الفصل السابع
في الايام التي تلت كانت ابتهال تتحاشى الجلوس او الكلام معه بأي طريقة حتى عندما اخبرها ان والدته و زوجتي اخويه سيأتون لزيارتهم اجابته ببرود قائلة
- لا تقلق سأمثل دور الزوجة السعيدة بمهارة .. وارجو ان يمضي النهار بسرعة لاني فعلا لا اريد التواجد معك بنفس المكان ... فليصبري الله
لم يكن يعلم ان لكلامها هذا الوقع المؤلم على قلبه .. بل لم يكن يتصور بانها ممكن ان تنطق بتلك الكلمات الباردة في وجهه .. ابتهال الناعمة الرقيقة التي تشبه القطة الاليفة بنعومتها تتكلم بتلك الطريقة !!
اجابها ببرود بات يمقته لانه يخالف ما يعتمر بصدره من نار حارقه تشتعل بسببها هي
- شعور متبادل عزيزتي !
حسنا بما يهمه برودها من عدمه سيتخلص منها عندما يحين الوقت .. الانتقام والتشفي فقط هو ما يجمعه معها ... اليس كذلك ؟!!
.........................
طوال النهار كانت مرتبكة لاتعرف ماذا ترتدي فما ان تختار فستانا حتى تسارع برمية على السرير وهي تتمتم بحنق " كلا كلا ليس جميلا انه لايليق بالحفلة " بقيت فترة من الزمن تقلب في فساتينها الى ان استقر رائيها على فستان من الحرير الناعم بلون النبيذي مع حجاب بنفس اللون لكن اقل دكنه كان الفستان طويلا يضيق عند الصدر والخصر ثم يتسع بتكسرات ناعمة الى الكعبين .. اما الكمين فقد كانا طويلين يضيق عند المعصم ...
في الساعه السابعه تماما كانت جاهزة للذهاب ودعت والدتها التي اكدت عليها بعدم التاخر والعودة بسرعه قبل حلول الليل ...طمئنتها افياء بابتسامة ناعمة وهي تقول بمرح
- لاتخافي ماما لن اتاخر اعدك بذلك
عند خروجها من المنزل كانت ريم تنتظرها بسيارتها عند ناصية الشارع تحركت باتجاهها لتجلس جانبها ثم القت عليها السلام بمرح رمقتها ريم باعجاب قائله وهي تغمز بعينها
- اووووووووووه انت جميله جدا افياء فارس سيجن جنونه اليوم
تصاعد الاحمرار لوجهها لتقول وهي تدعي البرائة
- لا افهم ماتقصدين ؟!
اجابتها وهي تنطلق بسرعه
- ستعرفين فيما بعد
ابتسمت افياء بهدوء ثم دارت وجهها الى النافذة تشغل نفسها بالنظر الى الشوارع وواجهات المحلات بينما قلبها يخفق بعنف وهي تلمس بيدها هديتها التي تسهرت ترسمها لوقت متأخر !
وصلا الى منطقة الشاطئ حيث اليخوت البحرية متراصة بشكل منتظم بلونها الابيض وفخامتها التي تدل على ثراء اصحابها تنهدت بخفوت وهي تترجل من السيارة ثم قالت لريم
- هيا الن تاتي ؟!
قالت بهدوء بينما عينها تلتمع بشقاوة
- اذهبي انت اليخت هناك
ثم اشارت ناحيته لتكمل بخبث لم تلحظه افياء
- وسالحق بك فقط ساجد مكان مناسب لأوقف السيارة بها !
هزت راسها قائله ببراءة
- حسنا
مشت بتمهل وهي تدير وجهها بفضول كان اليخت هادئاً لاشيء يدل على وجود حفلة ربما هم بالداخل همستها وسارت بحذر ... صعدت الى اليخت وقد كان فارغا .. ايعقل انها اخطأت به ربما دخلت يختا اخر .. تجهم وجهها وعبست بطفوليه لم تتعمدها وهي تقول بصوت مرتفع قليلا
- فارس .. فارس .. اين انت ؟!!
فجأة اهتز اليخت وتحرك يشق طريقه خارجا من المرفئ سارت ببطئ وقلبها يخفق بجنون .. مالذي يجري ؟! هل تسرعت بالقدوم ؟ هل يستحق الثقة به ؟ ابتلعت ريقها بخوف وهي على وشك البكاء لتقول بصوت مهتز
- فاأأأأرس اين انت
خرج فارس من المقصورة قائلا بمرح
- ها انا ذا انستي مارائيك بالمفاجأ
قالت بحده
- اين الحفل واين المدعوين ؟
اجاب بهدوء
- لا مدعوين غيرك
ارتسم معالم الخوف والصدمة على وجهها وهي تتراجع الى الوراء
- لكن .. لكن .. انت قلت ان اليوم عيد ميلادك ! هل كذبت علي ؟ وريم
قاطعها بالهدوء نفسة وهو يركز نظره عليها
- انا لم اكذب افياء فعلا اليوم عيد ميلادي لكني ارغب ان احتفل به معك فقط
اجفلت واحتبست انفاسها بينما قبلها يقرع بشدة تنهد بعمق ورسم ابتسامة واسعه على وجهه الذي بدى اصغر من سنوات عمره السابع والعشرين ولاول مرة تنتبه لملابسه الرسمية كان يرتدي بدلة رجاليه سوداء اللون مع قميص يماثله باللون دون ربطة عنق كان وسيما حقا !
- تعالي اجلسي
قادها الى المقعد الخشبي لتجلس عليه وهي تتلفت حولها باضطراب قال لها وهو يجلس جانبها غير انه وضع مسافه بينهما
- اين هديتي لا تظنيني نسيتها ؟!
ابتسمت بارتباك ومدت يدها بورقه ملفوفه بعنايه وقد شد في وسطها شريط احمر ... فتحه بتمهل وما ان نظر لمحتواها حتى فغر فاه واخذ ينقل بصره بين الورقه وبينها بدهشة كبيرة ليهتف اخيرا بعدم تصديق
- أأنت رسمتها ؟!
اومات بسرعه لتقول بخجل
- اردت ان اهديك شيئاً مختلفاً اعرف انك تراها ...
قاطعها وهو يهتف بسعادة
- انها رائعه افياء ...صدقا رائعه جدا ..
ثم اكمل بتسلية وهو يغمز بمكر
- هل ترينني وسيم كما في الصورة افياء ؟!
اتسعت عيناها وتحول وجهها لكتله حمراء لترد بتعلثم
- أ..نا ...ا..نا...لم ...لم...
قهقه ضاحكا برجوله هزت كيانها جعلتها تنظر له بانشداه
- امزح معك يا فتاة !! لكن ذلك لايمنع ان الصورة رائعه فعلا .. احسنت لم اكن اعرف انك تجيدين الرسم هكذا
ابتسمت برقة لتظهر غمازتها الوحيدة على خدها الايمن والتي ينتبها لها لاول مرة ... تلك الغمزة التي اسرت عينه بسرعه فظل ينظر لهذا الوجه الطفولي الذي رغم خلوه من مستحضرات التجميل الا انه اجمل من الاف المتبرجات المتصنعات .. قالت بنعومة
- هي مجرد هوايه ليس الا !!
همس دون ان يشعر
- اتتزوجيني ؟!!
............................
................................................
بهتت واختفت ابتسامتها عندما اخترقت كلمته اذنيها
- أتتزوجيني ؟!
تبادلا النظرات الصامته عيناها كانت داكنه غائمة ربما لمح بهما دموع متراقصة !
انقبض قلبه وخفق بعنف ... هل تسرع بطلبه ؟! هل اخافها بلهفته ؟!
لكن لما الانتظار وهو يحبها ومتأكد من شعورة ناحيتها يكفي ان ينظر لعينيها ليعرف كم كانت حياته بائسة ... كم كان ينتظر ظهور حب وليد بحياته ... حب يقوده للجنون والتصرف بصبيانيه يتوق اليها .. حبها جعل دقات قلبه تنبض بالحياة من جديد .. لقد بحث عن هذه المشاعر طويلا وقد وجد مشاعره وكل احاسيسه متجه ومندفع بقوة لا يستطيع السيطرة عليها نحوها هي ...نحو افياء ... التي اصبحت افيائة !
همس بخفوت وبصوت ابح
- افياء ؟!!
هبطت دموعها ببطئ وصمت ... اطرقت راسها تحدق باصباعها المتشابكه ان هذا كثير جدا عليها لم تتوقع باجمل احلامها ان ... ان يطلب يدها للزواج !
جثى على ركبته امامها يتفحص وجهها المطرق لكنها تراجعت للخلف بسرعه قال لها بخيبة امل
- هل ... هل انت مرتبطة ؟!! عذرا انا ... انا حتى لم انتبه وافكر بذلك الاحتمال انا اسف ...ربما فاجأتك ارجوك افياء لا تبكي حسنا اعتبريني ....
قاطعته بضعف
- انا ... انا ... موافقة فارس
نظر لها بعدم تصديق قائلا بصوت ابح
- ماذا قلت ِ
اجابت بخفوت وهي ترفع وجهها الغارق بالدموع
- قلت موافقة ...
هب واقفا ثم تخلل شعره باصابعه هاتفا بسعادة
- اذن ... لما البكاء ايتها الحبيبة
نظرت له بعينان دامعتان وهي تمسح وجنتيها بصمت ليكمل بحماس
- اليوم سافاتح والدي ثم نتقدم لخطبتك بالقريب العاجل انا لن استطيع الانتظار !!
دمعت عيناها من جديد ليهتف بقهر
- لما البكاء ثانية ؟!
سحبت شهيقا مرتجفا ثم قالت بخفوت
- الوقت ليس مناسبا
قطب قائلا بتوجس
- لماذا ؟!
لم تجب عليه بشي ... اعتصر قلبه قبضة مؤلمة ليسألها بتوجس
- هل نها عليك ابن عمك او طلبك ابن ....
هتفت بسرعه وهي تنظر له بقوة
- لالالا ليس هذا
تنهد براحة قائلا
- اذن مالامر ؟!
همست بأختناق
- اخي .. اخي محمد
حثها بصبر
- مابه محمد ؟! هل سيعارض ؟!
هز راسها قائلا وهي ترفع عينيها الدامعتان
- له الان اكثر من اسبوعين وهو مفقود لانعرف مكانه اين
عقد حاجبيه وسالها باهتمام صادق
- كيف مفقود ؟!
همست بالم وهي تسبل اهدابها بينما يديها تتلاعب بحزام حقيبتها
- لم يعد للمنزل منذ اسبوعان ونحن لانعرف عنه شيئا امي ستجن وخالي لم يبقي مركزا للشرطة ولا مشفى في المدينه لم يسأل فيه !
قال بهدوء
- ربما كان لدى احد اصدقاءه اوربما طرء...
هزت راسها تقاطعه بقوة وهي ترفع نظراتها المتالمة ناحيته
- انت لاتعرف محمد انه ملتزم جدا لا يسهر ولا يبيت لدى احد من اصدقاءه ابدا ثم حتى لو فرضنا ذلك لم لم يتصل ليبلغنا ؟!!
غمغم بشرود
- معك حق
تنهد بعمق ونظر لرأسها الذي احنته من جديد ليقول لها بلطف
- لا تحزني ايتها الحبيبة اعدك سابحث عنه بنفسي كما ان لدينا معارف في البلدة ساجعلهم يبحثون عنه ايضا وسنجده ان شاءلله
خفق قلبها بعنف وهي تسمعه يقول لها للمرة الثانية حبيبة ابتسمت بشحوب وهي تنظر له بامتنان .. هتف بمرح
- والان لنكمل الاحتفال بعيد ميلادي الذي نسيته تماما
............................................
.................................................. ..........
فتح الباب فجأة فتراجع الى الخلف بسرعه ظننا منه انهم جاءو لاجله .. غير انهم رمو رجلا كان من الواضح انهم عذبوه هو الاخر وقبل ان يغلقو الباب هتف احدهم بسخرية
- ها قد احضرنا لك من يسليك في وحدتك
اغلق الباب بقوة ووقع اقدامهم تبتعد تدريجيا ... اقترب محمد من الرجل المسجى ارضا وحركه قليلا قائلا بخفوت
- هل انت بخير ؟!
صدر من الرجل الذي بدى شابا في مثل عمره تأوها خافتا ليسارع محمد الى الحنفية ويملئ كفه بالماء ثم يعود ليمسح به وجه الشاب الذي فتح عينيه ببطئ بينما الكدمات كانت تملئ وجهه وجسده ساعده محمد على الجلوس ببطئ اتكأ الشاب على الحائط يلتقط انفاسه بصعوبه قائلا بصوت هامس
- بئسا لها من حكومة تنادي بالديمقراطية والحرية علنا بينما تسرق اموال الشعب وقوتهم سرا !!
كان محمد يستمع له بصمت ليكمل الشاب كلامه بسخرية
- وعندما تعارض وتفتح فمك يكون هذا هو مصيرك
وجه الشاب نظراته الحمراء له قائلا بخفوت
- انا عبدلله وانت ماسمك ؟!
اجابه بتشوش
- محمد
ابتسم بسخريه
- وما تهمتك يا محمد ام زجوك دون تهمه فكل شيء جائز بهذه البلدة البائسة
اجابه محمد بمرارة
- صدقا لا اعرف ماهي تهمتي كنت عائدا الى المنزل عندما القو القبض علي ما ان رائو بطاقتي الشخصية
اجابه عبدلله بهمس وهو ينظر للامام
- ربما بسبب لقبك ؟! اوطائفتك ؟! فقد اصبح اللقب والطائفه تجلب الشبهه لصاحبها !!
صمت محمد وتراجع ليستند بظهره الى الحائط قائلا بهمس مماثل
- لا اعرف بت لا اعرف شيئا ولا اريد ان اعرف !
.....................................
كانت ترتدي فستانا بلون التركواز الباهت يحتوي على ازهار كبيرة بيضاء شعرها البني تركته مسترسلا على كتفها الايمن بينما وجهها الخالي من مساحيق التجميل كان طبيعيا و ناعما جدا ابتسامتها التي توجهها لوالدته وزجتي اخويه كانت عفوية ... متواضعه بتصرافتها تتضاحك معهم وتبادلهم الدعابات والطرف ... اما عندما تنظر او تتكلم معه فقد كانت تتكلم بمحبه عيناها كانت دافئة كل من يراهم يعتقد انهما اسعد زوجين في الدنيا ... الا ان الحقيقة غير ذلك ...
قلبها كان يخفق بعنف هذه المرة الاولى منذ زواجها التي ياتون فيها لتناول الغداء معهم ... ففي المرتين السابقتين كانو ياتون مساءا ولوقت قصير .. كانت تدعو ربها بأن يمر اليوم بسلام دون ان تسأل والدة سعد عن امور خاصة بسعد لا تعرف كيف تجيب عليها ..
كانو يجلسون حول مائدة الطعام يأكلون بصمت قطعه سعد موجها كلامه لوالدته
- لماذا لم يأتي ضياء وعلاء معكم ؟!
اجابته بأبتسامة ناعمة
- اخويك مشغولان في الشركة الجديدة ولم يكن هناك الوقت الكافي ليحضرا معنا
غمغم بتفهم
- فليوفقهم الله
قال والده وهو ياكل الطعام بتلذذ
- امممم الطعام لذيذ جدا .. ثاني اشهى طبق ارز متبل مع الدجاج ااكل بحياتي
ثم نظر لوجه ابتهال المورد قائلا بأبوية
- سلمت يدك يا ابنتي
همست بخجل
- بالهناء والشفاء ابي
تلك الاخلاق الراقية والردود المحترمة التي تنم عن تربية غاية في الادب والاحتشام تشوش عليه تفكيره وتجعله بحيره دائمة .. فكيف لشابه مثلها ان تمتلك هذه الصفات النادرة خاصة بعد ان سمعها تكلم عامر بتلك اللهجة المتوسلة في مكتبه ؟!!
كان يسترق لها النظرات بين الحين والاخر ... انتفض على صوت زهراء وهي ترمقه بمكر
- اممممم كم انت محظوظ سعد فزوجتك ربه بيت ماهرة وطاهية ممتازة .. متأكدة من انها تتطبخ لك كل ما لذ وطاب خاصة وانك قد منعتها من ان تواصل عملها في الشركة
اجابها بخشونه وهو ينظر لوجه ابتهال الذي بدى اجمل من اي وقت خاصة مع لون وجنتيها الزهري
- بالتأكيد امنعها من العمل لست بحاجة للمال لادع زوجتي تعمل هنا وهناك فانا ملزم بأن اوفر لها كل ما تحتاج
تدخلت سمر هذه المرة قائله ببراءة
- لما لا تدعها ترجع الى العمل مرة اخرى فهي تقضي اغلب الوقت بمفردها !
قال ببرود وعيناه الحادتان لاتزالان مركزتان على وجه زوجته التي كانت تنظر للجميع ما عداه هو
- لقد اتفقنا قبل الزواج بانها ستتفرغ للمنزل ... ثم ان زوجتي لم تشتكي .. اليس كذلك ابتهال ؟ّ
اخيرا تلاقت نظراتهما بحرب صامته لوهلة ارادت ان توافقه الرأي لكنها لا تعرف كيف قالت بتمرد لذيذ جعلت قلبه يهدر بعنف
- اجل معك حق لقد اتفقنا على هذا لكن لن امانع ان سمحت لي بالعودة للعمل من جديد خاصة واني املك الكثير من وقت الفراغ الذي يصيبني بالملل !
ابتسمت بانتصار وهي تلمح النظرة المشتعلة التي انطلقت من عينيه الزيتونه وهو يوليها انتباهه بينما يداه تضغط لا اراديا على الشوكة
- وانا لن اسمح لزوجتي ان تعمل .. وهذا امر نهائي لا رجعة فيه
قالها بتحدي وعيناه اللاهبه مثبته على عيناها البنية المتمردة ارادت ان تجيبه بوقاحة ضاربه وجود عائلته بعرض الحائط الا ان صوت والدته المتدخل جعلها تصمت احتراما لها
- بالتأكيد بني معك حق وانا ايضا من رائي ان العمل لا ضرورة له ... لقد ذكرتني بالماضي كنت مدرسة للغة العربية وعند زواجي بوالدك اصر على ان اترك العمل واتفرغ للمنزل والاولاد .. انت تماما كوالدك في الشكل والصفات ايضا .. كنا متفقين ومتفاهمين تماما مثلكما
ثم نظرت لابتهال قائله لها بلطف
- انت محظوظ يا ولدي من يمتلك زوجة مثل ابتهال يجب ان يعاملها كالاميرات
غمغم سعد رغما عنه
- بالتأكيد امي
استمرو بتجاذب اطراف الحديث الذي لم تخلومن الطرف التي تلقيها سمر وزهراء كما قصت عليها والدته الكثير عن طفولته التي كانت تتميز بالهدوء مقارنة بأخويه
عند مغادرتهم المنزل استطاعت ابتهال ان تتنهد براحة ... وقبل ان تتوجه لغرفتها اتاها صوت سعد قائلا بهدوء
- لحظة من فضلك ابتهال
استدارت ناحيته قائله وقد تجهم وجهها
- نعم !!! هل يوجد شيء اخر يجب عليه فعله ؟! أظن انني قد اديت دوري بأتقان اليس كذلك ؟!!
اجابها بالهدوء نفسه وكأنه لم يسمعها
- لقد اتصلت بعدنان
اجابته ببطئ وهي ترمقه بحذر
- ومن هو عدنان ؟!
قال وهو يركز على وجهها
- عدنان هو احد اقرابنا يعمل في الداخليه والامن طلبت منه ان يتحرى عن مكان محمد ووعدني بانه سيتصل بي ما ان يعرف عنه شيئا
بثانية واحده نست كل شيء وهي تقول له بلهفة
- أحقا ما تقول ؟!!!
اجابها بصوت عميق بدى غريبا له شخصيا
- بالتاكيد ابتهال لا تقلقي ان شاءلله سيعثر عليه
همست بعينان دامعتان قبل ان تتجه لغرفتها
- اتمنى ذلك
راقبها وهي ترتقي السلم ببطئ ... لماذا ساعدها !! لماذا حدثها بلطف !!
تبا الكثير من التصرفات بات يتصرفها رغما عنه ... مالذي جرى له !!
................................
تلك الجدران العفنه تكاد تطبق على انفاسه ... ثقل كبير يجثم على صدره ليته يملك القوة لتحطيم هذا الباب الحديدي .. يريد استنشاق الهواء النظيف .. يريد ان يرى ضوء الشمس ... يريد ان يشعر بأدميته لقد ماتت الاحاسيس والمشاعر بداخله لم يبقى الا حطام وركاد روحه المعذبة ... عاد بذاكرته الى الايام السابقة ... التعذيب الذي تعرض له لم يكن جسديا فقط بل نفسيا ايضا .. ان ما واجهه لن يتحمله إنسان، فبالرغم من محاولته إفهام المحقق الذي كان يشرف على التحقيق معه بأنه اعتقل دون أي مبرر دون وجه حق دون تهمة لم يكن يجد الرد على كلامه بالحديث بل كان يأتي بطريقة الضرب بالكابل أو خراطيم المياه التي كانت تُستخدم لتعذيب باقي المعتقلين ... كانو يعلقونه على السقف الى ان يشعر بأن اكتافه قد خلعت ربااااااااااااه
متى ينتهي هذا الالم ... متى ينتهي هذا الكابوس ...
صرخات المعتقلين كانت تصل إلى آخر الكون من شدة الألم والعذاب الذي يلاقوه على أيدي المحققين والسجانين على حد سواء ... كيف كان قبل ايام وكيف اصبح الان ... اغمض عيناه المتورمتان وهو يهمس
" لااااااا الا الانت سبحانك اني كنت من الظالمين "
...............................................
- هل انت متأكد يا عدنان ؟!
قالها سعد وهو يوجه نظراته لأبتهال التي وقفت عند باب المكتب تنظر له بلهفه عندما علمت هوية المتصل ... ما ان اغلق الهاتف حتى هتفت بسرعة وهي تتجه نحوه لترتكز بيديها على سطح المكتب وتميل بجذعها ناحيته قليلا
- مالاخبار هل عرف شيئا ؟!
صمت سعد ينظر لها بشفقه لاول مرة تلمح بعينيه نظرة تعاطف وليس نظره ازدراء واحتقار ككل مرة .. لما طال صمته هتفت بانفعال وقد نسيت كل شيء يخصهما
- ارجوك سعد اجبني هل مات اخي ؟!
اجابها بسرعه قائلا بتعاطف
- كلا كلا ... لكن
تنهد بعمق
- لكنه مسجون في احدى المعتقلات
همست برعب وقد شعرت بالترنح قليلا غير ان سعد سارع بالاستداره ليحتضنها قائلا بلطف رغما عنه
- تماسكي ابتهال ارجوك
امسكت ذراعه دون ان تشعر واستدارت ناحيته قائله بتشتت
- ماهي تهمته ماذا فعل اخي ليسجن ؟!
هز رأسه نفياً وهو يتفحص وجهها الشاحب القريب من وجهه
- لا اعرف صدقيني
هتفت بانفعال وهي تغرس اظافرها بذراعيه التي كانت تطوقها
- اليس من المفترض ان نعرف تهمته لندافع عنه ؟!
اجابها بهدوء
- صدقا لا اعرف كما ان تلك المعتقلات سريه لا يسمح لاحد بالذهاب اليها تقريبا هومعتقل خاص بالتهم السياسيه
هزت رأسها وضربت صدرها قائلة بياس
- يا ويلتاه عليك يا اخي تهم سياسيه ؟!!!
نظرت له لتكمل بالم
- امي ستموت قهرا ان عرفت ماذا افعل يا سعد يداي مكبلتان
احتضنها بقوه واراح راسها على كتفه قائلا بثقة
- لن يحصل شي ان شاءلله... و لن نخبر والدتك بالامر سندعي اننا لازلنا نبحث عنه
رفعت راسها قائله بحزن
- وكيف عرف قريبك مكانه ؟!
اجابها بهدوء
- هو يعرف كيف يتقصى عن الاخبار لديه معارف كثر
فجأة شعرت بانها بين يديه لتتراجع الى الخلف بسرعه بينما احس سعد بالبرود تكتنف احضانه بابتعادها .. قالت بنبرة متوترة وهي تتجنب النظر ناحيته
- شكرا لك لقد اثقلت عليك بمشاكلي وانا اسفه لذلك فا...
قاطعها بلطف
- لا داعي لهذا الكلام الان ثم انت زوجتي مهما كان سبب زواجنا فانا مسؤول عنك وعن عائلتك الى ان يعود محمد بخير بأذن الله
اومات ترمقه بتعجب وهي تتسأل بسرها .. من هذا الذي يتكلم عن المسوؤلية وعن حرصه على عائلتها !! اهذا هو سعد الذي ازدراها واطلق عليها سيلا من الاتهامات قبل بضعه ايام !! عجبا كل العجب !!
استاذنت وخرجت من المكتب بينما ظل سعد يراقب ابتعادها بشرود و قلبه ينبض بعنف اغمض عينيه ليستنشق عطرها الذي علق بقميصه ويسترجع صورتها وهي بين احضانه حتى لو كان لوقت قصير !!
..............................
.............................................
مضت عدة ايام ومحمد على نفس الحال وان كان ما يخفف عنه وحده وجود عبدلله معه ... الايام كانت تسير برتابه موحشه والهواجس المتشائمة تعصف بعقله ترى كيف حال والدته شقيقاته من لهم الان ؟! خاله رجل فقير الحال لا يقدم ولا يؤخر شيئاً بالكاد يستطيع اعاله اولاده الخمسه !!
اغمض عيناه وتأوه داخله
اهً اه يا اماه ليتك تعلمين بما اصابني ! تدحرجت دمعه ساخنه على وجنته لتختفي بين دهاليز لحيته السوداء التي استطالت ...
فتح الباب فجأة ليدلف الحارس قائلا بغلاضة
- انهض يا محمد المحقق يطلبكانتهى الفصل
أنت تقرأ
احلام موؤدة لكاتبة رقية سعيد القيسى
Roman d'amourبين التهور والعقل خطوة واحدة خطأ بسيط يحول حياة الانسان ويتحكم بمصيره بلحظة خاطفة يصبح الملاك شيطان فيتلبسه وحش الانتقام وتعصف بقلبه رياح الظلمات وعندما ينتهى كل شئ لايبقى غير بقايا