18- لقاء اخر

196 22 0
                                    

احست رنيم ان الهواء والجبال والارض والتربة كلها كانت ذا لحن سحري خاص يلعب باوتار قلبها .. رائحة الوطن كانت تشبع روحها الظمآنة حباً وألفة.
كانت قد اشتاقت للعودة شوقا تراكم في الخفاء ولم تدركه الا عندما داست قدميها تراب بلادها.
بعد ان هدأت جراح الماضي وجدت نفسها تفتح صفحات جديدة مع امها واخواتها. بقلب نسي كل شيء تعلمت حبهم من جديد .
وودعت صديقتها سمر التي عادت بعد زفافها الى الارض البعيدة تلك التي تحوي انفاس الحبيب الذي اغلقت عليه ابواب الزنزانة بيديها الاثنتين .
كم دار في خلدها لوم وندم . حاولت تخيل ألف احتمال وألف اقتراح كان يمكن ان ينجي فادي دون ان يزج في السجن ... لم تستطع مسامحة نفسها طوال الوقت .
وفي كل ليلة قبل ان تنام كانت تطاردها اشباح المشاعر من شوق لحب لندم وعتب من خوف لفقد لألم لفرح تذكر لحظات جمعتها به.  كل ذلك كان ينهب منها ساعات كانت لتكون هنيئة من النوم.
اعتادت الارق والشعور بالثقل والتعب. كان ذلك الثمن الذي توجب عليها دفعه. وفي النهار كانت تقضي وقتها في العمل وفي تناسي نفسها باللعب مع اطفال اختيها اللتان كانتا تتركان اطفالهما مع الجدة في المخبز بشكل متكرر.
وبما انها زارت المخبز يوميا فور انتهاء العمل لتساعد امها ويذهبان معا الى المنزل فقد كانت اكبر مساعدة هي الاهتمام بالشقيين الصغيرين.
سجى ورامز الذين كانا بالسابعة والخامسة بالترتيب. كم احبت الاطفال وتحملت كل شيء منهما بطيب خاطر بل كانت احيانا تعود لايام طفولتهما وتلهو وتلعب معهما وقد كانا سببا رئيسيا في ان اصبحت نفسيا اقوى وتجاوزت بهما مأزق الانزلاق في الكآبة.
جاء زوجها السابق للزيارة بعد اشهر من عودتها . كان في عينيه امال لبدايات جديدة . حلف واقسم واعدا انه قد تغير وانه مستعد ليفعل اي شيء لتعطيه فرصة اخرى الا ان الاوان كان قد فات. لم يعد بالنسبة لها سوى جرح قديم قد نسي ما ان تشافى. لم يتبق لهما شيء معا سوى اطلال حب هش حاولت هي بكل قوة ان تجعله يصمد حتى تداعى كقصر مبني من أوراق اللعب . لم توهمه او تجرحه اخبرته بلطف وحزم في ان واحد انها لا تستطيع لاسباب كثيرة .وانها قد سامحته ودعته لمسامحتها و ان يذهب كل في طريقه.
بعدها لم يستسلم وظل يحاول بين الحين والاخر الا انه بمرور الشهور والسنين توقف عن ذلك وذهب وتزوج بواحدة اخرى ماضياً في حال سبيله.
•••••••••••••••••••••••••••••••

مرت سنوات اربع كانت رنيم قد كرست نفسها للعلم اكملت دراساتها العليا وانكفأت تقرأ شتى مجالات الثقافة . ارادت ان تسمو بروحها الى مكان اخر اكثر سلاماً وكذلك فعلت.
اخذت ترى فيها الحياة بكل صورها. استطاعت ان تطفو وتنظر الى الصورة الاكبر واخذت مشاعرها تبدو مثيرة للسخرية . كانت قد تمكنت من تخطي الصدمة التي مرت بها عندما طعنها من احبت بصدق .
الا انها ايضا ادركت بأنه يستحيل في يوم ما ان يصبحا معاً لان ذلك سيكون انتحارا لكليهما ولذكرى مشاعر جميلة يوما احتوتها.
الثقة .. ذلك الشيء المعنوي الذي لا يرى كان قد انكسر .. ومع انكسار الثقة يستحيل ان يكون هنالك رابط بين رجل وامرأة وان حدث وصار فهي علاقة مريضة قاتلة للروح. كانت تلك الطعنة المتهورة ماقتلت مستقبلهما معا.

قاتلي و حبيبي ( مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن