الفصل العشرون
استدار فارس ببطء ثم نظر لمحمد نظرة ثابته وواثقة .. كان محمد يبدو مخيفا ومختلفاً ...عيناه حمراء ووجهه ازرق جبينه يتصبب عرقا بينما تنفسه مضطرب
اجابه بصوت ثابت وواثق
- اجل ... تزوجها ...
هتف محمد بذهول
- وتقولها امامي بهذه البساطة يا عديم الشرف!!
اجابه بصلابه وشجاعة
- لست عديم الشرف .. لقد احببتها بصدق وانت وقفت بوجه سعادتنا ..لم تترك لي خيار .. لم يكن هناك حل او طريقة غيرها
اجابه محمد بشراسة
- لم اقف بوجه سعادتك سيد فارس .. كل ما طلبته هو موافقة والدك .. هل كفرت ام اجرمت عندما اردت ان ارفع رأس شقيقتي امام الناس!!
ليجيبه فارس بقوة
- وانا اخبرتك اني رجل واستطيع تحمل مسوؤليتها ... لست محتاج لموافقة والدي انا راشد واعي جيدا ما افعله ...
كان فارس يتحدث دون ان ينتبه على يد محمد التي تسللت وراء ضهره ليخرج سكيناً فضياً ويندفع نحوه بوحشيه وهمجية يحاول ان يغرسه ببطنه .. لكن فارس صده بمهاره خاصة مع ضعف جسد محمد وهزلة ... غير ان محمد باغته بضربه قويه بين ساقيه جعلته يرخي قبضته قليلا ليستغل محمد الفرصة ويغرس السكين في جهة قلبه قبل ان يسحبها ويفر هارباً .. تاركا فارس يتكوم على الارض وهو ينزف بشدة
...........................
عاد محمد الى مهمته بعد عدة ساعات وقد استرد هدوءه وكأن شيئا لم يكن .. لم يفكر بمصير فارس فهو قد غسل عاره .. وستلحق به افياء بعد عدة ساعات ... الان عقله مشغول بانتقامة الازلي من رشدان
كان عازما على تلقينه درسا اخيرا قبل ان يقتله ويدفنه ليخلص البشرية من قذارته الى الابد ...دلف الى داخل المنزل ثم قال لياسر
- شكرا لك يا صديقي لقد اتعبتك معي تستطيع الذهاب ... اعدك لن ازعجك بعد الان
اجابه ياسر وقد بدى عليه الاضطراب
- كلا... كلا... محمد لا يوجد ازعاج
قال محمد وهو يتفرس بوجه صديقه المضطرب
- هل تعاني من شيء ياسر وجهك شاحب !
هتف بسرعه
- لالالا لاشيء على الاطلاق غير اني تعبت من السهر واريد العودة للمنزل
ربت محمد على كتفه قائلا باعتذار
- اجل معك حق اذهب وارتح
اتجه ياسر الى الباب غير ان محمد اوقفه قائلا بامتنان
- اشكرك على كل مافعتله من اجلي يا صديق الطفولة ... في حفظ الله ورعايته
هز ياسر راسه بارتباك وغادر المكان بسرعة
.................................................
كنت متكورة على نفسها تنظر للضوء الخافت المتسرب من تحت لباب بشرود بينما دموعها تجري بصمت ... بماذا اخطأت ؟!!!
أأخطأت عندما نظرت لفارس واحبته ؟!! أأخطأت عندما حلمت به زوجاً ؟!!
هل الاحلام لامثالها ممنوعة !!!
همست بوجع وانين وهي تمرر يدها على الاماكن التي تورمت من جسدها
" آآآآآآآآه جسدي يؤلمني بشدة لماذا يا اخي فعلت هذا بي ؟؟ كيف طاوعك قلبك الحنون على ضرب افياء شقيقتك الصغيرة !! الم تكن تقل لي دائما انا والدك وانت ابنتي ؟!
اذن كيف تضرب ابنتك وهي بريئة يا ابي واخي !!!
.......................
تتهادئ في مشيتها وهي تلقي السلام على كل من تصادفة يراقب نظرات الرجال .. انها نظرات اعجاب لايمكنه ان يخطئها ابدا ..لقد اصبح يأتي كل يوم فقط لا لشيء الا للأطئنان عليها وكأنه يخاف رجوعه للمنزل ولا يجدها هناك !!
تتبعها الى دلفت لمكتبها ليدخل ورائها مباشرة ويغلق الباب بالمفتاح .. كانت لاتزال تقف في منتصف المكتب لتفت له بدهشة ثم هتفت قائلة بتحدي لذيذ
- سيد سعد .. اي خدمة
تقدم منها قائلا بغيض
- سيدي !!!! مرة اخرى ؟!!!
هزت كتفها بدلال وانوثة ثم قالت
- نحن في العمل سيدي ولا يصح ان ...
دفعها برفق لتتكأ على المكتب ثم هبط ليقبلها بشغف بينما يده الاخرى مشغولة بفك حجابها الرقيق .. غرست اصابعها بطيات شعره دون ارادة منها تبادله قبلته دون خجل .. مما شجعه اكثر على التمادي .. رفع حافة قميصها ويده تتسلل الى خصرها الدافئ تلمسه بحميمية اثارته قبل ان تثيرها ... ابتعد عنها لاهثا وهو يقول
- تبا .. فقط لو لم نكن في العمل !
تسللت من بين يديه ببطء ووجهها يتوهج احمرارا بينما شفتيها حمراء من اثر قبلته القوية .. اعادت ترتيب حجابها وقميصها وهي تحاول ان تتماسك
- من فضلك سيدي لدي عمل اقوم به لذلك ارجو ان تتفضل بالخروج!!!
عدل سعد ربطة عنقه ثم قام بترتيب شعره الذي بعثرته بيديها قائلا بخبث
- امرك سيدتي لكن في المنزل نكمل ما بدأناه
غمز لها بعبث وخرج بدوء بينما ابتهال تراقبه بعينان عاشقتان وقبها يخفق بشدة وكأنه ليس سعد البارد الجلف الذي عرفته اول مرة !!!
.....................
كان الوقت فجرا عندما سمع اصوات جلبه في الخارج لم يكد ينهض من مكان الا وبوابه المنزل تكسر بعنف ويدلف الى الداخل رجال الجيش وهم يصوبون اسلحتهم تجاهه بينما هرع اخرون تجاه الضابط رشدان الذي اخذ ينظر له بتشفي .. ابتلع ريقه بصعوبه ونقل نظراته الزائغه بينهم لتقع عيناه على رفيق دربه وصديقه المقرب ياسر !!
بلحظة فهم كل ما يجري لقد باعه صديق الطفوله والصبا باعه من اجل حفنه من المال !!
وضعو القيود بيديه وهو مستسلم فلماذا يقاوم وهو يعرف بانه الخاسر لا محاله !!
اقتادوه وهم يمطروه بوال من الشتائم بينما هو صامت لا ينطق ببنت شفه وكان اصواتهم مجرد صدى يتردد من مكان بعيد ... لم يؤلمة القائهم القبض عليه بقدر المه من خيانه صديقة ومن اجل ماذا ... المال !! أهكذا اصبحت الصداقه تقاس بالمال ؟!!!
والله لو كان هو مكانه كان ليموت جوعا اهون عليه من ان يخون صديقه
...............................
اشعه الشمس كانت تتسلل من نافذة المطبخ تلقي بضوءها في المكان ... كانت الحاجة امينه تقف امام الموقد تريد ان تضع ابريق الشاي ليقع على الارض محدثا صوتا مزعجا دلفت افياء الى المطبخ بسرعه وانحنت لتنظف الارض قائله بقلق
- اانت بخير امي ؟!!
اجابتها بوهن وهي تتراجع لتجلس على المقعد
- قلبي يوخزني بشدة يا افياء اخيك حصل له امر سيء
كانت افياء قد احضرت قماشا لتمسح الارض .. قالت بأختناق
- لن يحدث شيء امي فمحمد مسافر بعمل وسيعود بالسلامة ان شاءلله
همست بخوف
- اللهم امين يارب
تعالى صوت الهاتف النقال الخاص بافياء .. ارتبكت بشدة فقد ظنت انه فارس يتصل ليسألها سبب تغيبها عن الجامعة فهي منذ اليوم الذي هددها به محمد وهي تجلس في المنزل ... كانت والدتها قد سمحت لها بالخروج من غرفتها على ان لا تتخطى عتبة باب الشارع وان لا تكلم احد او تجيب على احد ... الى ان يجدو حلا لتلك المشكلة !!!
لكنها ما ان رات رقم خالها حتى انقبض قلبها رغما عنها .. فخالها لا يتصل بهم بهكذا وقت ابدا
- اهلا خالي
استمعت لصوت خالها المرتجف لتتسع عيناها وهي تنظر لوالدتها التي كانت تبادلها النظرات القلقه وهي تهمس
- ماذا هناك !!!
نزلت دموع افياء ببطئ وهي تغلق الهاتف بصمت هبت امينه واقفه وهي تهتف بقلق
- استحلفك بالله يا ابنتي انطقي !
همست بصوت مبحوح
- محمد
اجابتها بضياع
- مابه ولدي تكلمي
- لقد ... لقد .... قبض ... عليه ... لانه ...
هتفت ببكاء
- لانه ماذا ؟!! ماذا فعل ولدي هذه المرة !!!
قالت بالم
- اختطف الظابط الذي عذبه في السجن
لطمت امينه وجهه واتجهت الى غرفه الجلوس وهي تنوح وتندب لحقتها افياء تبكي اخاها هي الاخرى
- يا ويلتاه ضاع ولدي .... ضاع محمد .... لقد شعرت بان هناك مصيبة والله كنت اعلم ... لماذا يا ولدي تفعل ذلك ... لماذا تحرق قلبي عليك ... لم اعد اتحمل .. انا ...انا....
صمتت فجأة وهي تشعر بخدر يستحل جسدها لتقع مغشيا عليها صرخت افياء بقوة وخوف
- اميييييييييييييييييييييي
...................
..................................
كانت تبكي بقوة وهي تقف في مرر المشفى مع زوجها وشقيقتها وخالها .. رحمتك يارب مالذي يحصل لنا اخي في السجن وامي في العنايه المركزه اي لعنه حلت علينا ... همستها ابتهال بنحيب .. احتضن سعد كتفها وهويحثها لتجلس على المقعد قائلا بعطف
- ستكون بخير باذن الله لا تقلقي
اجابت بعينان دامعتان
- واخي !! ماذا سيكون مصيره ؟
تنهد بعمق ثم قال بهدوء
- لقد اوكت له افضل محامي في البلدة وكل شيء بامر الله
xxxxب الساعه تسير برتابه وبطئ .. وهم جالسون لا يفعلون شيئا غير الدعاء .. افياء كانت تبكي بصمت وهي تجلس قرب شقيقتها تسند راسها على كتفها بينما سعد يقف متكأ على الحائط وخالها يجلس وهو يسبح بمسبحته ...
ماان خرجت الطبيب من غرفة العناية المركزه حتى اسرعواليه بلهفه قال خالها بخوف
- طمئنا دكتور كيف هي اختي
اجابهم بعمليه
- الحقيقة لقد تعرضت الى صدمة حادة مما ادى الى ارتفاع مفاجأ في السكر والضغط وهذا بالتالي ادى الى حدوث سكته دماغيه
شهقت كل من ابتهال وافياء فيما حوقل خالهم بأسف ... قال سعد بسرعه
- ماذا تنصحنا دكتور ؟!
اجابه بهدوء
- في الواقع حركتها ستكون ثقيله وكذالك لن تستطيع الكلام بصورة طبيعية تحتاج الى راحة تامة كذلك تجنب الصدمات والاخبار السيئة وان شاءلله ستتحسن حالتها مع العلاج المستمر
تدخل حامد قائلا
- متى يمكننا رؤيتها
اجاب الطبيب
- سنضعها في غرفه خاصة ثم تستطيعون رؤيتها
قالت ابتهال وهي تمسح دموعها
- كم من الوقت ستبقى في المشفى
اجاب الطبيب
-عدة ايام فقط نطئن على حالتها وعندها تستطيعون اخراجها على ان تلتزمو بالعلاج بصورة دقيقة
.................................
............................................
تمضي الايام ومحمد مرمي بين اربعه جدران لا يسمح له برؤية عائلته الشيء الوحيد الذي هون عليه القليل من بشاعه السجن انه ليس وحيدا فقد سجن مع مجموعه من الرجال بكل ليلة يستمع الى قصصهم ونشيجهم الخافت فهذا يشتاق لولده واذاك لزوجته واخر لوالد .... اما هو فيفكر بعائلته امه شقيقتاه ... لكنه ليس بنادم لقد استرد كرامته .. جعل ذلك الجرذ القذر الذي يدعي الوطنية والشهامة يتذوق القليل مما يفعلة بالابرياء ...
تنهد بخفوت وهمس قائلا ... أأأأه يا امي ترى كيف حالك الان
لقد تعرض للظلم في حياته كثيرا .. عندما مات والده ظلم نفسه بحرمانه من اكمال دراسته وعندما هوى قلبه لابنه العم فرج ظلم نفسه بتأجيل فكرة الزواج ... في كثير من الاحيان فكر ان يهاجر الى دوله اوربيه حاله كحال الاف الشباب الذين رحلو عندما بدأت بذور الطائفية المقيته تنبت في البلاد الا ان وجود والدته وشقيقتاه كسر ظهره وكبل يديه .. كيف يسافر ويتركم !!
كل ذلك لم يكن شيئا امام مرارة ما تعرض له في السجن ... تلك الضربات لم تخلف اثرا في جسده فحسب بل طبعت اثارها في روحه وقلبه مدى الحياة ... كيف ينسى ... كيف بحق الله !!!
همس بشراسه وقد اظلمت عيناه
" لو عاد بي الزمن كنت قتلتك يا رشدان وخلصت البشرية من شرورك وخبثك "
..........................
........................................
كانت ابتهال تزور والدتها كل يوم وفي بعض الاحيان تبيت عندهم ايضا .. سعد كان متفهما جدا وعطوفا معها ساندها ووقف مع عائلتها اثبت حبه وصدقه لها ......
اما افياء فامتنعت عن الذهاب للجامعه متخذه من مرض والدتها حجة لها ..
لم يستطع المحامي ان يفعل شيئا فقد حكم على محمد بالسجن لمدة عشر سنوات ..حاول سعد باكثر من طريقه لاستئناف الحكم الا ان المحامي قال له ان لا فائده من الاستئناف فهي مجرد مماطله وتضيع للوقت ...
جلست افياء قرب سرير والدتها وهي تمسك بوعاء الشوربا قائله بحنان
- هيا امي افتحي فمك قليلا يجب ان تأكلي لتاخذي الدواء
كانت والدتها متكأه على الوسائد دون حول ولا قوة لا تتكلم الا بأهات متالمة وعيناها دامعتان ... تكاد تقسم انها تسالها عن اخيها لكن بما ستجيبها يا لهي بما !!!
........................
كان ممددا على السرير في المشفى جرحة لايزال يؤلمة ... لقد قال الطبيب ان معجزة من السماء هي من انقذته فقد كانت اصابته خطيرة جدا ... ابتسم ساخرا .. انها المرة الثانية التي ينجو بها من موت محتوم .... عندما غرس محمد السكين بصدره شعر لوهلة بالراحة اجل ربما ضميره شعر بالراحة ... ضميره الذي يؤنبه كل دقيقة بسبب افياء حبيبته المسكينه التي لم تستحق منه كل ما فعله معها ... وكأنه مراهق ارعن لا يعرف ماذا يفعل !!!! اين كان عقله وهو يتزوجها عرفيا ويذلها بتلك الطريقة !!!! ربما ما فعله محمد هو جزاءه العادل الذي يستحقه ...
عندما سالته الشرطة عن هوية الشخص الذي طعنه ادعى انه لا يعرف ولم يراه بحياته .. محمد محق بكل ما فعله .... اغمض عينه واراح رأسه على الوسائد بينما قلبه وعقله مشغول بأفياء ترى ماذا فعل معها محمد ؟!!انتهى الفصل

أنت تقرأ
احلام موؤدة لكاتبة رقية سعيد القيسى
Roman d'amourبين التهور والعقل خطوة واحدة خطأ بسيط يحول حياة الانسان ويتحكم بمصيره بلحظة خاطفة يصبح الملاك شيطان فيتلبسه وحش الانتقام وتعصف بقلبه رياح الظلمات وعندما ينتهى كل شئ لايبقى غير بقايا