2 ميدالية

421 46 273
                                    

في عمق متاهة من الأزقّة حصلت مطاردة بين رجلين مزّقت السكون المريب فيها.. في ظلام ليل ازداد حلكة داخل الممرات الضيّقة حيث لا تراهما عين..

المكان الضيّق، والظلام، والعزلة عن الناس الموجودين في الطرقات.. ظروف كانت مثالية لهرب من في المقدمة، وإمساك من في الخلف بجائزته

كلاهما كانا يكافحان خلال ركضهما المستمر حتى يصلا إلى النهاية المنشودة من هذه المطاردة

نهايتان متضادتان أرادا تحقيقها

كانت أنفاس الرجل الذي تتم مطاردته تتثاقل في دخولها إلى صدره، وحبّات العرق تنزلق على طول وجهه مختلطة بجروحه الدامية غير آبهة بأنها تلسعه هكذا

ولكن هذه الحرقة لم تكن مهمة بقدر الأهمية التي أعطاها عقله للهرب، لا يفكّر بشيء سوى في طريقة لزيادة المسافة بينه وبين من يلاحقه بإصرار إلى أن يختبئ منه وتنتهي هذه المطاردة!

فعل ذلك بدفعه لكومة من الأثاث الخشبي البالي ليفترش الزقاق، وتابع الهرب بأريحية أكثر بقليل، تاركًا من في الخلف يتعامل مع العوائق

وصلته شتائم بذيئة كانت موجّهة له من الرجل عندما تعثّر بما رماه في طريقه: واللعنة عليك.. لن تنقضي هذه الليلة إلا وأنتَ تتوسّل رحمتي!

صاح بها المُطارد وهو يركل الأثاث الخشبي مُفسحًا لنفسه طريقًا بينهم

خفتت أصوات التكسير والرّطم عندما انعطف إلى زقاق آخر ورأى الشارع العام في نهايته

لقد حصل على مسافة الأمان التي أرادها، يحتاج فقط للاختباء بعضًا من الوقت حتى يستسلموا عن العثور عليه، ولن يكون له ذلك إن استمرّ بارتداء سترة السباق البيضاء في هذا الليل المظلم..

لو فعل فستكون بمثابة رسالة واضحة لهم مفادها تعالوا وأمسكوا بي، وهذا ما لا يريده، لا سيما والمخرج قريب

قريب جدًا من الوصول إلى هدفه...

لم يبطّئ من سرعة ركضه أبدًا، حتى عندما تفجّر صراخ عضلات ساقيه من المجهود الذي يحمّلهما إيّاه فجأة

بالرغم من الألم والتعب فإن ذهنه بات صافيًا مع اقترابه من المخرج أكثر

"لا يزال هنالك آخران غيره"

فكّر في ذلك عندما عاد صوت الركض من خلفه، وإن كان أضعف من السابق...

ثلاثة...

هذا كان عددهم قبل أن ينفصلوا ويبدؤوا في محاولات الإمساك به!

واحد وراءه، والآخران مجهول اتجاههما.. لا يعرف سوى أنهما ينتظران ظهوره من وراء الظلام حتى يُحاصراه من بقية الاتجاهات

لديه خياران الآن.. أن يسمح لمطارد واحد بالإمساك به، أو يتركهم جميعًا ليطبقوا بمصيدتهم على ساقه ويكبّلوها عن الحركة

عملية صُنع الحالمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن