الفصل السابع والعشرون ج٢

2.2K 101 46
                                    

المرأة كفرسة جامحة مليئة بالعزة والكبرياء…

إذا أطلقت حافرها في صدر رجل طوت المسافات البعيدة فيه دون عناء..

وإذا صهلت ما بين أضلعه ذاع في المدى صوتها يزلزل الأرجاء..

وإذا ناظرته بعيونها الكحيلة البراقة فتنت قلبه وأنسته الأهل والمال والأخلاء..

وإذا شمخت برأسها لتحركها ذات اليمين وذات الشمال بقوة يتطاير في غمارها شعرها الحريري مضرمًا في كيانه حرب شعواء..

وإذا هاجت وارتفعت على قوائمها معلنة تمردها تكن كمن يضعه في صراع قوي أوله شتات وآخره انتماء .

المرأة فرسة محال أن يروضها الوجع أو التكبيل أو الإيذاء.. محال أن يخضعها الترويع والتعسف والرياء محال أن يكسرها النبذ والتنكيل والإقصاء…

༺༻

الباحثون عن الحياة ربما هم أكثر من يملكونها فمحال أن يولد الإصرار في صدر قد أخمد الموت وهجه وأطفأ شمسه وتركه كوادٍ مقفر حفر فيه قبر عميق لروح مناضلة لا تشعر أن أوان نحرها قد حان بعد، ربما هم أكثر البشر صلابة لأنهم لم يدعوا لضربات القدر المتتالية كلمة الفصل في رحلتهم الممتدة بل كافحوا ليجدوا لكل سقوط وقفة تنهيه …ولكل ضياع عودة تهديه ولكل صعب حلول تمحيه، إنهم الأحياء حقًا وإن لم يدركوا ذلك …وإن دفعهم الألم نحو طريق الموت مرارًا …وإن دفعهم اليأس نحو طريق القنوط دائمًا، إنهم العامرون باليقين …الممتلئون بالصبر والثبات الذي يدفعهم لإكمال سعيهم الذي ما هو إلا طواف لا نهاية له حول منابع الرحمة في هذا العالم، منابع الخير والتقوى التي إذا ما ارتشفوا منها رشفة ازدادوا قوة وإلحاحًا في الوصول إلى أرض السلام البعيدة والتي ليتها تأخذه إليها ..وليتها تختاره بها رفيق …كان هذا ما يفكر به حكم الذي لمح خيال شيراز يقترب ليشق ثقل الظلام ويتقدم نحوه، تأملها وهي تستقطب ضوء القمر كاملًا ثم تعكسه كما لو أنها كوكب دري ترك علياءه وخرج عن مساره مسببًا انفجارًا عظيمًا ثم اخترقه بجبروت جعل منها روما التي ستظل تحترق في صدره إلى الأبد، رؤيتها عاثت فسادًا بنبضه وزادت من انفعال أنفاسه حتى بات لا يدري أذلك من فرط الكتمان أم من طغيان عينيها فكم مرعليه من الطغاة لكن كعينيها في تاريخ الطغاة لم يذكر، المسافة كانت تنهار تحت خطاها كأنها تدرك أن قربها بات له كما اللعنة …..وكم كانت هذه اللعنة تختلف …إنها لعنة بطعم الحب ……لعنة تناديه أيها المتين الصامد يبدو أنه قد حان الوقت لتفقد صوابك لكن كيف له أن يستجيب ويفعل …… أما هي فكانت تقترب منه ببطء كأنها كانت تريد تأمله حتى تكتفي، كانت تحاول أن تؤرخ له بأحداقها ذكرى أقوى من أن تنسى، كانت تتمنى أن تحمله معها في رحيلها الذي يبدو كفكرة انتحارية ليت بإمكانها ألا تقدم عليها، كانت لا تدري ما الذي يحدث لها فكلما كانت في محيطه دون شعور منها  تجد نفسها تتمنى الوقوع في الحب.

أرض السيد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن