الفصل السادس عشر

233 12 0
                                    

الفصل السادس عشر

طرقات على الباب قطع سيل الكلام الذي وجهته لها ولدتها .. فمنذ وصولها وعلمها باصرارها على الطلاق وهي لم تكف عن تقريعها ... تاره بهدوء وتروي وتاره بالتهديد والتوعد ورغم كل ذلك كانت ابتهال صامده لم تتاثر او تتزعزع عن قرارها حتى لو قتلها محمد لن تعود اليه ابدا ...
كانت مطرقة الراس عندما دلفت والدتها تنظر لها برجاء وهي تقترب منها هامسه
- من اجل خاطري دعيه يقول ما جاء لاجله
قطبت لاتفهم ما تقصده والدتها الى ان داعبت انفاسها رائحته المميزة التي تعرفها جيدا ... خفق قلبها بشدة بينما تصاعد الاحمرار لوجهها لتذكرها ماجرى ليلة امس !!!
دلف الى الصالة الصغيرة ليقف امامها بالضبط ينظر لها بعمق بينما وقفت هي امامه بعناد ظهر جليا بعينيها وهي تكتف ذراعيها و تبادله النظرات بتحدي ... دعت امينه بسرها ان يهدي الله ابنتها فملامحها لا تبشر بالخير ابدا ... قالت بارتباك
- ساعد القهوة يا ولدي تفضل استرح
ثم تركتهم وغادرت بسرعة .... نظر لها بعينان ضيقتان ليقول بصوت هادئ رغم النيران التي تشتعل بجسده
- هلا اخبرتني مالذي يجري معك ؟!! وما المعنى الحقيقي له !
اجابت ببرود ولا مبالاة رغم ارتجاف جسدها واضطراب انفاسها
- لا افهم ما تقصد !!
اجاب بنفاذ صبر وانزعاج من برودها ولامبالاتها
- لماذا ففرت هاربه من المنزل ؟!!
اجابته بتحدي وهي ترفع ذقنها
- لم افر هاربه بل فعلت الصواب والنهاية الحتمية للمهزلة التي تربطنا معا !!
تقدم منها ببطئ الى ان وقف امامها مباشرة لا يفصل عنهما الا مسافة قصيرة جدا ليقول بهدوء عكس الاحباط الذي شعر به بينما عيناه تلتهم ملامحها المتشنجة
- مهزلة !! تسمين زواجنا مهزلة !!
لترد وباصرار
- اجل مهزلة وستنتهي قريبا !
ابتلع ريقه قائلا بصوت اجش
- ان كانت مهزلة كما تتدعين لما سمحتي لي البارحة با........
قاطعته بحده ووجهها يشتعل احمرارا
- لكي تتأكد !!
قطب حائرا
- اتأكد !!!!!!
هتفت بالم وهي تتراجع الى الوراء
- اجل تتأكد من انني عذراء لم يلمسني رجل غير...
قاطعها بغضب وهو يتقدم منها ويمسك ذراعها بقوة بينما السنه النيرن تلتهم امعائه دون رحمة
- كفى ... كفى ... اجننت ؟!!! ها ... كيف تتفوهين بهذا الكلام !!
اجابته بالم وهي تنتزع ذراعها من يده
- تلك هي الحقيقة يا سيدي و لا تحاول ان تدعي عكسها !
اغضبه والمه ان تفكر به بهذه الطريقة البشعة هوصحيح شك باتفاقها مع عامر الا ان هذا الامر لم يخطر بباله اطلاقا رباااااه اي فكره تولدت في راسها عنه !!!
- يكفي ابتهال لاتتهميني ظلما كما فعت انا معك
تراجعت الى الوراء مرة اخرى وهي تجيبه بصوت ساخر وحزين
- وهل اتجرء على ان اتهمك يا سيدي !!!
لتكمل بمرارة وقهر
- انا مجرد موظفة فقيرة بائسة تكرمت عليها بقبولك توضيفها في مؤسستك .. انا لا شيء ... لا اساوي شيئا ولا استحق ان ادخل لعالمك الراقي يا ... سيد سعد
هتف يقاطعها بقوة ويأس
- قلت لك يكفي ... يكفي اصمتي .. ولا تناديني سيدي !!!
لتهتف بوجع ورغما عنها تساقطت دموعها الخائنة
- انت سيدي وانا ... انا خادمة بمنزلك لم اشعر يوما بالانتماء لا لك ولا لعائلتك ولا لعالمك ... دائما انا غريبة ووحيدة !!!
هتف بألم حقيقي بينما داخله تتصاعد السنة الندم والقهر والخزي منه ومن تصرفاته ومن طريقة تفكيره
- يكفي ابتهال انسي الماضي وتعالي لنبدأ من جديد ! انا متأكد ...
قاطعته بقوة وكبرياء وبأنفاس متقطعة
- لاتملي علي اوامرك !!! انا لست في منزلك لتذلني
اشارت لنفسها بسبابتها قائلة بشراسة اكتسبتها منه
- انا في منزلي ... منزل عائلتي ... لذا افعل ما يحلو لي وما اريد
لتكمل بوقاحة وبرود
- وما اريده الان هو ان تخرج من هنا ولا تعود مطلقا مطلقا
نظر لها بعينان غامضتان لاتعرف مالذي قرئته بهما ربما الالم او الندم اوربما العتاب .. لم يؤلمة طريقة طردها له بقدر المه من نفسه وما فعله بها ... يستحق ما تفعله ... اجرحيني حبيبتي اكثر واكثر لكن لا تطلبي مني ما لا استطيعه !!!
هز رأسه بهدوء
- حسنا ابتهال ساغادر ليس بسبب تلك الترهات التي تفوهتي بها ... بل لاعطيك لوقت لكي ترتاحي قليلا وبعد عدة ايام سأعود لاجد زوجتي المطيعة الناعمة
استدار ليخرج لكنها اوقفته بصلابه وهي تقول
- وانا لن اعود لن اعود لاتأتي وتتعب نفسك
لتضيف بتحدي
- ولاتنس ان تبعث لي ورقة طلاقي لكي ارتاح من رؤية وجهك الى الابد
لم يرد عليها بحرف بل غادر بهدوء شديد لتنهار فورا على الارض تبكي بقوة وهي تتمتم
- انت السبب ... انت السبب
...............................
...........................................
انه منزل جيد وبعيد عن المدينه لن يتجرء احد على الاقتراب منه خاصة في الليل وان حدث وسمعو صراخا بالتاكيد سيظنوه صوت الاجنه او الاشباح لان المنزل يقع قرب المقابر .... ضحك بتوعد وهو يهمس بتلك الكلمات ثم اضاف بصوت عالي
" حسنا رشدان لن يطول الامر اعدك بالقصاص العادل الذي تستحقة وساعيد لك كل ضربه واهانه وجهتها لي بدل المرة عشر !! "
................
عادت محمد الى المنزل ليجد ابتهال تجلس في غرفة المعيشة تتصفح مجله بملل ارتفع حاجبه بتعجب القى السلام واتجه ليجلس على الاريكة المقابله لها قائلا باهتمام
- منذ متى وانت هنا ؟!
اجابته بخفوت وهي تغلق المجله
- منذ الصباح
اوما قائلا
-متى ستعودين ... اقصد هل سياتي زوجك ليأخذك ؟!
هزت راسها نفيا قائله بمرارة
- انا وسعد انتهينا
رمقها بحذر
- ماذا يعني انتهينا ؟؟؟
اجابته وهي تبتلع ريقها بخوف
- س .. سنتطلق
هتف بانفعال
- ماذا !!!!!!!!!!!! لايوجد شيء اسمه طلاق في العائلة فهمتي
وقبل ان تجيبه دلفت والدتها تؤيدة
- قل لها يا ولدي تريد ان تتطلق ولم يمضي على زوجها شهران ونصف
نظرت لابنتها الغاضبه وهي تكمل
- يا ابنتي اي زوجين حديثين يواجهون الكثير من المشاكل والعقبات خاصة في بداية زواجهم ... والزوجة العاقلة تعرف كيف ترضي زوجها وتجعله كالخاتم باصبعها !!
هتفت ابتهال باستنكار
- اي خاتم امي الحياة بيننا مستحيلة انها جحيم لا تطاق
هز محمد راسه قائلا
- لابد من وجود حل غير الطلاق
نظرت له بألم قائلة بقهر شديد جعلت قلبه يرق لها
- لماذا يا اخي ؟؟ لماذا ترميني عليه كالذليلة وكأنني عبأ عليكم !! من لي سوا بيت عائلتي ليؤويني .. من لي سند سواك انت ارجوك اخي لا تجبرني على فعل مالا اريد ارجوك حلفتك بالله لا ترجعني اليه
وقفت وهي تكمل بصوت باك قبل ان تتركهم وتذهب لغرفتها
- ان اجبرتموني على العودة لن اسامحكم والله لن اسامحكم مدى الحياة
تنهد محمد ثم حدق باثرها ساهما بينما قالت والدته بهمس
- ماذا ستفعل يا ولدي ؟!
اجابها بشرود
- دعيها الان امي لعلها تحتاج لوقت كي تهدء وتفكر جيدا
تمتمت والدته بامل
- ارجو ذلك
..........................
لماذا يشعروها دائما بالرخص ؟! لماذا يشعروها بانها عالة عليهم .. اغمضت عينها بألم وانسابت دمعتان على وجنتيها لم تهتم حتى بمسحها ... تقدمت لتجلس على الفراش لتتذكر زهراء زوجة رياض عندما سألتها مرة ببراءة تامة
- زهراء هل حدث مرة وذهبتي الى منزل اهلك غاضبة بسبب رياض
اجابتها بتأكيد غير منتبهه لوجه ابتهال الذي تشنج بحزن
- بالتاكيد حدثت في بداية زواجنا لم نكن قد تعودنا على طباع بعضنا البعض
سألتها بصوت مرتعش لم تنتبه له زهراء
- وما كان موقف اهلك ؟!!!
ابتسمت زهراء بفخر وقالت بثقة ورأس مرفوع
- بالتأكيد والدي واخوتي وقفو الى جانبي على الرغم من معارضة والدتي الا انهم كانو لي نعم السند ..
نعم السند ... السند .... كان اخوها ليكون لها نعم السند لولا تلك المصيبة التي المت به ... الان عليها ان تتحلى بالشجاعة ستصر على موقفها وستذهب لتبحث عن عمل لها ... لكن اين ... اين ممكن ان تجد عملا دون الحاجة الى توصية ؟!!!
تذكرت ذلك اليوم الذي زفت اليها هناء خبر موافقة سعد على اعطائها فرصة للعمل في مؤسسته كم كانت فرحتها كبيرة خاصة وانها كانت قد تعبت من البحث وقد كانت تخجل من اخبار هناء عن حاجتها للعمل ...تنهدت بارتجاف وهمست بألم
رحمك الله هناء
كم كانتا مقربتين وكانهما شقيقتان .... رغم ثرائها الا انها ابدا لم تشعرها بالنقص او الفارق الاجتماعي بينهما
لاتزال تذكر ذلك اليوم الذي اتت فيه تبكي بسبب عامر لانه يصدها دائما ولا يستجيب لمحاولاتها لتقرب منه ... عندها نصحتها ولعدت مرات الا انها كانت عنيدة لا تفعل الا ماتريد وهذه هي الخصلة الوحيدة التي اختلافا بها بالاضافة لجرائة تصرفاتها والتي كانت تنبهها لذلك بأستمرار لكن بلا فائدة !!
نفضت تلك الذكريات من رأسها ما يجب عليها الان هو ان تبني كيانها الخاص بعيدا عن تحكمات سعد ... ستجد عملا لها وستنجح باقناع اخيها ووالدتها بالطلاق وسيوافقان ما ان يريا مدى تمسكها بقرارها مستحيل ان تضعف ابدا ... يجب ان تذيقه بعض العذاب الي اذاقه لها ... طعم الظلم بشع ومر جدا مر كالعلقم .... يجب ان تعيد بعضا من كرامتها وكبرياءها التي دهسها السيد البارد المغرور بقدميه .. وبعد ان تأكد من برائتها ياتيها طالبا الصفح والسماح ... لم يعرف بعد مدى قوتها وتحملها هو لم يرى امامه الا ابتهال الخانعة الضعيفة مسلوبة الارادة لكن الى هنا وكفى لن تعود حتى وان قدم قلبه لها على طبق من ذهب !!!
.........................................
سحبت نفسا مرتجفا وهي ترفع رأسها لتنظر الى ذلك البناء الشامخ ... لاتعرف من اين اتتها الشجاعة لتحضر الى هنا !!!! لكن مهما كانت النتيجة يجب ان تنتهي منه والى الابد هي ليست تحدي جديد له او لعبه يلهو بها قليلا ويرميها ... المرة الماضية ستر الله ونجت منه بأعجوبه لن تنتظر ليعيد الكره فهي لم تعد تثق به ... كما انها تريد انهاء ذلك الزواج البائس ... تريد ان تنعم بنوم مريح فمنذ ذلك اليوم المشؤوم وهي تحلم بمحمد يدخل غرفتها وهو يحمل سكينا يغرزه بانحاء متفرقة من جسدها ...لاتستطيع ان تعيش بهذا الرعب كثيرا يجب ان تتشجع وتقدم على هذه الخطوة بالتأكيد والده سيقف جانبها خاصة بعد ان يعلم بزواج ولده العرفي والذي سيهدد سمعتهم الراقية ....
دلفت الى الدخل تنظر حولها بضياع الكل يعمل بنشاط ... يرتدون الملابس العمليه الرقية المؤسسة تبدو فخمة جدا شتان بين عالمها وعالمه ... فلتتخلص منه وبسرعة قبل فوات الاوان ... سألت شابا كان يسير جانبها وهويمسك حزمة من الاوراق
- عفوا سيدي
وقف الشاب ينظر لها بفضول وهويقول
- نعم يا أنسة ؟!!
اجابت بحرج
- اردت ان اقابل السيد مجدي الخالدي
اجابها مقطبا
- هل لديك موعد مسبق معه ؟!!
هزت رأسها نفيا وهي تقول برجاء
- ارجوك سيدي هي مسألة حياة او موت ارجوك دعني اقابله ... انت ... فقط قل له انني .. انني .. جئت بامر يخص ولده فارس
رمقها بنظرة باردة ومحتقرة جعلت جسدها يرتجف وشعورها بالخزي يتفاقم لكن مهما يكن لابأس ستحتمل فقط لترتاح فيما بعد ... اجابها بهدوء
- انتظري هنا !
............................
كانا يجلسان في كافتريا الجامعه عندما ابتدأت ريم كلامها بندم
- ليتني لم اوفقك على فعلتك تلك
اجابها هاني بمرح
- وماذا فعلت ؟! لقد جمعت رأسين في الحلال
نظرت له بسخريه بات يعشقها مؤخرا
- حلال ؟!!! وهل الزواج العرفي حلالاً بوجهة نظرك ؟!
اجابها بهدوء
- اسمعيني جيدا ريم... فارس وافياء يحبان بعضهما جدا ولن يقف شيء تافه حجر عثرة بطريق حبهما
هتفت بأستنكار
- وهل رضى عائلتهما اصبح حجر عثرة !!
اكملت بقلق وهي تقضم اضافرها
- يالهي لما طاوعتك ... لقد شعرت بالخجل والخزي عندما عاتبتني على فعلتي تلك حتى انها اصبحت تتكلم معي نادرا جدا !!
زفرت بضيق
- لماذا اورط نفسي بهكذا امور هل انا غبية ؟!!
اجابها بنبرة خافته جعلت الاحمرار يزحف لوجهها
- كلا عزيزتي لست غبية لكنك بالتأكيد ذات قلب رقيق عطوف ومشاعر مرهفة .. اشفقتي على حال عصفوري الحب ذاك لتساعديهم
ثم اكمل بنبرة مازحة
- وصدقيني لك الاجر والثواب عندلله
نفث زفيرا غاضبا لتداري حرجها ثم قالت وهي تركز بصرها على النافذة
- ليت لساني قطع قبل ان اتصل واطلب منها المجيئ لتقع في فخكم بسببي
اجابها بجديه
- ليس فخا وغدا ستعرفين انك لم تفعلي الا الصواب
لم ينتبها الى سوسن التي كانت تجلس ورائهم وهي متسعة العينين .. مرهفة السمع ومنتبهه لكل كلمه نطقا بها !! هكذا اذن العاشقان متزوجان عرفيا !!
حسنا جدا جدا لقد جاء ما يشفي غليلها قليلا ويرد كرامتها وكبرياءها التي بعثرها السيد الوسيم فارس دون ان يطرف له جفن !
منذ ان بدأت مشاعر الحب التي يكنها فارس لافياء بالظهور وهو اصبح يتجاهلها ويقلل من كلامه معها ... حتى اثرت الانسحاب مبتعدة عنهم .. لكنها كانت تتميز غيضا وغيرةً وهي تشاهدهم بهذا الانسجام اقسمت على الانتقام لكرامتها لكنها لم تعرف كيف حتى جاءت هذه اللحظة !!
عليها اولا ان تبحث عن رقم اخيها ثم لكل حادث حديث !!!
.............................
صفعة مجلجة خدرت له حواسه صدرت من والده ما ان وقف امامه في غرفته .. لوهله ظن فارس انه يتوهم هل ضربه ابوه !! لم يفعلها عندما كان طفلا فهل سيفعلها الان وهو في السابع والعشرين ؟! لكنه فعلها وضربه بالفعل !!! هب واقفا وهو يقول بعدم تصديق
- ابي !!!!!!!
انطلق صوت والده الهادر كالاعصار وهو يقول
- انتظرك في المكتب يا عريس



انتهى الفصل

احلام موؤدة لكاتبة رقية سعيد القيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن