عادتْ آيلا إلى ارتياد مقهى إينديقو بشكلٍ طبيعي مُتظاهِرة بأنّ شيئًا لم يحصل لها مع موظّفه، وذلك بعد مرورها بصراعٍ داخليّ عريض خرجتْ منه بقرار بسيط جدًا! أن تخصّ قلبها ليحتفظ بما حدث
كانت قد انتعلت حذاءها وهي جالسة على العتبة المرتفعة في مدخل شقّتِها لتُكمِل استعدادها للخروج، ولكنّها نفسيًا لم تقدر على حثّ نفسها للمشي نحو ذات المكان بنفس ثِقتِها المعتادة
كيف ستواجه فيلكس بعدما أضاعت ميداليّته وأعطتْه رسالة واضحة أنه لن يعثر عليها، ولن تبحث عنها أكثر مما فعلتْ؟
بأيّ وجهٍ ستفعل وهي قد أعطتُه خيار استبدال مكان ميداليّتِه الفارغ بميداليّتها كما لو أن ما يخصّها يجب أن يكون بنفس أهميّة أشيائه؟
من المؤكّد أنّه سيقول في نفسه "يا لها من امرأة بجيحة لتستمرّ في إظهار وجهها لي" عندما يراها تدخل المقهى كما تفعل كلّ يوم.. هذا إن لم يُظهِر إساءته لها بشكلٍ أوضح من كلّ مرة!
كلّ ما يحصل بسبب غبائها وبلاهتِها! لقد فقدت الأساس الثابت لجعل وقتها في المقهى طبيعيًا في يومها مثل التنفّس.. لأنها حمقاء لا تعرف كيف تتحمّل المسؤولية تسبّبت في صنع حاجز يمنعُها من العودة إليه رغمًا عمّا تريده!
يجب أن تخجل من الذهاب إلى المقهى من جديد...!
ولكن هذا الحرمان وجلد الذات مُبالغٌ في حقّها! الموقف الذي وقعتْ فيه كان مع موظّف المقهى.. ليس وكأنها تذهب إلى هناك من أجل ذلك الرجل!
إنها تعرف المكان قبل أن تقابل وجهه النّحس بساعات!
إنها تذهب لأنّها أحبّت المكان؛ ولأن صاحب المقهى لطيف.. أما خطؤها فقد حاولت إصلاحه بالتخلّي عمّا يُهمّها، وبما أن فيلكس أخذه فهذا يعني أنّه قَبِل بالتعويض وليس من حقّه أن يعاود فتح الموضوع من جديد، ولا حتى أن ينتقدها
إذًا لا يوجد أي خطأ تحمله.. يجب ألا يوجد! وإن كانت له آثار فستبقى داخلها وحدها
يجب أن تتوقّف عن رؤية نفسها بأعين فيلكس وأعين الناس، فلا أحد يرى سوى جسدها الماديّ.. أخطاؤها ورغباتُها وخجلُها لن يراها أحدٌ عندما تدخل للمقهى، لن يهتمّ بها أحدٌ كحضورٍ من الأساس
بهذا الشكل ها هي متواجدة في المقهى هذا المساء مثل كلّ المساءات السابقة من جهة، وعكسها من ناحية أنه كان هادئًا وزوّارُه قليلون
بعد إنهاء عملها مع صاحب المشروع واستلامها لحقّها كاملًا منه عادت مُجددًا إلى كابوس تقديم استمارات التوظيف الإلكترونية، وضاعت في دائرة مُغلقة من التوقّعات من أنّ كل رسالة تصلها وكلّ اتصال يردها يحملان مُقابلة مُحتَمَلة
إن البحث عن وظيفة هو بحدّ ذاته وظيفة لا مردود منها سوى الهمّ الثقيل على القلب والعقل، وخصوصًا إن فشلتْ كلّ المحاولات وضاع الجهد والوقت مع الرياح، ورغم أن الفشل وارد إلا أنّ البحث أمرٌ لا غنى عنه لها هي التي تُعِيل نفسها بنفسها دون مساعدة من أحد
أنت تقرأ
عملية صُنع الحالمين
Gizem / Gerilimانحنى جسدها على جسده لتحجب به الأمطار عنه، وأزالت النظارة المبللة عن عينيه لترى بوضوح سوادهما المستنكر قربها العابر لحدوده - فيلكس نادت اسمه بخفة دون أن تنتظر منه إجابة، فنظراته نحوها كانت كافية لمعرفة أنه مستعد للإصغاء إلى أي شيء ستقوله: أخبرتني أن...