(ما زلت في ذاكرتي)

9 4 2
                                    

الفصل الرابع عشر
في احدي البنايات القديمة المتهالكة
رفعت شروق عينيها ببطء، تحاول استيعاب ما حدث، ليأتيها صوت شاب قريب من اذنها،
الشاب بغضب: اي اللي انتِ بتعملية ده
السيدة بتذمر: اليت دي هي اللي جت تتهجم علينا
تدخلت شروق فورا في الحوار وقالت مسرعة: انتي كدابة، اكيد حضرتك شوفتها وهي بتزوقني
ردت عليها السيدة بتذمر: شوف البت، بقي انت يا استاذ اشف تعرف عني كدا
رد اشرف بخفوت: اشف!!، ثم قال بسخرية: لا ابدا المهم انهوا الحوار دا البنت كان ممكن تقع وتروحي ف داهية اتفضلي ادخلي شقتك ي ست بلاش دوشة
نظرت شروق الي المدعو اشرف لتشكره، كان شاباً طويلا ونحيف عيناه زيتونيه وشعره اسود وبشرته قمحيه، تحظثت شروق بحرج: انا متشكره جدا، لولا حضرتك كان زماني وقعت
ابتسم اشرف ورد عليها بأدب: لا ولا يهمك، بس انتي شكلك بنت ناس ومحترم اي اللي جابك تسكني ف المكان دا بس
ردت عليه بغموض: القدر
ثم القت عليه التحية وهبطت الي حيث شقتها الصغيرة التي تمكث بها عي ووالدتها، نظر اشرف الي خيالها وابتسم من تلك الفتاه العجيبة التي كان يراها دائما تنزل من الصباح الباكر وترجع في آخر النهار وعلي وجهها علامات الجدية والشراسة تخفي ملامحها الجميلة
------------------------------------------------------
نظرت مريم بخوف الي والدتها الماثلة امامها، وحاولت التكلم ولكن الجمتها الصدمة، فتحدثت كوثر بجمود: انتي بتكلمي مين يا مريم
ابتلعت مريم ريقها في توجس وخوف وحاولت اخراج الكلام بهدوء: دي.. دي صاحبتي يا ماما
نظرت لها كوثر بشك واردفت بهدوء: ومالك متوترة ليه لو كنتي بتكلمي واحده صاحبتك زي م بتقولي
ارتبكت مريم وتحدثت بعصبية: اي يا ماما انتي بتحققي معايا ولا اي، وبعدين هو انا صغيره يعني
اندهشت كوثر من طريقة كلام ابنتها: انتي ازاي تكلميني كدا يا مريم، قالتها كوثر وهي مصدومة من ردة فعل ابنتها الصغري
اسرعت مريم وامسكت بيد والدتها وقبلتها وتحدثت بنبرة آسفة: يا ما انا مقصدش انا اسفه متزعليش مني انا بس عايزاكي تثقي فيا وصدقيني انا عمري م اعمل حاجه غلط ابدا، بس ف حاجه مهمه وانا مش هينفع اقولها دلوقتي سامحيني
دب الرعب بقلب كوثر وسألتها بلهفة: ف اي يا مريم انتي كويسة في حد بيضايقك طيب اي اللي انتي مخبياه عني قولي انا عمري ابدا ما هاجي عليكي واي كلمة هتقوليها هصدقك متخافيش
ابتسمت مريم علي طيبة والدتها وقالت في حنو: متخافيش يا ماما انا كويسة ومافييش حاجه خالص واكيد لو عندي اي مشكلة هجري عليكي واقولك هو انا ليا غيرك انتي وعمار
تنهدت والدتها براحه مردفه: طيب مادام انتي كويسة وبخير خلاص مافيش مشكلة منين م تبقي عايزه تحكي انا موجودة
تنهدت مريم براحة لإقناع والدتها ونظرت الي الجانب الآخر وهي تدعي في سرها ان يعينها الله علي ارجاع الاوضاع الي مكانها الصحيح وان ترجع ابتسامة اخيها مرة اخري
----------------------------------------------
في احدي المقاهي، كان يجلس كلا من عمر وعمار علي طاولة واحدة وامامهم كوبان من الشاي، كان عمر يرتشف الشاي بهدوء ولكن استفزه هدوء صديقه، فتحدث بنبرة منخفضة قليلا، فهمهم عمار شاردا، فارتفع صوت عمر عاليا، لينتفض عمار علي الكرسي، فتحدث بغضب: اييييييه يا بهيمه انت
عمر بوجه عابس: طب م انت مش مركز معايا خالص وسرحان
تجهم وجه عمار وقال بشرود: اصل حصل حاجه غريبة اوي يا عمر
عقد عمر حاجبيه ونظر له بتركيز: حاجة اي
نظر له عمار وعيناه تزوغان من فرط التوتر: رهف
صُدِم عمر من صديقه فهو من منع من حوله من الكلام عن رهف او ما يخصها؛ حاول عمر الكلام بهدوء ليسأل صديقه: مالها يا عمار، انت لسه بتفكر فيها
تحدث عمار وهو مازال شاردا: شوفتها انهاردة قبل ماجليك، ومش قادر اصدق اللي شوفته يا عمر ولولا انها اول ما شفتني جريت بسرعة ومشيت انا كنت قولت ان دي مش رهف
سأله عمر مسرعا وبفضول: ايوا لي يعني مش فاهم كان مالها
نظر له عمار ولديه كم من المشاعر المختلطة، ما بين الحيرة والتعجب والاندهاش، فقال له بذهول: كانت لبسه طرحة
-----------------------------------------------------
وبعد يومان من ذاك اليوم المليء بالمفاجآت والحوادث، كانت رهف تجلس وهي تضُم ساقيها اليها وتحتضنهم بيديها، لتفكر في الاحداث الاخيرة، وتتذكر ردة فعل والدتها علي ما حدث
&&&&&
وقفت رهف خائفة وجسدها ينتفض من الغضب وهي تنظر لذلك الذي يصرخ علي الأرض من وجع رأسه، لتدخل والدتها راكضه علي اثر ذاك الصوت، لتُفاجئ رغدة بعماد ملقي علي الأرض وابنتها بيدها قطعة من المزهرية تتمسك بها من الخوف، فنظرت لها برعب
وتحدثت بغضب: اي اللي انتي هببتيه دا ي رهف
رهف بخوف شديد: هو السبب ي ماما صدقيني هو اللي اتهجم عليا والله
كوثر بغيظ: اتهجم اي بس هتودينا ف داهيه
ثم اخرجت هاتفها واجرت اتصال مع احدي المستشفيات
وبعد عشرون دقيقة اتت الاسعاف ونقلت عماد،
لتنظر رغدة لها بشرر وهي تتحدث بوحشيه: انا عايزه افهم اي اللي خلاكي تعملي كدا ومتقنعنيش بالهبل اللي قولتيه دا راجل في عمر ابوكي، ولا انتي خلاص من ساعة مالبستي البس دا وبقيتي شايفه دل اللي حواليكي غلط
بكت رهف بحرقة وهي تحاول شرح ما حدث لوالدتها، حتي انهت شرح موقفها، لتنظر لها والدتها بعدم اقناع واردفت بعصبية: حتي لو مكنش ينفع كدا انا مش عارفه انتي بقيتي عنيفة كدا من امتي ولا لي مش عارفه اكيد من ساعة ماحتكيتي بكوثر وابنها
انتفضت رهف من مكانها وتحدثت بقوة: لو سمحتي متدخلنيش ف حوارات تانيه
وما ان انهت جملتها رن هاتف والدتها، لترد عليه الأخرى بخوف، وهمهمت ببعض الكلمات التي كانت تحتوي علي عدة اعتذارات وشكر، وانهت حديثها واغلقت الخط
ونظرت لرهف بقسوة: احمدي ربنا الراجل معملش محضر فينا وسكت ومش عايزه اسمع كلام ف الموضوع ده تاني واخوكي مش لازم يعرف اللي حصل بدل م يعمل مصيبه انا مش ناقصة
(عوده)&&&&&
فاقت رهف من ذكرياتها علي صوت صديقتها، ساره بهدوء: رهف انتي كويسه
نظرت لها رهف ودموعها تنهمر بشده وتتحدث بقهر: لا يا ساره انا مش قادره اصدق ان ماما مكنتش مصدقاني لا والانيل انها يتعاتبني انا، مقدرتش اقعد في الفيلا معاها
تنهدت ساره بحزن علي حال صديقتها وحدثتها بمواساة: معلش اديكي جمب البيت برضو اهو المهم انا شايفه ان فعلا عزالدين مش لازم يعرف عشان ممكن يعمل كارثه فعلا
اومأت رهف برأسها وردت علي صديقتها بحزن: متقلقيش مش هقوله هو بقاله يومين بيتحايل عليا عشان يعرف مالي ومبقعدش ف البيت لي وانا قولتله ان انتي تعبانه ومحتجاني جمبك بس انا حسيت انه اخد باله ان ف حاجه غلط
ربتت ساره كتفها وقالت بهدوء: معلش لحد م تهدي بس وربنا ياخدلك حقك من الحيوان التاني
-------------------------------------------------------
كان يجلس بمكتبه مغلق العينين، سمع صوت هاتفه، فنظر لشاشته ليعرف هوية المتصل، فعدل من وضعية جلوسه، ورد علي الهاتف باهتمام، ليأتيه صوت المتصل من الناحيه الأخرى: ايوا يا محمود بيه انا لقيتها
رد عليه محمود وارتسمت الابتسامة علي وجهه:كويس فاكر بقي اللي اتفقنا عليه نفذه عايز من بكرا كل حاجه تبقي جاهزه
المتصل: تحت امرك
انهي معه المكالمة و رجع بظهره الي المقعد وهو يبتسم؛ وها قد وصل لمبتغاه واقترب من هدفه
--------------------------------------------------------
القي عماد كرسيه بغضب مكتوم وهو ينظر لاحد موظفينه بغل وتحدث بشر: انا عايز الشركة تقع عايزهم يبقوا محتاجين فلوس عشان ينقذوا نفسهم
رد عليه الموظف برعب: يا عماد باشا الشركه بتاعتهم بقالها كتير وصعب جدا اننا نعمل كدا
صرخ عماد بوجهه: اومال بدفعلكم فلوس لييييه اتصرف حاول تعمل اي حاجه
فكر الموظف الذي يُدعي أيمن وقال بسرعه: احنا ممكن نخلي العملاء بتوعهم يسحبوا فلوسهم مره واحده وبكدا هيكون في خساير كتيره ليهم
تلوي ثغر عماد بابتسامة ورد عليه بفحيح: مستني اي يبقي يلا نفذ الخطة
---------------------------------------------------------
دخلت رهف الي غرفة العناية المشددة، لتذهب الي الفراش الموجود في وسط الغرفة وحوله مجموعة من الاجهزة ويعلو صوت جهاز القلب ليعلن عن استمرارية حياة الشخص القابع علي الفراش،
سقطت الدموع من عينيها لتمسحهم مسرعة، وتحدثت باشتياق: وحشتني اوي يا بابا انا محتجالك اكتر من اي وقت عدي ارجوك يا بابا قوم بقي انا مبقتش قادره اواجه كل دا لوحدي من غيرك
امسكت بيد والدها وقبلتها وهي تبكي بحرقة علي الحال الذي وصلوا اليه
---------------------------------------------------------
كانت مريم تسير بصمت مع عزالدين في احدي الشوارع بجانب جامعتها، ليقطع عزالدين الصمت وهو يسألها: اي عمار لسه زي م هو مينفش تكلميه تاني
تنهدت مريم وقالت بتعب: مش هينفع يا عز مش هينفع اقوله علي اي حاجه لا علي اللي حصل لعمو راضي ولا علي رهف انا حاسه انه دخل ف دوامه مش عارف يطلع منها
واثناء سيرهم لم يلاحظوا تلك العيون التي كانت تتابعهم، حتي اخرج الشخص هاتفه، واخذ بضعة صور لهم، ليبتسم بشر وهو يحدث نفسه: عاملالي فيها شريفة طيب انا هوريكي يا مريم
_________________________________________

&بقلم منار السيد
&رواية اللقاء
&اليُراع الذهبي

اللقاء🫰🏻حيث تعيش القصص. اكتشف الآن