الفصل 19

88 6 3
                                    

وقف عامر على الجانب الآخر من السيارة وهو يرى عمه عليًّ يقترب..
ناداه الأخير قائلا:" لتتولى القيادة ... أشعر بأني متعب قليلا!".
قطب عامر حاجبيه و ردّ وهو يتجه صوب باب السائق ليستقلها :" متعب! ... هل أنت مريض؟"..
ركب عليٌّ إلى جانبه و أجاب بكسل لاح من صوته:" لا... الحمد لله .. اسهدت قليلا فقط!"..

ثم أشار بكفه وأمره قائلا:" هيا سر في الطريق المؤدي إلى "الغيط ليطاني " علينا اللحاق بالشاحنات قبل التفريغ، أنت تعلم أنني لا اثق باحد البتة !".

اتكأ على ظهر الكرسي بعد أن أرخاه إلى الخلف قليلا ثم اغمض عينيه.

كانت قيادة عامر هادئة، تشبه قيادة أبيه...
أما هو فكان دوما جامحافي قيادة كل شيء ، السيارة و الشركة و الناس و حتى ... هي...
تلك الليلة! ... آه منها!
و كل الليالي التي تلتها! ..
ما جننته سواها و ما طوعته إلاها!..

الهبت جوارحه حد الجنون، بل أحس بأنه شاب عشريني فتي يتلمس أولى خطوات الحب و العشق ...
كانت له أعظم معاركه و ود لو أنه لا يترك جوارها و يعيش متنسكا في محراب ذراعيها...
كانت نفسه تهفو اليها كالوليد المتعلق بحبل أمه، و عجز هو القادر دوما على لملمة شتاته عن فهمها أو شرحها أو حتى كبتها ...
لذيذة كالعجوة، سكرية، و حامية جافة كأرض هذا البلد ...
تقوده كساحرة، تقتاده كسرب الفراش العاشق للنور ...
وهو في سبيلها سائر نحو عينيها الكحيلتين و أسنانها المُزْمَهِرَّة، يسرق منها نظرة و ابتسامة و يتقلب بين ضفتيها، يكتوي بين شفتيها، كأنهما مشواة من نار و سعير ..

وبين شبقهما المتطلبتين و صوت آهاتها و رائحة المسك الذي تنثره خصلات شعرها على صدره العاري، تتوه تأوهاته العاشقة أيضا...

كان خائفا من صدها حين رفضت جواره بادئ الأمر...
هو الذي تهابه الرجال، كان يهابها هي فقط!
و رغم رباطة جأشه و عزمه على فرض كيانه على جميع من حوله و خاصة عامر! كان دائما عديم الثقة في سطوته عليها ..

باغتته حين قبلته تلك القبلة!..

تسلل دفؤها إلى احشائه و بعثت الحياة في فراشاته الخامدة..
تعثرت شفتاه أمام جموحها، خوفا من صدها أو تترددها، خوفا أن تتهمه لأنه استغل ضعفها!..

كانت أولى فتوحاته لجسدها يافع اليانع رغم السنين!...
لم تُخسرها الايام، و لا الهموم، و لا الحمل، انوثتها الحالمة، فكأنها ما تزال تلك البكر التي تلمس خصرها عن غير قصد في تلك الليلة المشؤومة!...

هي أيضا لم تكن رافضة لغزواته المتكررة، التائق لدفئ جسدها و شغف شفتيها...
كأنها كانت تنتظر تلك الزلة ...
ذلك الأمر و تلك اللحظة الحمقاء ...
يسرد لها قصتهما بطريقته المجنونة، و يعيش معها بطولة أحداثها...
كأنه ذلك الشيطان الذي أطاح بديرها ...

ابتسم و تنفس بعمق يسترخي على مقعده ..

كم ود قبل خروجه أن يبتلع انفاسها داخله...
هسهس له صوت غريب وهو يستحضر شيئا من حديثهما المغمور بلحظات عشق كالبركان:"
- ع ع.. على رسلك .. انتظر ... ليس .. الليلة! ...
- ماذا ... تقصدين ؟! هل ... هنالك مانع شرعي ؟!
- ل لا .. لا ... لكن .. ماذا لو ... حملت؟!..
- حملت ! ! أنت ..تصبحين حامل.."

رواية لا ترحل !.. ®  بقلم درصاف الذيبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن