الفصل الخامس والثلاثون

2.9K 108 51
                                    

الفصل الخامس والثلاثون…….

يا امرأة حين حلت عقدة حاجبيها 

وتبسمت وضعتني تحت القصف 

وأدخلتني مدن الحروب المستمرة 

وأسكنت عيناي جنونًا صرفًا …

وبدلتني كما لو أني شايها الأخضر الذي وضعت به السكر وظلت بملعقتها تذيبه أكثر وتركته في دوامات العشق يلف 

يا من أخرجتني عن شعوري حتى بات

هواها على عنقي الأبي كحد السيف

وباتت كل حروف الغزل في صمتي 

تفر إليها وتتدافع حرف حرف.

يا سيدتي أشهد أن لا امرأة غيرك جعلتني نازح رغم عزي لاجيء إليها يلتمس العطف

عالق في تفاصيل تمردها الذي يزيدني تورطًا فيها ويجعلها عن العناد لا تتراجع ولا تكف 

أنا الذي لا يجيد الاقتراب من النساء أعلنت

حصارك كاسرًا في ذاتي الأصول والعرف

يا خاصتي التي أنهت سنوات استقراري

وقد ضربت ثوابتي بدلًا من الشعور بألف

وباغتتني وهي تجذبني نحو آفاق ما علمت يومًا بوجودها وطوقتني بحنان بلا وصف 

أيتها المهيمنة على سلطاني كيف يكون الحب

إن لم يكن انفعال وغضب ولوثة وثورة وعنف 

كيف يكون القرب إن لم يكن كحماس وفزع وهياج الأنفاس والنبض حين نُدفَع عن جرف

وكيف يكون العمر الطويل إذا لم ينته ونحن معًا وقد شابت خطانا ومازلنا كتفًا لكتف.

وكيف يكون غرامنا إن لم يكن تعقيد أود لو أفرغته

على شفتيكِ اللتين ستلقياني عما قريب للحتف.

༺༻

قبل عدة ساعات …..

استثنائية جدًا تلك اللحظة التي تدرك فيها أن الحياة التي ركضت بك دون هوادة وسرقت أيامك يوم بعد يوم فلم تمنحك فرصة للتوقف والنظر من حولك والتأمل في الأشياء وافتقاد صخب المشاعر الذي يشعرك أنك إنسان ما هي إلا موت بطيء كان يغتالك دون أن تشعر، كان يدفع خطاك قسرًا لتمض في رحلة لا زاد فيها من السعادة ولا راحة فيها من الشقاء ثم يحول بينك وبين فرصة العودة بالزمن لتصحح مفاهيمك وتعد زادك كيفما تحب وترتضي، استثنائية أكثر حربك الداخلية حين تشتد لتعدل مسارك بشكل إجباري وتجعلك في ذاتك ثوريًا متمردًا مفتونًا تعيش عمق المشاعر وتتخبط في متاهاتها بشكل يجعلك رغم سنوات عمرك وحدة طباعك وثقل أفعالك تشعر أنك غر لا يستطيع التعامل مع

اندفاع أحاسيسه ولا يستطيع السيطرة عليها فيدخل في حالة من الفوضى التي لا تنتهي مطلقًا إلا حين يقف أمام تلك التي ملكت زمام أنفاسه وفرضت هيمنتها على نبضه ورهنت سلام ذاته بقربها الذي بات له كما الحياة والموت، استثنائية أكثر وأكثر هي حين تعادلك صلابة وعنادًا وتمردًا وأصلًا، حين لا ترتضي إلا بما يرضيها كأنها تعلمك أن تغتنمها دون تردد، تعلمك أن تمد يدك وتجذبها بكل عنف لتزرعها بين أضلعك كما زرعت ذاتها في فكرك ونبضك شيئًا فشيء، كان سلطان شاردًا يقود سيارته نحو شركة الشحن وكل تلك الأفكار تتدافع في رأسه كأنها من فرط السعادة قررت أن تعري ذاتها له فلا تتوارى خلف مبرراته الواهية التي كان يخلقها من العدم لذاته التي عانت لتعلن على حبيبة السلطان الحب وعانت أكثر لتعترف به، وقع كلمة أحبك التي قالها كان مازال يضربه كما البرق فينفض فيه كل وريد وشريان، ووجهها الخجل شديد الحمرة وعيناها الحنونة الراضية تبعثرانه دون رحمة. انتفض سلطان على صوت زامور سيارة تمر بجواره ليتنبه أنه كاد أن يكسر إشارة المرور الذي توقف للتو فأسرع يوقف السيارة وهو يتنفس بانفعال شديد وبمجرد أن فتح أمامه الطريق أخذ أول منعطف وهو يشعر أنه بات كشعلة لا تنطفيء حتى اقترب من الشركة فلمح تجمهر من العاملين يقفون بالخارج فضيق عينيه وأوقف سيارته وترجل منها واقترب منهم يقول بجمود " لماذا تقفون هكذا، خير، هل حدث شيء  " التفتت الانظار إليه  ليبدأ صخب الشباب بالارتفاع وجميعهم يندفعون نحوه مهللين مباركين لتمتقع ملامحه بحرج أخفاه خلف قناع متفهم وممتن وهو يرى هواتفهم التي بدأت في الرنين كأنما الخبر انتشر كالنار في الهشيم والجميع يريدون التأكد، كانت سعادتهم لأجله ومحبتهم جلية في محاوطتهم له ليقول أحدهم " نريد اليوم أجازة يا عريس لنساعد في التجهيزات، لقد وصلني خبر أن الحارة على قدم وساق" همّ سلطان بشرح أن الأمر سيكون عائليًا فهو مجرد عقد قران ليسبقه آخر يقول " أخي أخبرني أن شباب الحارة جميعا بدأو بتنظيف المكان" رفع سلطان ذراعيه يطلب منهم التريث لتقع عيناه على وجه عيسى الذي كان ينظر له بصدمة واضحة لم يفهم سببها قبل أن يقترب منه ويقول بغضب مكتوم " سلطان أريدك حالًا " الغضب الذي امتلأت به حروف عيسى جعل نظرات الشباب تتحرك بينهما بتوجس ليقول سلطان للشباب " ادخلوا، لا تقفوا هكذا في طريق المارة، لنتحدث بالداخل " انسحب الشباب وهم يتبادلون النظرات فيما تحرك سلطان تجاه مكتبه بوجه متجهم فتبعه عيسى الذي حين ولج إلى المكتب قال بغضب شديد "هل ما سمعته صحيح يا سلطان " قال له سلطان " وما الذي سمعته بالظبط وجعل ملامحك متجهمة ومصدومة  لتلك الدرجة " قال له عيسى بإنفعال " ما سمعته هو ما سمعه الجميع، أنك ستعقد قرانك اليوم " قال له سلطان "  نعم سأفعل، لكن لا تظن أني رتبت للأمر منذ مدة ولم أخبرك وتهيء لذاتك تفاصيل صادمة لا داعي لها،  فالأمر حدث فجأة وحتى انتشار الخبر حدث فجأة لأني صارحت شخصًا أحمق بما أنتويه " قال له عيسى بهياج صدمه " كيف سامحتها على ما فعلت، ما ظننتك رجل قد تقبل على نفسك أن تعود لامرأة كانت تعرف رجل آخر بل وتخدعك وهي على علاقة به " توسعت عينا سلطان بجنون وأسرع يغلق الباب بقوة بأحد يديه ويده الأخرى كمشت تلابيب عيسى بغضب ودفعته بعنف حتى ارتطم بالحائط وهو يقول " ماذا تقصد بهذا الهذي، هل جننت " قال له عيسى " لم أجن يا سلطان، لم أجن فحين هاتف ياقوت أحد الشباب ليخبره لم أصدق فهاتفت سارة وأخبرتني أنك ستعقد قرانك على فاطمة، فاطمة يا سلطان التي …..أسرع سلطان يغلق فاه بكفه الضخمة وهو يهدر به من بين أسنانه " التي تكون أختك ….هل تسمعني، أي حديث غير ذلك انسه لأنه غير صحيح وقسمًا بالله سأحاسبك عليه " نظر له عيسى بصدمة وقال " ستحاسبني عليه !! أنت من يقول هذا يا سلطان، أنت من تنتفض عروق جسده عرق عرق إذا خص الأمر الشرف والعرض " قرب سلطان وجهه من وجه عيسى وقال " ومازلت يا عيسى، ولذلك انتفض بعنف أمامك لأن حديثك الآن يمس شرفي وعرضي وزوجتي "قال له عيسى بإنفعال " انت لا تعرف شيء " قال له سلطان بحدة " بل أنت من لا يعرف شيء، لذلك لا تتحدث حديث يوقعك في الخطأ وأمسك عليك عقلك " قال له  عيسى بحرقة " كيف أفعل وأنا أراك تقع على وجهك، يا سلطان أنا لدي ما لا أريد قوله لك، لدي حديث سيطول كرامتك وكرامتي إذا كنت مصر على تلك الزيجة "

أرض السيد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن