الفصل الاول

881 23 3
                                    

الفصل الأول


دلفت إلى المنزل وهي تكتم عبرتها وتطرد الدموع من عينيها .. جاهدت لرسم أبتسامة على شفتيها وهي تهتف بمرح مصطنع لتلقي السلام على والدتها في المطبخ ..
- السلام عليكم امي .. لقد عدت
اجابت والدتها الحاجة أمينة وهي تقلب الرز في القدر دون أن تلتفت
- دقائق والغداء يكون جاهزاً حبيبتي
قالت بمرح
- سأذهب لأخذ حماماً سريعاً واعود لأساعدك ماما
انطلقت ترتقي الدرجات بسرعة ودموعها نزلت انهاراً على وجنتيها الحمراويتين بطبيعتهما .. اغلقت باب غرفتها وأستندت عليه تهدأ من نبضاتها المتسارعة .. رمت ماتحمله من كتب على الأرض بقوة دون أن تهتم لذلك ثم اتجهت الى السرير تجلس عليه بتعب .. همست بأعياء
- إلى متى !! إلى متى ابقى بهذا الحال الميؤس منه ... الهي لما زرعت حبه بقلبي اذا لم يكن من نصيبي .. لما كتبت علي هذا العذاب ؟ لما اراه كل يوم مابين شقراء وصهباء وسمراء وانا اتمزق من الألم والغيرة وهو لايعلم بل حتى لا ينتبه !
مسحت دموعها واخذت نفساً مرتجفاً ثم مشت بتمهل الى المرآة تنظر لأنعكاسها وما رأته لم يعجبها ابداً .. عينان عسليتان كبيرتان .. وجه طفولي دائم الأحمرار لايدل على عمرها الذي خطى اعتاب العشرين بقليل .. انقلبت شفتها كالأطفال وهي تتذكره .. فارس ابن عميد الكلية السابق عاد من السفر ليكمل دراسته في الوطن .. وسيم الى حد الوجع كل مافيه رجولي يخطف الأنفاس منذ الوهلة الأولى .. لاتوجد فتاة في الجامعة لم تتمنى قربه .. وهي احداهن لم يكن فارس كباقي شاب الكلية فقد تفوق عليهم بالرجولة والخشونه نظرا لسنوات عمره البالغ 27 سنه وذلك لأنه كان مسافرا لاسباب مجهولة .. بعضهم يقول انه كان يخض للعلاج وبعضهم يقول انه سافر للمرح والعربدة .. كان معرف بمغامراته الطائشة وتعدد علاقاته .. بالاضافة لغرورة وكبريائه الذي جعل له هيبة بين قرانه ... مسحت دموعها وهي تتمتم
- لم يلتفت لي طوال الأشهر الماضية فهل سيفعل الأن !!
كانت تمقت طباعها و طفوليتها التي تأبى أن تغادرها ليس في الشكل فقط بل بالطباع ايضا فهي لاتهتم بالموضه وأخر صيحات الأزياء ولا تشعر بالسعادة لو امتلك ادوات التجميل ... ما يهمها ويسعدها هي اشياء بسيطة جدا كأبتسامة طفل صغير يوجهها لها ... شعاع شمس يخترق نافذة غرفتها .. او طير يقف على شجرة حديقتهم الصغيرة ! !!
تنهدت بعمق ثم ذهبت لتأخذ حماما باردا علها تطرد تلك الكأبة والحزن المسيطرة عليها ولا يريد مفارقتها منذ ان رائته
.................................
اجتمعو حول الطاولة في المطبخ يأكلون بصمت كان شقيقها الكبير محمد يرمقها بفضول فهو يشعر بتغير افياء لم تعد مرحة كالسابق ولا تتكلم بأنطلاق .... لقد تغيرت منذ بضعة أشهر منطوية على نفسها تجلس بغرفتها اغلب الوقت وتستمع الى الأغاني الحزينه !!! أتراها وقعت في الحب ؟!
