رنيم التي باغتها فادي باعترافه لثاني مرة لم تأخذ كلامه على محمل الجد مجددا ، ابتسمت وقالت له " لا تخلط بين الحب والتعاطف "
فادي شعر بالاحباط من ردها فمشى الى حيث كرسيها الذي كانت قد استقامت لتجلس عليه فور ان رأته قادماً نحوها . توقف امامها وجلس باريحية على الارض ينظر نحو الاعلى ليرى وجهها الذي كان ينتظر تفسيرا فتكلم "وماذا لو كان تعاطفا، انا اتعاطف معك لاني احبكِ. انا لا اتعاطف مع اي كان. انا في الحقيقة لم اتعاطف مع احد من قبل . لاني احبكِ استطيع ان اشعر بما تشعرين "
ابتسمت رنيم " ليس الامر بهذه السهولة تشعر بما اشعر . لكن اخبرني ان كنت صادقا بماذا اشعر الان؟"
شعر فادي بالاحباط مجددا فكيف عساه يدر بما تشعر هي لكن رنيم لم تدع له فرصة حتى ليخمن حيث قالت " انا اشعر انك انسان جيد فادي . لكنك الان وفي هذه اللحظة تحتاج ان تنهض بنفسك وتدرك امكانياتك وتحقق ذاتك عندها انا وانت سنملك الكثير لقوله "
كان يعلم ان ما تقوله واقع الا ان مشاعره التي كانت تتراكم متزاحمة في قلبه تجعله احيانا يتسرع ويندفع لقول اشياء كتلك . هز رأسه موافقا .
ألتف ليسحب الطاولة التي كانت ورائه وقربها ليجلس عليها امام رنيم و تحدث بصدق " اخبريني يا رنيم كيف افعل ذلك؟كيف انسى مافعلته عائلتي بأمي ؟ وكيف اقاوم كل افكاري المجنونة والانتحارية في الانتقام لما فعلوه بها وبي ؟ اخبريني كيف انسى ما علمت كي اعود كما كنت ؟ كيف استطيع ان اكون الرجل الذي ترين انني استطيع ان اكونه يا رنيم؟؟!"لم يكن يستهزأ او يسخر ، اسئلته لم تكن دعابة لقد كانت اسئلة رجل تائه لا يرى لنفسه مستقبل اساسا. ادركت رنيم باحساسها القوي ذلك ونظرت اليه تفكر في حل . ثم قالت " اخبرني اولا ماهي افكارك بالانتقام؟"
ذلك السؤال اطلق العنان لكل افكاره المجنونة التي ظلت تتفجر في صدره ويريد تحقيقها ليشعر بالراحة اخيرا يستطيع ان يتكلم بها معها " اريد ان اعذبهم جسديا تارة ، فردا فردا. وافكر في تفجير بنفسي بهم وبالبيت باكمله تارة اخرى... افكر في نبش قبري ابي وجدي لاقتلهما من جديد. وافكر في حرق اعمامي احياء . افكر في حمل مسدس وقتل الجميع. او كشف اجرامهم وتخريب كل مابنوه . افكر بسرقة كل ثروتهم والفرار وافكر باحراقها امام اعينهم لانها اغلى لديهم من ابنائهم. اه يا رنيم كم الافكار تجوب في خلدي "
رنيم "هل تملك ادلة ضد عائلتك؟ لقد قلت للتو انك تفكر في كشف اجرامهم.. هلا وضحت لي "
هو " لا املك ادلة لكني اعلم كيف اخذها. يحتفظ بها اكبر افراد العائلة حامد ، في خزنة في بيته.. وثائق توضح تهربهم من الضرائب وغسيل الاموال وشراء الذمم لتفادي قضايا مرفوعة على الشركة. والقائمة لا تنتهي ."
رنيم " الان دعني اجيبك عن اسئلتك في ايجاد الحل.اولا، اريدك ان تمتلك نسخة من كل تلك الوثائق دون ان يتم الامساك بك. "
هو " وثانيا ؟"
هي " سأخبرك ما ان تقوم بما اخبرتك ان تقوم به اولا"
هو بتقهقر" في الحقيقة ليس من السهل ان افعل ذلك ان تم الامساك بي فسأكون في مأزق قد يكلفني حياتي "
استنفرت رنيم " هل انت جاد؟"
هو " لا املك دليلا لكني اعلم انهم يتخلصون من اولئك الذين يقفون في طريقهم "
قضمت رنيم بشفتها تفكر بحذر ثم قالت " اذن دعني اسألك كم مقدار ما تملك من مال؟"
هو "الكثير "
هي " كم بالضبط"
هو "لا ادر كم بالضبط ولكن حوالي 800 مليون"
هي غير مصدقة " هل انت جاد ؟"
هو بفخر " الا ابدو غنيا لك؟"
هي ولاتزال مصدومة " ليس لهذه الدرجة! عموما بما انك تملك الكثير نستطيع ايجار من يقوم بالمهمة. "
هو " سمعت عن الامر من قبل ، النت المظلم أليس كذلك؟"
هي " بالضبط نستطيع استئجار من يقوم بالتسلل وفك الخزنة ، سيكلف الكثير لكنك لن تخسر كل ثروتك"
اثارت عبارتها قلق فادي فهو كان حريصا على ان ينمي ماله وان لا يلجأ ابدا لطلب المساعدة المادية من اي احد من عائلته. لكنه قرر ان يثق بها ويتبع كل ما تقترحه " لا املك مالا نقديا سوى مايقرب الستة مائة الف ، سيحتاج بعض الوقت لتوفير المزيد.."
ضحكت رنيم " لا اعتقد انك ستحتاج اكثر"
هو " اذن انتِ ستساعدينني في الانتقام منهم!"
هزت رنيم رأسها بنعم .
هو " لقد علمت منذ البدء انكِ مجنونة"
هي " لست اتا من يجري بالارجاء ويخبر اي امرأة يقابل بأنه يحبها"
هو بانزعاج " تعلمين اني لا افعل ذلك"
هي مباغتة " فقط لأتأكد هل سبق وان قتلت احدا من قبل ؟"
انتفض فادي واقفا باحتجاج يلومها " هل لا زلت في عينيكِ مجرم دون جرم ارتكبته؟ قد اكون الشخص الذي ينظف وراء اخوتي واقوم باعمالهم القذرة لكني لا اريد ولا استطيع اذية احد ناهيكِ عن القتل"
كان مستاء جدا وهي اعتذرت وهي تشرح انها فقط ارادت الاطمئنان.
"لازلت في عينيكِ وحشاً" قال بأسف
هي " لا انت فادي الشخص الجيد الذي يختبئ تحت فرو وحش"
ابتسمت رنيم وغادرت المكان عائدة الى جناحهما ولحقها فادي كطفل مسالم.ما ان وصلا ارتمى فادي على السرير وهو يقول " اليوم هو دوري في النوم على السرير ، اذهبي انتِ للنوم على الاريكة "
ابتسمت رنيم ساخرة وتكلمت بصوت خافت وهي تأخذ لحافها معها متجهة نحو غرفة المعيشة " كدت اصدق انك تكن مشاعر لي "في اليوم التالي غادر الاثنين الجزيرة باتجاه المدينة. واتفقا على ان يلتقيا في اليوم التالي لمناقشة خطتهما بشكل اكثر تفصيلا.
سمر ألتقت برنيم واخذت ترمي عليها بالاسئلة وتستجوبها وهي تشك بأنها تبدو كمن هربت مع حبيبها. اخبرتها رنيم ان تكف عن الترهات وانها معتادة على اية حال ان تختفي كلما ارادت ان تحظى ببعض الوقت بمفردها.
في المساء ذهبت رنيم الى المشفى لتبحث عن السيدة ياسمين . ارادت ان تضمها في مخططهم حرصا على سلامتها .لكن احدى زميلاتها اخبرت بأنها لم تأتِ لعملها مع انها لم تفعل ذلك قط طوال مسيرتها المهنية. انتاب رنيم القلق وحاولت معرفة عنوان والدة فادي دون جدوى .
عندما قابلت فادي اتما عقد صفقة سرقة وثائق الشركة. ثم شاركته امر اختفاء والدته في تلك اللحظة فقط تذكرت رنيم انها امتلكت رقم هاتف السيدة ياسمين والتي كانت قد اعطتها اياه قبل ان تغادر مكان احتجازهما . جربا الاتصال بهاتفها والاثنين ينتظران بقلق بينما رن الهاتف. اجابت امرأة غريبة واخبرتهما ان السيدة ياسمين في المستشفى لحادث تعرضت له . اسرعا باتجاه المكان ليريا السيدة ياسمين في وحدة العناية المركزة. شعر فادي بالخوف والقلق بالرغم انها كانت الام التي تخلت عنه والتي لا تزال تخاف من النظر في عينيه لانه يشبه اباه . اما رنيم بقي ذلك الخوف في قلبها انها ربما تعرضت لمحاولة قتل وليس حادث.
ربما وقفت في طريق عائلة عوض ، ربما هددتهم بفضح سرهم. ولامت نفسها انها لم تحذر فادي قبلا ان يحمي والدته . لكن الامر هو انهم كانوا يتحركون بسرعة تسبق فادي ورنيم وهي علمت انها قد تكون ايضا في خطر مستقبلا .
بعد ان قابل فادي الطبيب خرج ليخبر رنيم بالاخبار السارة وهي ان امه ستنجو.
جلسا في مقهى المشفى متقابلين تشرب رنيم بعض القهوة بينما فادي كان يفتح قلبه
فادي " انا لا زلت في حيرة. كيف تحولت كل مشاعر الحقد والكره للمرأة التي تركتني وانا طفل . الان اخاف من ان يصيبها سوء واجن لمعرفة انها تأذت"
ربتت رنيم على يده واخبرته " كلاكما كنتما ضحية ، لذلك لا تستطيع ان تكرهها بعد ان علمت الحقيقة. "
فادي " اريد ان اعلم من فعل بها هذا لانتقم "
رنيم " على الارجح انهم نفس الاعداء القدماء. اريدك منذ الان ان تحمي المقربين منك .يبدو ان الحرب قد بدأت بالفعل . كونهم يسبقوننا يعني على الارجح انك مراقب "
هو" ليس امرا مستبعدا. ذلك يفسر من ابلغ عني بأمر الاختطاف"
هزت رأسها موافقة . ثم طمنته بأن امه ستكون بخير .قررت رنيم العودة للمنزل عندما كاد الوقت يصبح منتصف الليل . واصرت ان تغادر بمفردها. مشت في الاروقة تشعر ببعض من الحذر والخوف فهي لم تعتد ان تتأخر كل ذلك الوقت في الخارج . وقفت امام المشفى تبحث عن سيارة اجرة دون جدوى . سمر كانت ستتأخر في الخارج في حفلة ما مع حبيبها ولم ترد ازعاجهما. كان المكان شبه مهجور وهي بدأت تشعر بالرعب . فكرت ان تمشي الى الشارع المجاور قد يكون هناك حركة سير افضل لكن ما ان همت بالمشي حتى امسكت بها يد توقفها وجمدت الدماء في عروقها.
ألتفتت لترى انه لم يكن سوى فادي الذي كان يلهث بعد ان ركض ليلحق بها. تنفست الصعداء وارادت ان تبعد معصمها من قبضته بينما هو كان يتشبث اكثر بها.
فادي يتكلم بين انفاسه " لا استطيع ترككِ تذهبين بمفردكِ، افضل الموت على ان يصيبكِ اذى"
كلماته تلك جعلت قلبها يخفق له للمرة الاولى .©ManarMohammed
أنت تقرأ
قاتلي و حبيبي ( مكتملة)
Roman d'amourامرأة بماضٍ أليم تلتقي برجل مجرم ، هي كمعالجة نفسية تستطيع ان ترى خلاله ، تتدخل في حياته و تكاد تفقد حياتها لتسحب ذاك الرجل من ان ينحدر ليصبح قاتلاً.