بلوكسمبورغ
كان ياسين يقف عند تلك المقابر بصمتها المهيب ورياحها الباردة يرفع يده مُعدلاً من خصلاته التي طغى البياض على أغلبها ولكن وسامته ورشاقته تزداد مع كبره في العمر تماماً كأخوته
يقف أمام شاهدين القبور ذلك واحداً يضم أبنه قطعة منه الذى حرمه المرض من أن يبقى معه والثانى يحوى زوجته التى توفت بنفس مرض الصغير على الرغم من كل السنوات التى مرت ولكنه لم يستطع ترك البلدة هنا وترك معشوقته بمفردها حتى لو بقبرها
أغمض عيناه بقوة حينما تذكر ذلك اليوم المشؤوم الذي تمنىأن يقتلعه من ذاكرته وحياته ذلك اليوم الذي فقد فيه أعز ما يملك زوجته وحبيبته وشريكة روحه وقلبه فقدها ولم تعد للحياة معنى بعدم وجودها
لتدمع عيناه بقهر ولكن ليس بيده حيلة فلقد خسرها وأولاده يحيون في القهر والحزن لفقدانها وفقدانه ايضاً معها
شعر بتلك اليد توضع على كتفه ليستدر بطىء لينظر لمن فعل ليتفاجىء باخيه ، توأم روحه وصديقه الاوحد الذى أندفع تجاهه ليتمسك به وهو يضمه وسيف يتمسك به بقوة أكبر وبشوق وهو يضمه له ليقول وهو يمسح على ظهره برفق: كنت عارف إنى هلاقيك هنا لما سألت عليك فى الشركة وقالو إنك ماجيتش النهاردة .
امسك به ياسين وهو يقول بوسط دموعه: النهاردة عيد ميلاد ملك ياسيف ، النهاردة عيد ميلادها.
احتوى سيف وجه اخيه بين يده وتابع: ياسين مش كده ياحبيبى ، ملك فى أحسن مكان ، هى عمرها ماترضى أبداً تشوفك كده .
ياسين بإنهيار : كان نفسى تبقى معايا قوى سبتنى فى نص الطريق ياسيف سبتنى من غير ماتقولى هعمل أيه من غيرها
ضمه سيف إليه مجدداً وتابع: بس سايبالك حتة منها سايبالك ولادك ياياسين ولادك اللى بيحبوك وعايزينك وأنت بتبعد عنهم
ياسين وهو يهز رأسه بنفى: مش عايز اقرب منهم ياسيف ، أنا كل لما بقرب من حاجة بتروح منى ومش عايز أخسرهم.
سيف وهو يبعده برفق: أيه الكلام الى بتقوله ده اللى حصل لملك قضاء وقدر ، وبعدين انت ناسى ان الدكتور قال أن المرض اللى عند ملك ده وراثى ووالدها ووالدتها ماتو بسببه يعنى أنت ملكش أى ذنب فيه متحملش نفسك فوق طاقتك وفوق لنفسك ياياسين قبل ماتخسر كل حاجة .
صمت ياسين ليتابع سيف: أنا معاك ومش هسيبك وجاسر هيموت من القلق عليك هو ومصطفى ، والولاد كلهم أنت وحشتهم وكانو عايزين يجو معايا علشان يشوفوك خصوصاً براء
إبتسم ياسين بخفوت حينما ذكر سيف براء ليتابع سيف: لو أقولك ان جاسر عامل عليه حماية خاصة زى ماكن عامل عليك هتقولى كداب مابيسمحش لحد يقرب منه عايز ياخد مكانك وسط العائلة بس ده عمره ماهيحصل.
ضم سيف ياسين مجدداً وتابع: انت مكانتك طول عمرها هتفضل محفوظة فى قلوبنا ياياسين ، وأنا النهاردة مش جاى اقولك انسى ملك لأن أنا جاى أقولك بص لقدام ، بصد لولادك ولحياتك ، الماضى عمره ماهيرجع تانى واللى جاى احنا فى ايدينا نخليه افضل لينا ولولادنا وولادك محتاجينك ياياسين وانا كمان محتاجك محتاج اخويا جمبى .
![](https://img.wattpad.com/cover/355757670-288-k155172.jpg)