16. الجنة والماضي

804 67 87
                                    

{كوب من الشاي وليلة من ليالِ ديسمبر الباردة في جلستٍ لنا، أنا وأنتِ بمعطف من الحب والدافئ وعلى شرفة احلامنا نتحاور.} 

«أمي ذاهبة إلى نادي المبارزة سأسجل أدم به»

أخبرتها حين وجدتها جالسة على الأرض في غرفتها أمامها منضدة عليه الكثير من الأوراق المبعثرة.

ارجعت احدى خصلاتها الليلية للخلف بقلم الرصاص خاصتها تنظر إليّ بخضراويها امتزج فيها العسل قائلة: 

«اصراره على هذه الرياضة ذكرني بكِ، لقد كنتِ شغوفة بها فيما مضى» 

دهشة تعتريني، لم أظنَّ يومًا أنها تلاحظُ ما أحب، تبسم فاهي تلقائيًا، ثم إن الثياب لن تلائمني في هذا السن كونه تفصل الجسد وكل ثوبٍ يُفصل الجسد ويلتصق به أشعر وكأنه يظهر جسد المرأة عارية لا ترتدي شيئًا غير أنه مُحرَّم. 

«حينها كنت صغيرةً بالعاشرة ربما أو أقل بقليل، لا أعلم حاليًا ما طبيعةُ مشاعري تجاه هذه الرياضة» 

أجبتها ثم شددتُ خُطاي إلى غرفة أدم لأخباره بتجهيز نفسه والاستعداد للذهاب وعند دخولي الغرفة فاجأني بأنه مستعد ينتظرني فقط.

أستعرّت السيارة من إلياس لهذا اليوم كونه منشغل بالدراسة ولن يجد وقت مرافقتنا، تعلّمت القيادة بمساعدته قبل سنة، ففي البداية كان الهلع يصيبني ثم بدأت أعتاد بالتدريج لتصبح من أسهل الأمور وأكثرها متعة. 

نِصفُ ساعةٍ في الطريقِ كانت لازمة حتى وصلنا إلى وجهتنَا، أوقفت السيارة في موقف السيارات ثم نزلت اتأمل واجهة المبنى. 

واقفة على أطلالِ الماضِ، اشاهد طيف الطفلة الصغيرة التي كانت تدلف هذا المكان بحماس متقد بداخلها وشغف كبير، ها هي اليوم تدخله مجددًا بشغف أقل وحنين أكبر يحمل بحوزته الكثير من الذكريات، كُنت طفلة تحب التنوع لا تقف على شيء واحد وللأسف سبب توقفي عدم قدرتي على الاستمرار لوقت طويل في التدريب او المبارزة والذي اكتشفت من خلالها ضعف هذا القلب. 

اخذت صورة للواجهة وأكتب عليها بضع كلمات ثم وضعتها على القصة عبر الأنستغرام مرفقة بالموقع. 

أُحكم إمساك يد شقيقي الصغير، تخطيت الردهة أسأل عن مكتب المديرة رغم أني أعرف مكانه لأن المديرة الحالية كانت بيوم من الأيام مدربتي. 

طرقت الباب بخفة ثوانٍ و وصلني صوتها تدعو للدخول، استجبت لها ودخلت مع شقيقي، شعرها البني القصير تخلله خصلات شيب بيضاء زرقاوتيها تطالع هيئتي بتفاجئ كبير يوحي لعقلِ أنها استطاعت التعرف عليّ بعد هذه السنوات، ابتسمت بلطف قائلة: 

«مرحبا سيدتي» 

«اهلا اهلا بكِ عزيزتي» 

حييتني بـ لطفها المعتاد فـ جلست أمامها أحدثها عن اشتياقي لها ثم عن الرياضة وأخيرًا عن آدم ثم اتفقنا على تفاصيل الاشتراك والأوقات التي سيداوم بها الحضور على موعد التمرينات، كانت تمنح واحدة من ابتسامتها النادرة فـ هي تمتلك شخصية المدرب الصارم الذي قلّةً ما ترى بسمته أوقات التدريب بل أنها تختلف بشكلٍ كلي، بطبعي ارتحت لها ولم أستطع كبح شخصيتي المشاغبة التي تختفي في حضور أمي. 

السبيل إليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن