الفصل العاشر: أمير وكيرالين

47 7 4
                                    

فصلُ الربيع قد حلّ و برفقته نسيم هادئ نظف رِئتي الأمير الأول من شوائبها جاعلًا ابتسامته تبرز من عطر الأزهار اللطيف، كان سموه جالسًا على رأس الطاولة المستطيلة لقاعة الطعام يمسك فنجان شايٍ بيدٍ وأحد أوراق المِلف المصفوف بجانبه بيدٍ أخرى، يعالج المشاكل المرتبة في جداول بينما يستمتع بهدوء بالصباح المنعش، مرت فترة منذ أن حصلَ على فترة عزلة مريحةٍ كهذه فغالبًا ما تبدأ أيامه إمَّا بالضوضاء الذي يُحدثها شقيقه أو باجتماعٍ في مجلس النبلاء، لذا قرر أن يغتنم كل ثانية من هذا الصباح في إراحة أعصابه المشدودة.

وضع لويس الفنجان والملفات جانبًا لحظة سماعه لدقِّ الساعة العتيقة التي تُنبه بإتمام عقرب الدقائق دورة كاملة وترَّكزِ عقرب الساعات على التاسعة، أخرج من جيبه علبة دواء أخذ منها قرصًا وتركه يذوب بكوبِ ماء زجاجي لبضع دقائق قبل أن يبتلعه ويعيد العلبة إلى مكانها ويعود لوضعيته في القراءة والشرب.

أكثر شيء لا يطيقه في أيامه المتسلسلة هو فترات ابتلاعه لهذه الأقراص التي تجعله يستمر لعيش يوم آخر مزدحمٍ بالأعمال، ورغم ما تُدِّره بفائدة على حياته إلا أنه لا يستطيع الاعتياد عليها بتاتًا، فتنهدَ في خاطره باثًا لمحةً حزينة على عينيه الكرستاليتين، لكنها لم تلبث لوقتٍ طويل إذ أنها انقلبت إلى تفاجئٍ واستغراب لحظةَ سماعه لباب القاعة يُفتح على مصرعيه فيرتطمَ بقوة ويهز جدران القاعة، قلب لويس عينيه بضجر لحظة رؤيته لسببِ الضوضاء التي عكرت سكينته، ومن غيره شقيقه إدوارد الذي دخل وهو يضحكُ باستمتاع وسخرية أثناء اشارته باصبعه إلى الخارج صائحًا:

"لقد فُزت أيتها الخاسرة!"

لم يمضِ وقتٌ طويل حتى بانت الخاسرة التي يتحدثُ عنها، كانت تسير متشبثةً بالجدار بينما تلتقطُ أنفاسها بصعوبةٍ وعلى وجهها تكشيرة شزرٍ ترمقُ بها إدوارد نادمة على موافقتها على اقتراحه في اجراء سباق إلى قاعة الطعام، استقامت في وقفتها بعدما أخذت نفسا عميقا ثم صاحت هي بدورها مشيرة باصعبها إليه باتهامٍ وغضب دفين.

"أنت غشاش! أنت تحفظُ الأروقة ولم تحدد وقتًا حاسمًا للبدءِ حتى!!" ثم أجفلت لحظة ملاحظتها للأمير الأول جالسًا ينظرُ إليها باستغراب، فوضعت يدها على صدرها منحنية وقائلة: "طاب صباحك يا سمو الأمير."

"وماذا إذًا؟ واجهي الخسارة بنزاهة! صباحُ الخير لُوِي."

بدأ إدوارد كلامه بصياحٍ ساخرٍ ثم التفتَ إلى أخيه محييًا إياه، فتركَ المقصود ما بيده وزفر أنفاسه طابعًا ابتسامة صغيرة، بها كمٌ من الانزعاج من شجارات أطفال السادسة عشر لكن في نفسِ الوقت محببةً لوجود ما كسرَ برودة يومه وإن كان يعلمُ أن هذه الألفة مغلقةٌ بالأكاذيب.

"صباحُ الخير لكما أيضًا، من بعمركما يقودون عائلات ويحلون نزاعات بينما تلهوانِ وتصدرانِ ضجيجًا بالأرجاء."

آليخاندريا - Alexanderiaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن