5 اتفاقيّة

318 27 66
                                    

بعد لحظات قليلة من انطلاق السيارة السوداء التي ركبها جيفري مع ذلك الشرطي عبرت آيلا الشارع متتبّعة نفس الطريق حتى نقطة غياب السيارة عن عينيها

هنا اضطرت للتوقف آخذة نظرة شاملة على المنعطفات الثلاثة في مجال بصرها، لا تعرف أي واحد سيأخذها إلى نفس الوجهة التي قصدها جيفري

الوجهة التي تجهلها أساسًا، ليُصبح سبيلها مقطوعًا من أول خطوات بدايتها! وطريقها لم يكن متاحًا لعكس الاتجاه والعودة أدراجها، فحدسها قد سدّه عليها

"إن تقدّمتِ، فانسيْ أمر الرجوع.. لا مجال لكِ سوى المضي قدمًا"

كان هاجسًا مُلحًّا شديد السخافة، فالطريق خلفها مفتوح، وما من شيء ماديّ يُقيّدها حقًا داخل سيطرته الفقاعية.. بمقدورها تفجيرها بنقرة واحدة والمشي في الطريق الذي تريده، ولا يهمّها تهديد من شيء لا تراه سوى داخلها

ولكنّ حدسها أنقذَ كرامته من أن يتمّ إهدارها، واجتهد في تكرار نفسه عليها حتى استحوذ على كامل تفكيرها إلى أن جعلها تفعل ما أراده.. أن تمضي للأمام لتلحق بالسيارة السوداء حتى وإن لم تكن تعرف وجهتها!

لأن عدم معرفتها بذلك لا يعني أنها غير قادرة على تخمين المكان الذي ستذهب إليه

بهذه الطريقة استغلّها حدسها.. إن كانت قد صدّقتُه في البداية فإن هذا غير كافٍ له، يجب أن يُسيّرها بعزف الناي وراءه حيث يريد

"جيفري سيذهب إلى مركز الشرطة، وليس إلى أيّ مكان آخر"

هذا ما كان يلحُّ به عليها، ويستمرّ بإزعاجها أنه لا يوجد مكان سيذهب إليه رجل شرطة إلا مركز الشرطة!

ووجودهما مع بعض لا بدّ أن يكون سببه هو البلاغ!

كل الظروف تساند توقعات هذا الحدس...

خلال عبورها للطرقات استعانت بهاتفها حتى تحدد موقع قسم الشرطة في منطقة روزاليس وترى كم سيستغرق من الوقت حتى تصل إليه

وجود رجل الشرطة مع جيفري لم يخبرها فقط بأنهما سيذهبان إلى القسم، بل أيضًا إلى أي قسم سيذهبان! لأنها لم تكن مرتها الأولى في رؤيته...

لقد قابلته في متجر المواد الغذائية ليلة الحادث مع مرؤوسه يشتريان مجموعة من المشروبات، وهذا دليل على أن مقرّ عمله تابع لمنطقة روزاليس، وهو أقرب قسم من هنا، وإلا لن تصادفه مرتين، وفي وقتين مختلفين دون سبب هكذا...

"عشرون دقيقة سيرًا على الأقدام" هذا هو الوقت الذي سيأخذه منها مركز الشرطة حتى تصل إليه، ولم تجد في ذلك أي مشكلة على الإطلاق، فهذا هو أقل مدة سيأخذها أي شخص في العادة خلال نزهة مشي

يمكنها أن تعتبرها كذلك بما أن ارتباطها الوحيد المتبقي لليوم كان الذهاب إلى المقهى، وما دام لم ينجح فلا يوجد شيء

عملية صُنع الحالمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن