الفصل الثامن: بريقُ أخضَرِه.

67 7 3
                                    

أسندتُ ظهري على الجدار الماثل خلفي بينما آخذ نفسًا عميقا أثناء إلقائي نظرة نحو الطفلة التي جلست أرضا من الارهاق، تضم ركبتيها إلى صدرها وتحشر وجهها بينهما، لم أسمع صوتًا يبدر منها لتوقفها منذ فترة قصيرة عن البكاء، حاولت تحديثها لكنها رفضت لفظ حرف وكأنها جثة جالسة، كل ما يمكنني فعله هو إيصالها لمركز الأمن وهم من سيتولون أمر إعادتها إلى عائلتها، المشكلة الآن أنني لا أعرف كيف أجد مركز الأمن حتى أو أي فارس قريب، وذلك لأنني رفضت الابتعاد كثيرا عن الأمير، بل أخذت أول منعطف وها أنا أنتظر، فلو انطلقت باحثة عن مخرج في تشابك الأزقة الذي أنا فيه سينتهي بي الأمر تائهة أكثر وفي عهدتي طفلة لم تتجاوز الصدمة، على الأقل سيحسن الأمير اختيار الطرق والاهتمام بها بدلا عني.

بالتفكير بشأنه.. فعلى عكس ما توقعته لم يصل لأذنيّ صوت قتالٍ وتصادم الأسلحة، ولذلك صارت الشكوك تتدافع في نفسي وطفق قلقُ أشباحي يزحف إلي زحفًا حتى شددتُ على زمام العزم وأملتُ برأسي مطلةً على ما يحدث مع سموه، حتى رأيتُ ما جعل جسدي يتيبس وفاهي يُفرغ ذهولا.

واقف بجبروتٍ وبرك دموية منتشرةٌ حوله، الرجلان اللذان كانا يطاردانني قبل دقائق يفترشان الأرض بعجز بينما ترتجفُ أجسادهما، إنهما على قيد الحياة، وكيف استطاع سمو الأمير جعلهما على هذه الحالة المزرية دون إصدار صوتٍ واحد هذا هو الشيء الذي لن أعرفه أبدًا.

بالتفكير بالأمر، هل كنتُ بلهاء حينما تحديته؟

"لو كنتُ أعلم أن هذا سيحدث لقلت: انتبها لأنفسكما، بدلا من: انتبه لنفسك."

تقدمت نحو الأمير الذي أعاد سيفه المدموم للغمد بينما يرمقني بحدة ابتسمت لرؤيتها، حتى بعد رؤيتي لمصير الرجلين فلا أظن أن ذلك سيجعلني أكثر احترامًا.

"أين الطفلة؟" شد الأمير على قلنسوته للأمام قليلا مخفيًا وجهه فأشرتُ خلفي.

"مختبئة، لا تريد الحراك، أظن أنها ستصير أكثر حيوية لو قام بحملها أمير وسيم موجود في الجوار~"

حملق بي في اشمئزاز من قدرتي على المزاح في موقفٍ كهذا في حين أنني تابعت الابتسام بلا هدى في وجهه، كان يبدو غاضبًا أكثر من منزعج، ولا أظن أن سموه عصبي حتى يغضبه قولي بسهولة ولذلك سألته مستفسرة باحتمالات صغيرة لأن يجيبني واحتمالات أكبر أن يصدني ويتجاهلني.

"سأشرح لك كل شيء في القصر."

خيار ثالثٌ أصابني بالحيرة فظللتُ أنظر إليه وهو يتجاوزني ذاهبًا نحو الطفلة بعدما صنع بؤرة تساؤلات عميقة أخرى بموسوعتي، حاولت تجاهل الاحتمالات المخيفة النصف صحيحة التي كانت تلقيها الأشباح على مسامعي دون اهتمام بينما ألحق بالأمير، اقترب من الطفلة ثم قال لها بضعة أشياء لم أسمعها فرفعت رأسها أخيرا ثم انفجرت بالبكاء محتضنةً إياه، ها قد نجح في لم أستطع فعله فظللت أنظر بملل بينما يحملها جالسةً على ذراعه ثم مضى عائدا إلى الطريق الذي جئنا منه متجاوزًا إياي من جديد.

آليخاندريا - Alexanderiaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن