تسللت خيوط الشمس بخجل من بين الستائر الشافة، تستعرض بهاء السماء الصافية و ضياء الجدران البيضاء و هي تتحرش بدلال برمشيه الأصهبين..
تثاءب بكسل بينما يفتح جفنيه المثقلين بالنعاس و قد تخلل قلبه شعور جميل من الراحة و السكون بينما ينصت إلى ذكر الله، قد علا صوت المقرئ الشيخ علي البراق رحمه الله (1) متسللا بهدوء من آثير إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم يتلو آيات كريمات من سورة الكهف..
قراءة الشيخ علي البراق لسورة الكهف
تنفس بعمق، و تمطط بارتياح و قد غزى شبح ابتسامة ثغره، تهمس له نفسه ببداية يوم جديد، سيمضيه على الشاطئ حيث الأمواج الصغيرة تعكس دفء الشمس، تسحب معها نسمات عليلة و نوارس تحلق أسرابا فوق شباك الصيادين، و هم يسحبون شباكهم على الشاطئ الرملي...
سيأخذ مما أعطاه البحر و سيمر إلى أحد المطاعم البحرية لشواء ما سيقتنيه من سمك أو "قرنيط"(1).. ثم سيمر إلى الجامع الكبير و سيحضر صلاة الجمعة...
اعتدل واقفا يبحث عن شبشبه الذي اختفى تحت السرير، ثم اتجه نحو الحمام.. جهز نفسه و قصد المطبخ ..و وقف متكئا بجسده على حافة الباب يراقب نشاطها المعهود.تبسم ثم تنحنح، فشهقت حماته قائلة:" بسم الله، لم أشعر بوجودك بني!"..
اقترب منها ساحبا كرسيا كي يجلس عليه و قال :" آسف لم أنتبه إلى شرودك!"..
فتقدمت إليه وهي تحمل طبق الفطائر المقلية يحذوه صحن من زيت الزيتون البكر و العسل الجبلي و آخر مغمور مربى التين المنزلي..
قالت:" لقد جهزتها باكرا، وجدتك مرهقا فلم أرد أن اُقلق نومك فقد بدوت لي متعبا جدا "..
ابتسم يمسك عنها الطبق و قال:" نعم يا أمي! احتجت حقا لهذا الهدوء و النوم المتواصل فأيام المؤتمر مضت كالمرطون!" ..
ابتسمت دليلة بينما تعود بصحن من حلويات التقليدية قائلة:" عمك فتحي على وصول بقهوته!"..
ضحك أشرف قائلا:" " الحاج "لم يتغير! دائما ما كان يفضل شرب قهوة المقاهي على القهوة المنزلية!".ابتسمت دليلة وهي تسحب الإبريق المعطر برائحة البن من جهاز تحضير القهوة و همست بمرح مخافة أن يمسكها زوجها وهي تعترف لصهرها مازحة:" لأصدقك القول يا بني! عادته هذه أراحتني!"..
أومأ بتفهم ثم شيع إليها غمزة و قال وهو يغمس قطعة من الفطيرة في مزيج العسل الجبلي و زيت الزيتون متلذذا قرمشة اللقمة و طراوتها:" اممممم ... لو كانت درة هنا!"...
هتفت دليلة بينما تسحب كرسيها تجلس بجواره:" آه ه ... منها حبيبتي كانت تعشقها.."..
واستطردت قائلة بمرح:" لن تصدق يا أشرف! لقد اتصلت بي منذ فترة حتى أعلمها كيفية تحضيرها، حبيبتي المسكينة، اشتاقت لأكله"...

أنت تقرأ
رواية لا ترحل !.. ® بقلم درصاف الذيب
Storie d'amoreألا تجلسين لخمس دقائق أخرى ؟ ففي القلب شيء كثير وحزن كثير.. وليس من السهل قتل العواطف في لحظات.. وإلقاء حبك في سلة المهملات. - نزار قباني