وقفت أمام الفيلة ..
افتر ثغرها في ذهول،كأنها تقف أمام لقطة تلفزية من لقطات مسلسل "الجاردن ستي "!
تململت وهي تحمل حقيبتي يدها و حاسوبها، ثم التفتت إلى أدهم و كان عندئذ يسحب حقائب ملابسها و اشياءها من صندوق السيارة الخاصة بوالده ..قالت متوترة :" أشعر بالإرتباك ... كان عليّ الاجتماع بهما قبل أن أقبل هذا العرض !..".
قاطعها بينما يضع حقائبها أمام الباب قائلا:"هيا كفاك ... إنها في انتظارك ... ستحبينها ، هذا ما اكده صديقي!"..برمت شفتيها وهي ترفع بصرها نحو الفناء الداخلي المحيط بالمنزل ، تعلقت نظراتها بالدرج العتيق، ثم جال بصرها بالحائط الرمادي المهيب، فابتلعت ما تبقى من ريقها وهي تلحق برفيقها ..
اطلت وهيبة عليهما و قد وشحت ثغرها بابتسامة رائعة ...
تأملت صعودهما الدرج فتهللت أساريرها مرحبة و قالت تخاطبهما:"
أهلا و سهلا ... أهلا بك بني !"..وضع أدهم ما كان يحمله عند عتبة الباب و اقترب منها مسلما ، ثم التفت إلى رفيقته المنشدهة الخجولة يجذبها من ذراعها كطفلة صغيرة مشيرا إليها قائلا:"
إنها ابنتك الجديدة ياطنط ... سلمي عليها يا درة!"..اقتربت الأخيرة مرتبكة مكبلة بسيل من الخجل استجد عليها و لمَّ بحالها حين رأت السيدة عند عتبة الباب ...
ارتسمت على ثغرها ابتسامة بلهاء أكسبتها براءة الاطفال ..
تمعنت وهيبة حركاتها و سكناتها في صمت بضع لحظات قبل أن تنتبه إلى نفسها و قالت متداركة ذلك :" ما شاء الله ! ما شاء الله .. ونعم البنات !"..سحبتها وهيبة بين ذراعيها و ضمتها إليها بحرارة ، فسرت في كامل جسدها الهزيل المتضائل ، راحة جعلتها توقظ ذلك الاحساس التائه الذي افتقدته طويلا بعد أن غاب عنها الاحساس بحضن أمها ..
أخذتها الرجفة و تفتحت شهلاوتاها على ابتسامة صاحبتها الجديدة، فقالت في خجل:" شكرا .. يا طنط!"..ثم حمحمت وتقدمت الى الداخل حين أشارت إليها السيدة بالدخول ...
*****************************
اعتدل خاله أمام أرجيلته يسحب نفسا طويلا ثم قال :" لقد خسرت بسببك موظفة "شطْرة" ، ها أنا منذ أسابيع أبحث عن من يسد مكانها"..
أضاف متذمرا وهو ينفخ نفسا طويلا:" أحيانا لا يدرك المرء أهمية ما لديه حتى يفقده ... فكيف ستردُّها إليْ يا ابن "وهيبة" ! ".ابتسم خالد ابتسامة عريظة و عقّب قائلا:" لا تخف .. سأرسل لك من يملأ مكانها، فقط أشِّر على الشخص الذي تريد و سيكون تحت طلبك وفي خدمتك يا خال"..
لوى العجوز شفتيه و قالا ساخرا: " لن أرضى بالقليل يا ولد ! أريد خدمة خمس نجوم " ..
حدق خالد في ساعة يده و كانت تشير إلى الثالثة و الربع مساء ، فقال وهو يقف من مكانه ملتقطا لقمته الأخيرة من الحووشي :" علي الذهاب يا خال !" ..
![](https://img.wattpad.com/cover/192544390-288-k916913.jpg)
أنت تقرأ
رواية لا ترحل !.. ® بقلم درصاف الذيب
Romanceألا تجلسين لخمس دقائق أخرى ؟ ففي القلب شيء كثير وحزن كثير.. وليس من السهل قتل العواطف في لحظات.. وإلقاء حبك في سلة المهملات. - نزار قباني