ظللتُ واقفة أمام المدخل دون حركة، أرمقُ ما يحدثُ في الغرفة بنظرة جافة، أعقدُ ذراعاي في وقفةٍ كارهة آخذةً دور المتفرج الصامت، وأسفل ذلك السكون المقيت بدا كلُّ شيءٍ مظلمًا ولا معنى له، سئمتُ من لعبة السلطة التي حُشرتُ فيها قِسرًا.
الطبيب هِنري سيلاس الذي يفحصُ الأمير المستلقي على سريره في صمت كان من سربَّ سرَّ مرضِ الأمير للصُحف، لم أنتظر حجة واهية أو عذرًا مقنعًا بعدما اعترفَ بجرمه، لم يمنحني واحدًا أصلا، لأنه يعلم أنني لن أهتم بأيٍ مما يخرجُ من فمه بعد الآن، شعور الذنبُ الذي ضاعفته هو ما يحسُّ به في آخر مهمة طبيّة يقوم بها لفردٍ ملكي، لم أعاقبه أو أتحدث معه بشأن ما فعله وهذا كفيلٌ بأن يغرقه في بحار الندم، وعدم اكتراثي يعني أنني لم أتوقع منه شيئا أصلا، وذلك شكلَّ غصةً أخفاها بشكلٍ لم يخفى عني، فإن وُجد خائنٌ واضحٌ في الغرفة فلن يكون غيره.
تركَ المحلول الذي كان يحمله فوقَ المكتب ثمّ وقف، نظرَ بزاوية عينه نحو إدوارد الذي تبادلَ معه نظراتٍ صامتة لثوانٍ قبل أن يسير نحوي، وفور وقوفه أمامي نزعَ معطفه الطبي ثم تحدثَ بلهجةٍ تجاهدُ لتكونَ حازمة. "قمتُ بالاسعافاتِ اللازمة لكنني لستُ متأكدًا من فعاليتها، مرضه زاد آثار السمِّ سوءً واستيقاظه قريبًا غيرُ مؤكد، فعلتُ ما بوسعي وكلُّ ما باستطاعتنا فعله هو الانتظار." صمت بضع ثوانٍ قبل أن يتابع. "بالمناسبة، المنشط اكتمل وتفاصيل العمل في المختبر."
لم أمنحه ردًا حتى أعطاني معطفه وتجاوزني خارجًا من الغرفة ملقيًا آخر كلماته. "أستقيل."
"بهذه البساطة؟" لستُ من تحدث بل إدوارد الذي ما إن اعترف الطبيب بذنبه وهو يتابع السخرية منه واذاقته شتى أنواعِ الاهانات، عولّ على ألا يتركه يخرجُ دون التسفيل فيه، وهذا شملَ هذه اللحظة أيضًا. "تظنُّ العمل في القصر الملكي مزحة ربما. تصنعُ أزمة ثم تهرب، ماذا ستفعل أيضُا؟ تحرق القصر قبل.."
"سموك." قاطعه دون الالتفات، لاحظتُ ضغطه على قبضتيه نُقمًا وحسرة، إدوراد يقوم بعملٍ جيد في لومه وجعله يشعرُ بالذنب، محترفٌ في تضخيم خطئه الضخمِ أصلاً، لم أقاطعه، تابعتُ التفرجَ فقط على ممثل الخيبة وندمِ المذنب، والأخير تابعَ مختصرًا على الأمير الأصغر الكلام.
"أدعني بما شئت، نعم أنا جبانٌ هارب، لكنني على الأقل أعلم أنني لا أصلحُ لمتابعة العمل بمنصب الطبيب الملكي، فبعدما هُددتُ بالمقربين لم أحافظ على اخلاصي للعائلة الملكية، لا أستحقُ الوقوفِ على أرضِ هذا القصرِ بعد الآن، تلوثت.. وليس عليّ أن ألوث شرفَ هذا المنصب كذلك."
رفعتُ حاجبًا أستخف بكلماته الأخيرة، والأمير الأصغر ابتسم مستهزئًا كذلك، إن كان السيد هِنري ملوثًا بسبب فضحه لسرٍ ملكيٍ فقط فماذا عنا؟ تركتُ التساؤل الساخر في ذهني أعقبُ على الجزءِ المهم في ما قاله: "هل فردٌ من العائلة الملكية هو من هددك؟"
أنت تقرأ
آليخاندريا - Alexanderia
Fantasiفي زمنِ الأمراء والقصور فُتح كتاب يكشفُ عن خبايا العائلة الملكية وأسرارها الملفقة أسفل الكذب والخداع. ابنة خائن البلاد تأخذُ منصب الكيرالين وتتقدمُ لتُعينَ لوردًا بينما تتحكم بالآخرين بخيوطٍ وهمية. أرضُ القتل والهلاكِ جمعت نفاق نبلاء ودماء مجرمين، ف...