لويس لا يثقُ بروزالين.. ذلك أمرٌ لا شك فيه، لذا بعد اختفائها عن الأنظار وحبسها لنفسها في غرفتها بحجج سخيفة أصيب الأمير بالحذر والشكّ نحو ما تفعله، ففضل شقّ طريقه إليها بنفسهِ لرؤية ماهية الشيء الكبير الذي تُخفيه مُتصنعًا أنه قادم للاطمئنان على الكيرالين المريضة المسكينة، مضى إلى مدخلِ جناحها وهو يُحضر على لسانه عتابًا طويلاً لاهمالها منصبها أسفل ادعاءاتها الواهية، لكن كل الفقرات التي حضرها في عقله تبخرت حينما سمعَ صرخةً قادمةً من غرفتها، ويا للعجب.. كانت فعلا صرخة روزالين.
تراقصَ القلقُ في صدرِ الأمير فأطلق قدميه مسرعًا إلى مصدرِ الصوت والتحقَ به حارسانِ فتحا بابَ الغرفة على عجلٍ فلم يجدا بالداخل أحدًا، تقدمَ لويس المسير باحثًا حوله عن أثرٍ لكيرالينه حتى حطت عيناه على بابِ المكتبة الخاصة فهبّ يفتحه أمّا الحارسانِ فقد واقفا خلفه باستعدادٍ للتصدي لأيّ دخيل، لكن عكسَ ما حسبه الثلاثة فقد كانت روزالين في المكتبة بمفردها، واقِعة على الأرض تمد ذراعيها أمامها في وضعية دفاعية وتحدقُ في منطقةٍ معينةٍ بوجهٍ شاحبٍ وصدرٍ يعلو ويهبطُ بسرعة شديدة عَكَسَ الهلعَ الذي ينتابها، ورغم وجودهم لم تتغيرَ نظراتها المرتجفة فلم تدركِ قبعَ أحدٍ آخر في الغرفة إذ أن وعيها غادرَ الكوكب وظلّ يكررُ هولَ ما رأته بين كلِّ طرفة وأخرى، وما أيقظها من شرودها لم يكن غير صوت لويس الذي هرع نحوها مناديًا:
"آندرسون!!"
أسرع إلى الفتاة وجثا بركبته أمامها، ارتعاشُها ومعالمُ الفزع على وجهها أفقداه القدرة على النطق، هي لم تكن بهذا الخوفِ حينما أصيبت في حادث استهدف حياتها ولا حينما طاردها مجرمون، هي لم تبدِ شيئا حينما هددها وما أصابها غيرُ الارتباك حينما قابلت الملك وهذا ما زاد لويس حيرة، متسائلاً في نفسه عن الذي حصلَ حتى يسكنها هذا الشحوب وعن سببِ التقاطِ أنفه لرائحة شيء محترق.
"ماذا حدث؟ هل تأذيت؟"
رفعت روزالين عينيها إلى الأمير مُحاولة تهدئة نفسها واستدراك الموقف فشتمت نفسها على جذبها انتباهًا أكثر ممّا يجب، أومأت برفق ثم أرخت ذراعيها لتعتمدَ عليهما للوقوف لكن فورما وضعتهما أرضًا رفعتهما متألمةً مِن الحرقِ الذي نشر لسعاته بقوةٍ على يديها كالسم، بسطت يديها أمامها فاقشعرت من المنظر الفظيع لتمزقِ قفازها واحمرار بشرتها الذي بلغَ أوجه وصنعَ شرخاتِ جلدٍ ممزقة في مناطق مختلفة، اهتزّ فؤادها ألمًا وحسرةً فضمت يديها المُصابتين إلى صدرها محبطة ورُسمت شبح لمعةٍ نادمة على بنفسجيتاها.
'كان عليّ أن أكون أكثر حذرًا.'بالكادِ كانت روزالين تُفكرُ في ما أصابها، إنما ظلت تتحسرُ على دفاترها التي احترقت بمعلوماتها وتناثرَ رمادها على الأرض، نصفُ ثمرة جهدها الطويل هبّ مع هبوب الريح ولم تبقَ غير بضع دفاتر على الرفوف والمكتب لكنها ليست كافية مقارنة بكل الساعات التي أهدرتها هباءً منثورًا، فزفرت نفسًا عميقًا لعلها تُخرج الهمّ الذي استوطن صدرها.
أنت تقرأ
آليخاندريا - Alexanderia
Fantastikفي زمنِ الأمراء والقصور فُتح كتاب يكشفُ عن خبايا العائلة الملكية وأسرارها الملفقة أسفل الكذب والخداع. ابنة خائن البلاد تأخذُ منصب الكيرالين وتتقدمُ لتُعينَ لوردًا بينما تتحكم بالآخرين بخيوطٍ وهمية. أرضُ القتل والهلاكِ جمعت نفاق نبلاء ودماء مجرمين، ف...