الفصل الاول

1.1K 21 3
                                    

الفصل الاول....

أبعدت سهير خصلة شعرها السوداء الكثيفة من جانب وجهها وامسكت سيجارتها لتبعدها ببطء عن شفتيها وهي تتطلع بصلاح الذي كان مسترخيا على الاريكة الوثيرة مسند ذراعه على الوسادة وبدون مقدمات وبدون أي تكليف او لف ودوران طلب منها يد زينة ابنتها الوحيدة! بصراحة لم تكن متوقعة منه ذلك الطلب ولا تعرف ماذا جرى لها فبدت كأنها بلحظة فراغ!
انها لا تقدر ان تنكر ان صلاح كالدجاجة التي تبيض ذهب وانه منجم من المال والعزوة وان أي والدة تحلم بهكذا فرصة ماسية تحظى بها ابنتها لكن بنفس الوقت لا تقدر ان تنكر أيضا ان فارق العمر كبير وان نزوات صلاح القديمة لا يمكن ان يسترها غطاء وانه لا يمتلك شهادة علمية فلغته الدينار والمكسب والتجارة الربح والخسارة وطموحه جمع أكبر قدر من الثروة وارتداء أفخم الثياب وركوب أغلى سيارة والسفر الدائم والغرق في الملذات وتدليل النفس
كما تعلم انه قادر ان يتزوج أي فتاة يشير اليها بإصبعه دون ان يواجه أي عائق لكن الذي حيرها لماذا اختار ابنتها دون عن كل الفتيات؟
لأنها ابنة عمه فقط ام انها فتاة أحلامه؟ لا تتصور ان لصلاح فتاة أحلام انه لا يحلم أصلا ان كل ما يريده يكون ملك يديه بليلة وضحاها لكن يا ترى هل ستكون زينة ملكه بين ليلة وضحاها أيضا؟

قال بتأمل وهو يعتدل بجلسته وباستغراب: "تأخرت بالرد علي؟ استغرب كل ذلك الشرود .... تشوبني شائبة يا زوجة عمي؟"

وضعت سهير ساقها المغطاة بجوارب سوداء حريرية فوق الأخرى ونفثت الدخان قائلة بسرعة: "لا بالعكس .... انا عن نفسي موافقة وجدا لكن كما تعلم يجب ان نشاور بهجت وصاحبة الشأن زينة"
صلاح وببرود: "لا اعتقد عمي بهجت سيفكر بشخص أفضل مني لابنته فأنا أولى بها من الغريب كما انني قادر على توفير كل شروطها ومتطلباتها واحلامها .... ماذا تريد أي بنت أكثر من منزل فخم يليق بها وسيارة وخادمة وكل طلباتها أوامر .... سأتوجها ملكة والاخرين عبيد يخدمونها .... عموما تكلمي معها ومع عمي سأنتظر الرد غدا فكما تعلمين انا أقدس الوقت وكل دقيقة بالنسبة لي ثمينة كالذهب ولا احب المماطلة بالنسبة لي سأعتبر الموضوع منتهي وسأتصرف على أساس ذلك لأني اعلم ان ذلك مجرد اجراء روتيني وان الموافقة اكيدة حتما لذلك سأبدأ بتجهيز إجراءات العرس من خطوبة وعقد قرآن"

ابتلعت سهير ريقها واومأت له ببطء .... انها متوجسة من ردة فعل زينة وتخشى ان تعارض وتضيع على نفسها فرصة مثالية كهذه
اما عن بهجت لم تحمل همه لأنه لا يعترض إذا وافقت زينة مدللته كما انه رجل بسيط محب للعائلة ومعتمد عليها ويمنحها حق اتخاذ القرارات المصيرية لأنه يثق بقدراتها ويعلم انها امرأة حازمة وقوية ومديرة مثالية ليست في مدرستها فقط بل في بيتها أيضا.
.................................................. .......................
توقفت السيارة امام المنزل الكبير الحديث الطراز الذي تبدو عليه مظاهر الرخاء المادي ونزلت منها زينة وهي تحمل كتبها الثقيلة وهرولت بخطوات نشيطة الى الداخل وما ان دخلت الصالة التي تجلس عندها أمها حتى سعلت من رائحة العطر الثقيل ودخان السجائر الخانق وقالت بضيق: "ما كل هذا ارحمي صحتك يا امي .... اكيد صلاح كان هنا رأيت سيارته تغادر الشارع قبل دقائق كما ان رائحة العطر الثقيل الذي يخنق الصالة لا يمكن ان ينفي تواجده؟"
ابتسمت سهير قائلة: "نعم يا عروسة صلاح كان هنا"
مع ان زينة استغربت كلمة عروسة الا انها تجاهلت قائلة بابتسامة حلوة: "ماذا طبخت لنا اليوم يا جميلة؟"
سهير وبتأمل: "كبرت يا زينة ونضجت ما شاء الله تغيرت كثيرا ولم يعد جسدك كبنت صغيرة كالفترة السابقة عندما كنت بالإعدادية .... يقال ان البنت عندما تظهر عليها معالم الانوثة على أهلها ان يبحثوا لها عن عريس"
فترت ابتسامة زينة وشدت كتبها بشيء من الاضطراب ثم اتجهت بسرعة الى السلم وبخطوات رشيقة وخفيفة ارتقت السلالم محاولة تجاهل تلميحات أمها الغريبة اليوم.
رمت كتبها على السرير الحريري الزهري وخلعت حذائها وتهاوت على الاريكة وتصفحت بهاتفها وهي تداعب خصلاتها الشقراء الناعمة ثم غمرت الهاتف بحجرها واسندت رأسها وتنهدت بعمق ....

رواية تحت مسمى الحب لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن