(كذبة بيضاء)

4 1 0
                                    

في احد الحانات دخل عمار لاسترجاع محمود من الداخل ، نظر حوله في ذهول وعلامات الاشمئزاز ترتسم على وجهه ، واثناء بحثه بعينه على محمود جاءت اليه إحدى الفتيات ووضعت يديها على كتفها وتحدثت بإحدى اللهجات الغريبة لم تكُن الإنجليزية ولكنها لهجه مختلفة ، ازاح يدها بهدوء وهو ينظر لها ببرود وتركها واقفه واكمل سيره ولكنها أصرت على قطع طريقه وهي تتحدث بلكنتها ولكن أكثر اغراءً ، فتحدث عمار بعصبيه: انا مش فاهم منك حاجه اوعى بقا
اشتد الحوار الغير مفهوم بينهم ، ليأتي محمود ويفض الاشتباك بينهم سريعا وأعطى الفتاه حفنه من النقود وذهبت ، تنهد محمود بملل: اي يا ابني جاي تتخانق هنا ارحم نفسك شويه دا البت كانت هتموت وتروح معاها انت مش شايفها جامده ازاى
عمار بعصبيه: لا مش شايفها ويلا تعالى معايا
قال جملته وهو يسحبه من ذراعه ، لينفض الآخر ذراعه وهو يتحدث باستهزاء: اي يا عمار اي دا وانا هاجي معاك كدا بسهوله
ازداد غضب عمار واردف بقوه وصوت مرتفع: بقولك يلا نطلع من المكان القذر ده
بدأ الناس ينتبهون لهم ويتهامسون فيما بينهم بين معارض ومستنكر؛ فأخذه محمود وهو ينظر حوله بقلق وخرج به الي خارج الحانه، وقف محمود وتحدث بعصبيه: انت اتجننت داخل بدقنك دي وبتزعق جوا افرض حد طلبتك البوليس كان زمانك بقيت ار*ها*بي دلوقتي
نظر له عمار بغضب ولكنه حاول أن يتماسك قليلا واخذ يوفر بقوه ثم تحدث بهدوء: ميهمنيش غير اني اطلعك واقولك ان مافييش حاجه اسمها انا عملت حاجات وحشه كتير ف ربنا مش هيسامحنى فهكمل مكنتش هتبقا انسان او مغلطتش كل الناس بتغلط بلا استثناء بس بنتوب وبنرجع للطريق الصح حتى لو غلطنا الف مره بس نتوب
أشار له ناحية قلبه قائلا: ربنا خلقلنا قلبنا وهو عارف انه متقلب وكل يوم بحال مره صالح مره فاسد مره مذنب مره تايب بس مبيفضلش على نفس الحال كتير
ثم تنهد عمار براحه: دلوقتي تقدر تعمل اللي انت عايزه عايز ترجع المكان دا ارجع عايز تروح لربنا روح القرار قرارك انا مش هقول اكتر من كدا ومش هقف قصادك لو عايز ترجع تاني
تركه ورحل ولكنه كان يعلم أن هذا المذنب سيرجع يوماً ما عن أفعاله ، اما محمود فكان شارد الذهن فلم ينتبه ان عمار قد رحل بالفعل فنظر حوله رأى الحانه من جهة وظل عمار وهو يرحل من جهة أخرى، اغمض عيوني في الم وانفلتت من عينه دمعه كانت هي البداية لمرحله جديده ونهاية لنكبة قديمة
-------------------------------------------------
لقد غادرت عقلي ولم تغادر القلب وآهٍ من هذا القلب اللعين ، الذى يهزمك دائما ويجعل منك عليل الهوى؛ لا يغادر من قلبها مع ان عقلها يرفضه دائما ويستنكره ولكن قلبها مازال بهواه؛ بعين مغمضة ونفس متخرج من اثر انفعالاتها تحاول السيطرة على مشاعرها ، ضغطت رهف على عينيها بقوه تحاول إخراجه من عقلها ولكن هيهات يبدوا ان عذاب قلبها سيستمر ، لتنتفض في جلستها بعنف وتردف بنبرة  مرتفعة : ايوه لسه بحبه مش عارفه اطلعه من قلبي
نظرت لها شروق بذهول من حالتها تلك ونظرت لها بتساؤل: انتي كويسه
ردت عليها رهف بقوة: انا بحبه بس عقلي رافضه رافض فكرة انه اتخلى عنى وسابني مستحيل اقدر اقنع عقلى باللى عمله
انهت جملتها الأخيرة واجهشت فى البكاء بمراره ،فاقتربت منها شروق وجلست بجانبها ونظرت لها نظره خاويه ولكن شعرت بغصة في حلقها على حالة رهف فأرادت التحدث بمرح ولكنها خرجت بمراره: كدا احنا  الاتنين بنحبه بصره بس ع الاقل هو بيحبك
نظرت لها رهف بكبرياء: انا بقا مش هاممنى الحب دا ولا هياكل معايا اللى بيحب حد مش بيتخلى عنه
تنهدت شروق بحيره: بس على فكره شكلك وحشتيه اوى ازاى مبتاخديش بالك من نظراته ليكى
ردت رهف بحزن: مش كفايه يا شروق مش كفايه
----------------------------------------------
في القاهرة وأمام إحدى الشركات الكبرى خرجت ساره برفقة عمر واستقلوا السيارة لينظر لها عمر بذهول: يا بنت اللذينه دا انتى بلفتى الراجل بكلمتين خليه يوافق على الشروط بجد فظيعه
ردت عليه سارة بغرور: طبعا يا ابنى انت فاكر اى هو انا دارسه فى معهد صرف صحى
صفق عمر بيديه بقوه وهو يصفر بصوت عالى: والاااا يا واااالاااا يا وااااد يا جااااااامد
قهقهت ساره بقوه على فعلته وعندما هدأت وجدته ينظر لها بابتسامة حالمة ، فتنحنحت وسألته محرجه: اى بتبصلى كدا لى كل دا عشان الصفقه
فأردف بعدم وعى: لا عشان حلوه
اتسعت عيناها بقوة اثر جملته الأخيرة ، فتحمحم عمر ونظر بجدية للطريق مردفا: فى كافيه قريب جدا من هنا تعالى ندخل ناكل اى حاجه عشان جعت اوى
زفرت سارة بخفوت وتحدثت بصوت منخفض: ضيع اللحظة ابو بطن دا
نظر لها بتفحص: بتقولى حاجة ساره
اردفت بتوتر وابتسامة بلهاء: ولا حاجة يا قلبى
-------------------------------------------
كانت تبكى في سيارة الأجرة وعندما اقتربت على الوصول إلى البيت ،أخرجت هاتفها وضغطت على بعض الأزرار وانتظرت الطرف الآخر حتى آتاها الرد تكلمت بحزن: ساره انتى في الشقه عندك ممكن اجى
قالت لها ساره بعض الكلمات، فأومأت مريم برأسها قائله: خلاص هشوف المفتاح وهدخل استناكى جوا
اغلقت الخط ، اجهشت بالبكاء مرة أخرى شعرت انها تختنق لا تعلم لِمَ تشعر بالضيق إلى تلك الدرجة ولكن هل يمكن أن سبب ذلك انه عزالدين الذى يعاملها هى تحديداً معاملة خاصة لا تدرى الأفكار تتخبط فى رأسها بشدة ولكن قطعتها وصولها إلى البناية نزلت منها سريعا واجهت ناحية شقة ساره حتى لا ترى والدتها حالتها وتشك بالأمر
------------------------------------------------
اما عند عزالدين كان يقود السيارة بسرعة حتى أنه تفادى عدة إصابات كانت ستنهى حياته ظل يلعن نفسه الف مرة لجعلها حزينة والأسوء ان هو سبب ذلك ،ظل يحدث نفسه بغضب: دا انا ما صدقت انها بقت بتتعامل معايا اى الغباء دا اى الغباااء دااا
قال جملته الأخيرة وهو يضرب بيده المقود؛ وصل إلى البناية وترجل من السيارة سريعاً ، صعد على السلالم بسرعة إلى حيث شقتها ولكنه توقف عندما رآها تدخل إلى شقة ساره ؛ من دون تفكير وبتهور شديد اتجه ناحية الباب قبل ان تغلقه ودخل إلى المنزل ومن دون أن ينتبه اغلق باب الشقة ليصبح وحيدين فى البيت ؛ نظرت له مريم بذعر شديد وتحدثت بخوف: انت ..انت بتعمل اى
ظل يلهث اثر الركض ورائها وحاول خروج الكلمات من فمه : انا مكونتش اقصد اضايقك والله انا بس كانت دماغى مشغولة اوى انا اسف يا مريم سامحينى
نظرت له بذعر وللمكان من حولها وخرجت كلماتها متعثرة: عز انت ازاى تدخل وانا ..وانا لوحدى فى البيت
أدرك عزالدين الوضع وما وضع نفسه فيه لقد دخل خلفها من دون التأكد من وجود شخص ما بالبيت
تكلم بهدوء مخيف: انا همشي انا اسف يا مريم انا اسف بجد
جاء ليفتح باب الشقة فوجئ بجمع من الناس امام الباب ، احد الرجال الموجودين: دا فعلا فى واحد جوا الشقه احنا الحق علينا اننا قبلنا ان بنت لوحدها تسكن فى شقه
تكلم رجل آخر: بنات خارجه ورجاله داخله دا اى القرف دا
شعر عزالدين بالغضب واشتدت عروقه من فرط العصبية ليخرج الكلام من بين اسنانه: احترم نفسك انت وهو اللى بتتكلم عليه دا شرف بنات
ليرد عليه الرجل بسخرية: وحضرتك بقا يا ابو الشرف بتعمل اى جوا وفى واحده معاك
كانت مريم تبكى بحرقة وهى تستمع لكلام السكان لا تدرى ماذا يجب ان تفعل هل تركض بعيدا عن ذلك المكان ولكن كان يشغل بالها كيف ستنظر بعين والدتها واخيها بالتأكيد ستسقط من انظارهم لقد وقعت فى كارثة لن تخرج منها بسهولة بل والأدق ابداً
------------------------------------------------
نزلت شروق ورهف من الغرفة حيث اقترحت شروق ان يخرجوا قليلا لعل رهف تهدأ من حالتها النفسية ، تنفست رهف بقوة واخرجت زفير على مهل لتتحدث براحة: حاسه نفسي احسن
ردت عليها شروق بهدوء: مش قولتلك خلينا ننزل مكونتيش عايزه
ردت عليها رهف بضيق: ما انا كنت خايفه اقابله بقا اعمل اى
سمعت صوت يأتى من خلفها: هة مين اللى خايفه تقابليه
شهقت رهف بقوة ، لتتحدث شروق بسخرية: دا انتى حظك تحفه فضلتي تنبرى فيها
نظر لهم عمار بتفحص، فحاولت رهف إخفاء توترها: اى يا عمار كنت بتدور علينا ولا حاجه فى اى جديد
نظر لها بحنية متزوجة بإعجاب من حجابها البسيط الذى بلون عيونها: لا يا رهف كنت هطمن عليكوا بس لو عايزين اى حاجه اصلا اللى هييجى يشترى الفندق جاى بكرا اللى تبع ساره دا وهنقابل الوفد بالليل ان شاءالله بعد العشا
اومأت له برأسها تحت نظرات شروق الحزينة ولكنها أيقنت ان عمار ليس نصيبها ،قلبه وعقله معها هي فقط
قطع افكارها وصول محمود الذى بدى هادئاً جدا في الأون الأخيرة ولا تدرى ما أصابه ليقطع حبل أفكارها عمار وهو يسأله بفرحه: كنت عارف انك هتيجى على فكره
اومأ له محمود دون انا ينبع ببنت شفه ، كان تفكيره مشغول بالتغير المفاجئ الذى أصابه يشعر من داخله انه يريد انا يدفن أفعاله المشينة تلك لا يريد أن يكمل يريد أن يكون انسان طبيعي يذهب ويتوب ويصلى ويدعو الله يريد أن يكون سوياً يكفى ما حدث ليبدأ من جديد ومن تلك اللحظة
--------------------------------------------
كانت كوثر بشقتها تعد الطعام لها ولمريم ، ولكنها سمعت أصوات كثيرة وكأنها مشاجرة ، لم تهتم في البداية بالأمر ؛ حتى سمعت جرس الباب يدق فذهبت ناحيته ببطيء وفتحت الباب لترى ام شروق وهى تتنفس بسرعة: الحقى يا ست كوثر بنتك تحت فى مشكلة
هوى قلبها كوثر وشعرت بأن قدميها لا تحملاها ، ابنتها الصغيرة واقعه بمشكلة واخيها ليس بالمنزل ماذا تفعل الان ولكنها لم تأخذ وقت كبير بالتفكير حيث سحبت غطاء لرأسها سريعا ونزلت على الدرج بسرعة شديده لتتلقى مسامعها صوت عزالدين الجهوري وهو يقول بحزم: دى مراتى انا وهى كاتبين كتابنا محدش ليه دخل واحد ومراته انتو مالكو.
-------------------------------------------
&بقلم منار السيد
&رواية اللقاء
&اليُراع الذهبي

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 14 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

اللقاء🫰🏻حيث تعيش القصص. اكتشف الآن