الفصل الحادي عشر

673 93 42
                                    

انقضت الليلة واستيقظت هي كالمُغيبة، من جديد لاتستطع تحديد ذلك الأمر الذي مرت به تُرى هل كان مُجرد حُلم مليئ بالهلاوس أم أنه حقيقة عاشت هي كُل تفصيلة به ..
لقد كان الأمر أشبه ب... انتقال روحها بل جسدها بأكمله إلى عالم آخر، بل وتلك المرة بدا وكأن هُناك من يُرافقها ..
شخص أو شيء لم تستطع رؤيته أو مُلامسته أو حتى تحديد هويته لكنها كانت تحس بتواجده، يُرشدها ويُنير طريقها المُظلم نحو المجهول؛ لايمنعها من التمادي لكنه يوقفها في اللحظة المُناسبة ..
رغم ذلك فقد كانت تشعر بالثِقَل يملأ قلبها وكأنه يحوي بين ثناياه حجر خفي يمنعها من التنفس ..

حاولت غرام الخروج من تلك الحالة التي انتابتها، ففي تلك المرة لم يكن نجاح التخاطر هو مايشغل تفكيرها بل بدا وكأنها لاتهتم لأمر زياد برمته، بل كان عقلها متوقف عند ذلك العالم الذي غاصت به داخل أحلامها؛ فقد كان مزيجًا من الخيال والنعومة وفي نفس الوقت لم يخلو من الغموض والإثارة، هي تتذكر جيدًا تسارع نبضات قلبها في نفس الوقت الذي كانت الابتسامة تملأ فيه وجهها وكأنها طفلة في الخامسة من عمرها، كانت تطوف في السماء كالروح بلاقيود أو ضوابط، فلم تخش مُطلقًا توغلها إلى تلك الأماكن المُظلمة رغمًا عن انقباضة قلبها، لكنها كانت تتطمأن لإحساسها بأنفاس رفيقها الذي لاتراه .. تلك الأنفاس التي ...

توقفت غرام عن التفكير للحظات وأحست بناقوس الخطر يدُق .. فتلك الأنفاس هي تشعر بها الآن ..
أنفاس حارة تلفح جانب رقبتها بتتابع ورقة ..

التفتت الفتاة نحو مصدر الأنفاس دون مُقدمات، لكنها لم تر سوى الفراغ وفي ثوان اختفى ماكانت تشعر به للتو ...
تنفست الصعداء وغادرت فراشها بترنُح متمتة :
_ الظاهر موضوع التخاطر ده لحس دماغي .. مبقتش مركزة في حاجة خالص ...
تنعلت خُفها المنزلي ثُم أردفت :
_ أنا محتاجة أخد فيتامينات تعلي التركيز شوية وتظبطلي نومي ودماغي وتفوقني من التوهان ده ...

توجهت إلى الحمام بجسد مُتثاقل وأعين شبه ناعسة وكأنها لم تنم ليلتها قط، بينما أعلى فراشها .. وبنفس المكان أسفل الوسادة كان يقبع ذلك الكتاب بسكون ..

                      **************
لقد كان جلال بعيدًا كُل البُعد عن حالته الطبيعية وهو يبحث عن غرام كالمجنون في كل شبر من أرض الجامعة، فقد كان وجهه شاحبًا مصفرًا وكأنه لم يذق للنوم طعمًا مُنذُ ليالٍ طوال ..
كان ينتظر بفارغ الصبر حديثها معه بعدما علمت بحقيقة أمره، لكنها وبعكس ماتوقع لم تُهاتفه حتى للتأكد من صحة الأمر، بل إنها وضعته بقائمة المحظورين ولم تمس قدمها أرض الجامعة مُنذ ذلك اليوم ..
رغمًا عن غضبه لإنهائها الأمر بتلك السرعة دون حتى مناقشته، إلا أن ذلك لم يمنع قلبه من القلق عليها، فهي لم تتغيب من قبل كُلُ ذلك الوقت ..
بالتأكيد هو لن يُجبرها على استمرار العلاقة بينهما، لكنه توقع على الأقل بعض المُحاولات البائسة منها لثنيه عن ذلك  ....

الإكسير الزائفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن