الفصل السادس والعشرون: قاعة العرش.

24 3 5
                                    

"ألن تحضر؟ "

الجوابُ كان واضحًا لدرجة عدم رغبتي بتحريك لساني للفظِ برد، أرى أن السؤال الأهم هنا هو: ألم تذهب بعد؟ لكنني وكما أعرفه لن يفعل قبل أن يحاول أخذي برفقته.

سمعتُ صوت خطواته، اضافة جيدة لدقِّ الساعة، توازنها يسير بخطٍ مستقيمٍ عتيقٍ يجلبُ رغبة بالنوم لكن دخول الصوتُ الجديد جعل السمفونية أكثر اثارة، قابلة للتغيير، باضافة المزيد من اللمسات ستصبح صالحة للاستماع.

انغمستُ في محاولة تحديد المفاتيح المناسبة للحن الجديد حتى نسيت وجودُ أبي رغمُ أنه صار أكثر قربًا، وربما دون لمسته الدافئة على كتفي لما تذكرته أو سبب اغلاقِي هذه الغرفة وعدم احترامه لذلك، طبعًا لدحضِ محاولات قدومه لكن الخادم خانني وسمحَ له بالدخول، وها هو المشهد الذي أردت تجنبه يحدث.

"لا فائدة من الهروب—"

قاطعته: "لست أهرب، لا أريد الذهاب فقط.. ما الذي سأستفيده؟" أردتُ اضافة: رؤية وجه ذلك المريض أم رؤية وجه والده؟ أم كلاهما؟ أشعر بالاشمئزاز فقط من التفكير في الأمر.

"هذا واجبك."

"سيكونُ كذلك عندما تورِثني منصبَ الآرشيدوق." أغلقت كلَّ الأبواب أمامه قبل أن يفتحها، لم يملك سببًا يرغمني على الذهاب، هذه نقطة لي، لكنه فاق توقعاتي واستعمل أسخف سببٍ يمكنه التفكير فيه.

"ألا تريدُ مساندة صديقك بوقته الصعب؟"

منحته نظرة بزاوية عيني تحملُ معنى واضحًا للغاية، إدوارد يواجه وقتًا عصيبًا؟ هذه أسخفُ نكتة سمعتها في حياتي، متأكدٌ أنه بحلولِ الغد سينسى ما حصل ويشرع بالرقص في غرفته كالمجنون.

انتقلتُ أنظارُ كلانا إلى الساعة المعلقة فورَ اطلاقها للدقة الوحيدة المختلفة عن السلسلة المنتظمة، انذارٌ بحلولِ الساعة العاشرة تمامًا، لا وقتَ لطرده أفضل من الآن.

التفتت نحوه للكلام، فشلت.. فهاهو يقاطعني. "ماذا عن الكيرالين؟ ألستَ فضوليًا؟"

قلبتُ عيناي بلا مبالاة معيدًا أصابعي برفق إلى مفاتيح البيانو الباردة. "ولمَّ سأكون كذلك؟"

أطال بي النظر حتى أصبتُ بالانزعاج، هو عنيد وأنا أكثرُ منه، آخر ما سأفعله اليوم بالذات هو الذهاب إلى القصر الملكي، سيرغمونني حينها على العزف احتفالا إن سارت الأمور كما أخبرني بها والدي، ولا لستُ مستعدًا للتصرف بنفاق والقيام بشيء لا أريده بسبب العلاقات الاجتماعية.

سمعتُ صوت تنهد أبي ثم اقترب مني حتى صار يقفُ بجانبي، وضع يده على كتفي فعلمتُ أنه سيطيل الحديث، وقبل أن يلفظ حرفًا باشرتُ بطرده لعلني أعود إلى خلوتي وعملي.

"ستتأخر إن بقيت هنا أكثر."

"يا حضرة الآرشيدوق جيرالد العربة تنتظرك." جاء الدعم في وقته من قِبل خادمٍ واقفٍ عند عتبةِ القاعة، أومأ والدي له ثم رمقني باحباط بعدما فشلَ بجري معه، إن كان مهووسًا بأبناء الملك وكل مناسباتِهم فأنا لا أماثله ولا أطيق رؤية أحد بالقصر الملكي عدى إيليزابيث وإدوارد.

آليخاندريا - Alexanderiaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن