بدا لآيلا أن ذهابها اليومي لمقهى إينديقو من المساء وحتى الليل طبيعيًا جدًا وما من شيء غريب اتجاه تعلّقها به، فعندما يكون السبب واضحًا تُصبح النتيجة واحدة من البديهيات
وهي لم تخجل من الاعتراف لنفسها أن عدم حبها لمنزلها كان هو السبب حقًا، حتى وإن كان سقفه يُشبع احتياجها للأمان.. إلا أن هذا وحده ليس كافيًا، ولا تستطيع استشعاره كما ينبغي! فما هو إلا أمان مادّيّ يوفّره لها من أذى البشر أو الطبيعة
ولكن نفسيًا فهي لم تستطع تقبله حتى، ولا تشعر بالراحة داخله حتى تقضي يومها كلّه محاطة بجدرانه.. أحضانه كانت مريبة للغاية على جسدها، ولا تحتمل إجبار نفسها على ما هو أكثر من النوم فيه وتناول وجبتين
عدا عن ذلك فإنها تسعى للهرب منه نحو عالم واسعٍ لا حدود مريبة فيه، ولا جدران تتربّص بها وتراقبها
وفي هذا العالم الواسع الموجود خارج شقّتها عثرت على منطقة راحتها متجسدة في مكان عام يمكن لكل العالم الدخول والخروج منه كيفما رغب، ووقتما شاء، ولن يصيبها الضيق من ذلك
كان لمالك هذا المكان جيفري لينغارد تأثيرًا كبيرًا في جعل مقهاه مكانها الآمن، وهذا بفضل علاقتهما التي بُنِيت بسلاسة ودون أي جهد مبذول منهما
ولو لم يحدث هذا الاتصال لاكتفت بيومها الأول في المقهى، ثم ذهبت لتعثر لها على مكان آخر يملك المزايا التي تريدها
وخصوصًا بعد حادث الهجوم الذي كان كافيًا لتضع عليه أكبر علامة إلغاء تملكها، فليلة الحادث كافية لتسمية المقهى بأي شيء، إلا أن يكون مكانًا آمنًا!
لم تكن المواقف مُسيّرة بالكامل لتوصلها إلى لحظة الوقوع في حب مقهى إينديقو، ولكن الأشخاص فعلوا! وأظهروا كماله في عينيها
بعدما أنهت تناول غدائها قامت بغسل الأواني التي جمعتها من الصباح في حوض الغسيل دفعة واحدة، ونشرت غسيل ملابسها بعدما أفرغت مساحة لحاملة الغسيل الحديدية في منتصف الغرفة
كانت أعمال منزلية بسيطة، أنهتها لتبدأ في مهمة أخرى.. الاستعداد للذهاب إلى المقهى
انتابها أسفٌ شديد عندما رأت ملابسها متكدّسة داخل حقائبها، ومتشابكة ببعضها بشكل أسوء مما تفعله الغسّالة بها
لا تعرف أي زيّ ستختاره في فوضى المساحة الصغيرة هذه، فكلّ شيء مخلوط ببعضه!
جلست عند الحقيبة، وبدلًا من تهدئة أوضاعها أقامت حربًا مع الملابس داخلها حتى خرجت منتصرة بقميص ذي لون أصفر هادئ يبدو ملائمًا لأجواء الصيف المنعشة وشمس مساءاتها الناعمة، وأسفلها ارتدت تنورة واسعة بلون رمادي فاتح، وتمّمت زيّها بحزام أسود نحيف أضاف له لمسة جميلة
وقفت أمام المرآة الطويلة لتقيّم من خلالها مظهر ملابسها عليها، وأعطت نفسها العلامة الكاملة برضا بهزة خفيفة من رأسها
أنت تقرأ
عملية صُنع الحالمين
Mystery / Thrillerانحنى جسدها على جسده لتحجب به الأمطار عنه، وأزالت النظارة المبللة عن عينيه لترى بوضوح سوادهما المستنكر قربها العابر لحدوده - فيلكس نادت اسمه بخفة دون أن تنتظر منه إجابة، فنظراته نحوها كانت كافية لمعرفة أنه مستعد للإصغاء إلى أي شيء ستقوله: أخبرتني أن...