بات الشك والقلق يساوره لايريدها أن تنخدع وتدخل بعلاقات ومتاهات ليس لها نهايه انها رقيقة وهشه قد تحطمها أي خيبة امل ... لذلك قرر ان يتكلم معها بعد ان يفرغو من الطعام .. اكملو تناول الغداء بصمت وقف محمد وهو يقول لشقيقته
- افياء أحضري الشاي الى غرفة الجلوس أريد أن اتكلم معك قليلا
غمغمت بخفوت
- حاضر اخي
خرج من المطبخ وهو يعد افكاره بكيفية الحديث معها دون ان يشعرها بالحرج والخجل منه فهو يعرف طبيعة شقيقته الخجولة والحساسة
بعد فترة قصيرة كانت افياء تضع قدح الشاي امامه ثم جلست على المقعد المقابل له مطرقة الرأس .. نظر لها بأمعان قبل أن يقول بلطف
- والأن لما شقيقتي الصغيرة منزعجة ؟!
تعالت ضربات قلبها بخوف وهي تبتلع ريقها لتقول بتعلثم
- انا ... انا ... لست .. منزعجة
ابتسم بدفئ ليجيبها
- لا تعتقدي اني لم الحظ شرودك وتجهم وجهك الجميل هل هناك شيء يزعجك في الكليه ؟!
هزت رأسها نفياً واطرقته تتلاعب بأصابعها المتشابكة ... تنهد وقال بهدوء
- هل تحتاجين الى المال لتشتري شيء ما ؟
اجابت بنبرة خافته
- لا أريد اخي شكرا لك ...
أجابها بحيرة
- اذن مابك صغيرتي تكلمي لعلي استطيع مساعدتك !
ابتلعت ريقها ثم اجابته بشحوب
- انا ... انا فقط افكر بالدراسة ليس إلا !
اومأ بغير اقتناع ليقول بهدوء
- لن اضغط عليكي افياء لكن فلتعلمي بأي وقت تشعرين انك بحاجة للكلام سأكون جاهزاً لسماعك لاتعتبريني شقيقك بل صديقك المقرب
اومأت بابتسامة شاحبة لتقف بسرعة وهي تقول بهمس
- عن اذنك اخي
زفر بضيق وهو ينظر لأثرها مقطبا .. لايعرف ماذا يفعل معها فيكفيه اخته الأخرى ابتهال التي تزوجت من سعد قريب صديقتها ومديرها في العمل لم يكن يريدها ان تسرع بأتخاذ قرارها لكنها كانت موافقة ومرحبة بالأمر لذلك وافق من اجلها ..صحيح هي يبدو عليها السعادة لكنه متأكد من وجود خطب ما ..فعيناها كانت تعكس بؤسا وحزناً لم يخطأه ابداً
لأكثر من مرة حاول سؤالها لكن جوابها هو دائما ... انا بخير اخي لاتقلق.. كيف لا يقلق وهما امانة بعنقه !!!
للأن يتذكر كلمات ونظرات والده رحمه الله وهو يوصيه بالمحافظة على شقيقتيه ابتهال وافياء ... تنهد بعمق وتجرع القليل من الشاي .. يبدو انهما قد كبرتا فعلا ... لم تعودا تلك الصغيرتين اللتان كانتا تلوذان اليه ما أن تصادفهم أدنى مشكله ... او ربما انشغل هو عنهم بسبب عمله ؟
حسنا هو يعرف أن عمله متعب ويحتاج الى الدقه والمهاره فهو يعمل بنحت الأواني والأباريق النحاسيه صنعه ورثها من والده منذ نعومة اظفاره .. لكنه يبذل قصار جهد ليوفق بين واجباته تجاه والدته وشقيقاته وبين عمله !!!
انهى شرب الشاي ثم اتجه الى المطبخ ليغسل القدح ويعيده إلى مكانه قبل أن يذهب الى غرفته يناشد بعض الراحة ليستعد بعدها للذهاب الى العمل من جديد
.................................................. ..
.................................................. ................
في مكتبه الفخم كان يجلس يطالع بعض الأوراق عندما دلفت السكرتيرة بعد ان طرقت الباب بخفوت .. تقدمت من المكتب قائله بأدب
- طلبتني سيدي
اجابها بلامبالاة وهو لايزال يركز على الأوراق التي امامه
- ابلغي جميع مدراء الأقسام بأجتماع بعد ساعة من الأن
اومأت قائلة
- حالاً سيدي ...
اشار لها بالخروج قائلا
- اذهبي الأن واطلبي لي القهوة رجاءاً
أجابت بهدوء قبل أن تنصرف
- حاضر سيدي
ما أن خرجت وأغلقت الباب حتى ترك ما بيده و هب واقفاً يتأفأف بملل خطى نحو النافذه ينظر إلى البنايات المقابله له مرر اصابعه بشعره عدة مرات ... رغم تحقيقة ما اراده منذ زمن إلا إنه لا يشعر بالراحة ... هناك شيء ناقص .. لماذا كلما نظر لها يتملكه أحساس بأنه ظلمها او ربما اخطئ بحقها ... كيف لها أن تمتلك كل تلك الهالة من البرائة ؟!!
كم لهما الأن وهما متزوجان شهران !!
شهران من التجاهل والبرود من جهته والصمت والسكون من جهتها ... لم تسأله لحد الأن عن سبب زواجه منها ... لم تسأله او تحاول معرفه سبب نفوره ونومه في غرفة مستقلة .. أمن المعقول انها لا تهتم ؟! تبا لها بما يهمه ماتفكر المهم هو أنه أنتصر عليها وجعلها كالمعلقه ... لاهي متزوجة ولاهي مطلقة ... فقط منبوذة ووحيدة مرمية كأنها قطعه اثاث في المنزل ..
زفر بضيق ... لكن لما يجثم هذا الهم على صدره لديه شعور خفي يوخزه يشعر وكأنه ظلمها ؟!
ترى هل ظلمها حقا ؟!!!!
كيف ظلمها وقد سمعها بأذنيه وهي تتفق مع ذلك العربيد الأخرق عامر الذي بسببه انتحرت هناء .... هناء ابنة عمه تلك الصغيرة التي كانت بمثابة شقيقة صغرى له ... كيف لم يلاحظ تودد هنا وعامر كيف كان غبيا ولم يشك عن سبب زياراتها المتكرره للشركة ... وتلك الحقيرة ابتهال كيف خانت صديقتها التي بذلت جهدا لتقنعه على الموافقة بعملها في الشركة فهو عادة صارم في انتقاء موضفيه لكن بسبب ضروف ابتهال الصعبه وافق على تعينها موضفة في قسم الشؤون القانونية لكن كانت تحت المراقبة فليس من عادته أن يأتمن لاحد ... كادت أن تخدعه ببرائتها ورقتها لكنه عندما سمع حوارها مع ذلك الصعلوك في ذلك اليوم الذي سبق انتحار هناء اقسم على أن يجعلها تدفع الثمن ... صوت الساعي اخرجه من افكاره عندما قال
- القهوة سيدي
أجابه وهو لايزال يحدق امامه بشرود
- دعها واذهب انت
أبتسم بوحشية وتوعد وهو يهمس بتوعد
- نهايتك ستكون على يدي ابتهال وسترين
.................................................. ....................
كانت تجلس على حافة النافذة تنظر الى الحديقة الخضراء بشرود تفكر بوضعها منذ زواجها الى الأن .....
- هل احضر المائدة سيدتي
كان هذا صوت الخادمة الذي اخرجها من لجه افكرها البائسة اجلت صوتها والتفتت تنظر لها قائله برقة
- لا انتظري الى أن يأتي زوجي ثم اعدي المائدة
اجابتها بأدب قبل أن تنصرف
- كما تريدين سيدتي
تنهدت بحرارة وهي تتذكره .... كم تحبه وتعشق كبريائة ورجولته المتفجرة تحب كل مايقوم به كل نظرة منه تشتت تركيزها وتساهم بزيادة النبض بصدرها .. سعد ابن عم صديقتها هناء رحمها الله كانت اغلى صديقة لها تأثرت كثيرا بعد موتها خاصة وانهما كانا يقضيان اغلب الأوقات معانا .. كانت تشاهده من بعيد كلما ذهبت لمنزل صديقتها وعندما دبرت لها وظيفة في شركته لم تصدق بأنها ستكون قربه وتراه يوميا...
لم تفكر ولم يخطر ببالها بأنه يمكن أن يتخذها زوجة في يوماً ما فهو لم ينتبه لها ابداً .... كان صارماً وقاسياً لم يكن يبتسم إلا نادراً وهذا ما لفت نظرها له وجعلها تزداد اعجاباً به ... تفاجأت به بعد مرور عدة اشهر على موت هناء يقف على عتبة منزلهم مع عائلته طالباً يدها للزواج .. لم تستطع الرفض كان متكاملا من كل شي وسيم وغني والأهم من ذلك هو انها احبته بقوة قلبها العذري سقط بسرعة جنونية بحبه مدفوعاً نحوه كأنه هوه ساحقة تجذبها بلا رحمة .. كم كانت غبية وساذجة عندما اعتقدت انه احبها منذ الوهلة الأولى كما يحدث في الروايات الرومانسية ... ابتسمت بسخرية وهي تتذكر ليلة زفافها المشوؤمة ... كانت ترفل بفستانها الأبيض وعلى وجهها ابتسامة سعادة .. منذ ايام الخطبة التي لم تدم إلا لأسابيع معدودة كان يتصرف معها ببرود ولا مبالاة بخبرتها المعدومة اعتقدت إنها طبيعته او هي مجرد واجهه يداري بها مشاعره بحكم انه رجل شرقي كما هو الحال عند اغلب الرجال الشرقيين لكن ما فعله ليلة زفافها صدمها بقوة كانت لاتزال ببدلة زفافها تقف بغرفة النوم وهي خجلة ومتوترة لتتجمد اطرافها وهي تستمع لبرودة صوته
- سأنام في الغرفة الأخرى
فكرت وقتها بانه يراعي مشاعرها ليعطيها الفرصة لتتأقلم العيش معه إلا أن نفوره أستمر لأيام والأيام اصبحت أسابيع والأسابيع اشهر !!!
لأكثر من مرة حاولت أن تعرف قصده والغاية من زواجه منها إلا أنها تخجل من سؤاله .. تبا ماذا سيقول عنها أن سألته لما لا تنام معي في الغرفة ؟! سيعتقد أنها وقحة .. ثم ماذا ان كان مريضا او يعاني من شيء ما !! كلا كلا لن تسأله مهما كلفها الثمن ! !!
دائماً يتجاهل وجودها ويجيب عليها بفتور ... لا يتكلم معها إلا اذا فتحت هي موضوع للحديث .. لا تملك إلا الصبر فلاهي تستطيع الكلام لوالدتها واخيها فترتاح ولا هي لديها الجراءة على المواجهة او طلب الطلاق على الأقل ليس الأن وهي مازالت عروس بالتأكيد ستثير الشبهات كما أنها لازالت تحبه فقط لو تعرف ما به !!!
بعد مرور عدة ساعات سمعت صوت سيارته تدلف الى المدخل ... اتجهت بسرعة الى المرآة لتتأكد من شكلها ... ثم خطت الى خارج الغرفه لتستقبله بابتسامتها المعهودة لكن ابتسامتها بهتت وهي تسمعه يقول للخادمة
- لقد أكلت في الشركة ... اخبري السيدة ابتهال اننا في مساء الغد مدعوان الى منزل العائلة
قال كلامه هذا ثم أتجه الى الدرجات يرتقيها برشاقة وهو يدعي عدم رؤيتها
همست بيأس كالعادة أكل طعامه في الخارج حتى لم يكلف نفسه ليخبرها بشأن الدعوة !!!
تبا له لما يتصرف بهذا الشكل !! يجب عليها أن تعرف السبب بطريقة او بأخرى وإلا ستجن حتماً
...................
........................
.................................................. ......
أشرقت الشمس من خلف الأفق البعيدة باسطة أشعتها على المنازل والبنايات التي تحمل الكثير من الأسرار .... فخلف كل جدار من جدران المنازل قصص وحكايات لا يصدق وجودها حتى في عالم الروايات
كانت أمينه تصب الشاي في الأقداح عندما القى محمد تحيه الصباح
- صباح الخير أمي
اجابته بحب وهي تتامل ولدها الوحيد وقره عينها الذي ترك دراسته وتحمل مسؤولية المنزل بعد وفاة زوجها مباشرة
- صباح السعادة يا ولدي
جلس على الكرسي ثم التفت حوله قائلا
- أين افياء ألم تستيقظ بعد ؟!
أجابت وهي تضع طبق البيض أمامه
- لقد غادرت قبل قليل قالت بأن لديها محاضرات مهمة
اومأ بصمت ثم بدأ يأكل بسرعة ... قالت والدته وهي تجلس على الكرسي المقابل له
- كل على مهلك يا محمد العمل لن يطير
اجابها وهو يضع الطعام بفمه
- لدي موعد مع التاجر الذي يمولني بالبضائع وأخشى أن يأتي مبكر ولا يجدني
همهمت وهي تشرب الشاي
- ليكتب الله لك الخير دائما ويرزقك رزقاً واسعاً ... وأراك عريساً أن شاءلله
اجابها بأعتراض
- مازال الوقت مبكراً للزواج امي
هزت رأسها قائلة بحب
- لست صغيراً يا محمد لقد تخطيت الثلاثين يا ولدي ومن هم في مثل عمرك لديهم الان على الأقل ولدان
قال بهدوء
- ليس قبل أن اطمئن على افياء ايضاً
أجابت برجاء
- وما دخل افياء بزواجك ؟! تزوج أنت وأن شاءلله افياء تتزوج بعد أن تكمل دراستها
وقف قائلا
- الحمدلله شبعت سلمت يداك يا أم محمد ... انا ذاهب الأن الى اللقاء امي دعواتك
أجابته وهي تهز رأسها بيأس فها هوولدها تجاهل الأمر ببراعة كعادته
- في حفظ الله ورعايته يا ولدي
..................................
.................................................. ..
دلفت الى الجامعة بتجهم ثم اتجهت الى حيث تقف صديقتها وسناء قائلة بعبوس
- صباح الخير
اجابتها وسناء وهي ترفع حاجبها
- صباح الخير افياء لما العبوس واليوم لم يبدأ بعد !
اجابتها بتملل
- كالعادة تعرضت للمضايقات واللمسات المقززة في الحافله !!
همهمت وسناء بملل
- تبا لهم ألن يكفو عن تلك العادات السيئة لا اعرف لما يفعلون ذلك !
اجابتها وهي تمط شفتها
- عندما صرخت بوجهه أعتذر قائلا بأنه لم يتعمد ذلك الحقير البائس
قالت وسناء وهي تسحبها من ذراعها
- تعالي.. تعالي .. لنذهب الى الكافتريا نشرب عصير الليمون ليهدأ اعصابك
تنهدت بملل ثم تبعتها بأستسلام ... رغم أنها محجبة وكل ما ترتديه واسع ولا يبرز من مفاتنها شيئا إلا أنها تتعرض دائما للتحرش والمعاكسات الى أن اصبحت عادة يومية بالنسبة لها
جلست على احدى الطاولات القريبه من النافذة بينما ذهبت وسناء لتحضر العصير لهما ... نقلت افياء نظراتها بضجر لتراه من بعيد قادم الى الكافتريا مع شلته المكونه من صفوة الصفوة ذوي النفوذ والمال ... قطبت بأختناق وهي تنظر لسوسن المتعلقه بذراعه كانت جميلة جدا بل مذهلة بملابسها الراقية وتسريحتها المتقنة كأنها اتت لحفلة وليس لجامعة بينما هو يبتسم لشيء كانت تهمس به بشقاوة ... دلفو الى الداخل واختارو طاولة قريبة من مكان جلوسها ... كانت ضحكاتهم الرنانة ودعاباتهم تصل اليها وتلك الفتاة ملتصقه به كالغراء ... تجهم وجهها مرة اخرى وشعرت بالأختناق وبرغبة في البكاء همست داخلها بمرارة
" انا احبه ... ألهي احبه جداً ... ولا طاقة لي لاتحمل ما يحصل امامي ارحمني يا الله واعطني الصبر لكي لا أنهار "
أتاها صوت وسناء كأنه صدى يتردد من مكان بعيد
- آسفه تأخرت عليكِ لقد كان ال ...
بترت عبارتها وهي تنظر لشحوب وجهها قالت بتسأل وهي تضع كأسي العصير على الطاوله
- مابك افياء !! لما وجهك شاحب هكذا وكأنك رأيت شبحاً ؟!
هزت رأسها بضعف ثم وقفت وحملت حقيبتها قائله بلهاث
- أ..أشعر بالأختناق.. هنا .. سأذهب لأستنشق ..الهواء
تركتها وسط ذهولها ثم همست وسناء وهي تلتقط حقيبتها لتسرع خلفها
- لقد جنت هذه الفتاة لا محاله

انتهى الفصل

احلام موؤدة لكاتبة رقية سعيد القيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن