الفصل الأول: تلك التي ستعلم

399 25 66
                                    

"شعبي!"

رفعَ الملك صولجانه بهيبةٍ وجبروتٍ خطفَ كل نفسٍ ونظرةٍ بقاعةِ الحفلات، جميع النبلاء يحدقون بفخرٍ واعجابٍ بصاحبِ أكبرِ سلطةٍ في مملكة ريڤيليا، ذو شعرٍ ثلجيٍ كثٍ يتربعُ فوقه تاجٌ مرصعٌ بالجواهر الثمينة، أما قزحيتاه فذوي لمسة المحيط في عمقها إضافة للمعةٍ جوهرية حادة ميزتهُ عن بقيةِ الخلق.

سليلُ تنين القمر، الذي قاد المملكة كبقيةِ أسلافه، أمام شعبه الذي ناداه يقف، يعلنُ حكمه وقوته، بينما النبلاء مسلوبي الأنظار يتأملون الرجل الذي يُسيرُ الأرض تحت أقدامهم، والجبال فوقَ رؤسهم، فتخترق كلماته آذانهم رغمًا عنهم في لحظةٍ آسرة له.

"المجدُ الأعظم لريڤيليا!"

ارتفعت التهليلات وأصوات التصفيق اعتزازًا بالمملكة، بقوتها واستقرارها وتاريخها الطويل، الذي بدأ بتنين منحَ قوته لبشر حتى يرفعَ أرضًا كانت في الجحيم تنعم، واستمرت حتى اللحظة بالملوكِ الذين حكموا بقوةٍ الواحد تلوَ الآخر لقرون طوال، حتى وصلوا للملكِ الثاني عشر الواقف أعلى الجميع.

قصةٌ يسردها الكبارُ للصغار، حبًا في مملكتهم التي تنعمُ بالهناء والأمان، ورغبةً بتلقينِ ما حدثَ منذ أمدٍ سحيق لأبناء ريڤيليا، ورغم أن القصة تجيبُ على أسئلة، لكنها غيرُ كافية.

هذا ما كانت تفكرُ به روزالين أثناء نظرها للملكِ من الأسفل، حولها النبلاء يصفقون، بالثقة يشعرون، وهي كالدخيلة تتساءلُ لمَ هم مفتونون بقصةٍ غير مكتملة، بأسرارٍ دفينة مخفية، ورجلٍ يعلمُ ما تم إخفاؤه، لكنه يرفضُ البوحَ بكلمةٍ لشعبه.

"المجد الأعظم لكذبكم.."

سخِرت روزالين هامسة، داريةً أنها لو نبست بأفكارها سينتهي بها الأمرُ في المقصلة، وكأنها لا تسيرُ خلفها أصلاً!

فهذه التواقة لمعرفةِ أسرارِ المملكة الدفينة لم تكن لتترك أمرًا كهذا يغيبُ عن ذهنها، ورغم علمها أنها ستقومُ بمخاطرة.. لكن ذلك ما يجعلُ الأمر مثيرًا أكثر.

"أنتِ مجنونة.."

هذا ما قاله فريدريك أثناء إسقاطهِ لشكوتهِ قبل خمسة أيام، كانا جالسين في حديقة قصرِ الكونتيسة داريوس، هي تتابعُ احتساءها للشاي ببراءة، بينما هو ينظرُ إليها متقلصَ الزرقاوتين، أغلقَ فمهُ الذي نسيه مفتوحًا من صدمته، ثم حمحم قليلاً مرخيًا ظهره على المقعدِ وساحبًا شعرهُ الأسود للخلف.

"أعلمُ أنكِ وجدتِ خطأً في التدوين بين عبارتين لطبعتين من كتابٍ أحدهما أقدم من الآخر، لكن هل أنتِ متاكدةٌ أن ذلك الاختلاف هو السببُ لما تفعلينه؟ ألستِ فقط.." سكتَ قليلاً، وبرغمِ كونِ ما كاد يقوله فيه كمٌ كبير من المصداقية، إلا انه من غيرِ اللائق أن يصارحها مباشرة أنها لربما: تكره العائلة الملكية، وتبحثُ عن أيِّ شيءٍ يدينها.

آليخاندريا - Alexanderiaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن