الفصل الخامس عشر: سحاب، ثلج.

48 6 1
                                    

"نعتقد أن عليك مراجعة قرارك—"
"مع كامل احترامنا لكنك تسرعت—"
"ربما كان عليك أخذ مشورتنا—"
"أنت تعلم عن ما حدث قبل سنوات ومن الممكن جدًا أن يتكرر—"
"لا تتوقع الكثير من آندرسون—"
"سمو الأمير!"

سعل عدة مراتٍ ثم فرك فروة رأسه وهو في طريقه إلى قصره الخاص، الاجتماعات الصباحية تتكرر والمحادثات عن موضوع الكيرالين تسايز لن تفرغ حتى يجد مجلسُ النبلاء طوقًا يمكنهم به ربطه حول عنقِ روزالين، لويس حدّ الساعة رفضَ وجودها بينهم لعلمه ما ستؤول إليه الأمور إن دخلت تلك المتغطرسة إلى ساحة لعبهم، فبلغ حده من رؤية متعطشين باحثين عن ذات السلطة الواسعة للتلاعب بها ومن الضغط الناجم عن ظن النبلاء أن لويس هو من اختار كيرالينه بنفسه وكأن المملكة لا تواجهُ مشاكل أكثر أهمية يحتاج المجلس لحلها.

يستغل معظم النبلاء قانون حرية الرأي في المجلس الأرستقراطي لصالحهم، وهذا الصالح يتمثل في الضغط على العائلة الحاكمة لتحقيق مطالبهم في حالة عدم حضور الملك للاجتماع، وهنا يحين دور لويس للسيطرة على زمام الأمور وذلك ليس بالأمر السهل، فعدم تعيينه وليًا للعهد يعرقل سلطته خصوصًا عندما تقوم بعض العناصر بدفعِ آراءِ البقية ضده لدعمِ الأمير الثاني الذي لا يُرهقُ نفسه بالحضور أصلاً.

تنهد وهو يخرج يديه من جيبيه ثم دخل إلى مكتبه وجلس أمام وثائق تحتاج مراجعة ومصادقة وتخطيطًا، دلك صدغه باستياء ثم أخرج من دُرج المكتب ثلاثة علبٍ صغيرة، أحدها للحد من السعال والأخرى لاسترخاء العضلات أما الثالثة فلفتح مجاريه التنفسية، تناول الأقراص الثلاثة ثم ابتلع كوبًا كاملا من الماء وأرخى جسده على ظهر المقعد مغلقًا جفنيه، وسط ضوضاء عقله وتشوش أفكاره التي يُحاول لملمتها نوى شطر رأسه إلى نصفين لعله يتمكن من الحصول على راحة حقيقية لكتفيه المُحملين بالأهوال، فتنفس الصعداء مصغيًا لنبرةِ الرياح الدافئة التي تُحركُ الستائر برفق، هدوءٌ جعل نفس تحاول بلوغ السكينة وازاحة الهمِّ بصدره بعد الاجتماع المُتلف للأعصاب، كان بلا شك يحتاج شيئا كهذا.

"أتتجاهلنا لوي—"

"اخرس... أتركه يسترخي."

فتح المقصود جفنيه فجأة ونظر نحو الدخيلين الجالسين على الكنبة مقابلين لبعضهما، أحدهما يبتسم ويفردُ ذراعيه مسترخيًا في جلسته أما الأخرى مُنتصبةٌ كالعمود وبنظراتها الضجرة لمحةُ انزعاج، كان عليه توقع وجود شقيقه وكيرالينه بمكتبه ليقتحموا حياته الشخصية ويمزقوا ما تبقى من عقلانيته، وفي مزاجه الحالي كرههما تمامًا حتى ما عاد يطيق رؤيتهما.

حصوله على السكينة المؤقتة بعيد المنال في هذا الوضع لذا كبتَ رغباته وأقفل عليها في سراديب كمالية وجهه في سبيل تلبية الحاجات، وأحدها تنظيف فوضى هاذين أو منعها من الوقوع.

نظر أولا نحو إدوارد الذي كان يمسك ملفًا به بعض الوثائق الخاصة فأطبق لويس حاجبيه باستغراب فهو لا يذكر وجودها في مكتبه من قبل، بالمقابل فقد كانت روزالين تحملُ صحيفة الصباح لكن دون أن تتخطى الصفحة الأولى، لمح في نهاية الصحيفة آثار سحقِ أصابع فأثير فضوله نحو ما جعلَ روزالين تنفعلُ في تصرفها الصغير.

آليخاندريا - Alexanderiaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن