عودة الى الحاضر
بعد ان علم فادي بمدى الجرم الذي اقترفته عائلته وادرك انه ابن لم يرده احد، شعر بالتقزز من نفسه وكأنما كان يستحق كل تلك المعاملة السيئة والمهينة التي عانى منها، وقتها فقط ادرك سبب رعب امه منه ، فقد نشأ فادي يسمع جميع من حوله يخبرونه بأنه يشبه اخاه مجدي ، ذلك برر كيف ان امه رعبت حين رأته عن قرب للوهلة الاولى .
هي كانت ترى صورة من عبث بحياتها ومشى بكل بساطة كما لو انه هدم بيت نمل لا غير وليست قلوب وحياة ومستقبل عائلتها بأكملها . اخذ يرى والده الذي كان في الواقع جده ،حيوانا لم يستحق ان يترك ليموت موتة طبيعية وان والده الذي اقترفت يداه جرما شنيعا وعاد لحياته وكأن شيئا لم يكن ،يستحق التعذيب حتى الموت لو لم يكن قد مات فعلا.
كان يعلم ان والدته لم تقتله حقا كما اعتقدت فهو كان حاضرا طوال فترة بقاء مجدي في المشفى وكان من شهد مجدي يلفظ انفاسه الاخيرة رغم محاولات الاطباء انقاذه.
ربتت والدته على كتفه بحذر وشيء من الخوف باد عليها ، حاولت جاهدة ان لا ترى في ولدها ماضيها الذي جعلها اشبه بالمجنونة. قاومت لتخبره ماارادت على الدوام " انت لا ذنب لك في اي من هذا . لقد اخطئ الجميع بحقك بمن فيهم انا التي حتى هذه اللحظة لا استطيع ان اضمك الى حضني وان اعدك ان نبقى معا للابد ، لا زلت غير قادرة على التحكم بمااشعر فيه وكيف اتصرف وانا امامك. الا انني احبك يا ابني .. كثيرا و جدا لذلك انا لن استسلم واعدك انني سأعود اليك بعد ان اتغلب على مرضي الذي الان هو عائق بيننا ." كان فادي في عالم اخر كما لو انه لم يكن يسمع شيئا ، انسكبت دمعات ياسمين الحارقة على قميصه للحظات. ثم
اخذت رنيم معها ووقفتا امام الباب الذي كان شبه مغلق .
هناك امسكت الام بكلتا يديّ الفتاة تتضرع اليها كي تسامح ابنها وان لا تبلغ عنه الشرطة لاختطافها.
ياسمين محاولة تعويض رنيم " انا لست غنية ، لكني اعدك ان ادفع لك تعويضا مجزيا ان تركتِ الامر . اعطيني رقم حسابك المصرفي وسوف .."
قاطعتها رنيم " خالتي ، خالتي .. انا يستحيل ان اؤذي فادي .. ليس بعد ان علمت بكل ما مر به . ليس وانا معالجته . ارجوكِ لا تقلقي لست بحاجة الى اي مال ، احتاجك فقط ان تعطيني طريقة للتواصل معكِ في حال احتجتكِ للمساعدة بخصوص فادي. "
نظرت اليه الام وهو متجمد في نفس المكان وعادت دموعها تنسكب " ارجوكِ ابنتي ساعديه لا اريده ان يصبح نسخة من تلك العائلة الخبيثة"
رنيم " اعدكِ خالتي ، سيكون لكِ ما اردتِ. فادي ليس شخصا سيئا انما يبدو ضائعا وبلا خيار. ارى ذلك واستشعره فيه "
حضنت ياسمين رنيم واخبرتها بأنها يجب ان تعود الى منزلها وعملها قبل ان تثار الشكوك حول اختفائها. ثم ولت مغادرة على عجل .بعد ان اخذت حقيبتها التي كانت ملقية جوار الباب كما لو كانت قمامة. غادرت المرأة تاركة ابنها يتقطع ألماً. وتساءلت رنيم كيف اتت بكل تلك القوة لتفعل ذلك.
عادت رنيم بنظرها نحو فادي وفكرت للحظات وهي تقف وراءه و هو الذي بدى منذ اول لقاء بينهما مجرما وخطيرا ، قاس القلب ومتبلد المشاعر ، ثم ادركت كيف انها حكمت بناء على المظاهر وبكل سطحية دون ان تعلم شيئا عن مدى ما عاناه ومر به والظروف التي جعلت منه يتعامل بقسوة ويبدو فظا غليظا .
شعرت بالذنب يأكل قلبها ، ورغبة ملحة باصلاح غلطتها ، تقدمت اليه ووضعت كفيها على ذراعي فادي الذي لم ينتبه حتى لذلك فقد كان غارقا في صدمته.
أنت تقرأ
قاتلي و حبيبي ( مكتملة)
Romansامرأة بماضٍ أليم تلتقي برجل مجرم ، هي كمعالجة نفسية تستطيع ان ترى خلاله ، تتدخل في حياته و تكاد تفقد حياتها لتسحب ذاك الرجل من ان ينحدر ليصبح قاتلاً.
