بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الخامس
فرحة القلوب بقلم
منى عبدالعزيز ومروة حمدي
الخاطرة بقلم الجميلة مروة حمد
في قلب كل شخص منا حكاية يحفظها في سره ..
حكاية يبكيها كل دموع الشوق.. حكاية يتمنى أن
يعيشها.. حكاية يسعى للتخلص منها.. وأخرى يعيش
فصولها بكل ندم.. لكل منا حب لم ينساه، ماض يود
تجاوزه، حكاية غير مكتملة يسعى لإتمامها، شوق
يسعى لإخفائه، وقلب ينبض لشخص لا يأبه..
لكل منا عشق ننتظره، وقد نكون العشق المنتظر
لشخص آخر.. لكل منا جروح وسعادات وبضع
ذكريات.. نتذكرها قليلا، نبكي جراءها قليلا، نسعد
إثرها قليلًا، ونعيش بها حياتنا لآخر العمر .
**************************
يتكأ بظهره على الفراش، يشعر بالاختناق يهب واقفا يجوب الغرفة ذهابا وايابا محدثا لنفسه:
انت عاوز ايه؟ عاوز تعيش مع حاجه مختلفة وتكمل مع سلوى ولا عاوز تعيش مع عيلتك واولادك؟
_ عاوز الاتنين عايز احس انى انا اول اولويات مراتي، اعيش معاها ال عشته مع سلوى اول يوم اكون انا كل حاجه ليها الاب والأخ والزوج والحبيب.
_انت مش شايف دي انانية؟
_لا مش أناني من حقي زى اى بنى ادم انى اعيش زى ما انا عايز.
_وانت هتعمل ايه دلوقت، هتفضل زى ما انت كده ولا هتعمل ايه؟
_مش عارف.
_طب وسلوى.
_مش عارف مش عارف انا ال متأكد منه انى عايز حنان في صورة سلوى وسلوى في صورة حنان.
_يعنى ايه؟
_انا عاوز حنان بكل تفاصيلها طيبتها وحنانها وتضحيتها كل ده وفوقيهم ال عيشته مع سلوى.
_ كده انا فهمت انت عايز ايه بس هتعمل ايه دلوقت؟ مش شايف انك اتاخرت.
_لا ما اتاخرتش انا هعرف أرجعها أزاى.
قالها وهو يزيح الغطاء عنه بسرعه ياخذ المفتاح من الكومود بجانبه ويسرع للخروج من الغرفه إلى باب المنزل متجاهلا مناداة سلوى عليه
صاعدا إلى سيارته منطلقا بها،
يسير على أقصى سرعة محدثا نفسه " انا غلطان عيشت فى كذبة وحبست نفسى فى وهم وخدعة كبيرة وضيعت كل حاجة حلوة فى حياتى، لازم أصلح غلطى ارجع أولادي ومراتي فى حضني وأنسيهم وانسى العيلة كلها ال حصل هبقى أمير تانى.
يضرب بيده على المقود بعصببة: انا واثق إنهم اصلا سامحوني كان جدى ولا أخوالي انا ياما عملت وال اكتر من كده وسامحوني عليه بدليل خالد ومجيئه ليا بس هي، تقدر تنسى الجريمة ال انا عملتها والإهانة ال وجهتها لها، هتزعل شوية وده حقها بس حنان ال اعرفها بتسامح بسرعة وانا هفضل وراها لحد ماخليها تسامح، انا مش اول رجل يتجوز على مراته انا معملتش حاجه غلط بس علشانها هصلح الغلط ده بس هى توافق.
يتوقف بعد وقت أمام منزل الخديوي.
تصنم بمكانه وهو يسمع صوت ضحكات خارجة من القلب يعلم هوية صاحبتها جيدا، رفرف قلبه بداخله ليسير كالمغيب باتجاه الصوت غير واعي بنظرات الأمن عليه.
اختل توازنه وكاد يسقط أرضا وعيناه متسعه بزهول،يقف يوزع نظراته بين جده وابتسامته التي تملئ وجهه وجدته جواره وبين حنان القابعة بين ذراعي فؤاد يدور بيها وقد اختلطت صوت ضحكاتهما لتحقق بذلك اسوء كوابيسه يتقهقر إلى الخلف بهدوء كما دخل تحت انظار أفراد الأمن المستغربة مما حدث، يعود لسيارته بتيه يفتح بابها بيد مرتعش، يرفع عينيه لأعلى ويخفضهم سريعا عقب تدحرج دموع عينيه بحسره خرج صوته ضعيفا كالذبيح.
"دبحت نفسك بنفسك يا أمير وبسكينة تلمه، حتى امك واقفة وشايفة ال بيحصل قدام عينيها والفرحة ظاهرة على وجهها حتى عنيها لما جات فى عينك مرحمتكش ودارتها، كأنها بتقولك خلاص حنان لقت ال يعوضها.
ينطلق بسرعة يصرخ عاليا: بعد كله ال عملته رجع من تانى فؤاد، فؤاد .
يضرب على المقود عدة ضربات متتالية صارخا باسم غريمه بكل مرة.
_ااخ كان لازم اعرف من صوت ضحكتها أنه فؤاد.
يعود بذاكرته الى سبع سنين مضت، أثناء دخوله إلى باب المنزل يستشيط غضبا من كلام جدته لأبيه وهى تحثه على الانتقام من عائلة الخديوي جميعا لما فعلوه لوالده، ليقف وهو يرى حنان تجلس على إحدى طاولات الحديقة تستذكر دروسها، تترك ما بيدها عقب مناداة والدتها لها، كان يهم بالتحرك ليقف مرة أخرى وهو يرى فؤاد يخرج من خلف إحدى الأشجار ينظر فى أثرها بمعالم وجهه اضرمت الشك بقلب أمير تجاهه.
يتوارى عن الأنظار متابعا لفؤاد وهو يخرج شيء من جيبه ويضعه داخل كتابها، ثم تلك القبلة التي طبعها على يده ومررها على الكتاب ببسمه صغيرة، ليسرع بعدها للدخول إلى باب المنزل يخرج امير من مخبأه متجها بسرعة إلى الطاولة يخرج المغلف يضعه بداخل جيب بذلته متوجها إلى سيارته مرة أخرى بسرعة يفتح الظرف على عجاله يقم بقراءته، يبتسم بخبث وهو يخرج هاتفه متحدثا إلى جدته يخبرها بأنه وجد الطريقة التي سيكسر بها عائلة الخديوي، يقص عليها ما ينوى فعله.
لتوقفه هى وتعيد عليه خطته ولكن بطريقة أخرى اكثر خبثا بأن الزواج هو أفضل حل فمن ناحية أموالها فهي سترث اكثر منه مالا ومن ناحية أخرى تعلق جديها بها فتعاستها ستغيم على المنزل بأكمله وهذا افضل من افتعال فضيحة بجواب غرامي هى نفسها لا تعلم عنه شيء .
يرسم الخطوط العريضة لخطته مع جدته وقام بتنفيذها بحذافيرها ولكنه لم يضع فى الحسبان ما حدث لاحقا.
تعلقه المرضى بها بعدما تخلل حبه إلى قلبه فحنان الزوجة تختلف عن ابنه خاله التي تربت معه ، احتواءها له رقتها طيبتها اهتمامها بتفاصيله جعلته يرغب بها لنفسه فقط غار عليها من الجميع حتى اخاها، وقع عاشقا لها ولم يعرف ذلك الا الان.
أوقف السيارة بعنف، يدخل المنزل ليجد سلوى أمامه.
بينما هى كانت تقف بالنافذة المطلة على بوابه الفيلا، تنظر للأمام بشرود والقلق يتسلى بقلبها، تنظر الى الساعة بالهاتف، تعيده إلى أذنها مرة أخرى وهى تعاود الاتصال للمرة التي لا تعلم عددها، تستمع لنفس الصوت المزعج يخبرها
"الهاتف المطلوب غير متاح حاليا"
تتحدث مع نفسها وهى تجاهد فى عدم نزول دموعها وقد فاضت بها عيناها، لتنتصر عليها وهى تهبط بغزارة تحجب الرؤية أمامها.
"معقولة يا أمير مشيت من غير ولا كلمة، ده احنا لسه متفقين نبدأ صفحة جديدة ندى لبعض فرصة، ممكن اكون ظالماك طب لو انا ظالماك روحت فين؟ قافل تليفونك ليه؟ تخذلني تانى؟
تبدلت ملامح وجهها المرهقة لأخرى جامدة وهى تزيح دموعها بيدها بعنف وقد علت نبرة صوتها تتابع حديثها بهجوم.
"أنتى ايه هتفضلى غ*ب*ية كده لحد أمتى، فوقى بقا، ده الدنيا كلها خذلتك، لسه عندك عشم وأمل إنه يشتريكى، ال خلى ال من لحمك ودمك باعك بدل المرة مليون ويعالم بيفكر فى ايه وبيدبرلك ايه، بس لا كفاية كده، لازم اتغير وابقى وحدة تانية تأخذ حقها بنفسها ما تستناش ال يبجبهولها، ما استناش الحماية من حد، لازم ابقى انا سلوى مش سيمى المتحررة ال كله واخد عنها فكرة غلط ولا سلوى الضعيفة ال بتسلم أمرها بسهولة، المرة دي لازم اتمسك بحياتها وحقي ان اعيشها بطريقتي انا عايزة ابقى ام ليا بيت واولاد وزوج ، اعمل لنفسي عيلة زى زى اى ست انا معملتش حاجة غلط، صحيح انا عطيت لنفسي حرية زيادة طمعت كتير فيا بس عمرى ما غلطت ولما غلطت اتجوزت،فوقى وبطلى عياط انتى خايفة من ايه؟ خايفة إنه يسيبك؟ مش هيقدر.
خرجت من حديثها على هبوطه من سيارته، لتسرع باتجاه الباب تفتحه بلهفه.
ترتد إلى الخلف وهى تراه باعين حمراء مشتعلة كالجمر يرفع يده يطوق عنقها بهما يتحدث بصوت عالي هيستيري : انتى السبب يا نوال هانم انتى السبب فى ال انا فيه، ضيعتينى وضعيتي عيلتي منى، أمي، جدى أخوالي حتى مراتي وعيالي، كله منك انتى يا نوال بسبب حقدك وكرهك خلتينى نسخة تانية منك ومن ابنك وفى الاخر ضيعت زيه.
اغرقت عينيها وهى تبعد يده عنها بصعوبة تسارعت أنفاسها تلتقطها بصعوبة حتى استجمعت كل قواها قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة تدفعه للخلف، ليرتد عنها تاركا إياها تسعل بشده تمرر يدها على رقبتها تنظر له برعب بينما هو أتت أتت له تلك الدفعة كصفعة ايقظته، اخذ يتلفت حوله كالتائه، لتقع عينه على عينها المرتجفة يقترب منها ببطء وهى تعود للخلف حتى اصطدمت بالحائط خلفها، اغمضت عينيها فور اقترابه منها لتفتح بذهول وهى تان بألم وهى يضمها بقوة بين ذراعيه يعتصرها و جمرات حارقة تهبط على عنقها وهو يبكى بدون صوت.
رفعت يداه تضمه لها، تربط على ظهره بحنيه.
سلوى" اهدى يا أمير، أنا معاك مش هسيبك، هتكون ليا ابنى وابويا واخويا وكل عيلتي وكل ال بتتتماه هتلاقيه وكل أحلامك ال كنت بتحلم بيها هنحققها سوا، هننسى الماضي وهنعدى الحاضر ونخطط لمستقبلنا سوا"
رفع نظره لها كالغريق يخرج صوته بوجع..
"أوعدينى هتفضلى جنبي مهما حصل منى، هتحتوينى فى كل حالاتي، اعتبرينى ابنك ال مخلفتوش، لا لا ما تعتبرينيش ابنك انا عايز أولاد انا عايز اخلف عشرة واربيهم احسن تربيه يكون صحابي قبل ما يبقوا أولادي واخواتي قبل ما يبقوا صحابي. يكمل ببكاء وحسرة" زى ما شفت جدى واخوالى وزى ماكنت انا وخالد ويوسف وياسين زمان"
سلوى بفرحة" اوعدك هكون ليك كل دوول معادا خالد وايه عمرى ما هقدر انسيهملك ابدا مهمها حاولت انت نفسك عمرك ما هتقدر.
نظر لها متسائلا، تجيبه بإماءة من رأسها معلله: خالد وايه الصغيرين، صدقني حتى ايه الكبيرة لا هقدر اخد مكانتها ولا اعوضك عنها بس هبذل أقصى جهدي واكون بديل للباقية كلها.
*******بقلم منى ومروة****
ولج سمير ووالدته ناهد إلى منزله وسط تذمره لتحدثه والدته بهدوء.
_مالك يبنى من ساعة ما خرجنا من بيت الخديوي وانت مش على بعضك وتنفخ، كنت هتقلب بينا العربية اكتر من مرة.
سمير وهو يرتمى على أقرب مقعد: مشفتيش عمى عادل وال عمله.
تطلق ناهد ضحكاتها تحت نظراته المستنكرة.
_اكيد شفت والراجل طبعا ليه حق فى ال عمله، انا كنت لسه يدوب رايحه اتعرف فهوب الراجل لقى نفسه ادبس فى جوازه.
يعتدل لها بجلسته، يرفع لها إحدى حاجبيه وهو يضرب يديه ببعضهما بطريقة مضحكة: اسمع كلامك اصدقك اشوف امورك استعجب، مش انتى ال كنتى رايحة تخطبيها ومستعجلة على الجوازة.
يلوى شفتيه بحركة نسائية يرقق من نغمه صوته: نفسى اشوف ولادك يا سمير يبنى قبل ما أموت..يكمل بصوته الطبيعي : بإمارة تيته إجلال.
لم يتلقى سوا ضحكاتها كرد ليتابع بغيظ وحنق: انتى معايا ولا معاه.
ناهد بضحك: مع الحق.
سمير: نعم!!!
_الراجل اتاخد على مشمه، من الدار للنار وده اب برضه. ودى مش اى بنت دي اسماء الخديوي، اصل وأدب واخلاق وجمال متزنين بالعيلة الكبيرة النظيفة فأي اب عنده المواصفات دي لازم يتمسك ببنته وبالأخص أنها بنته الوحيدة وكمان خلى بالك اخواتها فى حاجه شغلاهم لكن لما يفقوا من الصدمة هتشوف ال عمرك ما شفته.
سمير وهو يتنهد يعود بظهره للخلف بفرحة رسمت على وجهه: كل ده انا عارفة وهو سبب إصراري انى اكتب عليها إنهاردة، من ساعة مشفتها مع ابوها وانا مشدود ليها.
ناهد بحيرة: اومال ايه بس ال مزعل وانت خلاص اتجوزتها وكلها كم شهر وهتبقى فى بيتك.
سمير: ال عمله عادل بيه مخوفنى وكلامك عن ابوها واخوتها ال انا عارف طبع حميتهم كووويس خوفني اكتر.
_طب ايه ال يريحك دلوقت.
اخرج تنهيدة عميقة، حرك عينيه باتجاه والدته: خايف اقول ما تصدقنيش.
ناهد بمرح: جربنى... تكمل بغمزة من عينيها"وحشتك صح"
سمير يغمض عينيه بهيام وهو يسترجع صورتها أمامه وتلك النظرة الخجولة التى اطارت لبه: اوى اوى.
صمت شاردا بها ابتسامة صغيرة على تلك الحمرة التى غزت وجنتيها عندما تلامست يده بكفها الرقيق ليتابع بدون وعى: اد ايه نفسى اكلمها واسمع صوتها دلوقت مشتاق اسمع أسمى من بين شفايفها.
تضحك الأخرى بسعادة وهى تراه على هذا الحال: طب ما تكلمها.
يفتح عينيه وهو يقفز من مكانه يجلس متربعا يضع يده على خده بتذمر طفولي: مالحقتش اخد رقمها حمايا العزيز عمل عليا كماشة خدنى من قفايا زى حرامى الغسيل وخرجنى بره البيت.
ناهد: تدفع كم للى يديك رقمه.
قالتها وهى تهز هاتفها بيدها بمرح أمامه، تراقص له حاجبيها، تشهق فجاءة عندما هب بسرعه افزعتها يلتقط الهاتف من بين يديها صاعدا لأعلى صارخا: ميه بوسة، بعشقك يا نهوووده.
ناهد وهو تتكا على المقعد تضع ساق فوق الأخرى: يا بكاش يالا علشان تعرف قيمتى كويس.
يعود لأعلى الدرج مرة أخرى : والنعمة عارف ورحمة تيته إجلال ال انت ماشفتهاش عارف.
ناهد: اقرأها الفاتحة يا بن ناهد ده الجوازة تمت ببركتها.
سمير وهو يدلف لغرفته: ده انا هطلع صدقة على روحها.
ناهد بسعادة: ربنا يسعدك يا بنى واعيش لحد ما اشيل ولادك.
سمير عادا مرة أخرى بظهره ينظر لها: ان شاء الله يا ماما ربنا يديكى طولت العمر وتشيلى ولادى واولاد ولادى ويخليكى ليا وتحمينى من عادل وأولاده وال هيجرالى.
ناهد وهى تقف من مجلسها تتابع بتوعد: ان كان هو عادل الخديوي فأنا ناهد ام سمير.
سمير وهو يصفق بيديه: ايوه كده يا نهوده عيدي إمجادك.
تطلق لضحكاتها العنان : روح يالا كلم مراتك قبل ما تنام وسلملى عليها وقولها حماتك بتسلم عليكى.
قالت جملتها الأخيرة بمغزى.
سمير وهو يهمس بصوت مسموع عائدا إلى غرفته: مش مطمئن للكلمة الاخيرة دى يا ام سمير.
وصل صوتها إلى مسامعه تعقب على حديثه: قصدك ايه يا بن ناهد؟
سمير يغلق الباب بسرعه خلفه: مقصدتيش حاجة.
يقلع جاكت بذلته ويلقيه على الفراش بإهمال لاحقه قميصه ليجلس على فراشه عارى الجزع يمسك بهاتفه وهو يبحث عن اسمها حتى وجده لتتسارع الدقات بقلبه، يتأمل الرقم لثوانى ، ارسل الرقم من هاتف والدته لنفسه عبر تطبيق الواتس، يخرج الهاتف يفتح التطبيق، وبسمه صغيرة ماكرة تزين وجهه وهو يبعث برساله
" اسماء ثانية وهرن عليكى، افتحى على طول انا جوزك"
مرت ثوانى استجمع بها شتات نفسه عقب رؤيته لقراءتها لرسالته، يضغط على الاتصال واضعا اياه على أذنه متلهفا لسماع صوتها حتى أتت الإجابة المثلجة له ولقلبه تنهد على أثرها وهو يعود بظهره للخلف يستند به على الفراش واضعا يده خلف رأسه والأخرى ممسكه بالهاتف منصتا لها بهيام.
تجلس اسماء بعد رحيل والدها على الفراش أمامها مجموعة من الكتب والمذكرات تنظر ليدها وتبتسم تضرب على جبهتها بخفه:
هو انا بحلم، انا وافقت أزاي، يعنى الموضوع ده مر أزاي وافقت واتجوز فى ساعتين وال بابا وال عمله
انطلقت ضحكاتها العفوية وهى تتذكر مواقف والدها اليوم، متمتمه " والله صعب عليا دوله بس برضه عنده حق مكنش متوقع ان الصدمة تيجى منى"
أطلقت تنهيدة طويلة وهى تمسك بإحدى خصلات شعرها وتستند على الفراش شاردة أمامها متابعه بهمس.
"انا نفسى مش عارفة ليه وافقت، حاجة اكبر منى هى إلى خلتني أوافق، طول عمرى بحلم اتجوز حد شبه بابا فى كل حاجه، هههههههه ومن الواضح أن سمير وبابا فولة واتقسمت اتنين.
تضئ شاشة هاتفها معلنة عن وصول رسالة.
أمسكت الهاتف بيدها وهى تقرأ تلك الرسالة اكثر من مرة وهى تعقد حاجبيها بدهشة وشك.
" أنا جوزك"
أتت رسالة أخرى " ثانية وهرن "
قرأتها تزامنا مع ورود اتصال.
تفتح الهاتف سريعا" الو"
_احلى الو سمعتها فى حياتى
ابعدت الهاتف عن أذنها تبتسم بعفويه وخجل
_سمسم، حبيبتي روحتى فين؟ الو روحتى فين يا سمسم.
_ااحم، انا موجودة .
_لا ابوس ايدك اخشنى شويه وانتى بتكلمينى إلا انا ممكن اجئ وتحصل معركة بينى وبين ابووكى.
انطلقت ضحكاتها العفوية عند ذكره لأبيها لتمر عليها أفعاله من جديد لا تدرى بحال ذلك الولهان وقد قفز من على فراشه صارخا.
" لا بقولك ايه انا اصلا على تكه انا فيا ال مكفينى"
اسماء بعدما تداركت حالها صمتت بخجل، عقدت حاجبيها بدون فهم لمغزى حديثه لتسائل بفضول فطرى.
_قصدك ايه؟
سمير وهو يعود للاستلقاء على فراشه من جديد واضعا يده على قلبه يمسك الهاتف باليد الأخرى شاردا بها .
_توتو تو يا سوسو دى حاجات ما بتتقلش يا قلبى.
_اللاه انا مش فاهمه ممكن وحدة وحده تقولى قصدك ايه؟
يبعد الهاتف عن أذنه ناظرا له بريبه هامسا.
" ايه يا بو سمره معناه ايه الكلام ده؟ هى فعلا خام ومش فاهمه كلامي ولاا بترسم عليا وابقى كده انا لبست؟! الالاه الالاه هو انا ازاى مفكرتش فى الحكاية دى من الاول، ولا اخدت بالى موافقتها السريعة على الجواز. لا يا سمير متخليش الشيطان يلعب بدماغك ويضيع فرحتك، انت شفت بنفسك إلتزامها وعفويتها وكلامها مع صحبتها.
يرد مرة أخرى على حاله: ما ده ال مخوفنى وده ال يخليك تتأكد ان الموضوع فى انه .
كلمات قاسية خرجت من تفكيره وقعت عليها كسهام مخترقه لقلبها الصغير تمزقه، سالت بارتجافه تمكنت من أوصالها عما يقصد؟ لم يجبها مستمر بحديثه المهين لشخصها وضعت يدها تكتم فاهها حتى لا يصل له صوت شهقاتها لم تستطع الصمود اكثر لتنهى المحادثه فورا
شاردا مع نفسه لم ينتبه لصوته الهامس الواضح لها ولا لسؤالها عما يقصد ، لتغلق الهاتف مرتمية على الفراش تبكى بانهيار.
جسدها ينتفض وهى تسترجع كلماته، غصة علقت بحنجرتها تبكى بحرقة على حال قلبها وحالها.
_ هو انا ليه بيحصلى كده ال فضلت سنين فاكره نفسى بحبه، طلعت بالنسباله ولا حاجه، وال قلبى اتشدله ولغيت عقلى ووافقت قلبى ووافقت عليه، يكون ده تفكيره فيا؟
لا مش هينفع اسكت على الكلام ده، ده هأنى وشك فيا.
أمسكت الهاتف بعصبيه متابعه" اتصل عليه واقوله ان ال بيفكر فيه ده مش انا ، وان انا بنت الخديوى المتربية احسن تربيه.
هزت رأسها بعنف" لا، لا يا اسماء ميستهلش انى أكلمه حتى، ده مفكرش يتصل يعتذر عن الكلام ال فكر فيه بصوت عالى، طب اعمل ايه؟ هتجنن لازم ارد، لازم أنهى الموضوع ده حالا مش هينفع استمر معاه اكتر من كده، سكوتى إثبات اكتر لكلامه وتفكيره،انا لازم اتصرف واتصرف صح.
وقفت بسرعه من على الفراش متمته
" ما فيش حل غير بابا"
متجهه إلى الخارج، تضع يدها على مقبض الباب، لتقف فجاءة.
"لا يا اسماء المرة دى مش هينفع عادل الخديوى يحلها ولا حتى أخواتي، ولا حد من الخديويين عموما، انسان مريض بالشكل ده ممكن يستغل الموضوع بطريقة تانية اعمل ايه، ايوه هى ماما ما فيش حل قدامى غيرها.
تأخذ نفس عميق تخرجه ببطيء، تهدئ دقات قلبها المتعالية، تفتح الباب بهدوء وهى تزيح دموعها عينيها التى تتساقط دون توقف.
وعلى الرغم من قصر المسافة ما بين غرفتها وغرفة والدتها التى لا تتعدى المتر، الا انها شعرت بثقل كبير على قفصها كمت لو كانت تسير لأميال.
تعصف بها الأفكار وهى تحدث نفسها.
" هقولها ايه، افتح الموضوع ازاى؟ والاهم ازاى انفرد بيها بعيد عن بابا؟
تقف أمام غرفة والديها، تغمض عينيها، تخرج تنهيدة عميقة، ترفع يدها تدق على الباب بهدوء، ليأتيها الرد سريعا لترتد خطوة إلى الخلف متفاجئة عندما فتح الباب بسرعة وخرج والدها أمامه يتساءل بلهفة.
" فى ايه يا اسماء يا حبيبتي أنتى كويسة؟"
تبلع ريقها وهى تجاهد فى رسم ابتسامة.
" ماما صاحية"
يقترب منها والدها محتضنا وجهها بين كفيه يتساءل بخوف بعدما ارعبته ملامح وجهها الباهتة .
"مالك يا حبيبتي، انتى تعبانة محتاجة حاجة؟"
اسماء وهى تجاهد فى حجز تلك الدموع التى تهدد بالسقوط واجلاء صوتها وهى تحاول الهرب من حصار عينيه المتفحصة لها بعناية وهى تجاوب بصدق.
"محتاجة ماما"
تقفز من على الفراش بقلق فور سماعها المختنق، تسرع بخطاها باتجاه الباب، لتنتبه إلى ما ترتديه، تلتف سريعا تجذب المئزر من على حافة الفراش تضعه فوق جسدها تخفى ما ترتديه وتخرج سريعا متحدثة.
" فى ايه يا اسماء؟"
اسماء ناظرة لها وقد فقدت السيطرة على حالها.
"محتاجاكى اوى يا ماما "
قالتها وهى تضع يدها على فمها عائدة مرة أخرى إلى غرفتها.
لينظرا فى أثرها ثم لبعضهما بتساؤل تنهيه آمال وهى تذهب مسرعة خلفها ، مغلقة للباب.
يقف ناظرا فى اثرهما يتساءل بينه وبين نفسه.
" فى ايه؟ البنت مش طبيعية، مش دى اسماء ال كانت بتتكلم وبتضحك من عشر دقائق، يا ترى عمل ايه الحيوان ده وصلها للحالة دى؟
يقف مترددا ايذهب خلفهم يستمع إلى ما يقولون ويعرف ما الأمر، ام يظل بمكانه منتظرا؟
أغمض عينيه بضيق من نفسه محدثا إياها: سامحينى يا بنتي، ما اتعودتش اتطفل على خصوصياتك، بس حالتك دى مش هقدر اقف فى مكاني.
قالها اخر كلمة وهو يخطو باتجاه باب غرفتها، يستمع إلى الحديث الدائر بينها وبين والدتها.
بينما فى الداخل فور دخول آمال للغرفة ارتمت اسماء الواقفة بأحضانها مباشرة، تبكى بحرقة.
آمال برعب من حالة ابنتها: فى ايه يا اسماء يا بنتي؟ قوليلى مالك يا ماما وقفتي قلبى.
اخرجتها من احضانها وهى تمسكها من كتفيها تنظر لها تحاول أن تستشف ما بها والأخرى لا يخرج منها سوى شهقات مع انتفاضات متتالية بجسدها تحت يدى والدتها اصطكت أسنانها ببعضها من شدتها، لتزيح آمال دموعها بيديها تحاول السيطرة على قلبها الهلع، تمسك كف يدها تتوجه بها إلى الفراش تجلسها إلى جوارها تريح رأسها على قدمها.
آمال: بالراحة يا حبيبيتي، قلبى وقع فى رجليا فهمني فى ايه؟
اسماء من بين دموعها: تقص عليها كل ما سمعته.
ضمتها إلى صدرها رابطة على كتفها، تشرع بالحديث يوقفها صوت نغمات الهاتف، تمسك به واسماء تنظر له.
آمال بحاجب مرفوع: هو ده الرقم؟
تهز اسماء بالإيجاب دون حديث.
تجيب على الاتصال لياتها الصوت
من الجهة الاخرى: الو، اسماء.
آمال بثبات وقوة : معاك آمال ومن غير كلام كتير، بكرة الساعة عشرة تقابلني فى نادى.... .
انهت حديثها مع غلق الهاتف دون اعطاءه فرصة للرد.
******
ينظر إلى الهاتف بتوتر: هو فى ايه؟ وايه حكاية طنط آمال عايزة تقابلني ليه؟
جلس بحيرة على الفراش يتنهد بحزن ، ليرتمي بجزعه العلوى على الفراش.
_ليه يا سمير تخلى ذكرى زى دى تضيع عليك فرحتك بالإنسان ال اختارها عقلك قبل قلبك؟!
صمت لثوانى يسترجع ما حدث منذ دقائق لتتسع عينيه تدريجيا هامسا: معقول، معقول تكون سمعتني؟
اغمض عينيه بتعب، طالبا الراحة ولكن هيهات فلا تزال تلك الذكرى تلوح امامه كما أنها لو كانت البارحة.
أخرجه من حالته صوت عالى ينادى عليه.
سمير: هو انا وصل بيا الحال انى اتخيل صوت عادل الخديوى بينادى عليا؟
عقد حاجبيه وهو لا يزال مستلقيا عندما استمع إلى صوت والدته تحادثه والاخر يجيب.
سمير وهو يثب من مجلسه متحركا للخارج: لا بقا ده مش تخيلات، استرها يارب.
يهبط الدرج وهو يقفز عدة درجات مرة واحدة، لم يصل إلى نهايته بعد لتوقفه صفعة مدويه على وجهه، لتبرز عروق وجهه وعيناه اصطبغت باللون الأحمر وهو يتطلع لذلك الواقف أمامه لا يقل عنه فى الغضب.
قطعها سمير بعد لحظات مغلقا عينيه بقهر وقد تأكد حدسه الان هامسا داخله.
" يبقى سمعت كل كلمة"
ليستسلم للصفعات المتتالية من عادل، يفتح عينيه على صوت صرخات والدته وهى تحاول أبعاد عادل عنه.
ناهد: ابعد عن ابنى، سيبه انت اتجننت وصلت بيك لكده، ايه هو مفيش حد جوز بنته الا انت.
وقف يلتقط أنفاسه بغضب وعينيه لا تحيد عن سمير الواقف كمثال لا حياة به، يشير على والدته بيده.
_هتحكى انت للست والدتك ال عملته ولا احكيلها انا.
تقترب ناهد من ابنها، تمسكه من رسغه متسائلة بقلق: قصده ايه يا سمير، حصل ايه بينك وبين اسماء؟
تلقت الصمت كإجابه فقط جسده وقد بدأ بالارتعاش تحت يدها لتنظر له برجفه.
عادل بدون صبر: ما تنطق يا جبان ساكت ليه؟ ايه هما بنات الناس لعبه فى ايدك؟
تصرخ ناهد عاليا: حرام عليكم حد فيكم يفهمني في ايه قلبى هيقف، ايه ال حصل وايه معنا كلامك ده يا عادل؟
عادل بعصبية مفرطة: البيه ابنك كسر قلب بنتي فى عز فرحتها.
تراجعت ناهد للخلف وهى تضع يدها على قلبها، ارتمت على أقرب مقعد تحاول اخراج الكلمات بصعوبة: قص قصد قصدك ايه؟
عادل وقد اعماه الغضب لا يرى امامهم: مش قبل ما يرمى يمين الطلاق على بنتي ويكون فى علمك دموع بنتي وكسرة قلبها مش هعديها بالساهل ابدا.
ناهد برعب: طلاااق هى وصلت لكده، هو حصل ايه لده كله، ما تنطق يا بنى وفهمني.
عند ذكر كلمه طلاق، رفع عينه الممتلئة بالدموع لعين عادل، ليتحدث برجاء مس قلب عادل.
" ممكن حضرتك تسمعني تلات دقايق بالضبط بعد كده كل ال تأمر بيه انا هنفذه"
لم يجبه، لتتحدث ناهد برجاء هى الأخرى.
"لا لازم تفهموني، انطق يا بنى وانت يا عادل بيه من فضلك اقعد، قلبى هيقف خلاص لازم افهم حصل ايه"
عادل: انا لو هسمع فده بس علشان خاطر والدتك وبس والحالة ال هى فيها، بس برضه مش هتنازل تحت اى حال من الأحوال عن طلاق بنتي.
يهز سمير رأسه بالموافقة: من عشر سنين بالضبط وقتها حياتى كانت كلها شغل لا بروح كده ولا كده ببنى شركة ابويا ال سابهالى وال تعب عليها وزى زى اى شب، قلبى دق لبنت فى منتهى الرقة والجمال.
اطلق تنهيدة عميقة ليتابع بعدها بحسره.
شاب خام مالوش علاقات بأي حد من سن ١٦ سنه يشتغل زيه زى اى عامل، أمي ال حضرتك شايفها منهارة دى، ماكنتش كده كانت واقفه جنبي وقفة عشر رجاله هى ال وقفتني على رجليا والكلام ال انا هقوله دلوقت هى نفسها ما تعرفش عنه حاجه.
فى يوم كنت فى حفلة تبع الشغل قابلت البنت دى، اتشدلها بطريقة ما تتوصفش من وقت ما دخلت الحفلة وانا عينى عليها وخرجت وانا مشغول بيها، ولأن علاقاتي كانت محدودة فى الوقت دى مقدرتش اوصل لهى مين ولا بنت مين؟
مش عارف اذا كانت صدفه او مترتبة، قابلتها بعدها بيومين، والصدف كثرت وبقت مقابلات وطبعا الأسلوب وطريقة الكلام واللبس المحتشم وخجلها ده كله مخلنيش اشك فى اى حاجه واتعلقت بيها لدرجة كبيرة.
اغمض عينيه يعتصرها بألم عند تذكره لما حدث تاليا.
فى يوم قررت انى افاتح والدتي واروح اتقدملها، لقيتها رافضة رفض قاطع بتقولى رايحه مع أهلها رحلة لأوروبا، حاولت أقنعها نتخطب وتسافر بعدها براحتها مرديتش ابدا، فاستسلمت وقولت مش مشكله لما ترجع.
اطلق ضحكة صغيرة ساخرة بمراره: عدى شهر واتنين وتلاته كنت بموت فى اليوم الف مرة لو مكلمتنيش وهى كانت كل كم يوم تتصل وتقولى انا فى بلد كذا لحد ما فى مرة بعتتلى صورتها وكان ظاهر وقتها اسم الفندق ال هى فيه فى الصورة .
شوقى ليها ولهفتى عليها خلونى ما انمش الليل قبل ما احجز تذكرة واسافر للبلد ال هى فيها اسبانيا، روحت للفندق وسألت عليها فى الاستقبال وقالولى أنها موجودة دلوقت فى المطعم، جريت على هناك وشفتها قاعدة على التربيزة ، فرحت جدا وقولت ده يوم سعدى هتعرف على والدها ووالدتها واطلب ايدها رسمى ولما نرجع مصر نعلن الخطوبه.
جريت على التربيزة ال قاعدة فيها مع رجل ال كنت فاكره ابوها وقبل ما اوصل وقفت وانا بسمع خناقها مع الرجل ده.
البنت: انت ايه ال جابك؟
الرجل: احنا متفقين على شهر يا حلوة وانتى هنا بقالك تلات شهور.
البنت: وانت ناقص عليك ايه ما هى الفلوس بتوصلك اول بأول وبزيادة كمان.
الرجل: انتى ناسية البقف الكبير ال فى مصر هاوسنى اتصالات فى اليوم اكتر من مرة يسأل عليكى.
البنت: لا لا سيبك منه ده، انا زهقت من العظمة الكبيرة، فى واحد تانى هو ال هيرسى عليه العطا.
الرجل: مين؟ اعرفه؟ يعنى ما قولتليش على الاستبن ده قبل كده؟
البنت: ايه يا راجل انتى نسيت انى معرفاه عليك على انك بابا.
الرجل : اااه، قصدك على اسم ايه ده الواد ال عنده شركة تصدير تقريبا كان اسمه سمير حاجه كده.
البنت: عليك نور هو ده.
الرجل: بس ده مش هيضحك عليه بسهوله.
البنت: ههه لا اضحك وال كان كان وبقا زى الخاتم فى صباعي ، ده أنا بسويه على نار هادئة، ده انا اخترت بهداوة بعد ال سمعته عنه فى حفلة من كم واحد من رجال الأعمال ال كانوا موجودين وهما بيتكلموا عنه انه زى البنت فى تربيته ومن بيته لشغله ومن شغله لبيته لا اصحاب ولا علاقات وفلوس زى الرز مالوش شريك فيها ومالوش حد غير أمه.
الرجل وهو يطلق صفير صغير مع تصفيقه بيده: اه يا بت اللعيبة.
هى دى الضربة ولا بلاش.
البنت: لا يا حبيبي دى الضربة ال هعتزل بيها وهرجع باكينام صفوت هانم من جديد وال ضاع منى زمان رجعته وزيادة.
الرجل: طب وانا؟
البنت: هتاخد ال يكفيك وزيادة وبعدها تختفى نهائيا من حياتى، مش عاوزة اى حاجة تفكرني بالقرف ده كله.
سمير ودمعة حارة تسير على إحدى وجنتيه يتابع بقهر: انا كنت بسمع وانا مصدوم ومش عارف اذا كنت صاحي ولا نايم ال سمعته ده حقيقة بشعه ولا كابوس مخيف، محستش بنفسي غير وانا بجرى بعيد عنها هربان منها مش عارف رايح فين ولا انا اصلا فين.
فضلت لحد الليل وانا ماشى فى الشارع وخلاص سبت كل حاجة هدومى حاجتي كل حاجة كان كل همى انا امشى من هنا وحجزت على مصر ورجعت بس سمير ال رجع كان واحد تانى ال انت تعرفه دلوقت.
واغتيرت تماما لحد ما قابلت اسماء بالصدفة معاك فى المطار معرف وقتها ايه حصلي، اتسحرت بيها، اتشديت ليها وسالت عنها وحاولت اوصل ليها، مش هقولك على ال عملته، انت اكيد عارف شاب لف كتير ومر بظرفى لازم يتأكد من كل حاجه بنفسه.
صدقنى مكنتش اعرف ان ماما كانت هتخطبهالى هى تحكيلك بنفسها علشان انا معرفش هى عرفت ازاى ولا وصلتلها ازاى!
صدقنى كل حاجه حصلت بالصدفة والباقى حضرتك عارفه، والكلام ال اسماء سمعته انا فعلا قولته.
هى كلمة واحدة قالتها رجعتنى لعشر سنين وراء خدتنى الذكريات وبقيت بكلم نفسى ولما فقت لقيت اسماء قفلت التليفون، مكنتش عارف سمعتنى ولا لا ال كنت عايز اعتذر منها بس لتكون زعلت من سكوتى وقفلت معرفش انى زعلتها اوى منى كده.
رفع رأسه ناظرت لعادل داخل عينيه متابعا وهو يبتلع تلك الغصة بحلقه يتحدث بصدق نابع من قلبه: مش عارف هتصدقنى ولا لا بس انا حقيقى حبيت اسماء.
يقف عادل من مجلسه متوجها له حتى صار امامه: انا مصدق كل كلمة انت قولتها بس برضه مش لاقى مبرر لكلامك ايه هى الكلمة الى بسببها رجعتك سنين وراء وانت بنفسك قولت انك اتاكدت من أخلاقها بنفسك؟!
بس تصدق على قد ما انا مضايق منك على كسرة قلب بنتى لكن هسبلك فرصة معاها تكلمها وتصارحها بكل الكلام ده، ووقتها هى صاحبه القرار اذا كانت تكمل معاك ولا لا، انا مش هغصب عليها فى حاجه.
تقم ناهد المستمعة بصمت منذ بداية حديث وحيدها تقف أمام عادل: انا شاكرة ليك يا عادل بيه، بس بعد اذنك مش هينفع نستنى للصبح.
عادل بدون فهم وكذلك سمير ال نظر لها بحيره: تقصدى ايه؟
ناهد مبرره: الموضوع مش هيستنى للصبح بعد إذن حضرتك سمير لازم يروح يعتذر منها دلوقت، ان قبلت تسامحه كان بها أن ما قبلتش وده حقها يبقى اختيارها وهو عليه ينفذ ال تأمر.
اتسعت عينه برعب ينظر لوالدته كيف امكنها قول هذا؟
تنظر ناهد إلى ابنها متابعه: انا صحيح امك، وقلب بيتقطع عليك بس هى اتكسرت فرحتها انت بنفسك جربت كسرة الخاطر موجعة قد ايه.
اطلع البس هدومك وانزل بسرعه.
صعد مسرعا دون حديث ، يقترب منها عادل.
_ناهد على اد ما انت حزين على ال حصل لبنتى، بس صدقين حتى لو ما أظهرت ده بس حزني على سمير وال حصل له ما يقلش عنها وسواء بنتى وافقت أو رفضت تستمر فى العلاقة هتفضلى كبيرة فى نظرى ويشرفنى تكونى اخت ليا زيك زى ايه ومريم مرآة اخويا ويمكن الكلام ده محدش يصدقه وانا مش هقوله تانى بس بجد بتمنى أن اسماء توافق تكمل معاه لأنى وقتها هكون مطمئن عليها أن جنبها ام عظيمة زيك.
ناهد وهى تزيح تلك الدمعة التى سقطت على وجنتها: انا بدعى ربنا اكتر منك أنها توافق وسواء وافقت أو رفضت أنها هفضل على طول ام ليها بس ليا رجاء عند حضرتك، نسيبهم مع بعض يطلعوا ال جواهم هما الاتنين.
يهز عادل رأسه بصمت ليهبط سمير على الدرج بوجه شاحب وأعين حمراء يحدثهم بصوت منكسر: انا جاهز .
يخرج أمامهم مسرعا ، ليلحق به عادل وخلفه ناهد، يمسك بيده قبل أن يصعد إلى سيارته.
عادل: لا، انت هتركبوا معايا، مش هينفع تسوق وانت بالحالة دى.
ناهد مؤيده لحديثه: يالا يا بنى.
أطلق زفير محمل بالهموم من على صدره متوجها خلفه إلى سيارته ووالدته تمسك بيده تضغط عليها بحنو.
بعد وقت وصلت السيارة إلى المنزل
.
بينما فى غرفة اسماء بعد أن غلقت الهاتف بوجه سمير نظرت الى أعين ابنتها المتسائلة بصمت عما تنوى، تبتسم ابتسامة صغيرة وهى تعيد رأس ابنتها إلى احضانها وتربط على ظهرها برقه: انا عارفة انتى عايزة تسأليني انا هقابله بكرة ليه؟
انتى سمعتى كلام احنا مش عارفين معناه ايه؟ وقولتى انك سالتيه مردتش واستمر فى كلامه وهو لا بيرد عليك ولا انتى فاهمه منه، يبقى اكيد فى حاجه لازم ندى للى قدامى فرصة يبرر ما اقتنعتش بكلامه وحجته وقتها اجيب حقه منه بس ده كله ما ينفعش يحصل قدام العيلة وده لاكتر من سبب.
اسماء بعد أن هدأت تخرج كلماتها بين شهقاتها: يعنى ايه؟
آمال بابتسامه: فى حاجه بسيطة لازم تعرفيهم سواء كملتي مع سمير أو غيره ال بينك وبين جوزك محدش يعرفه ابدا حتى لو انا، طول ما المشكلة تقدر تتحل ما بينكم علشان لو طلعت ما بينكم مش هتبقى مشكله بس ليكم لاده هتبقى فضيحة وهتزيد .
تانى حاجه، انا سمعت منك ال انتى سمعتيه ومش فهماه وعلشان ما اظلمكمش انتوا الاتنين لازم اسمع منه وافهم قصده واعرف لو كان بيكدب ولا لا وقتها هقدر اتصرف.
تالت حاجه، ناهد قريبتى أقرب واحن واحدة ليا من قرايبي كلهم ما ينفعش يا بنتى اخسرها بسهولة لأنى انا متأكدة من تربيتها كويس ال ما تعرفهوش عن ناهدانا هعرفهولك بعدين لو كملتي مع ابنها، ناهد دى مثال للزوجة والام ال انا آمال اتمنى اكون زيها، علشان ال عملته مع جوزها وابنها محدش يقدر يعمل زيه.
وفى حاجه عايزاكى تعرفيها يا سوسو، مش علشان انتى بنتى وهى قريبتى هيبقى فى وجه مقارنه بينكم، انا لو هختار هختارك انتى.
تضمها اسماء بمحبه تقبل وجنتها: وانا بحبك قووى ياماما.
آمال: وانا بموت فيكى يا قلب مامى ويالا بقا نامي مش عايزين بابا ياخد باله.
تستلقى على الفراش لتدثرها آمال جيدا تضع قبله على جبتها: نامي وارتاحي وعلى رأى تيته إجلال الله يرحمها ، تبات نار تصبح رماد.
خرجت من الغرفة أغلقت الباب بهدوء متوجهه إلى غرفتها وهى تفكر فيما ستقوله لعادل عن ماحدث بينها وبين اسماء.
آمال: هقوله ايه هقوله ايه ، أه ما فيش غير كده، هقوله كانت بتاخد رأئى فى الطقم ال هتقابل بيه سمير بكره.
تفتح الباب بابتسامه: سورى يا حبيبى اتا....
قطعت جملتها عندما وجدت الغرفة فارغه، لتفتح فاها: الله هو فين؟
لم تجده فى الشقة لترتدى اسدالها سريعا تبحث عنه فى ارجاء المنزل تمتم بعدما تملك القلق منها: ربنا يستر، ربنا يستر يا ترى انت فين يا عادل؟ يا خوفى لتكون سمعت كلامنا.
وقفت فى البهو الفارغ تنظر حولها بقلق بعدما تأكدت من عدم وجوده بالبيت، لتضرب على جبهتها: التليفون.
تسرع بلهفه على الدرج تحضر هاتفها لتقف بمكانها وهى تستمع لصوت فتح باب المنزل، تلتف بجزعها تجد عادل يدلف، تركض باتجاهه لتتبأطا خطواتها وهى تستمع له يدعو أحدهم للدخول.
لتجحظ عيناها وهى ترى من يدلف خلفه، يشير لها بيده بأن لا تصدر صوت، لتومى برأسها يشير لها بالصعود سريعا لأعلى.
دخل وهم خلفه قابلهم ظلام يعم الارجاء.
عادل: اتفضلوا على فوق.
ليتحدث بصوت شبه مسموع وهو يصعد الدرج ....
انا عمرى ما خبيت حاجه عن ابويا واخويا لكن انهاردة مينفعش خالص حد يعرف حاجه، مش خوف بس علشان عارف ولادى هيعملوا ايه، اخوات اسماء التلاته مش هيستحملوا يشوفوا دمعة عنيها.
يؤمى كلا من سمير ووالدته رأسه بصمت، ليدلفوا خلفه.
عادل لآمال بنبره لا تحمل النقاش: نادى اسماء.
تدخل آمال لغرفة اسماء غالقة للباب خلفها.
آمال: اسماء، اسماء انتى نمتي يا حبيبتى.
اسماء وهى تعتدل: لا يا ماما انا صاحية فى حاجة.
آمال: بسرعة البسى إسدال الصلاة وتعالى بسرعه.
اسماء: ماما قلقتينى فى ايه؟
آمال: بابا عاوززك.
اسماء بخوف: بابا.
آمال: ما تقلقيش خلصي بسرعة ويالا بينا، بس الاول تعالى اظبطلك الحجاب بتاع الاسدال.
اسماء: انا مش محجبه وبعدين ده بابا.
آمال: الحجاب هنتكلم فيه بعدين كويس انك فكرتينى، بس دلوقتى يالا.
تخرجا من الغرفة حيث جلوس عادل لتصطدم اسماء مما ترى.
عادل : تعالى يا اسماء.
وقفت بالقرب من والدها.
عادل: اسماء اقعدى انتى وسمير فى الصالون.
اسماء: بابا فى حاجات حضرتك ما.
عادل بحزم: اسماء اسمعى الكلام خدى سمير وروحى على الصالون.
دخلت وهو خلفها يفكر...
"افضل وسيلة للدفاع هى الهجوم"
تشير له بالجلوس ليمسك يدها سريعا بحركة مباغته.
انتى ايه ال عملتيه ده.
تسحب يدها سريعا تنظر له بزهول: نعم.
سمير وهو يمسكها من كتفيها تنظر له بدهشه تاره وليده على كتفيها تاره أخرى وهو يجلسها على المقعد: اسمعينى الاول يا بنت الناس، وزى ما وعدت والدك ال انت عايزاه انا هنفذه، بس خلى بالك من ال هقوله ده مش بهددك ولا بخوفك منى بس لو وافقتى نكمل : اول واخر مرة اى حاجة تحصل ما بينا تخرج برانا احنا الاثنين الاثنين ووقت ما تعرفيش تاخدى حقك منى وقتها بس تدخلى بباكى أو مامتك وواعدك أن انا كمان هعمل كده.
ختم كلامه وهو يجلس على قدميه أمامها يتطلع لها يحفر ملامحها بداخله بينما هى تنظر إلى الجهة الأخرى .
يمسك بذقنها بيده يديرها باتجاهه وبنبره حاده: اوعى تبعدى بوشك عنى مرة تانيه وانا بكلمك.
اسماء ببعض الحده: اولا ما تزعقش وتحترم البيت ال انت فيه واسماء الخديوى مش هى ال تتعامل بالشكل ده وايدك دى ما تقربش منى، ونا لو وافقت انى اسمعك واقعد معاك علشان بابا ال أمرنى، ونظرة الترجى ال فى عيون والدتك، فمن فضلك قول الكلمتين ال انت عايز تقولهم.
نظر لها بتقييم وحاجب مرفوع وهو ينظر لعينيها المتحديه له بقوه: محسبتهاش صح يا سمير ودخلت دخله غلط، بنت عادل ماكنش ينفع معاها لا دفاع ولا هجوم كان لازم اتكلم مرة واحدة وخلصت نفسك، كنت قطعت شوط كبير.
سمير بتنهيدة انا لو اعتزرتلك مليون مرة وانتي قبلتي اعتزاري انا مش هسامح نفسي لمعه عيونك اللي انطفت والوجع اللي بتحاولي تدارية بعصبيتك دي سكين في قلبي،صحيح احنا ملحقناش نحب بعض ولا نعرف حاجه عن بعضنا بس انا لما شفتك مع والدك بالمطار وملكتى تفكيرى فى الأول كنت مفكر انك مرات عادل بيه وحسدته عليكى لكن اول ما عرفت انك بنته كنت طاير من السعادة يومها ما غمضليش جفن غير لما عرفت كل حاجه عنك، رقبتك بنفسي وسمعت كلامك مع صحبتك شفت افعالك وانبهرت بتربيتك، لما شفت والدتي دخله بيتكم النهاردة رجليه مكنتش شيلاني من الفرحة اقسمت جوايا اني مش خارج غير لما اتقدم رسمي واطلب ايدك، تخيلي بقي اقصي حاجه اتمنتها اني اتقدملك اقوم ارجع وانتى مراتى، لكن ذكرى اليمة مرت عليا بسبب كلمة نطقتيها انتي بعفوية ذكرى موت قلبي لحد ما جيتي انتي وأديله اول نبضه يرجع بيها للحياة، يمكن كلامي مش اللي انتج منتظرا هيكلك موقف حصل من فترة طويلة أسماء سمير اللي واقف قدامك ده مكنش كدة من عشر سنين، بالرغم السنين اللي مرت عليه بس مقدرتش اتخطاه،انا كنت شاب خجول جدا من البيت للشغل ومن الشغل للبيت وفى يوم ....
ليقص عليها كل ما اخبر به عادل والدها، يرفع رأسة لأعلى يكمل بتنهيدة قويةاليوم ده انا مت فعلا انعزلت عن العالم فترة طويلة افكر اعمل وازاي انتقم لكرمتي اللي انجرحت ازاي اتغير مادام الطيبة والحفاظ على الدين والاخلاق بقي اسمه عبط فعلا اتغيرت وصممت انتقم من اللي جرحوني اول حاجه غيرت استطيل لبسي رحت الجيم سهرت في النايت كلاب شربت كونت علاقات كتير أوي وفي وقت قصير انتقمت وارتحت شويه وبالرغم من كدة فضلت زي ماأنا في نفس الطريق سهر وفسح وشغلي بيكبر وفي نفس الوقت عمرى ما قربت من ست،اسماء انا مش بحيلك الكلام ده عشان تسمحيني لا بحكيلك عشان الجرح اللي اسببته ليكي وكسر فرحتك اللي كانت وضحه عليكي اسماء سواء وافقتي بإننا نكمل اولا أرجوكي تسمحيني.
اسماء تحاول التماسك لتنظر له قائلة: انا هحكيلك حاجه بعد منها تعرف انى سمحت ولا لا.
*****
استغفروا
تفتكروا هتقول ايه وهل يستحق أنها تسامحه ولا ؟
الفصل القادم قريب اوى بإذن الله بس فرحونا بتفاعلكم، بنعتذر عن اى تاخير .
تحياتى(ميرو ومونى)