الفصل الثالث عشر
تغمض عينيها بقوه وتفتحهما، تحاول بكل قواها ان لا تسقط دموعها وتنهار مجددا، فخلال تلك الفترة كانت تقنع نفسها انها واخيرا قد تجاوزت تلك النقطة السوداء من حياتها وبالرغم من التغير الكبير الذي حدث لها وقلب حياتها رأسا علي عقِب، ولكن رؤيته مرة اخري فتحت جرح قلبها الذي لم يلتأم بعد، لتعاود لها ذكريات الماضي بلقائه الذي لم تود يوماً ان تلقاه مجددا، ولكنه القدر الذي لطالما حاولنا الهروب منه لن نستطِع منعه، وصلت الي حيث منزلها وتوقفت قليلاً واستنشقت بعض الهواء واخرجته ببطء، ودخلت الي بهو حديقة بيتهم الواسعة، لتستمع الي تلك الضحكات والاصوات العالية قريبة من باب البيت، فزفرت بضيق فهي تعلم انها اصوات والدتها وبعض اصدقائها التي تعرفت عليهم مؤخرا من احد النوادي، ومن تلك الصداقة الكاذبة ظلوا يترددون علي بيتهم باستمرار، وصلت رهف اليهم واضطرت الي القاء السلام عليهم، لينظر لها احد الجالسين بنظرات زائغة وتكلم بطريقة مستفزة: ازيك يا رهف اخبارك اي تعالي اقعدي معانا شوية
توترت رهف من طلبه فهي لا تحبهم ولا تحب جلساتهم تلك
تحدثت والدتها ببسمة: تعالي يا رورو واقفة ليه انكل عماد بيقولك اقعدي معانا شوية
تكلمت رهف بنبرة جامدة: سمعته يا ماما والحقيقة انا جاية تعبانة اوي من برا انتي عارفة بروح الشغل الصبح وبعدها بروح المستشفي
تحدث عماد بشفقة زائفة: لا لا ي روري متجيش علي نفسك كدا انتي بنوته رقيقة ومش حمل التعب دا
ما تلك السخافة التي يتحدث بها، لِمَ تصادق والدتها ذلك الشخص السخيف، لم ترتَح لهُ يوماً علي الاطلاق، نظراته، كلماته، حتي طريقة ملامسته وممازحته للنساء جميعها تثير الريبة، حاولت التماسك وردت عليه باقتضاب: بالعكس انا مبسوطة جدا ومرتاحة كدا بعد اذنكم
ظل ينظر الي ظهرها تحاول عينيه نيل منها اي شيء ولكن هيهات كانت ملابسها تغطيها بشكل يستفزه، تحدث عماد بسرعة: انا هقوم ادخل الحمام
ابتسمت له رغد وشرحت له المكان باختصار، فقام من مجلسه واتجه ناحية باب المنزل وعيناه لا تنذران بخير ابدا
----------------------------------------
رجعت الي بيتها ووجهها شاحب، تحمل اكياس الطعام وتصعد سلم البيت المتهالك بتعب، اخرجت المفتاح من حقيبتها وادخلته في باب منزلها، دخلت وهي تنادي علي والدتها بصوت عالٍ، فخرجت عبير اثر صوتها، ساعدتها في حمل اكياس الطعام،
عبير بحزن: شوفتي اللي حصل يا شروق
ردت عليها شروق بتعب: اي اللي حصل يا ماما
عبير والدموع تكاد تسقط من عينيها: الوليه اللي منها لله اللي ساكنه فوقينا نزلتلتي وقعدت تشتم فيا وتهزأني
صُدِمت شروق من ما سمعته للتو لتستشيط غضبا وهي تسأل والدتها بغضب: حص امتي الكلام دا؟ ولي اصلا؟
ردت عليها والدتها ببكاء: الصبح، عشان عايزاني اسيق معاهم السلالم وانا ي بنتي مبقدرش اوطي
تحدثت شروق بعنف: ومبتتصليش بيا لييييييه، م انا بدفع لصاحب الشقه كتير مقابل انه ميطلبش مننا ننضف
قالت جملتها الأخيرة وخرجت كالسهم المندفع نحو الباب، حاولت والدتها ايقافها ولكن هيهات، كانت في ذروة غضبها، صعدت شروق بغضب الي الدور العلوي الذي يحتوي علي شقتين، فطرقت الباب علي احدي الشقق بعنف، لتفتح لها سيدة ثمينة بجلباب واسع وحجاب رأس مرفوع وهيئتها تدل علي مدي تدهور حالتها الاقتصادية والاجتماعية، وتحدثت بنبرة سوقية: اي بترزعي علي الباب كدا ليه هتكسريه علينا
تحدثت شروق والشرر يتطاير من عينيها: دا انا هكسره علي دماغك لو هوبتي ناحية امي تحت تاني انتي سامعة يا ولية
ردت عليها السيدة وهي تحرك يديها يمينا ويسارا: انتي جاية تهدديني ف بيتي يا بت انتي ولا اي وتكسري الشقة علي دماغ مين دا انا اكلك باسناني ، وبعدين ياختي خايفة علي امك تعالي انتي ساعدينا
ردت عليها شروق بعصبية: وانا بدفع الايجار دا كله عشان اقف اساعدكم برضو ليه ان شاءالله، بقولك اي انا خلقي ضيق متخلنيش اخد فيكي مؤبد
شهقت السيدة وردت باستهتار: لا خوفت يا بت، مابقاش غير حتة عيلة لا راحت ولا جت زيك تهددني انا
كانت تنهي جملتها وهي تدفشها من امام منزلها، حتي كادت ان تسقط شروق لولا تلك اليد التي لحقتها قبل ان تسقط علي السلم.
-----------------------------------------
تجلس تشاهد التلفاز بجانب والدتها، حتي رن هاتفها، فتفقدته لتعرف هوية المتصل، فدب الرعب بقلبها، ونظرت لوالدتها بتوتر، لم تلاحظه الأخرى، فقد كانت مشغولة بحياكة بعض الملابس، فاستغلت مريم الفرصة وذهبت لتجيب علي هاتفها بالشرفة،
اغلقت باب الشرفة بحذر واتجهت ناحية السور واستندت بيدها عليه وضغطت علي الزر لتجيب،
مريم بصوت منخفض: ايوا يا عز مش قولتلك مترنش عليا، افرض حد شافني بكلمك
جاءها صوته العذب من الناحية الأخرى: اصلي معرفتش اطمن عليكي ومش بتردي علي الواتس فكنت بطمن انك وصلتي
ابتسمت بخجل وكادت ان ترد عليه، ولكنها فُجِئت بمن يفتح باب الشرفة فجأة لتُصدم مريم وتفتح عيناها علي وسعهما وخرجت الكلمات منها متبعثرة وخائفة: م.. ما ماما
---------------------------------------------
دخلت رهف الي غرفتها، فارتمت علي احد المقاعد ثم تنهدت بتعب، واغلقت عينيها تتذكر ما حدث منذ اقل من ساعتين، لقائها الذي لم تكن تتوقعه، وفي تلك الأثناء سمعت صوت باب غرفتها يُفتح ببطء، ومن دون ان تفتح عينيها تكلمت بتعب: اي يا عز مش قولتلي هتجيلي علي المستشفي مجتش ليه
لم يصدر صوت برغم انه معروف عن عزالدين ضوضاءه المعتادة، ففتحت عينيها ببطء، لتُفاجئ بأنه ليس اخيها من دخل الي الغرفة وما كان الا ذلك السخيف صديق والدتها الملقب بعماد
قامت من مجلسها فزعه علي رؤيته لتسأله بصوت حاولت اخراجه جديا جامدا ولكن خوفها جعل صوتها يبدوا مهزوزا: انت ازاي تدخل الاوضه بتاعتي ومين سمحلك اصلا تدخل جوا الفيلا
لم يُجِب علي أسالتها فقط ينظر لها باشتهائه المريض وعينيه تدور علي كامل جسدها، وظل يتقرب منها شيئا فشيئا،
كانت تبتعد عنه بحذر وخوف، وبدأت يداها في الارتعاش، فرفت صوتها لعلها تحاول ايقافه: اطلع برا بقولك بدل ما صوت وافضحك
وما زادت شراستها الا اشعال فتيل مرضه، لينقض عليها كالوحش الكاسر ليرتطم جسدها بالفراش وهو يكبل يديها الاثنان يحاول منعها من الحركة، للحظة شعرت رهف بأن حياتها ستُسلب، وتذكرت ضعفها في الماضي واتكالها علي اخيها او والدها واخرهم كان عمار، ولكنها اليوم وحدها وتواجه ذلك الامتحان القاسي، لم يعد عندها ما تخسره، قررت ستحاربه بكامل قوتها واما تنتصر او تنتصر لا يوجد حل آخر،
وفجأة ارخت نفسها قليلا ليشعر ذلك المعتدي ان قوتها قد خارت، فأرخي قليلا من قبضته، لتفاجئه رهف بضربه قويه بين فخذيه جعلته علي اثرها يترك يديها ليستند بها من الوجع، وبحركة سريعة اخذت الزهرية من علي الكومود بجانب الفراش وهشمتها علي رأسه، لتنكسر المزهرية وتسيل الدماء من رأس عماد، ليصرخ بأعلي صوته من الوجع،
ذهبت رهف الي ركن بعيد في الغرفة تنظر له بخوف والغضب يجعل جسدها ينتفض بشدة.---------------------------------------------
&بقلم منار السيد
&رواية اللقاء
&اليُراع الذهبي
أنت تقرأ
اللقاء🫰🏻
Romansaتقابلا بعد فراق دام 20 سنه لتعاد قصه قديمه من جديد ويفتح ماضي قد دفن ليكشف قصص اخري فماذا سيفعل ابطالنا بعد لقائهم؟