قبل دخول فيلكس والثلاثة الآخرون إلى غرفة الحبس.. قام رجال الشرطة بتفتيشهم جيدًا وأخذ كل مقتنياتهم منهم وحفظها في مكان آخر
تلك المقتنيات التي يُشتَبه فيها بأن تكون أداة للهجوم، أو غرضًا ملائمًا للهرب، وحتى ما قد يوصلهم بالعالم الخارجي
ولو كان بيد الشرطي المراقب لأخذ منهم أطرافهم الأربعة حتى يرتاح من تجوّلهم المستمر من ركن إلى آخر داخل الزنزانة
كان يحاول الحفاظ على هدوئه مُخبرًا نفسه أن الأمر لا يستحق، ولكنّ وصوله إلى هذه المرحلة من التفكير يؤكد على أن مقدار تحمّله بدأ في الانتهاء، ولحسن الحظ أن هذا يحصل مع اقتراب نهاية ورديّته لهذا اليوم
فيلكس الوحيد الذي لم يتحرك كثيرًا منذ دخوله للزنزانة، وكان الآن يجلس بالفعل عند الزاوية الأقرب لبابها
عدا عن النظرات العدائية المرمية إليه من رفقاء الزنزانة فإن شيئًا آخر لم يحصل، وحتى مع حركتهم المتبادلة داخلها لم يقربوا جهته متجاوزين حدّهم
هنا بالذات، وأسفل أعين الشرطة فإنهم لا يستحقون أن يُفسد من أجلهم شكل الخط المستقيم لمشاعره
هم مجرّد ظروف خارجية غير مهمة يمكن التعامل معها بدون أي إخلال في النظام
لم يستطيعوا النيل منه وهم ثلاثة مجتمعون عليه في زقاق مظلم معزول عن الناس؛ لذا بقدر ما يهدّدونه الآن فإن ذلك لن يؤثّر فيه
الشيء الوحيد الذي يراه مشكلة الآن، هو وجودهم في ذات الزنزانة معه لوقت مجهول نهايته؛ لأنه حتى لو تحكموا في أنفسهم لوجود كاميرا المراقبة البشرية في الغرفة فإنهم سيتحينون فرصة ظهور بقعة عمياء فيها، وعندها سيكون بمقدور آوغست أن يُرضِيَ نفسه بتنفيذ جزء صغير جدًا من تهديده
وهو حتمًا لن يتحمّل أن يلمسه آوغست أو واحد من الاثنين معه، فضلًا عن إرضاء تهديداته
- كم الساعة الآن أيها الشرطي؟
سأل بيل الذي التصقت أصابعه بقضبان الزنزانة من طول وقوفه عندها واستمراره في مراقبة ما تفعله كاميرا المراقبة البشرية الجالسة على مكتبها
- إنها الثانية عشر والنصف.. تجاوزنا منتصف الليل بالفعل
نفخ بيل الهواء من خدّيه وألقى بجبهته على القضبان لتهتز قليلًا وراء ظهر فيلكس الذي كان يتكئ عليها في جلسته على الأرض
كانت هذه المشكلة.. أنهم لا يعرفون ما هو الوقت من اليوم، ليس فقط لأنهم أخذوا حتى ساعات اليد منهم، بل لأن غرفة الحبس كانت مكتومة بالمعنى الحرفي، حيث لا توجد نافذة أو أي مصدر يُجدّد الهواء فيها غير الباب الموصد
الهواء الذي يزفرونه يختلط ببعضه، ثم يتنفسونه من جديد...
فِعلُ ذلك كان كثيرًا على فيلكس، فجسده لا يتوقف عن القشعريرة من بقائه في زنزانة واحدة معهم رغم وجود اثنتين أُخريين!
أنت تقرأ
عملية صُنع الحالمين
Mystery / Thrillerانحنى جسدها على جسده لتحجب به الأمطار عنه، وأزالت النظارة المبللة عن عينيه لترى بوضوح سوادهما المستنكر قربها العابر لحدوده - فيلكس نادت اسمه بخفة دون أن تنتظر منه إجابة، فنظراته نحوها كانت كافية لمعرفة أنه مستعد للإصغاء إلى أي شيء ستقوله: أخبرتني أن...