كان ذاته المُمثّل الشاب بيورن لايسر الذي تعرفه، ويعرفه الجميع حتّى ولو بالاسم.. ليس محض خيالٍ سيختفي إن أغمضتْ عينيها ثم فتحتهما، ولا سرابٍ يتلاشى عندما تتقلّص المسافة بينهما
تقدّم بيورن لايسر إلى طاولة الحساب يلفّه جوٌ حيويٌ يلائم ابتسامتَه، واتسعتْ أكثر عندما نظر إلى الموظّف الذي تحرّك من مكانه أخيرًا ليقوم بعمله
أخفقت آيلا في استطلاع ملامح فيلكس بما أنّه قد ابتعد، كما أنّ الكمامة قامتْ بعملها مع نظراتها المُتطفّلة أخيرًا وأعاقتْ محاولات اكتشافها لشعور نادل مقهى وهو يخدم مُمثّلًا مشهورًا
لا بأس بذلك.. على الأقل يمكنها أن تُشاهد وتسمع من مكانها، فالكلام والتصرّفات تكشف أكثر ممّا يتوقّعه المرء...
- السيد لينغارد ليس موجودًا اليوم، والموظف قد تغيّر أيضًا إلى واحدٍ آخر.. منذ متى؟
تجاهل فيلكس سؤاله ليطرح واحدًا آخر كان أكثر أهميّة بالنسبة له: ما هو طلبك؟
- كوب كابتشينو برغوة كثيرة
- لا نُقدّم سوى المشروبات الباردة اليوم...
أبعدتْ آيلا كوبها الأبيض عن شفتيها عندما همّت بارتشاف القهوة، وحاولتْ إخفاءه جيدًا بإمساكه بكلتا كفّيها بقوّة دون شعورٍ منها
الابتسامة على وجه بيورن لايسر اختفتْ تمامًا ومعها رحلتْ هالتُه الحيوية، وحلّت الحيرة مكانها على تقاسيم وجهه: هذا ليس كلامًا.. أنا لا أشرب أي شيءٍ بارد!
أسند فيلكس ساعده الأيمن أعلى شاشة الجهاز وأردف بصبر: ستطلب إذًا أم لا؟
غطّت آيلا فمها خلف كفّها صدمةً ممّا تراه وتسمعه "ألا يُفتَرض أن يكون وقحًا معي فقط؟" هذا التعذيب النفسيّ من إيماءاته اللا مبالية، ونبرتِه المتغطرسة، ونظرتِه الدونيّة شيء هي الوحيدة التي جرّبتْه كـ زبونة في مقهى إينديقو، ولكن اليوم الذي يشاركها شخصٌ آخر التجربة حلّ بشكلٍ لم تتوقّعه، وعلى شخصٍ لم يخطر حتّى لأحلامِها أن تُريها إيّاه!
- إن كان الأمر كذلك أحضر لي حليبًا مخفوقًا بالفراولة..!
نطق بطلبه مُمتعضًا، فقال فيلكس وهو يسجّل طلبه: قهوة أمريكانة مُثلّجة
- لحظة انـ...!
ولم ينتظر فيلكس مُطلقًا فقد وضع أمام بيورن آلة الدفع وأخبره بقيمة طلبه الذي لم يطلبه أصلًا
"يجب أن يغضب الآن" فهذه مُعاملة لن يتقبّلها سوى شخصٍ عاديّ مثلها، فكيف بمشهورٍ ذائع الصيت يُمكِنُه بكلمة واحدة أن يُجيّش مُعجبيه للإطاحة بالمقهى الذي أساء مُعاملتَه!
إلا أنّها تفاجأتْ عند رؤيتِه يرضخ لتسلّط فيلكس الغريب، وقام بعمليّة الدّفع دون اعتراض رغم أنّ وجهه يكاد ينفجر به
أنت تقرأ
عملية صُنع الحالمين
Misterio / Suspensoانحنى جسدها على جسده لتحجب به الأمطار عنه، وأزالت النظارة المبللة عن عينيه لترى بوضوح سوادهما المستنكر قربها العابر لحدوده - فيلكس نادت اسمه بخفة دون أن تنتظر منه إجابة، فنظراته نحوها كانت كافية لمعرفة أنه مستعد للإصغاء إلى أي شيء ستقوله: أخبرتني أن...
