الفصل السادس عشر
في مقر شركة الحسيني
دخل عمار وشقيقته الي حيثما دلتهم موظفة الاستقبال، دخل عمار وهو يرمي السلام ومن بعده مريم، وقف عزالدين في سعادة لرؤيتهم وصافح عمار بحرارة، عكس محمود الذي لم يُكلف خاطره ان يتحرك من مكانه واكتفي برفع يده قليلا، ليحرك عمار رأسه ببرود، ظل يبحث عنها بعينيه ولكنه لم يجدها، فاعتقد بأنها لا تأتي الي مقر العمل
جلسوا جميعهم علي طاولة الاجتماعات الكبيرة، ما لبثوا حتي سمعوا طرقات هادئة يعقبها دخول رهف، دق قلب عمار بسرعة كبيره لرؤيتها وكأنه يراها لأول مرة، ملامحها، حجابها وملابسها الجديدة جعلته يندهش من ذلك التغير الغريب .. والجميل
قامت مريم من مكانها بسرعة وهي تتجه ناحية رهف بابتسامة عذبة بادلتها اياها رهف، ضمتها مريم بشدة هاتفه بفرحة: وحشتيني اوي يا رهف اخبارك اي؟
رهف بابتسامة: الحمدلله انا كويسه
اتخذت الفتاتان مقعدهم وجلست رهف بهدوء دون ان تنظر جهة عمار، اما الأخير فلم يقدر علي ابعاد عينيه عنها، حاول وحاول لم يستطِع وكأنها مغناطيس وهو قطعة من الحديد تجذبه اليها حيثما اقتربت منه ولو قليلا
تكلمت رهف بجدية وهي تنظر ناحية اخيها: نبدأ؟
اشار لها عزالدين بابتسامة لتنتظر قليلا: استني بس شويه ي رهف لسه مكملناش
----------------------------------------------------------
تقف امام المرآه تعدل من وضع ثيابها وترتب شعرها، وتزيد من حمرة الشفاه، لتستمع لصوته الرخيم يأتيها من خلفها،
تحدث عماد وهو يعتدل علي الفراش بهدوء ليسند ظهره بابتسامته الخبيثة: صحيح يا رغده اخبار الشركة بتاعتكوا اي حالها ماشي كويس ولا محتاجين حاجه
كوثر باستغراب: معتقدتش اكيد ابدنيا ماشيه كويس لو كان فيه حاجه كان عز قالهالي، وبعدين ليه بتسأل!؟
عماد بعدم اهتمام مصطنع: لا بس سمعت ان في مشاكل والعملاء خدوا فلوسهم من الشركة
نظرت له بصدمة هاتفه بتوتر: ي نهار مش فايت انت عرفت كل دا منين يا عماد
قام من مكانه بملل وذهب ناحيتها بهدوء ليضمها الي جسده العاري هتفاً بسخرية: عيب عليكي يا رغود لما تسألي السؤال دا دا انا عماد
ثم قهقه بقوة، لتتمسك رغدة بهِ بخوف متحدثة بنبرة قلقة: عماد طب اعمل اي دلوقتي لازم يبقي في حل ساعدني ارجوك قبل م الشركة تقع مني
ابتسم لها بخبث وضمها اكثر له ودفن رأسه في شعرها وهو يتحدث بفيح بجانب اذنها: انا هقولك بس لازم تسمعي كلامي بدل م الشركة والفلوس وكل حاجه تروح منك
----------------------------------------------------------
زفر محمود بضيق هاتفاً بنزق: في ايه يا عز مستنين اي تاني م يلا ورانا شغل كتير
تحدث عزالدين قاطبا حاجبيه: يا ابني اهدي احنا عشان نقدر نرجع الشركة تاني زي الاول واحسن لازم نبقي تيم ويبقي كل اللي في الجروب ناس نثق فيهم انهم مش هيخونونا ابدا
عمار بهدوء: طيب انت دلوقتي مقسمها ازاي يعني اكيد كل واحد هيعمل حاجه
عزالدين بابتسامه ماكره: لا يا عمار احنا هنشتغل ثنائيات
نظرت له رهف بصدمة وتحدثت بترقب: ثنائيات ازاي يعني مش فاهمه
بلع عزالدين ريقه بتوتر مما هو مقدم عليه ليتحدث بتوتر ظهر عليه: ل.. لما.. لما يي. ييجي الباقي يا رهف
كانت مسرعة في طريقها وهي تدخل المقر بسرعة تنظر في ساعتها وهي مقطبة ما بين حاجبيها، حتي اصطدمت بشيء جعلها ترتد علي اثره، فرفعت بصرها ناحيته، لتري الماثل امامها ينظر لها باندهاش وعينيه الزرقاء متسعة علي آخرهما،
عمر بدهشه: ساره مش ممكن
ادركت ساره الوضع وحاولت التحدث بهدوء: اه يا عمر انا ساره اي اللي مش ممكن يعني
ابتسم لها بإعجاب شديد هاتفاً بسعادة: انا مقصدش حاجه وحشه بس انا شايف ان ماشاءالله عليكي شكلك حلو اوي ولطيفه جدا
احمر وجهها خجلا لتتحدث بتوتر: اي يا عمر هو انا كنت وحشه قبل كدا من غير الحجاب
سرح عمر قليلا وهو يقول بنبرة غلفتها الحنيه: كنتي احلي مليون مرة عشان كنتي بشعرك وبالحجاب برضو حلوة يمكن عشان انتي حلوة اصلا
اندهشت سارة من حديثه وهي تنظر ارضا بخجل شديد يكاد الاحراج يفتك بها، فضحك عمر علي خجلها بشدة، ليرحم قلبها الصغير الذي ظل يدق بشدة هاتفاً بابتسامة عذبة: طب تعالي نطلع بقي عشان عزالدين مستنيني، صحيح انتي بتشتغلي هنا
سارة بهدوء: لا بس عزالدين قال انه محتاجني ف قولت مش مشكله ممكن ابتدي شغل
-----------------------------------
اثناء سيرهم في الطرقة المؤدية الي غرفة الاجتماع تقابل عمر وسارة مع شروق، نظرت لها سارة باستغراب لوجودها في الشركة فهي علي علم مسبقاً من رهف بأنها تركت العمل بسبب تلك الإشاعة التي نشرها محمود الحسيني؛
سارة باستغراب: شروق صح!؟
ردت عليها سارة بإيماءة صغيرة هاتفة: ايوا انا مش انتي سارة صاحبة رهف
ردت عليها سارة بإبتسامة صغيرة: ايوه، انتي بتعملي اي رجعتي الشغل
اومأت لها برأسها متحدثة بسخط: اه رجعت تاني واستاذ محمود ناداني للأوضة وقال ان كله جوا
انهوا حديثهم وهم يطرقون علي باب الغرفة ثم دخل ثلاثتهم ما بين اندهاش البعض منهم،
رهف بدهشة: اي دا سارة اي اللي جابك
ثم صمتت قليلا وهي تنظر الي شروق التي بادلتها بنظرات هاربة متوتره فهتفت رهف بدهشة اكبر: شروق انتي كمان هنا الله هو في اي ي جماعه
جلس جميعهم علي طاولة الاجتماع بين نظرات زائغة، حائرة وحالمة
بدأ عزالدين كلامه بهدوء مبتسماً: بسم الله الرحمن الرحيم،
اولا حابب اني اشكركم كلكم انكم جيتوا في منكم اللي حزين ومش قادر يتقبل وجوده وفي منكم اللي جاي عشان انا طلبت منكم دا، بس اتمني انكم يا جماعة تفهموني ونحاول نحط ايدنا ف ايد بعض ونرجع الشغل بتاعنا تاني زي الاول واحسن
تنهد عمار وزم شفتيه في حيرة هاتفاً بإصرار: انت عندك حق احنا هنسيب كل خلافتنا علي جمب وهنبتدي حياتنا العمليه اكننا منعرفش بعض نتعرف من اول وجديد ونبدأ كل حاجه صح، ودلوقتي نحب نعرف دور كل واحد فينا اي وهنعمل اي سوا
ابتسم عزالدين متحدثاً بتوتر: دلوقتي كل اتنين هيشتغلوا سوا يعني مثلا مادام مريم موجوده ف طبعا بعد اذنك يا عمار هي هتشتغل معايا
صُدم عمار ونظر له بغيظ، فحاول محمود منع ضحكته بصعوبة ليتحدث عمار بغضب مكتوم: وان شاءالله بقا مريم هتشتغل معاك اي ساعي ولا اي
تكلم عزالدين محاولا رسم الجدية علي وجهه: يا عمار دا شغل وبعدين انا محتاج حد ثقه يطلع معايا الملفات اللي بابا شايلها ويفرزها ونشوف اي اللي حصل ونقدر نمشي السيستم ازاي
نظر له عمار باستهتار: لي يا الحلوة مبتعرفش تطلع ورق لوحدها ولا اي مريم لو هتشتغل فهتشتغل معايا
نظر عزالدين الي القلم الذي بيده وهو يقلبه هاتفاً بمكر: طيب ازاي عايز يبقي معاك تلاته مش هينفع مادام عايز مريم يبقي سيب رهف بقا وساعتها هتشيل الشغل كاه لوحدك لان مريم مالهاش ف شغلك اصلا
هنا تحدثت رهف بصدمة يشوبها بعض الغضب: اكيد بتهزر يا عز وانا اي اللي يخليني اشتغل مع عمار هو الاول كان بيدربني لكن حاليا اما مش محتاجه حد يدربني
تحمحم عمار قليلا وتحدث بعدها بهدوء: طيب انا هفكر في الموضوع كدا واشوف
ابتسم عزالدين براحه واكمل بهدوء: طيب كدا فاضل عمر ومحمود
تحدث عمر ممازحا: متقولش هشتغل انا وحوده سوا
قال كلمته الأخيرة وهو يحتضن كتف محمود، فضحك جميعهم، فشد محمود كتفه من عمر بقرف مصطنع، ليتحدث بعدها بجديه: انا معايا شروق هتساعدني وهنعرف سوا نستقبل كل العملاء الجداد وكمان هتعملي مكالمات لكل العملاء القدام ونتكلم معاهم تاني ونظبط كل حاجه
نظرت له شروق بغيظ وكره حقيقي، كادت ان ترد، ولكن قاطعتها سارة وهي تقول بحيرة: طب اي انا وظيفتي اي دلوقتي
رد علي سؤالها عزالدين: خلاص يبقي خليكي مع عمر بقا
قطب عمر بين حاجبيه هاتفاً بتساؤل: قصدك انها هتيجي معايا الشركات التانيه عشان نشوف عملاء بس دا صعب عليها اوي انها تلف معايا
نظرت له سارة بصدمة متحدثة بإصرار: لي يعني مش فاهمه ع العموم ي سيدي انا معايا عربيه دا هيسهل علينا كتير
رد عليها عمر بإحراج: لا مقصدش خوفت تتعبي بس ع العموم براحتك يعني
انهوا حديثهم وكل منهم ذهب مع شريكه لينفذوا مهمتهم
----------------------------------------------------------
دخل محمود الحسيني غرفة مكتبه واتبعته شروق، جلس علي مقعده براحه ينظر الي الماثلة امامه بتقطيب حاجبيها التي بدأ يعتاد عليها او يستلذها هو لا يعرف، تحدثت شروق بحنق: ها المفروض اعمل اي
ابتسم لها هاتفاً بتلذذ: اللي اي سكرتيره بتعمله
تنهدت وحاولت التماسك قليلا وهي ترد عليه بهدوء مصطنع: معلش بقالي كتير بقا م انت عارف السكرتيره بتعمل اي يا محمود بيه
ضحك ثم رسم الجدية علي وجهه: انزلي هاتيلي كل ملفات العملاء اللي اشتعغلنا معاهم واللي بنشتغل معاهم دلوقتي
نظرت له باستغراب وردت عليه بدهشه: طب م حد من الاستقبال يجيبهالك دا مش شغلي انا
قام من مجلسه ودار حول مكتبه ببطء حتي وقف خلفها وهو يتحدث بخفوت: اومال شغلتك اي تفضلي قاعده معايا هنا يعني ع العموم انا مش هزعل بس واضح ان انتي اللي عجبك حوار الاشاعات دا وعايزه تخليه حقيقي
نظرت له شروق بأعين حمراء ونظره تحمل كل سخط العالم وبرغم نظرتها القوية الا ان صوتها خرج مهزوزاً: انت مش بني ادم يا محمود انت حيوان، مريض نفسي، متخلف، الله اعلم اي اللي وصلك لكدا بس صدقني اي حاجه وحشه حصلتلك ف انت تستاهلها، سمعتي اللي بقت علي كل لسان بسببك هتدفع تمنها غالي يا محمود
ابتسم لها بغيظ وخرج صوته متحشرج من فرط غضبه: انتي لسه مش عارفه انا ممكن اعمل فيكي اي يا شروق، القرصة الاولانيه مفهمتكيش انك مينفعش تكلميني كدا لان حياتك بين اديا بس معلش انا هربيكي هخليكي تيجي تترجيني مذلولة وهتشوفي
خرجت من مكتبه وصدرها يعلو ويهبط من فرط اندفاعها وغضبها، ندمت، نعم ندمت لقولها ذلك لا تعرف ما الذي يُمكنه فعله ذاك المريض ولكنها تعلم جيدا انه اذا اراد تحطيمها سيفعل بدمٍ بارد، يبدوا في عينيه الشر ونبرته لا تنذر بالخير ابدا، تمالكت اعصابها وهبطت للأسفل تفعل ما امرها به فيكفي ما حدث اليوم
----------------------------------------------------------
اما في الغرفة عند عزالدين ومريم، ضحك عزالدين بقوة وهو يوجه حديثه لمريم: بس شوفتي اخوكي وهو بينخ كدا لما قولتله رهف هتشتغل معاك طب والله للاتنين هبل وهيرجعوا لبعض كدا كدا معرفش لي العناد
ضحكت مريم بخفوت هاتفة بلوم خفيف: بس حرام عليك احرجته يا عز وبعدين ماتنساش انهم طالعين من صدمه هم الاتنين ويا عالم هيعرفوا يعدوا امتي منها
ثم نظرت له باستغراب هاتفة: بس قولي اي اللي خلاك تاخدني معاك ولا كنت بتحاول تسيبلهم مساحه يقعدوا ويتكلموا
تنهد عزالدين ونظر لها بحنانه الذي اصبحت تعتاد عليه وهو يتحدث بنبرة تغلفها المودة: هتصدقيني لو قولتلك اني بحب اقعد معاكي ونتكلم لاني برتاح فعلا لما بقعد معاكي ببقي مبسوط اوي وانا شايفك قدامي
توترت مريم كثيرا واحمر وجهها كحبة الطماطم الناضجة لترد عليه بنبرة يشوبها الحرج والحياء: طب قولي بقا انا المفروض عليا اعمل اي دلوقتي
ابتسم عزالدين وهو يري احمرار خديها الذي يعشقه، ثم قلب الحديث ليغلفه بجديه حاول ان تظهر عليه: هترزحي مكتب بابا هتفتحي بالمفتاح دا الخزنه وتطلعي كل الملفات اللي فيه وتجيبيها
انهي جملته وهو يمد يده بمفتاح صغير، فأخذته مريم منه بفرحة وهي تنهض من امامه، نظر لخيالها وخو يبتسم لا يعرف كيف سيعمل امام تلك الكتلة من اللطافة والجمال!؟، فهي مازالت تسلب عقله كلما تحركت بمكان، تبدو كطفله فرحة بلعبة تكتشفها لأول مرة،
تنهد عزالدين بسعادة وهو يتحدث بخفوت: والله م انا عارف هشتغل منك ازاي يا بنت عم عز
---—-------------------------------------------------
دخلت رغدة الشقة التي ابتاعها عماد من اجل مقابلتهم الدنيئة والمحرمة، كانت خائفة ومن يراها سيظن انها هاربة من شيء ما؛ اغلقت باب الشقة وهي تنظر حولها حتي رأته وهو يجلس عاري الجذع العلوي يشاهد التلفاز براحة، حتي تحدث بدون ان يلتف لها: جبتي الحاجه يا رغودة
تنهدت براحه ان لا احد يتبعها ونظرت له بخوف وهي تتحدث بتوتر: انا مش انت عايز ملفات دي ف اي دي تاني مره تهليني اجبلك حاجات من مكتب راضي
قام من مجلسه بملل وذهب ناحيتها واحتضن ظهرها وهو يتحدث بصوت ماكر يشوبه الحنان الزائف: الحق عليا يا رغودة اني عايز اساعدك، المرة الاولانيه كنت محتاج الملفات عشان عايز شوية حاجات في الشغل انت مش هتفهميها وتاني مره عايز اساعدك انتي وشركتك بدل م تنهار
ادارت له نفسها وحاوطت رقبته بذراعيها وهي تتحدث بنعومة: مش عارفه اقولك اي يا عماد شكرا دي قليله ع اللي انت بتعمله معايا دا كتير اوي يا حبيبي
احتضنها عماد وهو يتحدث في نفسه بمكر: ولسه اما نشوف اخرتها معاكي اي يا رهف هخليكي تجيلي راكعه
----------------------------------------------------------
اما عند عمار ورهف كان الجو مشحون، لا يتكلم الاثنان، حتي تنهد عمار وهو يتحدث بتوتر: رهف ممكن نشتغل سوا كل واحد فينا بيشتغل لوحده وكدا مينفعش علي الاقل اعرف بتعملي اي
ردت عليه رهف بلا مبالاة وهي تنظر الي الحاسوب امامها: متقلقش مش هبوظ حاجه بقيت شطوره خالص يا ابيه عمار
نظر لها بصدمة من ردها ليتحدث بدهشه: ابيه عمار؟ وبقينا بنتريق كمان وتي اللي شقلب حالك كدا يا بنتي م كنتي رقيقه
نظرت له باستهتار وبنبره تشوبها السخرية: لااا فكك بقا من جو رهف الرقيقة الساكتة اللي مبتعرفش ترد علي حد، مش دا اللي انت عايزه يا استاذ عمار
فُجيء عمار بردها عليه وعلِم انه سيكون من الصعب عليه ارضائها او نسيان ما صار معها، فحاول ان يكون لطيفاً معها ويغير مجري الحديث ليحادثها بمراوغة لتتكلم معه اكثر: طب والطرحة الطويلة الحلوه دي برضو عشان انا كنت عايزك تتحركي
نظرت له بعصبية ونبرتها الغاضبة: اكيد مش هلبس الطرحه عشانك يا عمار وخصوصا ان مافييش حاجه بينا اصلا عشان تقولي كدا
ضيق عمار عينيه وهو يحثها علي الحديث ومعرفة ما حدث معها هاتفاً بمكر: عايزه تقنعيني انه مش عشاني طب لي بقا لبستيها
لمعت عينيها بحزن حقيقي وهي تتذكر ما حدث من بضعة شهور لتسرح بخيالها فيما حدث وهي تحكي له بالتفصيل وكأنها تود لو تتكلم وتخرج ما بصدرها لترتاح
&&&&&&&&&&&
قبل بضعة اشهر وبالتحديد في المشفى امام الغرفة التي يقطن بها جسد راضي الحسيني، ذهبت رهف وهي تجُر اذيال فستان خطبتها بضياع وهي تنظر بالفراغ، كانت تستمع لنداء محمود لها ولكنها لا تقدر علي التحدث او الكذب بشأن ان ابيها سيكون بخير؛
هبطت رهف الي الأسفل نظرت حولها لتسمع صوت الأذان يعلو من ركن صغير في الدور الأرضي للمشفى، ذهبت اليه وهي مازالت تجُر ثيابها بخيبة وضياع، كل من نظر اليها يحوقل علي هيئتها التي تدل انها خسرت اغلي ما تملك الأن.
سارت رهف تجاه المسجد الصغير، دخلت اليه بتعب، فنظرت حولها لتري ملابس للصلاة معلقه في احد الأركان ومرحاض صغير فذهبت الي المرحاض توضأت واخذت الملابس وارتدتها واقامت الصلاة، لم تنتبه رهف الي العيون التي تجلس في اخر المسجد تنظر لها بحنان وشفقه وكأنها تعلم ما يموج بداخل تلك الصغيرة.
اما رهف فكانت عندما تسجد تبكي وتبكي كثيرا وكأن دموعها تخبر الله بكل ما يموج في داخلها، ظلت علي هذه الحالة الا ان انهت صلاتها، وما ان انهتها حتي رأت سيدة تبدوا بعمر والدتها ولكن شتان بينها وبين والدتها، كان الضوء يخرج من وجهها عيناها تشع منهما الحنان، جلست بجانب رهف وما ان وضعت يديها تربت علي ظهرها حتي انفجرت رهف بالبكاء فورا وكأن يديها تحثها علي اخراج ما بها، اخذتها المرأة في حضنها وظلت تربت عليها بحنان مفرط، وبعد عشرة دقائق ابتعدت رهف عنها قليلا وهي تنظر الي السيدة بضياع فنظرت لها وعينيها تبتسم قبل ان تصل الابتسامة لشفتيها، حتي تحدثت السيدة بهدوء ودفء استشعرته رهف بنبرتها: قربي منه دايما اشكيله همومك، اطلبي منه هو وخليكي طماعه اطمعي يا بنتي في كرمه، بس متنسيش تتقيه وتصبري وتحتسبي عنده كل شيء، متنسيش يا بنتي تتقيه متنسيش تتقيه
&&&عوده&&&
مسحت رهف دموعها بيديها هاتفة بنبره عميقة: طلعت من المسجد وانا ناويه اتقي ربنا في كل حاجه بعملها في لبسي في كلامي في افعالي، عشان كدا غيرت كل حاجه في حياتي
نظر لها عمار بتأثُر حقيقي متحدثاً باشتياق: عشان كدا عمري م ندمت اني حبيتك يا رهف
----------------------------------------------------------
&بقلم منار السيد
&رواية اللقاء
&اليُراع الذهبي
أنت تقرأ
اللقاء🫰🏻
Romanceتقابلا بعد فراق دام 20 سنه لتعاد قصه قديمه من جديد ويفتح ماضي قد دفن ليكشف قصص اخري فماذا سيفعل ابطالنا بعد لقائهم؟