٤٥

572 31 0
                                    

الفصل السابع
منى عبدالعزيز ومروة حمدى
الخاطرة من الفراشة ملاك نورى
الحب هو أن تعشق روح سكنت روحك قبل ان تراها عيناك تتحدث إليه دون حواجز
شخص مهما تكلمت له عن أشيائك السيئة إلا أنك تعلم بأنّ نظرته لك لا تتغير لانه يعرفك جيدا ﺍﻟﺤب ﻟﻴﺲ ﺇﻣﺘﻼﻙ ﺇﻧﺴﺎﻥ
ﺗﺄﺧﺬﻩ ﻭقت ﻏﺮﻭﺭﻙ
ﻭﺗﺘﺮكـﻪ ﻭﻗﺖ ﻛﺒﺮﻳﺎﺋــﻚْ
ﺍﻟﺤــﺐ ﺃﻥ ﻳﺄﺧــﺬﻙ ﻏﺮﻭﺭك ﻭﻛِﺒﺮﻳﺎئك
ﻛـﻄﻔــﻞ ﻓـى ﺃﺣﻀــﺎﻥ ﻣــﻦ ﺗــﺤــب
ثم حدثونى عن الحب باقتباس لامس روحك
عندما تريد أن تعرف
من يستحق أن يستوطن أعماقك
انظر إليى من يجعلك تشعر
أن خاطرك فوق كل شئ
ويجعلك تشع بهجة رغم إنطفاءك
من يساهم فى إدخال السعادة لروحك قبل قلبك
ابحثوا عن الصادقين بمشاعرهم قبل كلماتهم

يقف على بعد خطوات يبتسم على حركاتها العفوية وهى تركض خلف الصغار، لتختفى ضحكاتها التى كانت تصدح بالمكان، يتجهم وجهها فور اقترابه منها، تتحدث إليه بحده طفيفة وهو يقترب من الصغار.
_حنان جوه.
نظر لها بابتسامة هادئة يحدثها بهدوء شديد: ولو قولت لحضرتك ان انا جايلك انتى،.
_تشير على نفسها باستغراب: ليا انا؟
_دموع عنيكى والحسرة ال جواها، أنا شفتهم ولو قولتلك انهم طيروا النوم من عنيا، هتصدقينى؟
نظرت له باستغراب، ليلتقط يدها يجلسها على المقعد القريب منهم وهو يجلس فى مقابلها.
_انا حاسس بيكى وقد ايه انتى كاتمة الحزن جواكى وبتحاولى تخفيه عن الكل بضحك وابتسامتك الا مش بتفارق وشك، حتى الدموع حرمتيها على عيونك علشان ما تشوفيش فى عيونهم نظرة حزن عشانك ولا شفقة عليكى.
خرجت منها شهقات مكتومه وهى تحاول القبض على دموعها بجنون عينيها، يمسك بيدها واليد الأخرى تربط عليها بخفه متابعا: طلعى كل ال جواكى .
وكانها كانت تنتظر منه الأذن،  لتهبط الدموع من عيناها.
تنهد وهو ينظر لها ويده لا تترك يدها: ماما ايه.
رفعت نظرها له : اسمحيلي اقولك يا ماما، انا اتحرمت من أمى ومن حنانها، ما تعرفيش قد ايه كان نفسى أجرى عليكى واخدك فى حضنى امبارح ، لأنى وقتها انا متأكد انك الوحيدة ال هتكونى حاسة باللى جوايا لان الابن لما يكون مبسوط او سعيد اول حاجه بيجرى عليها هى حضن أمه.
صمت لدقيقه تنظر لها تستمع لحديثه، وقد توقفت عن البكاء وهو يمسح على وجنتيها بأنامله برقه، ليتابع بعدها بابتسامة صغيرة تحمل الكثير من الحب الصادق لها.
_انا محتاج اتكلم زيك بالظبط، فى حاجات كتير جوايا محتاج أنها تخرج  سنين طويلة جوايا وجع وكلام كتير نفسى احكيه لحد .
أخرجها حديثه وقد التمست به الصدق عن صمتها لتغمض عينيها تزيح اول قشرة غلفت بها قلبها الحزين ترى نفسها بين كلماته لتجيبه دون أن تشعر: وكتير نمت ودموعى على مخدتى، بكتم كل وجعى وعذابي حتى صوت ألمى فى مخدتى ال كانت وما ذالت صحبتى وونيستى، صحيح أمى وابويا واخواتى عمرهم ما سبونى فى محنتى، بس زيهم زى اى اهل لما بنتهم وحيدتهم تقع فى مصيبه مالهاش ذنب فيها و أختارو الحل السريع، ما يعرفوش انهم بكده سابوني فى وش الطوفان لوحدى، اتعودت اكتم كل حاجه جوايا وابتسامتى مالية وشى، سنة ورا سنة ولا حد قدر يحس بيا، حتى موت دياب كان حزنى عليه عادى وبالرغم من ده كله وال شوفته منه، قفلت على قلبى و اتفرغت لابنى بس للأسف معرفتش احميه وسبته لجدته، ال كنت فاكرة نفسى انى بالطريقة دى بعوضها عن موت ابنها، ماجاش فى بالى أنها بتحوله لنسخه تانية من ابوه، جشعه ،انانيته، ناكر للجميل يعض الايد ال تتمد له.
أكملت بمرارة تقطر من كلماتها: داس على الكل بما فيهم أنا.
تنهدت وهى تتابع: اوعى تفتكر انى مش موجوعة من ال بيحصل حواليا بما فيهم ارتباطك بحنان، انا زى زى اى ام، ادعى على ابنى واكره ال يقول امين، بس انا مش أنانية ومش عايزة بنت اخويا تتوجع زى ولا تعيش ال انا عشته وولادها دول" ايه وخالد " يطلعوا زى اخوالهم اسوياء، علشان كده تقريبا انا ال شجعت حنان أنها تعيش حياتها، وانا ال اتكفل بولاد ابنى.
قالتها وهى تشدد عليها بتأكيد وصل له ليبتسم عليها وهو يربط على يدها لتتنهد وهى تتابع: انا مش بقول الكلام ده عداوة ولا تحد ليك، بس ده حق مكتسب ليا.
فؤاد: ده شئ يسعدنى وانا بتمنى لما اخلف اجيب حضرتك ال تربى اولادى، لأنى متأكد انهم هيطلعوا افضل مما كنت احلم واتمنى  يا ماما.
ترددت تلك الكلمة بأذنها لتفيق على حالها لتنظر له بدهشة فلقد أخرجت له ما لا يعرفه سواه، لتبستم ابتسامة صغيرة له يشوبها الحزن: فعلا انت دكتور شاطر اوى يا فؤاد خرجت حاجات كتير من جوايا.
فؤاد: ولو قولتلك انى مكنتش متعمد، انا فعلا كنت بفضفض معاكى، وارتحت جدا بكلامك وصراحتك ليا بس عايز اقولك.حاجة اخيرة.
نظرت له بترقب، ليتابع هو بعد تنهيدة يده لا تزال تمسك بيدها عيناه ترتكز عليها: من هنا ورايح اعتبرينى ابنك وأخ لأمير.
رفعت رأسها له تنظر بشك ليغمض عينيه يؤكد لها حديثه ليكمل بابتسامة صغيرة: وأولاد حنان.
قاطعته: ولاد أمير يا فؤاد.
_ولاد أمير وحنان هيبقوا أولادى أنا.
تنتفض فى جلستها، ليربط على يدها سريعا بطمئنها: ما تقلقيش يا ماما، ال جه فى دماغك ده عمره ما هيحصل الأولاد عمرهم ما هيسيبوا حضنك، وما تقلقيش حتى أمير نفسه مش هيقدر ياخدهم من حضنك وان فكر فابنك فؤاد هيقفله.
هزت رأسها له بابتسامه صغيرة تبادلت فيها النظرات ما بين امتنان وشكر كلا للأخر ،  قاطعهم صوت الخادمة من الخلف.
" الفطار جاهز يا فندم"
فؤاد: ياااه، ده انا حماتى بتحبنى.
ايه وهى تربط على يده: بتحبك يا فؤاد.
بابتسامة : مين ال ميحبكش يا فؤاد.
فؤاد بتذمر طفولى: ابن اخوكى.
خرجت منها ضحكة صغيرة: كله إلا خالد يا فؤاد، انت مش بس صاحبه، انت اخوه.
لتقف من جلستها تمسك بايه الصغيرة تحملها تنادى على الصغير تمد يدها له.
فؤاد: لا  سبيلى خالد يا ماما.
نظر له يفتح ذراعيه له: تعالى يا حبيبى.
نظر له الصغير بتقييم من أعلى لاسفل.
فؤاد برفعه حاجب: انت بتبصلى كده ليه ياد؟ فى طفل صغير  يبص لحد اكبر منه  كده؟
خالد الصغير وهو يضع يديه بخصره ناظرا له: انا مش صغير انا راجل انا خالد الخديوى.
فؤاد بصدمه: ياما، خالد الخديوى ..
تابع بهمس وصل لايه جانبه التى انفلتت ضحكتها: ده انت مسبتش حاجه منه، لا شكل ولا طبع ولا لسان، لما ابن اخته وكده ياربى، اومال عياله هيعملوا فيا ايه؟
اقترب منه يربط على رأسه مد كف يده يعرف عن حاله متابعا بدبلوماسية شديدة معه: وانا فؤاد، ايه رايك ينفع نبقى اصحاب؟
خالد الصغير يضع أصبعه على فمه منهمك بالتفكير لينظر لتلك الكف الممدوة ليضرب عليها بكفه الصغير متحدثا بما لا يليق بفتى بسنه: انا موافق مبدئيا لحد ما اجربك واشوف  لو هتنفع تبقى صاحب جدع ولا لا.
فؤاد بفم ملتوى وحاجب مرفوع: مبدئيا وانت عرفت مبدأيا دى منين يا حبيبى.
خالد باعين تلمع بانبهار : سمعت خالو خالد وجدو عامر بيقولوها.
فؤاد ينظر لايه برعب وهو يشير على الصغير: لا ، ابوس ايدك يا ماما، امنعى الجريمة إلى بتحصل دى وانتوا مش حاسين، الواد محتاج تعديل سلوك.
لا يصدر من ايه سوا ضحكات متتالية.
خالد الصغير: طب يالا ارفع.
يحمله فؤاد على كتفه يدلفا من الباب وخالد الصغير يعبث بشعره باستفزاز.
فؤاد لايه: لا بجد دى جريمة فى حق البشرية..ليكمل ببكاء مصطنع.
" هو بهزاره الغبي فى شعرى وسلطاته وبابا غنوجه، استنساخ استنساخ يا ناس ابعدوا الواد عن خاله، لما حنان تبقى حامل هبعدها عن البيت هنا خالص"

"هتبعد مين يا ابن انت، اختى مش هتسيب البيت ده، انت ال هتيجى هنا"
قالها خالد وهو يهبط الدرج تزامنا مع دخولهم وقد استمع لتعليق فؤاد كامل.
لتختفى ابتسامة فؤاد تدريجيا، وقد اصاب قلبه الخوف.
ليكمل : وانت مالك ومال الواد حاطط نقرك من نقره ليه، ده معاه حصانه، ده خالد الخديوى يا بنى يعمل ال هو عايزه.
فؤاد وهو يحاول يغتصب ابتسامة على شفتيه: وذنب البشرية ايه ؟ يبقى فيها نسخه تانيه منك.
خالد وهو يلتقط الصغير بين ذراعيه، يتأمله جيدا لتلك الملامح النظرة الخائفة بعينه، ليشرع بالبكاء.
ياخذه فؤاد من بين ذراعيه: شوف مع انه نسخه تانيه منك الا انه خاف منك يبقى كتر خير الناس التانية.
توجهوا نحو المائدة وخالد شارد لا يزيح عينه عن ابن أخته يؤنب حاله: كم كان بعيدا عن اسرته؟
بينما فؤاد شارد فى القادم، يخاف ان تعكر سعادة قلبه التى لطالما تمناها.
اقتربت ايه من والديها الجالسين لتقبل أيديهم وهى تلقى تحيه الصباح.
ابتسم والدها عليها بمحبه يربط على كتفها يرقص قلبه لملامحها المشرقة، يبادلها تحيتها، حاد بعينه عنها لخالد وفؤاد القادمين خلفها تلك النظرة باعين كل منهما ، استمع لمتاغشتهم سويا وما آثار كلا منهما بقلب الاخر بتعليقه دون أن يدرى.
هاشم بضحكه صغيرة: تعال يا فؤاد، اقعد جنبى أأمن ليك، لحسن انت جاى لقضاءك، عامر لو شافك دلوقتى مش هيحصلك كويس.
فؤاد ببراءة تحت ضحكات ايه وماجدة تحت نظرات الشماته من خالد وهو يعلق: احسن يستاهل.
فؤاد: ليه ياجدو، وانا عملت ايه بس؟
الجد: ال انت عملته مش شوية يا فؤاد؟
فؤاد: ايه الظلم ده؟ يعينى عليك يا انا؟ ياغلبان يا انا، ياللى ملكش صاحب يدافع عنك، بدل ال شمتان فيك ده.
توقف خالد الصغير عن مضغ الطعام من فمه يتحدث سريعا: انا يا صاحبى هدافي عنك ومش هخلى جدو يضربك جامد.
فؤاد بعوويل: هو ده ال قدرت عليه، هقول ايه بس حتى فى طالعله مش بيكمل جميلك للأخر.
ايه بفضول: ليه حصل ايه يا بابا؟ عامر هيزعل من فؤاد ليه؟
هاشم بضحك: ال عمله فؤاد ما يتغفرش.
فؤاد بتأثر وهو يقطم الطعام بقهر: كده برضه ياجدو وانا بقول انت ال ليا؟!
نظر إلى الجده : تسلم ايدك يا تيته الفطيرة دى تجنن.
عامر وهو يربط على كتفه من الخلف بحده جعلته يسعل بعدما وقف الطعام بفمه : كل يا حبيبى كل ولو نفسك فى حاجه قول كل ال نفسك فيه.
خالد بضحكه: واتشاهد بعدها.
يضحك الجميع على ملامح فؤاد المرتعبة ونظرات عامر القاتلة له.
ينظر حوله يحاول أن يجد من يستطيع انقاذه من براثين عامر ليهمس بخفوت: الكلاب مالهمش حس سايبنى هنا للوحش.
يميل عليه الجد هاشم بضحكه: ههه ال بدور عليهم مش هنا، عامر ادبهم من قبلك واحد بعته اسكندرية والتانى السويس.
فؤاد: ااهلااا، الحق نفسى انا.
يقم من مكانه: بعد اذنكوا يا جماعه عندى حالة مستعجلة، قالها وهو ياخذ احد الفطائر بيده، ليلقى قبله فى الهواء للجده.
"تسلم ايدك يا تيته على الفطار"
تحرك خطوة اوقفه بعدها عامر بصوته الهادئ الحاد بنبرة آمره: فؤاد.
يلتف له يبلع ريقه بصعوبه: نعم.
عامر بملامح جاده: حصلنى على المكتب.
نظر فؤاد حوله بتيه وهو يرى ان الجميع أيضا لا يعلم ماذا يريد منه عامر .
الجد هاشم وهو يرتشف بعضا من كوب الشاى خالته بهدوء: روح يا فؤاد وما تخافش.
نظرت ايه فى اثرهم باستغراب: هو فى ايه؟
ماجده: فى ايه يا هاشم.
هاشم: عامر فى حاجه كبيرة قالقاه وطيرت النوم من عينه بعد ال عمله ياسين ويوسف، انا لاحظت ان عامر اتاخد بعد ما كنت عنده انا وياسين ويوسف.
ماجده: قصدك الخطط ال عملها فؤاد.
هاشم ولا يريد اخافتها: اه تقريبا.
ايه : فى ايه يا ماما.
ماجده: ابدا بالليل ياسين ويوسف جم جرى علينا وطلع بباكى معاهم واقنع اخوكى بالعافية انهم ياخدوا البنات.
خالد فى واد اخر ينظر للدرج بلهفه فى انتظارها.
ماجده: اومال البنات فين ؟
هاشم وعينه لا تحيد عن خالد الذى يتلفت للدرج خلفه  من حين لاخر: فعلا غريبة لا مريم ولا بنات ولا عادل ولا آمال.
خالد: انا قلقان هطلع اشوف فى ايه؟
يخطو الدرج سريعا، يهم بالطرق على شقة والده، يفتح الباب وتخرج منه مريم وحنان.
ينظر لهم خالد باستغراب: اومال فين ملاك؟
حنان بابتسامة: طلعت تغير هدومها فوق.
انشقت ابتسامة على وجهه وهو يصعد الدرج سريعا تنظرا فى أثرها بابتسامة تهمس مريم لابنتها: ما اقوليش قدام ابوكى، خلى الواد يفرح شوية.
ضحكتا ليكملا الهبوط إلى أسفل.
وخلفهم اسماء التى تقفز على الدرج سريعا تلقى عليهم التحية.
مريم: بالراحة يا اسماء مستعجلة كده ليه؟
اسماء: راحت عليا نومه يا طنط وعندى سكشن مهم جدا.

مريم باستغراب:معقولة آمال اول مرة تعملها.

بينما خالد تجاوزهم وأخذ الدرجات يقفز كالطير سريعا قلبه متلهف بشده، لم يلتقط أنفاسه وهو يضع يده على المقبض يهم بفتحه ليصطدم بها وهى تخرج .
شهقت بخفة وهى ترجع خطوة للخلف: أبيه خالد.
ليدخل وهو يغلق الباب سريعا بقدمه، يجذبها له حاصرها بالحائط ينظر لها هامسا.
_ابيه تانى.

تعالى بقا اقولك عقاب الكلمة دى ايه.
ملاك : عق.
لم يهملها فرصة تكمل يقترب منها تائها بين دروب عينيها يبث لها عشقه بقبله أودع بها كل ما يحمله لها منذ نعومة اظافرها.
نظر لها وهى مغمضة لعينيها أقترب من جديد يقبل إحدى وجنتيها تسارعت دقات قلبيهما حتى اختلطا.
خالد: بحبك يا ملاااكى.
وهى بعالم أخر تستمع لاعترافه بقلب  عطش للمزيد.
يقترب لها من جديد لا يقوى على الإبتعاد بعدما ذاق حلاوة قربها .
ليرتفع صوت نغمات هاتفها.
يغمض عينيه وهو يسب داخله صاحبها.
لتهرب هى منه وهى
تخرج الهاتف من جيب بنطالها، تنظر إلى الشاشة لتتسع ابتسامتها: انطى علياء.
امسك الهاتف منها سريعا يغلقه.
ملاك وهى تدب بقدمها على الأرض بحزن: ليه كده يا أبيه ، كنت عايزة اكلمها ضرورى.
خالد: لا انتى ملكيش امان تكلميها دلوقت.
غضبت منه لتهم بتركه والرحيل، يمسكها من ذراعها سريعا.
" استنى هنا انتى رايحة فين؟"
تهز كتفها بتذمر وهى تشير بيدها تتخلص من امساكه لذراعها تاركه اياه واقف بحاجب مرفوع ناظرا لها.
"أنتى قد الحركة دى "
لتهز رأسها باستفزاز لتركض من أمامه وهى خلفها، أخذت ضحكاتها تعلو كلما تطلعت خلفها.

مريم وعلياء واصلا هبوط الدرج تزامنا مع خروج كلا من عامر وفؤاد من المكتب.
ليلكز عامر فؤاد الواقف أمامه ببلاهه ينظر لها بعشق قد فاض به القلب اخجلها بنظراته لتشعر بالاحراج وهى ترى نظراتهم مسلطها عليهما وبالأخص نظرات والدها الغاضبة.
_ما تحترم نفسك يا فؤاد.
فؤاد: احم، ده انا بس كنا هقول صباح الخير .

ليتجه الجميع نحو طاولة الطعام وعين فؤاد على حنان لا تتركها يجلس كصنم يتابعها بدقه يقترب منها هامسا: احلى صباح ده ولا ايه؟ نفسى افتح واغمض الاقيكى فى بيتى.
ابتسمت ابتسامة صغيرة بحرج، ليحمحم الجد حتى ينتبها على عامر وقد  وقف من مكانه يتجه لهما، ليقف فى مكانه يلتف بجزعه للخلف كذلك فعل الباقين وهم يستمعون إلى تلك الضحكات .
ليبتهج بها قلب كلا من هاشم وماجد.
نظرت حنان لهم بفرحة لأخيها كذلك مريم والتف عامر بكامل جزعه يتخصر وهو ينظر باتجاههم بحاجب مرفوع.
ليهمس فؤاد: جالك الموت يا تارك الصلاة هههه ذنب ناس بقا.

  تهدأ خطاها وهى تراهم ينظرون لها، لتقف أعلى الدرج بحرج ليقف جوارها بابتسامة أشرقت بوجه يمسك بيدها وهو يهمس باذنها بما زاد من تورد وجنتيها.
"أبيه تانى لازم ليها عقاب ولا تسيتى وانا لازم افكرك"
لتحاول اجلاء صوتها فلا تقدر لتشير برأسها علي جمعهم على المائدة ونظرات والده بالأخص
عامر بجديه: هو ده الأتفاق يا دكتور؟
يقف خالد بإحراج لا يعرف كيف يجيب ليرتفع صوت هاتف مريم ينقذه مما هو فيه.
مريم باندهاش: دى علياء.
ملاك مسرعة : هى كمان رنت عليا وملحقتش اكلمها.
خالد بعصبية : اايه هى الفضول تاعبها للدرجه دى.
مريم تجيب ، لتقم من مجلسها وهى تتحدث بصوت عالى اقلق الجميع: أهدى يا علياء أهدى مالك فهمينى انا مش فاهمة منك حاجه صالح كويس؟
ملاك بشهقه : صالح .
تهم بهبوط الدرج ليمسك يدها يعيدها إلى جوارها.

بينما مريم تابعت بهلع: الو ، ماله كارم، الو يا علياء يا علياء.
ملاك تهبط سريعا بعدما ازاحت ذراعه صارخه: عموو
تخرج من المنزل وهى تركض والجميع خلفها .
يصلوا إلى منزل كارم ، لتقف بمكانها وهى ترى عمها على الأرض وجواره علياء تحاول افاقته وهى تبكى.
وقف الجميع بخوف، ليقترب خالد وفؤاد سريعا منه.
فؤاد يبعد علياء بلطف بينما خالد يحاول معرفة مؤشراته الحيويه بدقه ليسالها: هو حصل ايه؟
هى فقط تبكى وتنادي عليه بصوت ضعيف.
فؤاد: مدام علياء من فضلك اهدئ وقولى حصل ايه؟
خالد: شيله معايا يا فؤاد ندخله جوه بسيطة ما فيهاش حاجه، إغماء بسيط.
اجلسوه على الاريكة بالداخل والجميع خلفهم، فؤاد يقم بإفاقته بينما خالد ينظر حوله ليتساءل: هى ملاك فين؟
فتح عينيه على وسعهما برعب ليركض الى الخارج من جديد  ليراها لا تزال واقفة بمكانها،  وقع قلبه اسفله وهو يتصورها قد عادت إلى إحدى حالتها، يقترب منها ببطء، مناديا عليها بهدوء: ملاك.
فى نفس التوقيت يدخل كلا من صالح متكأ على ذراع سامر.
ليشير صالح بيده: مش دى ملاك وخالد؟
سامر باستغراب: ايوه.
ينادى عليها  بصوته: ملاااك.
التفت وراها سريعا اثر سماعها لصوت سامر لتراهم ، تسرع تجاههم برجفه، تتحدث سريعا ببكاء لم يفهما شيئا سوا ان هناك خطبا ما بداخل منزلهم نظرا لاشارة يدها.
صالح بخوف وتنفس عالى : فى ايه يا خالد؟
اقترب خالد منهم: ما تقلقوش هو بس خالو كارم اغمى عليه وفاق وبقى كويس.
ملاك وهى تمسك كف يده بيديها: بجد يا أبيه.
خالد فى نفسه وهو يقضم على شفتيه بضيق: أبيه وقدام صالح و سامر
حاوطها بيده يحدث سامر وصالح وقد أسرعا بالدخول .
"ما تقلقوش خالى كويس"
فور شعوره بتلك الانتقاضه التى تملكت منها ادارها لوجه سريعا يطمئنها.
"يحاوطها من اكتافها يهدأ من روعها، ينظر لعيناها يحدثها بعملية طبيب.
"خالى كارم ما فهوش حاجه ضغطه وطى وبس وهو مستنيكى جوه أول ما فاق  سأل عليكى"
ملاك: بجد يا أبيه.
خالد: هيقولها بجد يا ملاك.
مع اخر حرف نطقه كانت أطلقت ساقيها للريح للداخل.
خالد بحاجب مرفوع: أبيه وبتجرى .
يهز رأسه وهو يضرب كف بالآخر متمتا.
" فى حاجات كتير لازم تتغير يا ملاك"
دلف خلفها ليتسمر مكانه وهو يستمع لحديث والدته مع علياء، ليتمهل وهو يحمد ربه وهو ينظر حوله يتأكد ان لا أحد يسمعها كم صالح او سامر او فؤاد.
ليعقد حاجبيه متسائلا" هما راحوا فين؟"
ليخطو باتجاههم ويجلس دون أن يتحدث فقط تمتمتات ساخطه غير مفهومة ينظر لكارم بذهول كيف كان لا يعى شئ مما حوله والان يجلس بوجه ضاحك وهو يستمع لحديث والديه وكأنه يشاهد عرض مسرحى.

ينظر بغيظ لتلك المختفية بأحضان عمها لا يعنيها حديثها وكأنها بعالم أخر، فقط طفلة مشتاقة لأحضان والدها.
ليفيق على تلك الضحكه العالية لينظر لصاحبتها وهى تناظره بشماته ليعض على شفتاه ويتمتم ويلعن بحظه العسر وقد وقع بين أنياب علياء المتصيده لاى فرصة حتى تشاكسه، يتنهد براحة وهو يستمع لصوت فؤاد  يدلف عليهم مستأذنا بعد انتهاءه من مكالمة ما بالرحيل.
ينتهزها خالد فرصة ليهب بالوقوف.
حمدالله على السلامة يا خالو، بعد اذنكم هاخد ملاك ونمشى، يالا يا ملاك.
تقف من مجلسها، لتمسكها بيدها تجلسها مكانها ناظرة له  بتحدى واضح.
"اتفضل انت يا دكتور خالد، ملاك مش هتمشى معاك"
خالد بحده وذهول: نعم.
علياء ببرود وابتسامة ساخرة: من الطبيعى ان الخاطب بيجى يزور خطيبته وهى فى بيت ابوها.
يتحدث متخصرا باستنكار: نعم.
علياء: ال انت سمعته يا خطيب بنتى.
خالد: شرع مين ده انشاالله، ملاك مراتى وانا حر اخدها فى اى مكان.
قومى يا ملاك.
لتقف ملاك..
تسرع علياء بجذبها: اقعدى يا ملاك.
لتجلس ملاك مرة أخرى.
علياء بحسم: يا دكتور هى كلمة وحده، بنتنا مش هتخرج معاك الا فل ميعاد الفرح وطول الفترة دى زيكم زى اى اتنين مخطوبين.
نظر اتجاه والديه : ينفع الكلام ده يا بابا.
عامر بهدوء وهو يحاول كبت ضحكاته: هى دى الأصول يا ابنى متزعلش حد.
خالد: يعنى ايه؟
عامر: زى ما ام سامر قالت.
علياء بارستقراطية: بالرغم من اعتراضى على ام سامر دى بس شكرا جدا على تفهمك يا عامر بيه.
خالد بعصبية: يالا يا ملاك.
ملاك وهى تنكمش بداخل كارم: الكلام ال بيقولوه صح يا خالد.
لينظر لها بغيظ: خالد ودلوقت وقدامهم وعندهم حق.
ليخرج دون أن يتفوه بكلمة أخرى .
وصل له سؤالها. ليتمتم داخله: بريئة يختى ملاك اسم على مسمى خايفة على زعلى بعد ما عمتيها.
ملاك : هو زعل ولا ايه؟
علياء: لا يا روحى هينفجر بس
كارم : وليه حق بصراحه انتوا التلاته فقعتوا مرارته.
ينظر بعدها لعامر بامتنان: انا متشكر ليك جدا يا عامر، كل مرة بتثبتلى ان ثقتى فيك مجتش من فراغ وصداقتنا السنين دى كلها ماضاعتش  بالرغم من الظروف اللى مرينا بيها وزى زمان حافظت على مريم وكنت ونعم الزوج والسند ليها كملت رسالتك مع ملاك عزيتها وعليت قيمتها مهمكش انك بتقسى على ابنك ال رجع لحضنك بعد سنين بعد.
عامر : انا معملتش غير الصح يا كارم ملاك زيها زى بناتى تفرقش عنهم ابدا وطول ما انا عايش على وش الدنيا هتتعامل بالشكل ده حتى بعد ما أموت واضمنلك ده برقبتى.
استمعت لحديثهم بامتنان للطرفين، لتتحدث  بطريقة جعلتهم ينظرون لها بحنان وعطف لدموعها: اول مرة احس اد ايه انا غالية عليكم او بمعنى ادق افهم معنى الكلام، انا متشكرة ليكم كلكم على كل ال عملتوه معابا،  انا طول الفترة ال كنت فيها فى بيتكم كنت ساكته ومش لاقيه كلام اعبر بيه على ال جويا وامتنانى للى عملتوه عشانى ومتشكره لحضرتك يا عمو كارم وحضرتك يا طنط علياء: شيلتى مسئوليتي سنين طويلة ولحد دلوقت لسه بتحافظى عليا وبتغلينى فى عين خطيبى.
علياء بتاثر: انتى بنتنا يا ملاك ولو معملناش كده ما نستحقش نبقى اهلك.
تظرت لهم وهى تزيح دموعها تضحك بخفه: لا لا مش وقت دموع احنا نفرح ان عمو بخير وصالح ورجع البيت.
لتلفت حواليها هو صالح وسامر فين صحيح اختفوا بعد الفون ال جه لسامر وخرج بسرعة وصالح وراه مظهروش تانى.
انا رايحة اشوفهم لتتهرب سريعا من جوارهم تصعد لأعلى، لتدخل إلى غرفتها القديمة متجهة نحو الشرفة تفتحها سريعا، نظرت على مداد بصرها على منزل الخديوى تتنهد بشوق.
انا من دلوقت وحشتنى، ضمتك ونظرة عيونك اى حد هيسمعنى هيستغرب انا بقول الكلام ده انا نفسى مستغربة انا ازاى بتكلم كده بس انا بحبك من سنين يمكن انت الحاجة ال كانت بتهون عليا وفى نفس الوقت تعبتنى  تنهدت وهى تخرج هاتفها تحسم أمرها بكتابة رسالة.
تتحدث بخفوت  : لازم اعرفه كل حاجه وليه انا عملت كده.
نظرت إلى الشاشة وهى تخطو بكلماتها التى خرجت من قلبها صادقة لتختمها بقلبه من شفتيها على الهاتف وهى تضمه إلى صدرها بشوق وحنين تغمض عينيها وهى تدعو داخلها.
عقدت حاجبيها وهى تلتفت حولها عقب سماعها لصوت ضحكات وصرخات فى شرفة سامر المجاورة لها.
تنظر لهم بزهول لتعلو بصوتها وهى تحدثهم بصوت عالى حتى يسمتعا لها: صوولى هو فى ايه؟ أبيه سامر بتعصب ليه كده وانت بتضحك على ايه؟
صالح: الاه اموكا انتى رجعتى زى زمان ولا ايه فضولك ممشيكى بس هقولك علشان انا هتجنن من ال شايفة قدامى ماهو مش هتجنن لوحدى.
طلع الحب بهدله يختى.
ملاك : يعنى ايه،؟
صالح وهو يشير لها: تعالى اتفرجى ده بث مباشر.
لتسرع اتجاه بباب الغرفة تتجه لهم بفضول.

يسير وهو يركل الأرض بقدميه ينفث عن غضبه، اتاه اتصال على هاتفه يجيبه سريعا.
_الو ايوه ياجدى.
هاشم من الجهة الاخرى: طمئنى يا ابنى كارم ماله؟
خالد: حالة إغماء بسيطة بسببه ضغطه الواطى من قلة النوم والاكل.
هاشم: ال مر بيه كارم اليومين ال فاتوا كان صعب.
خالد بتمتمه: وال جايين صعبين عليا انا .
يغلق الهاتف مع جده وهو يزفر بضيق: كده برضه يا ماما انتى وبابا تسلمونى لعلياء.
صوت رسالة إلى هاتفه الذى لا يزال يمسكه بيده جعلته يعقد حاجبيه وهو يرفعه ينظر لشاشته لتتسع عينيه وهو يقرأ كل كلمة خطت أمامه بقلب متقاذف الدقات والضربات.
"انا عارفة ان انت زعلان منى بس عاوزة اقولك حاجه دى اول مرة احس بغلاوتى كده عند حد واد ايه انا غالية عندكم، انا وافقت على الموضوع ده لأنى نفسى اعيش كل لحظة معاك انت زى زى اى بنت مخطوبة، مروة حكتلى عن فترة الخطوبة وعن جمالها ورحاب اكدتلى نفس الكلام،،،
رفع راسه لاعلى ينظر لشرفات منزله بسخط: مروة و رحاب خطر عليا مش بعيد بسبب كلامهم وال الهوانم عاشوه مع البهوات ال حسابى معاهم تقل تمد فترة الخطوبة خمس ست سنين .
نظر الى من جديد يعاود القراءة: نسهر مع بعض على التليفون طول الليل، نخرج سوا وايدى فى ايدك، امشى جنبك وانت محاوطنى بأيديك خايف عليا من الطريق بتحمينى  جوه حضنك بتمنع عنى عيون الناس،
خالد: اخفيكى وحضنك وطريق ااه يا ياسين ال***،
ليضحك بشده: ليك حق يا حج تسود عيشتهم ده ال عمله ياسين ومروة يجنن ال ما يتجننش.
يجلس على المقعد بالحديقة: يتخيل كيف سيكون اول لقاء بينهما وهو يعبر الطريق يمسك بيدها وهى تتشبث به تنهد بهيام يمسك الهاتف يتابع القراءة
بحببببببك
رقص قلبه وهو يقرا تلك الكلمة اكثر من مرة،
_وانا بعشقك يا ملاكى.
امسك الهاتف وقد التمت عيناه يتابع.
"وعايزة نعيش سوا مع بعض كل لحظه من ال اللحظات دى ومش ينفع يحصل ده غير وانا هنا فى بيت عمو كارم وعلى فكرة انا حسيت بيك وبخوفك عليا والرعب ال بأن فى صوتك وحاولت تداريه وانت بتهدينى لاكون رجعت للحالة من تانى، بس قولى ازاى فكرت ان ممكن ارجع للحالة دى تانى وانت يا دوائى معايا!
ابتلع ريقه وهو يقرأ يكاد يجنن: اعمل ايه بعد كلام المجنونه دى بس ياربى ارجع البيت واخدها غصب عن الكل.
عاد بظهره للخلف يرفع رأسه للسماء يغمض عينيه وهويعيد كلماتها بداخله يتخيل كيف كانت ستخرج من بين شفاهها وبالأخص اعترافها له  للمرة الثانية، كم يتمنى أن تكون قابعه بين احضانه يستمع لهمسها بحبه وتستمع هى لدقات قلبه التى تصرخ بعشقه لها.
ابتسم وهو يتنهد بحنين فاض به: علشان عيونك ولأجل فرحتك ال حستها فى كل كلمة كتبتيها هنفذ يا ملاكى.

يفيق على صوت هاتفه.
_عامر من الجهة الاخرى: انت فين يا خالد؟
_فى حاجه يا بابا حد حصله حاجه تانى؟
_لا بس انت فين؟
_فى البيت.
_روح على الشركة علشان فى اجتماع مجلس إدارة وانا نص ساعة وهحصلك  علشان اخدت مريم افطرها بره بقالها سنين مخرجتش.
يضحك خالد على والده متمتا : يا ترى يا بابا هتعديها السكة انت كمان وتخبيها فى حضنك من عيون الناس، جننوتنى.
يتنهد بابتسامة يهب واقفا من مكانه صاعدا سيارته متوجها لعمله

فؤاد بسيارته يحدث نفسه: قد ايه انت عظيم يا عم عامر، اب بمعنى الكلمة صاحب وجدع، لما حاجه قلقتك من ناحيةبنتك ، جيت دغرى وكلمتني وما فرضتش رايك عليا.
شرد عائدا لحديثه مع عامر داخل غرفة المكتب .
باغته عامر بسؤاله : فؤاد انسى كل ال حصل بخصوص يوسف وياسين ده هنشوفه بعدين، دلوقت فى حاجه مهمه ولازم اشوف حل معاك.
فؤاد بجدية: اتفضل يا عمى انا تحت امرك.
عامر: هتعيشوا بعد الجواز فين يا فؤاد.
اغمض عينيه وها هى مخاوفة التى زرعها خالد منذ قليل تتجلى أمامه.
فؤاد وهو يجلس بأنها وكان يحمل ثقل على اكتافه: عمو عامر هكلمك بكل صراحه، انا استحالة هعيش هنا فى شقة امير.
يهم عامر بالحديث ليوقفه فؤاد وهو يتابع: ارجوك يا عمى سبنى اكمل كلامى للاخر، أوعدك بنتك مش هبعد عنك  وعن اولادهاغير على وقت النوم مش هيفصلها بينك وبينها غير خمس دقائق بالظبط.
عامر: خمس دقايق؟
فؤاد: ال حضرتك وال محدش يعرفه، انا شارى بيت هنا  من سنين فى أخر الكمبوند وبجهزه وكاتبه باسم حنان وكان نفسى اقدمهولها هدية جوازى انا وهى.
عامر: هنا فى الكمبوند.
فؤاد: هنا يا عمى.
يقف عامر من مجلسه: انت ريحتنى من اكتر حاجه كانت قلقانى وان بنتى تبعد عنى.
فؤاد: ممكن يا عمى ما تقولش لحد علشان هعملها مفاجأة لحنان.
يربط  عامر على كتفه بابتسامة وراحة.

بجلس الجد بمكتبه يقرأ تلك الملفات الموضوعة أمامه بتركيز، تدلف السكرتيرة الخاصة به وعلى وجهها علامات الحيرة والاستغراب، رفع نظره عندما وجدها صامته.
الجد هاشم: فى حاجة؟
السكرتيرة: امير بيه بره يا افندم وطالب يقابل حضرتك.
الجد بدهشة: امير.
السكرتيرة:وانا والله يا افندم استغربت اول مرة يطلب إذن كده حضرتك كلهم بيدخلوا على طول.
يستعيد الجد ثباته: خليه يتفضل.
هزت برأسها راحلة من أمامه.
يدخل منكس الرأس يخطو بخطى بطيئة يقف على بعد خطوات من مكتب جده، يحمحم عدة مرات يحاول اخراج كلماته والجد ينظر له دون أن ينطق بكلمة يرسم على وجهه ملامح الجمود بعكس تلك الحرب القائمة داخله.
حسم امير أمره وهم بالحديث: جدو، انا اتعودت طول عمرى بغلط وحضرتك واخوالى بتسامحونى، لحد  ما اتعودت على الأنانية مفيش مرة غلطت الا والاقيكم واقفين جنبى مفيش مرة سبتونى نتيجة غلطى كل مرة تتلمسولى العذر، مرة ورا مرة اتماديت فيها فخلاص اقتنعت ان انا صح على  طول، سبتونى لجدتي من غير ما تفهمونى ولا تعرفونى الماضى  ، سبتونى اشرب من جدتى الحقد والكره ليكم واعيش دور المظلوم والمهدور حقه ما بينكم، حتى بعد ما اتجوزت حنان وكنت معاكم فى البيت مافيش مرة وجهتونى ولا نصحتونى لما كانت تحصل اى مشكلة ما بينا ما قولتليش مرة ما يسحش ال بيحصل ده حتى بعد ما طلقت حنان وعملت ال عملته حضرتك ما اخدتش موقف وبعت أوراق ملكيتى وشراكتى معاكم بنسبة فى الشركة، لو قولتلك انى كنت منتظر عقاب غير كده، تيجى تضربنى بالقلم تفوقنى، انا مكنتش عايز الفلوس والمال والجاه
كنت عايزك تاخدنى فى حضنك تحتوينى،  بدل ما تبعدنى عنك ترجعنى اعيش ما بينكم تانى.
صمت بعدها ينظر لجده يكمل باقى حديثه بداخله يرجوه ان يعيدها له من جديد والجد قرأ كل أفكاره يناظره بثبات لينطق اخيرا.
الجد: زى عادتك، بتطلع نفسك برئ  ومظلوم والكل متهضدك بس للاسف نسيت حاجه مهمة ان انت مكشوف اوى قدام الكل والفلوس ال بتقول عليها فده حقك فى نصيب والدك ال انت كبرته، قولت اديهولك بالحلال علشان طول عمرى مربيك عليه مدخلتش جوه جوفك لقمة حرام فقلت اكمل جميلى للآخر ولما رجعتك الشعل من تانى فأنا ما منيتش عليك، انت بتشتغل فى حقك وشركتك، ولعلمك اى لعبه منك هتبقى مكشوفة، مش هسمحلك تلعب من ورانا مرة تانية
ودلوقت اتفضل على مكتبك وحضر نفسك للاجتماع ال جاى حضر أوراقك والحسابات علشان كل واحد  فى العيلة يعرف ال ليه وال عليه والفضل على مكتبك.
اوقفه مرة أخرى قبل أن يخطو للخارج متابعا.
وحاجه تانية ال معاك دى  مراتك فى البيت لكن هنا سكرتيرة وبس.
أؤمى برأسه وخرج وقد تأكد الان بأنه قد خسر مكانته لديهم وخسر حنان للأبد.
تسرع بخطواتها خلفه، قلقه من هيئته تنتفض من صوته وهو يطلب منها الخروج لتقلق اكثر عليه لتقترب منه تحاول أن تتحدث إليه بصوت خائف مرتجف: حبيبى، مالك حصل حاجه بينك وبين جدك؟
التفت لها بسرعه يمسكها من رسغها بقوة يكاد يخلع فى يده: ما تتدخليش فى ال مالكيش فيه اى حاجه تحصل بينى وبين اهلى تبعدى عنها نهائى واعملي حسابك انك هنا سكرتيرة وبس ما تتدخليش فى ال مالكيش فيه ويالا اطلعى بره .
سلوى: انا انا قلقانه عليك.
امير وهو يخرجها من مكتبه : انتى ما بتفهميش، قولتلك اطلعى بره.
أغلق الباب خلفها بقوه.
تجلس حزينة تكتم بكاءها بداخلها تشرد وهى تعيد كلماته على مسامعها متسائلة ماذا حدث له ؟ ماذا أخبره عنها ليثور بتلك الطريقة؟ اين هى وعوده التى أخبرها بها بالأمس.
فاقت على حالها على صوت طرق خفيف على مكتبها، رفعت رأسها لترسم ابتسامة باهته على وجهها وهى ترى الواقف أمامها، لتعتدل بجلستها مرحبة به.
_سيمى وحشانى.
_وانت كمان يا سمير.
_مالك فيكى ايه؟
_ما فيش حاجة.
_امال لعمة عنيكى وابتسامتك راحوا فين؟
تشرد بحديثه، يستغرب حالها ليميل برأسه ناحيتها يشير على صدره موضع قلبه.
_ده حافظى عليه، انتى تستحقى حد يعوضك ال فات كله.
رفعت رأسها له بألم.
_جيت متأخر.
_يعنى ايه؟
_بعدين يا سمير هقولك حاجه.
ينتفض من مكانه على صوت خلفه
يسرع تجاهه مرحبه به.
_اهلا اهلا امير ولا اقول ابو نسب.
امير وعينه لا تنزاح عن سلوى تكاد تقتلها بمكانها، تنكمش بخوف ليزيح نظره عنها عندما لفت نظره حديث سمير، ليتظر باستغراب وهو يعيد كلماته.
_ابو نسب،؟
_انت اخر من يعلم ولا ايه؟
_اتفضل جوه يا سمير نكمل كلامنا الموظفين رايحة جاية.
ينظر إلى سلوى بحده بعد دخول امير المكتب: مش عايز حد يقاطعنا مهما سمعتى من اصوات.
لينظر لها باستحقار و ينفس بغضب وهو يعيد كلمات سمير ليعقد حاجبيه بدون فهم: ابو نسب، هه.
عقب اغلاقه الباب وبدون مقدمات يسرع بخطواته اتجاه سمير يمسكه من تلابيب ملابسه لم يمهله فرصه للفهم يسأله بعصبيه ومشهدهم وهو يجلس على مكتبها يميل عليها يحدثها لا يغيب عن باله.
_ايه ال بينك وبين سلوى؟ يخليكى مش طايق بعدها وتيجى من الصبح بدرى كده، وانت معروف عنك كائن ليلى، ومكفكش ده كله من بجاحتك جاى تقولى ابو نسب، انطق امتى الهانم عرفتك ال حصل؟
سمير وهو ينفض يده عنه: انت مجنون؟ ايه الهبل ال بتقوله ده؟
معناه ايه الجنان ده،؟! مسمحلكش تهينئ او تهين سلوى وبعدين انت مالك ومالها عامل كده ليه زى ما تكون مراتك.
امير: ما تضحكش عليا بالكلام، قولى ايه ال جابك على هنا.
سمير بعصبيه: اتصالاتك الكتير ورسايلك ال سبتهالى مع السكرتيرة ولما رجعت ورنيت عليك تليفونك مغلق.
امير: سيبك من ده كله فهمنى ايه علاقتك بيها ومن امتى؟
سمير : علاقة ايه يا مجنون؟ قصدك ايه ؟ انا كل ال يربطنى بسلوى صداقة واحترام متبادل ما بينا، من وقت ما اعرف سلوى وهى شخصية نظيفة وواضحة .
امير: اومال ليه حذرتنى انى اقرب منها قبل كده.
سمير: ما تنفعكش، سلوى انجرحت فى حياتها وانظلمت اكتر محتاجه راجل يحميها ويحافظ عليها مش واحد واخدها مجرد نزوة فى حياته.
امير: قصدك ايه بكلامك ده؟
سمير: ببساطة وقتها انا قريت نظرات عيونك ليها، اصلها كانت فضحاك، نظرة رجل بيبص لجسم ست وانا خوفت عليها منك.
امير باستهزاء: ويا ترى ايه سبب الحنية والخوف عليها ده كله؟ العلاقة واصله لايه علشان تقول فى حقها ده كله؟
سمير بعصبيه: افهم يا متخلف انا سلوى اتعرفت عليها فى اسوء ظرف عاشته شفت قد ايه قدرت تحافظ على نفسها بالرغم من كل الضغوطات ال مرت عليها وال عاشته رفضت أنها تعمل حاجه غلط او تمشى فى طريق غلط.
دى وحده اتحاربت فى شغلها ال تعبت فى تأسيسه لانها ببساطه قالت للحرام لا، وعرفت قريب جدا حكايتها كاملة وقد ايه عانت من اقرب شخص ليها ومع ذلك حافظت على نفسها وبعد كل ده مش عايزنى احترمها و بعدين انت مالك ومال علاقتى بيها ؟
امير بحيرة: اومال ايه حكاية ابونسب ال قولتها دى، يعنى متعرفش ان احنا اتجوزنا.
سمير بعفوية : انا بتكلم على جوازى من اسماء بنت خالك عادل.
انتبه كلاهما لحديث الاخر لينطقا سويا.
سمير: انت قولت ايه؟
امير: انت بتقول ايه؟
امير متابعا: امتى ده حصل؟ ايه الجنان ال بتقوله ده؟
سمير: ايوه امبارح كتبنا الكتاب حتى انا استغربت انك مش موجود بس خلاص انا عرفت ليه.
امير بحزن: معقولة سمسمة تتجوز من غير ما اعرف ومكنش موجود يوم كتب كتابها.
سمير بغيرة كاتمة فى نفسه: سمسمة؟
أنتبه لخروج امير من الغرفة ليلحق به
انتفضت من مجلسها عقب رؤيته خارجا بينما هو لم يتطلع لها لتجلس مكانها تبكى بحسره.
سمير: ليه يا سلوى؟ ليه كنتى سبب تدمير بيت وحده تانية؟
سلوى: غصب عنى قلبى هو السبب.
سمير: لولا انى عارفك كويس وعارف شخصيتك كان هيكون ليا حكم تانى عليكى وعلى العموم كل ال اقدر اقولهوله اتمنى انك تلاقى الاستقرار فى حياتك ونصيحة من صديق امير من جواه نظيف وطيب انسان كويس بس دايما حاسس بالنقص ففى الفترة دى بالذات احتويه واوعى تسيبيه لنفسه ومهما عمل اتحمليه وما تخلهوش لوحده فى اللحظة دى.
سلوى: مش هقدر أقرب منه دلوقت.
سمير: بالعكس اكتر وقت هو محتاجك فيه هو دلوقت.
سلوى: يعنى انا اعرف هو راح فين؟!
سمير: حسب معرفتي بامير هو عايز يقعد فى مكان يفكر فيه لوحده وفى نفس الوقت ميكنش لوحده.
سلوى: ايه اللغز ده،؟
سمير : سهلة البيت ال عايش فيه.
شكرته سريعا وهى تأخذ حقيبتها وتسرع بالخروج.
سمير يخرج  فى أثرها يبتسم ابتسامة خافتة وهو يراها تقف بانتظار المصعد لتتسع تدريجيا وهو يرى عادل الخديوىيمر فى نهاية الرواق ليقترب منه.
عادل باستغراب: سمير، خير فى حاجه؟
سمير: محتاجك فى موضوع مهم يا عمى؟
عادل: موضوع خاص بايه الشغل ولا؟
سمير: خاص بيا وانا هفهم حضرتك الموضوع من أوله.
عادل: اتفضل معايا على المكتب.

دقه قلب وثارت القلوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن