15-قناع الحب

420 35 11
                                    

رنيم رغم تفاجؤها بحضنه لها الا انها ربتت عليه تاركة اياه وهي تعلم مقدار الضغوط التي عاشها داخل غرفة التحقيق والخوف والقلق. لم تكن تنكف ان تصبح اكثر تعلقا بفادي . كانت تعلم ولكنها كانت تقاوم بعناد.
فادي " كنت اعلم انه انتِ"
رنيم "ماذا تقصد؟"
هو " لانني كنت سأبيت في الحجز لولا قدومكِ"
رنيم بخجل تحاول تحويل انتباهه" دعك من هذا. فلنذهب لرؤية والدتك الان" اومأ برأسه موافقا وما ان هما بالخروج حتى استوقفهما احد المتحرين. تكلم وهو يناول فادي بطاقة عمله وفيه هاتفه"لقد وضعنا حراسة لوالدتك لذا يجب ان تدعو ان تخرج من حالتها الصعبة وتتكلم لتبرأتك"
فادي " شكرا لك ايها المحقق"
هو " لا تتردد في الاتصال بي في حال تذكرت شيئا تريد قوله بما يتعلق بالامر الذي حدثتك بشأنه"
فادي مؤكدا " سأفعل ، شكرا ايها الضابط"
تركا المكان وفادي يشرح لرنيم ما قصده المحقق. اتضح ان الضابط عوني يشك بأمر عائلة عوض كونها تقف وراء الحادث وكذلك سوء حالة والدته قد تكون محاولة لتصفيتها للمرة الثانية! قررا الاثنين الاسراع بالذهاب الى المشفى الى السيدة ياسمين.
عندها فقط ادركت رنيم ان فادي كان يمسكها . كانت يده الكبيرة في يدها طوال ذلك الوقت . فسحبتها بسرعة وهو يتذمر من مبالغة ردود افعالها وهي تتجاهله.

•••••••••••••••••••••••••••••

كان في ذلك المساء ان بدأ فادي رحلتة العلاجية النفسية . دلته رنيم على مرشد نفسي كان معلما لها وقت دراستها وكان الاكثر ألمعية . رافقته رنيم في اول جلسة له . كان متوترا وغير متأكد مما كان يقوم به ولكن لاجلها ومن اجل ان يكون شخصا افضل وافق على الامر.
بعد ان غادر من جلسته الاولى اعترف لها قائلا " لم اكن اعلم انني سأشعر بهذه الراحة وانا اتكلم مع شخص غريب عني تماما. اشعر كأنني امشي في الطريق الصحيح"
هنأته رنيم " قريبا ستنذهل من كل شيء اصبحته ولم تتخيل انه ممكن. "
هو " كيف ترينني في المستقبل ؟"
هي " اراك شخصا قويا تغلب على كل مصاعب الماضي وتتعافى . شخص عاد ليكمل دراسته الجامعية ويملك حلما وهدفا . اراك شخصا سعيدا . لا املك ادنى شك انك ستكون كل هذا . فأنت تستحق"
خفق قلبه وهو يسمع كلماتها . وشعر بالطاقة والايجابية ففي صوتها كانت الثقة . الثقة التي لم يمنحها اياه احد من قبل . ذلك زاده عزما على تحقيق كل ماقالته ليثبت لها انه احبها بذلك القدر .
كانت مهمته في ذلك الوقت هي ان يتعافى نفسيا من جراح طفولته التي نزعت منه مشاعر انسانية هامة وجعلته الشخص العدواني اللامتعاطف الذي قضى عمره يستخدم الناس كأدوات باستغلال حاجتهم المادية له.
بعدها تلقيا مكالمة بأن والدة فادي استيقظت واسرعا لرؤيتها سعيدين بالخبر.
كانت الشرطة قد سبقتهما حيث تم استجواب السيدة لبعض من الوقت قبل الرحيل . كانت حالتها لا زالت خطرة الا انها استقرت نسبيا. اراد فادي رؤية والدته لكنه كان قلقا من انه سيسبب لها نوبة هلع اخرى عندما ترى وجهه كآخر مرة ظنت انه كان والده .لذلك طلب من رنيم " هلاّ دخلتِ عوضا عني انا سأبقى هنا ، تذكرين كم كانت متوترة لرؤيتي في اول مرة... لا اريدها ان ..لا ادرِ"
نظرت رنيم الى عينيه وشعرت باحباطه . ابتسمت وقد اخرجت قناع وجه قماشي عزمت على استخدامه لاخفاء هويتها عند اللازم مستقبلا.
هزت بالقناع امامه فنظر اليها لا يفهم بالضبط ما المطلوب حتى اشرت بيدها تطلب منه ان يدنو اليها ليقترب بما يكفي كي تلبسه القناع .
" هل انتِ جادة؟!" نظر اليها بشك
هي بلطف " ثق بي ،سينجح الامر "
فادي بكل سرور انحنى بظهره ليقترب من رنيم التي كانت تقصره بكثير . دنى اكثر من اللازم حتى اصبح وجهه قريب من وجهها بشكل لم يكن مريحا لرنيم التي عندما تلاقت اعينهما لم تتوانى لثانية ودفعت بجبينه كي يبتعد الى المسافة المناسبة . استطاعت ان ترى بوضوح نظرة التذمر في عينيه وكان ما يفعله بتلك العينين محببا لقلبها. اخذت القناع ووضعته بعناية على وجهه ثم اخذت بيده كطفل صغير الى الداخل فقد علمت انه كان ولابد لا يريد ان تراه امه كالوحش الذي اذاها بينما هو بريء. فادي شعر بيدها تمسك به فإذا بالطمأنينة تغشاه ويتوقف عن التفكير بأي شيء سوى كم انه محظوظ بأنه قابلها . رنيم المرأة التي ارسلها له الله له كملاك منقذ.
عندما تعرفت ياسمين على ابنها ورنيم ابتسم بتعب و هي تمد يدها تريد ان تمسك يد ابنها . اقترب فادي بعد ان ترك يد رنيم ليمسك يد امه التي اخذت تشكر الله انه بخير ولم يصبه اذى . وانها كانت مذعورة من انهم أذوه كما فعلوا معها. دمعة غادرت محاجر عينيها امتنانا وشكر لله على انقاذه لفادي .
وشعر فادي بألم في قلبه وهو يتعهد تماما كما كان سيجعل رنيم فخورة به سيجعل امه كذلك وسيعوضها عن كل الالم والظلم الذي عاشته.
تركتهما رنيم ليحظيا ببعض الوقت معاً. وانتظرت في الخارج على مقعد الانتظار. عندما خرج فادي جلس الى جوارها ووضع رأسه على كتفها ارتبكت الفتاة للحظة وتكلم فادي "بالتفكير في الامر، مذ عرفتكِ كل الاشياء الجنونية بدأت بالحدوث . حرفيا لم احظَ بيوم بلا احـ.." توقف عن الكلام عندما انزلقت رنيم على المقعد مبتعدة عنه بما يكفي كي يسقط رأسه عن كتفها . كانت مستاءة من فكرة انه يراها انها مصدر المشاكل في حياته.
ابتسمت عينيه بوجهه المغطى بالقناع وهو يرى وجهها الغضوب الذي وجده في تلك اللحظة لطيفا حدا جعله يتهور بما يكفي وينفذ نصائحها التي اسدتها له عندما كانت مرشدته وهو ان يتصرف كما يشعر دون خشية الآتي. لذلك اقترب من حبيبته الغاضبة ليزرع قبلة سريعة على شفتيها لولا انه كان يرتدي القناع الذي عمل كحاجز بالكاد يفصل بينهما لكان قد اصبح في عداد الموتى على يدها . ومع ذلك اتسعت عينيها من المفاجأة اولا ثم شعرت باشتعال خديها خجلا من الموقف . كان يتمادى في كل مرة وخشت انها بدأت لا تمانع وقاحته. لذلك قررت ان تبتعد فحسب . دون مزيد من تعليقات الرفض التي لا تجدي نفعا.
تكلمت بهدوء " ربما لم تصلك كلماتي بشكل واضح لكن الحقيقة انني اعتزم ان اتوقف عن رؤيتك ان قمت بفعل مثل هذا مجددا" قالتها بنبرة جادة وهي تعني كل كلمة تقولها .
كانت قد فكرت بهذا منذ فترة. انها مصدر الهاء وتشتيت لفادي وانها على الارجح كانت لتكون نقطة ضعف مميتة له والعكس صحيح . كانا جميلان معا الا ان لحظتهما المناسبة لم يحن موعدها بعد. لم تستطع ان تشرح له ذلك وقررت ان تبادر بالصد والرفض حتى يستسلم.
دون اي تذبذب دون ابداء اي مشاعر تردد. قالت كلماتها جاعلة فادي مجروحا يشعر بأنه وغد متحرش.
" انا آسف" قالها بنبرة ذكرتها بذلك الرجل القديم الذي كان باردا بدرجة تخيف . شعرت بألم في قلبها لكنه تحتم عليها فعل هذا لاجلهما معا.
لم ترد بكلمة ونهضت لتغادر . لاحقا ارسلت له زمان ومكان اللقاء المخطط له مع المأجور لأخذ المستندات من حامد.
رد برسمية تشبه رسالتها بأنه سيكون هناك . كان قد فهم الى درجة ما ، ماحاولت رنيم قوله وهو ان يركزا على انجاز خطتهما .

وصلت الوثائق التي قاما بتأجير من يسرقها . عندها فقط اطلعت فادي على خطتها . شرحت رنيم ان حامد سيعلم بأمر سرقة الاوراق وسيحاول معرفة من الفاعل. في هذه الاثناء يجب ان يركز فادي على امه فقط بحيث لا يشك حامد به حيث انه سيفكر بأن فادي لا يعلم من خصومه بعد، كما انه متهم بدهس امه وعلى الارجح ان كل ما يفكر به حاليا هو استيقاظها لتبرأته. سيجعله ذلك يشك باخرين ويتهمهم وينشغل بهم .
عندها يجعل الاخوة يشكون ببعضهم عن طريق وضع نسخ من المستندات مع ابراهيم الاخ الثاني بعد حامد، ثم ارسال رسالة من مجهول لحامد بالامر. بحلول ذلك تستعيد السيدة ياسمين قوتها بما يكفي لمغادرة البلاد الى مكان سري آمن . في تلك الاثناء والاخوين يتعاركان دور فادي هو ان يهدأ الطرفين بشعارات الاخوة والوحدة الاسرية مدعيا الحب والاهتمام بعائلته.بذلك ينال ثقتهما انه لا يعلم شيئا عن محاولتهم للتخلص منه.
ثم ينتظر بالضبط شهرين ويخبرهم بأنه قرر مواصلة تعليمه الجامعي في الخارج . نظر اليها فادي وقال " ماذا لو لم ارد ان اواصل تعليمي "
هي " ستود ذلك فهو عذرك الوحيد لتكون خارج دائرة الشك"
ثم تابعت انه وهو في السنة الثانية من جامعته ستقوم هي بنفسها بنشر الوثائق التي ستفضح العائلة وستحرص ان تنتشر في كل وسائل الاعلام حتى لا توجد فرصة لتعتيمها .
اعترض فادي خائفا من ان تصل قبضة العائلة اليها وتنكل بها جراء ما اقترفته من نشر اسرارهم. الا ان رنيم طمأنته انها تعرف شخصا كفيلا بمسح كل اثر يقود اليها .
واختتمت " ليتم كل ذلك بشكل صحيح . يجب اولا ان نفترق . دعنا نلتقي عندما تنتهي من دراستك"
لف رأس فادي لما سمعه منها. لاربعة اعوام على الاقل هذه هي المدة التي طلبت منه ان يفترق عنها.
عقد حاجبيه ونظر اليها. كم كانت هادئة وواثقة بينما كانت نيران الاشتياق اليها تأكله بالفعل وهو لا يزال يجلس مقابلها.
فكر في نفسه:
تريد بلا شك قتلي!
©ManarMohammed

قاتلي و حبيبي ( مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن