في المنزل همستها ابتهال بسرها وهي تراقبه بعينان محبتان
- اتحبينه لهذه الدرجة ؟
قالتها سمر بمزاح وهي تغمز بعينها وتلكزها بكتفها .. احمر وجهها وهي تجيب بأبتسامة صغيرة بينما عيناها مثبته على وجهه الوسيم وعيناه الزيتونية الضاحكة
- اجل يا سمر احبه جداً .. هو اول حب بحياتي قلبي لم يعرف الحب قبله ابداً
ربتت على كتفها بعطف
- انتِ انسانة طيبة جدا ونادرة كالجوهرة ليت سعد يعرف قيمتك ويقدرك جيدا
تعالت ضربات قلبها وهي تجيب بتسائل حاولت ان تجعله بريئ
- ما قصدك سمر ؟!
هزت كتفيها بلامبالاة
- لا اقصد شيئاً حبيبتي فقط كل مافي الأمر هو انني اعرف سعد جيدا هو شخص عصبي المزاج قليل المزاح لعله اكثر اخويه عصبية ... لا انكر انه طيب القلب لكنه لايعرف كيف يظهر ذلك
تنهدت براحة وهي تجيب بملامح مسترخية
- لا اطمئني سعد طيب جدا معي وهو يعاملني بمنتهى الحب والعطف
اجابتها بهدوء
- فليقدم الله لكما الخير
تمتمت برجاء صادق
- اللهم امين يارب
ثم همست داخلها بمرارة لقد اصبحت اجيد الكذب ببراعة والفضل يعود لك يا سعد
تنهدت بحرارة وتناست احزانها وهي تشاركهم الحديث والمزاح
بعد وقت قصير دلفت للمطيخ تساعد الحاجة وهيبة باعداد الطعام .. قالت وهيبة بحب وهي تراقب زوجة ابنها تغسل الخضراوات استعدادا لعمل السلطة ... لاتنكر انها كانت تريد لولدها بأن يتزوج واحدة من اقاربهم الا أن ابتهال نالت اعجابها بسرعه فهي فتاة رزينة وعلى قدر من الجمال الهادئ والأخلاق العالية
- اخبريني حبيبتي كيف هو سعد معك ؟
أبتسمت بخجل وهي تجيب ببراءة
- أنه جيد أمي
اقتربت منها تهمس بأهتمام
- اذن لما تأخر الحمل
احتبست انفاسها ولم تعرف بما تجيب لينقذها صوت زهراء المرح
- يا امي حراماً عليكِ انها لاتزال عروس لم يتما الثلاث اشهر حتى !!! اي حمل هذا الذي تسألين عنه ؟
اجابت وهيبة وهي تلوي شفتها بأمتعاض
- لقد حملت بولدي البكري في الشهر الأول للزواج !!
ضحكت زهراء بمرح وهي تحتضن كتفها
- لايوجد من هي مثل امي وهيبة دائما الأولى والسباقة بكل شيء
نظرت ابتهال لزهراء بأمتنان بينما زهراء تغمز لها بشقاوة
بعد أن تم اعداد الطعام ورصت الأطباق على المائدة جلس الجميع يأكلون وهم يتكلمون بمراح كانت ابتهال تشاركهم الحديث بهدوء ورقة تجيب عن اسئله أخويه وتحترم والده وتظهر تعاطف مع زوجات اخويه ووالدته .. نظر لها بتمعن ابتسامتها تشع دفئ وحرارة تبعث الى النفس بالراحة والسكون بينما عيناها فيهما سحر غريب ربما بسبب الحزن الذي له الفضل الأكبر فيه ؟!!
تنهد بغضب وهو يلعن نفسه لما يرق قلبه لها أليس من المفترض انه يكرهها وتزوجها لينتقم منها ؟! اذن مالذي جرى له ؟!!!
انقضى الوقت سريعا ودون مشاكل وبينما والدة سعد تودعهم عند الباب قالت بموده أمومية وهي تنقل بصرها بينهما
- أرجو ان تاتيا في المرة القادمة وانتما تحملان خبر يفرحني
قال سعد بتسائل
- اي خبر امي ؟
اجابت بفرحة وهي تربت على ذراعه
- خبر حمل زوجتك يا حبيب والدتك
خفق قلبها و تصاعدت الحرارة لوجهها الذي اطرقته بخجل ... بينما تجهم سعد و شعر بنغزة تضرب قلبه بقوة تجاهلها ببراعة وهو يتخيل لبرهة صورة ابتهال وهي نائمة بين ذراعية ليقول بجمود
- كل شيء بأمر الله امي .. والأن عن اذنك لقد تاخرنا وغداً لدي عمل
ودعتهم بالدعوات وهي جاهلة عن برود ولدها والحزن الساكن بعيني زوجته
........................................
.................................................. ...
القى الليل اذياله على المدينة وأمينة تفرك يديها بتوتر تخرج الى باحة المنزل تلقي نظرة على الشارع وتعود الى غرفة الجلوس مرة اخرى ... قالت افياء وهي تركز على شاشة التلفاز بينما تمسك صحنا مملوء بالبوشار تأكله بنهم
- لا تقلقي أمي ربما لديه عمل مهم ... تعالي اجلسي واريحي قدميكِ
اجابت امينه بخوف وهي تضرب على فخذها بقوة
- من اين تأتيني الراحة واخيك لم يعد بعد ... محمد لا يتأخر للمساء فما ان يؤذن المغرب يكون في المنزل ... ثم هو اتصل بي وقال انه خرج من بيت الحاج فرج وهو بطريق العودة ... لقد حصل له امر سيء قلبي يحدثني بذلك
اجابت افياء وهي تضع البوشار بفمها
- اي امر سيء امي صدقيني لا يوجد شيء !
اجابتها امينه بملامح متوترة
- الأمن لم يستبد في البلدة يا افياء ... لازال هناك الخطف والقتل والتسليب ؟
قالت افياء بمرارة ممزوج بالحزن على حالة الفقر التي يعيشها اخيها فهو يذهب للعمل مرتين يومياً وبالرغم من ذلك فأن رزقة دائما قليل
- بالله عليكِ امي مالذي يملكه محمد ليسلبوه او يخطفوه من اجله ؟! لاتقلقي الأن سيفتح الباب ويدخل !
اجابت والدتها وهي تتنهد بحرقة
- قلبي ليس مطمئن
وضعت افياء طبق البوشار على الطاولة الصغيرة المقابله لها ثم التفتت لوالدتها قائلة
- لا تقولي هذا الكلام امي لن يحصل له مكروه ان شاءلله ...
اجابت والدتها بتضرع وهي ترفع يديها بالدعاء
- يارب ... يارب ارجع ولدي سالماً معافاهانتهى الفصل
أنت تقرأ
احلام موؤدة لكاتبة رقية سعيد القيسى
Roman d'amourبين التهور والعقل خطوة واحدة خطأ بسيط يحول حياة الانسان ويتحكم بمصيره بلحظة خاطفة يصبح الملاك شيطان فيتلبسه وحش الانتقام وتعصف بقلبه رياح الظلمات وعندما ينتهى كل شئ لايبقى غير بقايا